لاجئون سوريون في الدنمارك.. أرشيفية
لاجئون سوريون في الدنمارك (صورة أرشيفية)

تسعى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى إقناع قادة دول الاتحاد الأوروبي بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد في سوريا، بهدف وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وذلك وسط مخاوف حقوقية من أن نجاح تلك الجهود قد يؤدي إلى أخطار كبيرة على الكثير من المدنيين في البلد الذي مزقته الحروب والصراعات منذ أكثر من 13 عاما.

وتشهد سوريا صراعا دمويا، بدأ على شكل احتجاجات شعبية ضد نظام الأسد في مارس 2011، لكنه أسفر لاحقا عن مقتل نحو نصف مليون شخص ونزوح ولجوء أكثر من نصف السكان داخل وخارج البلاد.

وتعيش في أوروبا أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، حيث تستضيف ألمانيا وحدها نحو مليون نسمة منهم، بالإضافة إلى تواجدهم بشكل واضح في دول مثل السويد وهولندا وإيطاليا والنمسا والنرويج.

وتعمد روما في ظل حكومة ميلوني اليمينية، إلى إعادة تقييم سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا. 

وفي هذا الصدد قالت رئيسة الوزراء الإيطالية أمام مجلس الشيوخ في بلادها، مؤخرا،  إنه من الضروري مراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا، والعمل مع جميع الأطراف لخلق الظروف التي تتيح عودة اللاجئين إلى وطنهم "بشكل طوعي وآمن ومستدام".

وأضافت: "يجب علينا الاستثمار في التعافي المبكر، حتى يجد اللاجئون الذين يقررون العودة، ظروفًا تمكنهم من الاندماج مجددًا في سوريا".

وحسب أحدث استطلاعات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أقل من 1بالمئة من اللاجئين السوريين في الدول المجاورة (العراق والأردن وتركيا ولبنان) يعتزمون العودة إلى بلادهم العام المقبل.

ويشعر معظمهم بالخوف من العودة إلى مناطق تخضع لسيطرة النظام السوري، سواء خشية من الاعتقال أو لجهة إجبارهم على الخدمة العسكرية في القوات الحكومية.

شمال لبنان يشهد حملة واسعة لإخلاء اللاجئين السوريين
حملة إخلاء "شرسة" في شمال لبنان.. اللاجئون السوريون يواجهون مصيرا مجهولا
كان محمود في العاشرة من عمره عندما اضطر إلى الهرب مع والدته من القصف الذي دمر مدينته إدلب، تاركاً وراءه طفولته وذكرياته، ليجدا نفسيهما لاجئين في لبنان، حيث استقر بهما الحال في دكان صغير بمنطقة جبل البداوي شمال البلاد، وذلك بسبب معاناة والدته من آلام مزمنة في الظهر مما يحول دون إمكانية سكنهما في شقة تتطلب صعود الأدراج.

كما يغادر الكثير من السوريين المقيمين في لبنان إلى قبرص عن طريق البحر، إلا أن اتفاقا أبرمه الاتحاد الأوروبي مع لبنان في مايو الماضي، نجح بتقليص عدد هؤلاء المهاجرين بشكل كبير، وهو اتفاق مشابه لذلك الذي تم التوصل إليه مع تونس ومصر وليبيا.

ووفقا لصحيفة "التايمز" البريطانية، فقد قطع الاتحاد الأوروبي العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد في مايو 2011 بسبب "القمع الدموي".

واتُهم الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه بعد عام، حيث أُجبر أكثر من 14 مليون سوري على الفرار من منازلهم على مدى السنوات الـ 13 الماضية، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.

وفي يوليو الماضي، طلبت إيطاليا والنمسا وكرواتيا وجمهورية التشيك وقبرص واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي، تجديد الروابط الدبلوماسية مع سوريا.

وفي نفس الشهر، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، أمام اللجان البرلمانية المختصة، نية روما إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، "لمنع روسيا من احتكار الجهود الدبلوماسية" في الدولة الشرق أوسطية، وفق وكالة أسوشيتد برس.

وقال تاجاني إن سياسة الاتحاد الأوروبي في سوريا "يجب أن تتكيف مع تطور الوضع"، مضيفا أن إيطاليا تلقت دعما من النمسا وكرواتيا واليونان وجمهورية التشيك، وسلوفينيا، وقبرص، وسلوفاكيا.

"أمر مؤسف"

وفي حديثه إلى موقع "الحرة"، اعتبر الخبير في قضايا الهجرة وحقوق الإنسان، مجدي الكرباعي، أن مساعي ميلوني بإقناع الغرب بأن سوريا أصبحت "بلد آمنا"، بمثابة "كلام مؤسف ويبعث على القلق".

وأضاف الخبير التونسي المقيم في إيطاليا، أن "مساعي الحكومة الإيطالية اليمينية بإقناع قادة دول الاتحاد الأوروبي بأن دولا تعاني اضطرابات وحروب، هي مناطق تنعم بالأمان والسلام، مسألة مجافية لحقائق ناصعة نصوع الشمس".

يوجد أكثر من 13 مليون سوري "مهجرون قسرا"
في يومهم العالمي.. اللاجئون السوريون ضحايا "الابتزاز" و"الأوراق السياسية"
يعيش اللاجئون السوريون في "اليوم العالمي للاجئين" الذي يصادف 20 يونيو من كل عام ظروفا لا يمتنونها لغيرهم من بقية البلدان، وبحسب حقوقين وناشطين تحدث إليهم موقع "الحرة" وأرقام رسمية من جانب الأمم المتحدة لا يلوح في أفق مستقبلهم حتى الآن أي بارقة أمل.

واستغرب الكرباعي من اعتبار "دول مثل سوريا وليبيا آمنة، وذلك فقط لأن ميلوني تريد ترحيل المهاجرين بأي ثمن كان، متجاهلة أن ذلك يخالف العديد من الاتفاقيات العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان".

وقد وسّعت روما مؤخّرا قائمتها للبلدان الأصلية التي تعتبرها "آمنة" باعتبار أنه لا يمارس فيها اضطهاد، أو تعذيب، أو تهديد أو عنف عشوائي، لتشمل 22 دولة، حسب وكالة فرانس برس.

وفي نفس السياق، اعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "رئيسة وزراء إيطاليا، أو حتى مسؤولين أوروبيين آخرين، أضحى هاجسهم إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وذلك ضمن سياسة رفض وجود لاجئين ومهاجرين في القارة العجوز".

وتابع: "لكن في الواقع، هل تضمن ميلوني عدم اعتقال أي لاجئ يعود إلى بلاده؟، حتى وإن كان ذلك الشخص ليس معارضا لنظام الأسد، ولم يحمل السلاح ضده".

"أين الأمان؟"

وشدد عبد الرحمن على أن "سوريا ليست بالبلد الآمن في جميع مدنها وقراها وبلداتها، وليس فقط في مناطق سيطرة النظام الأسدي".

ونوه بأنه "حتى لو وجدت أماكن لا يحدث فيها عمليات اعتقال وقمع، فإنها لن تكون بعيدة عن العمليات العسكرية والقصف والاشتباكات".

واستشهد عبد الرحمن بشمال شرقي سوريا الذي تسيطر على معظمه قوات سوريا الديمقراطية، قائلا: "تلك المناطق تشهد هجمات من قبل تنظيم داعش الإرهابي على المدنيين، وبالتالي لا يمكن اعتبارها آمنة أيضا".

وتابع: "وفي المناطق الأخرى التي لا تخضع لسيطرة النظام، نشاهد كل فترة إقدام (هيئة تحرير الشام) التي تسيطر على منطقة إدلب، وهي تشن عمليات اعتقال وقمع ضد من يعارضها".

ونبه عبد الرحمن إلى أن نفس المسألة "تنطبق على الأماكن التي تخضع لنفوذ تركيا والفصائل الموالية لها، فهي تشهد بين الفنية والأخرى اشتباكات بين المجموعات المسلحة في أماكن تكتظ بالمدنيين، ناهيك عن حملات الاعتقال لقمع حريات الرأي هناك".

وكان دبلوماسيون قد أوضحوا لصحيفة "التايمز"، أن ميلوني مقتنعة بأن الاتحاد الأوروبي سيحذو حذوها في أعقاب الاتفاقيات الأخيرة التي وقعها التكتل مع ليبيا وتونس ومصر بشأن الهجرة، والتي وصفت بأنها مثيرة للجدل.

ووفقا للصحيفة، فإن الدليل على تزايد نفوذ ميلوني في الاتحاد الأوروبي، هو التحرك لإقامة معسكرات الترحيل خارج حدوده، والنظر في سياسات الهجرة الصارمة الأخرى التي كانت قبل تولي ميلوني منصبها، غير واردة.

لكن مليوني، حسب وكالة فرانس برس، تلقت صفعة قوية، السبت، بعد عودة 12 رجلا من بنغلادش ومصر إلى إيطاليا آتين من ألبانيا، بعد صدور حكم من القضاء الإيطالي يبطل قرار احتجازهم في هذا البلد غير العضو في الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاق مثير للجدل أبرم بين روما وتيرانا.

وكان 16 رجلا من بنغلادش ومصر وصلوا إلى ميناء شينغجين الألباني، الأربعاء، بعد نحو عام من توصل روما وتيرانا إلى اتفاق لإنشاء مركزين في ألبانيا يمكن للمهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر المتوسط، تقديم طلبات اللجوء فيهما.

وكان بين هؤلاء، 4 صنفوا على أنهم "ضعفاء"، بعد أن قال اثنان إنهما قاصران واثنان آخران إنهما بحاجة إلى علاج طبي، فتمت إعادتهم إلى إيطاليا في حينها.

والسبت، صعد طالبو اللجوء الـ12 المتبقون على متن سفينة خفر السواحل الإيطاليين، على أن ينقلوا إلى برينديزي في جنوب إيطاليا، وفق ما كشف مسؤولون ألبان.

ويشكل قرار القضاء الإيطالي انتكاسة للحكومة، التي جعلت مكافحة الهجرة غير الشرعية من أولوياتها.

وكشف وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، عن نيّة الحكومة الطعن في قرار القضاء، في حين ردت ميلوني على الحكم عبر منصفة "إكس"، قائلة إن "الإيطاليين طلبوا مني أن أوقف الهجرة غير النظامية، وسأفعل كلّ ما في وسعي للإيفاء بالعهد".

واعتبرت النائبة من الحزب الديمقراطي المعارض (يسار الوسط) إيريني تيناليي، أن عملية إرسال المهاجرين إلى ألبانيا كان مقدّرا لها "الفشل".

ولفتت إلى أن "التفكير أنه من الممكن إدارة تدفّقات اللاجئين عبر إرسال البعض منهم إلى ألبانيا، سخيف وغير مجدٍ".

ووصل هذه السنة أكثر من 55 ألف شخص إلى إيطاليا عابرين البحر المتوسط، في مقابل 140 ألفا سنة 2023 و76 ألفا سنة 2022 في الفترة عينها من العام، وفق أرقام وزارة الداخلية.

ولدى سؤاله عن إصرار روما على سياسة الترحيل للمهاجرين، قال كرباعي: "إن ذلك سيشكل خطر كبيرا على حياتهم، وأنا أعتبر موافقة الاتحاد الأوروبي على مثل هذا الأمر، تخالف كافة الشرائع والقوانين الإنسانية والدولية".

وبدوره، طالب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمنع الترحيل القسري للاجئين، باعتبار أنه "لا توجد أية مناطق آمنة لعودتهم، سواء كانت تحت سيطرة نظام الأسد أو خارج سلطته".

برنامج "داخل واشنطن" استضاف السفير الأميركي السابق، رايان كروكر، رئيس مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط للإرسال، والدكتور جيفري غيدمان، الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة.
برنامج "داخل واشنطن" استضاف السفير الأميركي السابق، رايان كروكر، رئيس مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط للإرسال، والدكتور جيفري غيدمان، الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة.

شهدت الأيام القليلة الماضية حدثين مهمين: الأول، تصويت الكونغرس الأميركي على تمديد الميزانية الفيدرالية حتى سبتمبر، وشمل ذلك الانفاق على جميع البرامج الرئيسية مثل الدفاع والضمان الاجتماعي. إضافة الى برامج أخرى منها البث الدولي.

ولكن بعد يوم واحد من التصويت، قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب إلغاء تمويل البث الدولي، وإلغاء تمويل صوت أميركا، وراديو أوربا الحرة، وقناة "الحرة".

وفي خضم هذا الخلاف، يبرز سؤالان: من يتحكم بالإنفاق في نظامنا الدستوري، الكونغرس أم الرئاسة؟

وفي الوقت الذي ينفق فيه أعداء أميركا مئات ملايين الدولارات على الدعاية، هل هذا هو الوقت المناسبة لحكومتنا كي تستسلم في معركة الأفكار؟

لمناقشة دور البث الدولي في معركة الأفكار،  استضاف برنامج "داخل واشنطن" الذي يبث باللغة الإنكليزية على قناة "الحرة"، السفير الأميركي المخضرم، رايان كروكر، رئيس مجلس إدارة الشبكة، والدكتور جيفري غيدمان، الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة، في حوار حول مستقبل قناة "الحرة" وأهمية دورها الحيوي في المشهد الإعلامي العربي.

روبرت ساتلوف: رايان، لماذا لدى الحكومة الأميركية وجود دولي في مجال البث، وجود يمتد منذ الحرب العالمية الثانية؟

رايان كروكر: السبب في وجود البث الحكومي الأميركي هو ذاته الآن كما كان في الأيام العصيبة خلال الحرب العالمية الثانية عندما انطلق آنذاك أول بث لـ "صوت أميركا" من مدينة نيويورك. قيل حينها "سنخبركم بالحقيقة. بعض الأيام ستكون الأخبار عن الحرب جيدة بالنسبة لنا، وبعض الأيام سيئة. لكننا سنخبركم بالحقيقة".

وكانت هذه هي السمة المميزة للبث الممول من الحكومة الأميركية منذ ذلك الحين. وبالتأكيد، كانت هي البداية لشبكات البث في الشرق الأوسط. تم تأسيس قناة "الحرة" عام 2004 لمكافحة التضليل الإعلامي في وسائل الإعلام الناطقة بالعربية حول الولايات المتحدة وما كانت تفعله.

لذا، نحن لسنا ذراعًا دعائيًا. نحن موجودون لنقول الحقيقة باللغة العربية للجمهور العربي عما يحدث فعليًا في منطقتهم وفي الولايات المتحدة. الأمر بسيط كما هو مهم.

ساتلوف: جيف، أنت رئيس شبكة الشرق الأوسط للإرسال. كانت هذه الشبكة نتاج أحداث 11 سبتمبر. عالم ما بعد 11 سبتمبر. كيف حدث ذلك؟ ما هو الهدف الفريد لهذه الشبكة؟

جيفري غدمن: أعتقد أنه من العدل القول إن الهدف قد تطور مع مرور الوقت وتكيف مع المتغيرات. كما قال رايان، هي الشبكة الوحيدة الممولة من قبل الولايات المتحدة والتي تبث باللغة العربية. 

وهي بالطبع تشمل التلفزيون والوسائل الرقمية. تمتد تغطيتها إلى 22 دولة عبر العالم العربي، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. ونحن نريد أن نسلط الضوء على القصة الأميركية.

نريد أن يكون لدى مستمعينا، ومشاهدينا، وقرائنا فهماً أفضل لما يحدث في الولايات المتحدة من خلال السياسة في واشنطن. 

نحن أيضًا مهتمون بالديمقراطية والتنمية. ونحن مهتمون بما تفعله دول مثل إيران والصين وروسيا عبر المنطقة. لذا أعتقد أن الشبكة اليوم ما زالت ذات صلة بشكل كبير، ولدينا مواهب رائعة تعمل لدينا.

ساتلوف: هناك العديد من وسائل الإعلام في الشرق الأوسط. الشرق الأوسط ليس خاليًا من محطات التلفزيون والصحف والإذاعات. ما الذي يميز ما نقوم به؟

جيفري غدمن: الأمر صعب وبسيط في ذات الوقت. بمعنى أننا مستقلون صحفيًا، وهذا يحمي نزاهتنا الصحفية ويعزز مصداقيتنا مع الجمهور. ولكننا في ذات الوقت الشبكة الوحيدة التي تتماشى مع الأهداف الواسعة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.

رايان كروكر: دعني أتناول هذا من زاوية أخرى. كما كنت أشير سابقًا، من نواحٍ عديدة، بدأت شبكات الشرق الأوسط للإرسال من خلال قناة "الحرة" في العراق. وأنا كنت سفيرا لمدة عامين، من 2007 إلى 2009. وكان العراق يتمتع حينها ببيئة إعلامية حرة للغاية. وأحد الأسئلة التي طرحتها كسفير أميركي كان: هل يمكن لأحد أن يخبرني ما الذي تقدمه هذه القناة ولا تطرحه بقية وسائل الإعلام الحرة المنتشرة في كل مكان؟

وقد عكست إجابة جيف حول تغطية الولايات المتحدة، حيث أن وسائل الاعلام "الحرة" لا تعني بالضرورة أن تكون "مسؤولة" أو "صادقة" أو "دقيقة" أو "موضوعية". 

لكن قناة "الحرة" تمثل كل تلك القيم، هذه القناة أكدت أنها تقول الحقيقة وتقدم الأخبار بدقة. وقد أقنعوني بذلك. ذهبت إلى الأستوديو، وأجريت مقابلة بنفسي، وتعرضت لأسئلة صعبة كسفير أميركي.

وما رأيته هناك هو ما أراه اليوم أيضًا: هذه المؤسسة موجودة لتقديم أعلى مبادئ الصحافة لمنطقة لا تتمتع كثيرًا بتلك المبادئ.

ساتلوف: سيقول النقاد إن هناك توترًا متأصلًا. فالإعلام الممول من الحكومة، بحكم تعريفه، يحتوي على توتر داخلي بين كونه إعلامًا حرًا، وبين من يمولونه، أي الحكومة التي تموله في الأصل. ما هو ردك على هذا الانتقاد؟ جيف؟

غدمن: هناك دائمًا توتر بين الإعلام المستقل والممول. وبالمناسبة، هذا ينطبق أيضًا على التمويل الخاص. 

هل تتذكر في عام 2016 عندما قال رئيس شبكة CBS للأخبار "إن دونالد ترامب قد لا يكون جيدًا للبلاد، لكنه مفيد جدًا لمساهمينا" جميع وسائل الإعلام العربية المستقلة في المنطقة لديها ممولين، حكومات تدعمها.

في حالتنا، الأمر صعب للغاية (خيط دقيق يجب تمريره) ولكن حتى الآن، كنا محظوظين بوجود جدار "Firewall" يحمي استقلاليتنا.

 نحن ممولون من قبل الحكومة الأميركية، ولكننا محميون من التدخلات السياسية. وهذا شيء سحري عندما يعمل بشكل صحيح. وحتى الآن، لقد نجح هذا النظام.

الرئيس التنفيذي لـ MBN: أميركا يجب أن تحافظ على صوتها الوحيد في الشرق الأوسط
في ردٍّ على قرار إلغاء منحة تمويل شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) من قبل الوكالة الأميركية للإعلام الدولي (USAGM)، صرح الرئيس التنفيذي للشبكة، جيفري غدمن قائلاً: "تعد شبكة الشرق الأوسط للإرسال، التي تشمل قناة الحرة ومنصاتها الرقمية، والتي تصل إلى عشرات الملايين من المشاهدين في المنطقة، الصوت الوحيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."

ساتلوف: يمكنني فقط أن أضيف أن هذه هي الحلقة رقم 928 لي، ولم أتلقَ أبدًا، في ما يقارب 21 عامًا، طلبًا أو تعليمات أو انتقادًا أو مطالبات من أي شخص حول ما يقال أو ما لا يقال في هذا العرض. هذا أمر نادر.

غدمن: دعني أضيف أنني كنت رئيسا تنفيذيًا مرتين في "إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية" والآن أعمل رئيس تنفيذيا منذ 11 شهرًا في "شبكة الشرق الأوسط للإرسال". لم يتم إخباري أبدًا من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو أعضاء الكونغرس بما يجب فعله أو عدم فعله.

كروكر: وكمشاهد لبرنامجك من حين لآخر، روب، دعني أقول إنك قدمت كل وجهات النظر الممكنة من اليمين المتطرف إلى اليسار المتطرف، وهذا واضح جدًا أن ذلك لم يأت من إدارة هذه المؤسسة.

ساتلوف: ساخذ هذا على إنه إطراء! دعني أسألكما، هناك مهمة لهذه الشبكة، ولكن من ناحية ما، هي أيضًا عمل تجاري. كيف تقيس النجاح عندما تكون مهمتك هي الصحافة الحرة التي تحدثت عنها؟

غدمن: لدينا أدوات، رغم أنها غير كاملة، لقياس النجاح. في الأسبوع الجيد، نصل إلى 30 مليون شخص أو أكثر عبر المنطقة. ثم، بالطبع، من الناحية النوعية، بما أن جمهورنا هو أساسًا، إذا جاز لي القول، صناع القرار والأشخاص المؤثرين وفي الحكومة والإعلام وفي تلك المجالات ذات التأثير الكبير، لذلك لدينا الكثير والكثير من التفاعل والتواصل والشهادات.

إذن لدينا مقاييس كمية ونوعية. ولكن ربما يرغب رايان في إضافة شيء إلى ذلك.

كروكر: أعتقد أن ذلك صحيح تمامًا. كنت في المنطقة قبل أسبوعين فقط. بما في ذلك في العراق، في بغداد، وكنت أشارك في مؤتمر دولي نظمته الحكومة العراقية. وكانت قناة "الحرّة" هناك، مع كاميراتها، ومقابلاتها مع كل شخص مهم شارك في المؤتمر.

وكانت تلك هي القناة المفضلة من قبل المشاركين في المؤتمر للحديث معها. وأعتقد أن ذلك مؤشر واضح على الحضور والمهنية التي تتمتع بها هذه الشبكة.

غدمن: هناك معيار نوعي آخر. فبينما نواجه الآن قضايا تتعلق بتمويلنا، نسمع من "حزب الله" اللبناني، والمليشيات المدعومة من إيران في العراق، يحتفلون بزوال "الحرّة". هذا أيضًا اختبار للسوق، أعتقد.

ساتلوف: إذا توقفت "الحرة" عن البث، ما الذي سيفتقده الناس؟

غدمن: أعتقد أن الناس يقدرون الاستقلالية، كما قال رايان، والسعي وراء الحقيقة. وإذا جاز لي أن أقول بصراحة، نحن منصة نادرة، إن لم نكن الوحيدة، التي تقدم فرصة للسياسيين الإسرائيليين والمسؤولين والمجتمع المدني للتحدث. أعتقد أن ذلك في نظر العديد من جمهورنا يعد أمرًا مثيرًا للجدل ومطلوبًا، ويحظى بشعبية كبيرة مع فضول كبير.

أعتقد أن هذه هي بعض الأشياء التي ستُفقد على الفور.

كروكر: سنفتقد صوتا صادقا وموضوعيا في منطقة مليئة بالأكاذيب والتشويهات وأنصاف الحقائق والتضليل الكامل. 

وكما أشار جيف، عندما أصبح خبر إنهاء تمويل الشبكة، انفجرت وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة. وكانت هناك تغريدات، على سبيل المثال، تقول: "بضربة قلم واحدة، قضى ترامب على صوت التابعين، أولئك الذين يهاجمون إيران، والذين يهاجمون المقاومة الشعبية، والذين يهاجمون الميليشيات الموالية لإيران في العراق".

حسنًا، هذا بالفعل إشادة عالية لعرض موضوعي لمنطقة معقدة جدًا. لذا، عندما يفرح أعداء الولايات المتحدة، فهذا ليس شيئًا ينبغي أن نكون سعيدين بشأنه هنا في الوطن. وهم يفرحون بالإعلانات حول إلغاء التمويل لـ "الحرّة".

ساتلوف: دعني أسألك رايان، أنت واحد من أبرز وأمهر الدبلوماسيين الأميركيين الذين مروا على الشرق الأوسط. لماذا لم توافق على الخروج من التقاعد، كما يمكن القول، لتصبح رئيس مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط للإرسال؟

كروكر: كما قلت سابقًا، روب، كانت لي تجربة مباشرة خلال مسيرتي المهنية مع هذه المؤسسة، ومع قناة "الحرة" على وجه الخصوص. ورأيت عن كثب العمل الاستثنائي الذي كانوا يقومون به في العراق، عندما كنت سفيرًا هناك، من أجل نقل القصة الأميركية، بشكل صادق ودقيق، وأيضًا لنقل أخبار المنطقة، بشكل صادق ودقيق، مع تضمين وجهات نظر لم تقدمها أي وسيلة إعلامية ناطقة بالعربية أخرى.

كما أشار جيف، قناة "الحرة" هي القناة العربية الوحيدة التي تجري مقابلات بشكل دوري مع الإسرائيليين، وهي منطقة، على الرغم من كراهيتها لإسرائيل على بعض المستويات، إلا أن لديها جوعًا شديدًا لمعرفة الأخبار الدقيقة حول ما يفكر فيه الإسرائيليون؟ ماذا يعتقدون ذلك؟ ونحن نوفر ذلك، بالإضافة إلى تقارير دقيقة أخرى.

لذا، كنت مشككًا في البداية حول دور القناة عندما وصلت إلى بغداد. لكنني كنت داعما قويا للمؤسسة عندما تركت العراق. وعندما أتيحت لي الفرصة للانضمام إلى مجلس إدارة الشبكة قبل عدة سنوات، اغتنمتها فورًا. وكان شرفًا وامتيازًا لي أن أصبح رئيسًا لذلك المجلس في الصيف الماضي.

ساتلوف: حسنًا، جيف، دعني أسألك. لقد أمضيت جزءًا كبيرًا من مسيرتك المهنية في صراع الأفكار، محاربًا ضد الأنظمة الاستبدادية، خاصة ضد الأنظمة في أوروبا الشرقية والكتلة السوفيتية السابقة. لماذا قبلت تحدي الشرق الأوسط بأن تصبح رئيسًا ومديرًا لشبكة الشرق الأوسط للإرسال؟

غدمن: روب، هناك ثلاث إجابات قصيرة لذلك. الأولى، لقد طورت على مدار سنوات علاقات مودة وإعجاب من خلال تنظيم المؤتمرات والسفر إلى العراق والأردن ومصر والكويت وما إلى ذلك. لذلك، لدي مودة وإعجاب عميقين بالمنطقة. السبب الثاني ببساطة هو أنني أؤمن بالرجال والنساء في هذه المؤسسة، الذين لطالما أعجبت بهم، رجالًا ونساء من أعمق المواهب، والتفاني الكبير، والمعرفة والخبرة.

وأخيرًا، أُتيحت الفرصة لأن رايان كروكر اتصل بي في الربيع الماضي وطلب مني أن أتولى هذا الدور. وعندما يتصل السفير كروكر، يجب أن ترد، وعندما يطلب، يجب أن تقول نعم.

ساتلوف: خصصنا حلقة اليوم من البرنامج للحديث حول تهديدات غلق مؤسسة الشرق الأوسط للإرسال، كما نعرف أن الكونغرس مرر مؤخرًا قرار الاستمرارية في انفاق الميزانية الفيدرالية على الأقل حتى شهر سبتمبر، هذا التمويل شمل هذه المؤسسة أيضا. لكن في اليوم التالي، أعلنت إدارة ترامب أنها ستنهي المنحة وأنها لن تقوم فعليًا بتحويل الأموال التي أقرها الكونغرس للحفاظ على عمل الشبكة. بمعنى آخر، قرروا أنهم يريدون إغلاقها. تحدث عن هذا الصراع بين السلطات الدستورية بين الكونغرس والجهات التنفيذية.

كروكر: نعم، هذا هو بالضبط. روب، إنها لحظة فريدة في تاريخ أميركا يجب أن نوليها جميعًا اهتمامًا. تتعلق بسؤال السلطة التنفيذية، وامتيازات السلطة التشريعية، وولاية السلطة القضائية. وجميع هذه الأطراف تلعب دورًا، كما وصفت. بالنسبة لي، نحن نأمل بشدة أن يُسمع صوت فرعنا التشريعي، أي الكونغرس، الذي يخصص الأموال، في هذا الموضوع.

مصلحتهم أيضًا على المحك، وهي مسألة دستورية. لدينا أيضًا السلطة القضائية، ونحن نراقب عن كثب وبدقة لإمكانية تقديم تحدٍ قانوني لهذا. الجهد الذي تبذله السلطة التنفيذية لإيقاف البث، لأننا نرى هذا ليس فقط قضية لقناة الحرة وبقية المؤسسة، ولكن أيضًا مسألة أساسية في القانون الأميركي وتنفيذه.

روبرت ساتلوف: الدكتور جيفري غدمن هو الرئيس والمدير تنفيذي لشبكة الشرق الأوسط للإرسال، الشركة الأم لقناة الحرة. خدم لمدة أربع سنوات كرئيس ومدير تنفيذي لـ "إذاعة أوروبا الحرة/إذاعة الحرية"، وهي منظمة إعلامية ممولة من الحكومة الأميركية تبث في منطقة الإعلام الصعبة في أوروبا الشرقية والقوقاز وآسيا الوسطى.

وكان أيضًا مؤسسًا مشاركًا ورئيس تحرير لمجلة فكرية هامة تسمى "الهدف الأميركي"، ورئيسًا للمركز البحثي المؤثر "معهد ليجاتوم" في لندن، ورئيسًا ومديرًا تنفيذيًا لمعهد آسبن في برلين، ألمانيا.

روبرت ساتلوف: السفير رايان كروكر، هو رئيس مجلس إدارة شبكة الشرق الأوسط للإرسال، وعلى مدار مسيرته المهنية التي امتدت لـ37 عامًا، شغل منصب السفير الأميركي في ست دول مختلفة: أفغانستان، العراق، باكستان، سوريا، الكويت ولبنان، حيث مثل بلاده في غالب الأحيان في أوقات الصراع الشديدة ولحظات الخطر البالغة.

تكريمًا لخدمته الاستثنائية، تم منح رايان كروكر ميدالية الحرية في عام 2009، وهي أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة. تقاعد من الخدمة الخارجية كسفير مهني، وهو أعلى رتبة في وزارة الخارجية الأميركية. ثم أمضى ست سنوات كعميد لكلية بوش للحكومة والخدمة العامة في جامعة تكساس. ووصفه الرئيس جورج بوش الابن بـ "لورنس العرب الأميركي".

روبرت ساتلوف: أود أن أشكركم. شكرًا لك، الرئيس والمدير التنفيذي جيفري غدمن، شكرًا لك، السفير رايان كروكر، وقبل كل شيء، شكرًا لجميعكم، مشاهدينا عبر الشرق الأوسط الذين كنتم داعمين مخلصين ومتابعين لهذا البرنامج وكل ما قامت به قناة الحرة. نحن لم نغادر. سنعود. ولكن شكرًا لكم.