توجه المولدوفيون، الأحد، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية واستفتاء على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك في ظل مخاوف من تدخل روسي في اختبارين مفصليين يأتيان في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا المجاورة.
وتعد العملية الانتخابية التي توصف بـ"التاريخية"، اختبارا لتحوّل الجمهورية السوفيتية السابقة التي يقطنها 2,6 مليون شخص، نحو أوروبا في عهد الرئيسة مايا ساندو، الساعية للفوز بولاية ثانية.
وأوقفت الشرطة في مولدوفا مئات الأشخاص خلال الفترة الماضية، محذرة من أن ما قد يصل إلى ربع الأصوات، قد يكون تمّ شراؤها بأموال مصدرها روسيا، حسب وكالة فرانس برس.
وقال رئيس وزراء مولدوفا، دورين ريسيان، إن "بلادنا على مفترق طرق.. مجموعة من اللصوص تحاول خداع الناس وتعدهم بالمال وتعطيهم آمالا زائفة"، داعيا مواطنيه إلى "اليقظة".
من جانبها، كررت رئيسة البلاد التحذير من "المساعي الروسية للتدخل في العملية الانتخابية" في مولدوفا.
في المقابل، تنفي روسيا بشكل قاطع أي تدخل في الانتخابات المولدوفية، رغم أنها تحتفظ بمئات الجنود في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي الناطق بالروسية، حسب تقرير نشره موقع "راديو أوروبا الحرة".
وهذا الأسبوع، أكدت واشنطن عزمها على مساعدة كيشيناو على التصدّي "للتدخّلات الروسية" في عملية الاقتراع، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي أنّه فرض عقوبات على 5 أشخاص وجمعية موالية لموسكو في مولدوفا، بتهمة السعي لزعزعة استقرار البلاد عشية الانتخابات.
وساندو البالغة من العمر 52 عاما، الخبيرة الاقتصادية السابقة في البنك الدولي، هي المرشحة الأوفر حظا للفوز، لكن استطلاعات الرأي تقدّر حصولها على 35,8 بالمئة من الأصوات، وهي نسبة غير كافية لحسم النتيجة من الدورة الأولى وتفادي خوض دورة ثانية مقررة في الثالث من نوفمبر.
وتخوض ساندو الانتخابات في مواجهة 10 منافسين، ومن أبرز هؤلاء ألكسندر ستيانوغلو (57 عاما)، وهو مدّعٍ عام سابق مدعوم من الاشتراكيين الموالين لروسيا، ويتوقع أن يحصل على نحو 9 بالمئة من الأصوات، وريناتو أوساتي (45 عاما)، وهو رئيس بلدية سابق لبالتي ثاني كبرى مدن مولدوفا، ويتوقع أن ينال 6,4 بالمئة.
وفُتحت مراكز الاقتراع عند الساعة السابعة صباحا (الرابعة بتوقيت غرينتش) تزامنا مع عزف النشيد الوطني عبر مكبرات الصوت في العاصمة.
وتقفل المراكز عند التاسعة ليلا، على أن تبدأ النتائج الأولية بالصدور بعد ساعة من ذلك.
وبشأن استفتاء الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، أظهرت استطلاعات الرأي أن 55,1 بالمئة من الناخبين سيصوّتون بـ"نعم"، في حين قال 34,5 بالمئة إنهم سيرفضون الانضمام للتكتل القاري.
ويطرح الاستفتاء على الناخبين سؤالا عما إذا كانوا يوافقون على تعديل الدستور لجعل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هدفا لمولدوفا، التي بدأت في يونيو مفاوضات الانضمام إلى التكتل المؤلف من 27 دولة.
ولتصبح النتيجة نافذة، يتوجب ألا تقلّ نسبة المشاركة عن 33 بالمئة، حيث دعت أحزاب موالية لروسيا إلى المقاطعة.
وقالت المحاسِبة ليديا سيبان، إن "مستقبل مولدوفا يعتمد على ما سيختاره الناس.. آمل في أن نقدم على خطوات ملموسة نحو الاتحاد الأوروبي".
وقامت ساندو بجولات انتخابية في الآونة الأخيرة في مختلف أنحاء البلاد، اعتبرت خلالها أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيساعد على تحسين مستوى المعيشة في إحدى أفقر دول القارة.
وقالت ساندو في تجمع انتخابي: "مصير بلادنا لعقود مقبلة يعتمد على هذا القرار" في انتخابات الأحد.
انتقادات من المعارضة
في المقابل، يرى منتقدو رئيسة البلاد إنها "لم تقم بما يكفي" لمكافحة التضخم وإصلاح القضاء.
وخلال حملته، دعا ستيانوغلو الذي أقالته ساندو من منصبه، إلى "استعادة العدالة"، بينما شدد أوساتي على أنه الخيار الأفضل للناخبين لأنه "الوحيد غير الخاضع لسيطرة الشرق أو الغرب".
ويبدي المسؤولون في مولدوفا مخاوف من المحاولات الروسية للتأثير على الانتخابات والاستفتاء.
وقالت الشرطة هذا الشهر إن ملايين الدولارات تمّ تهريبها إلى البلاد، عبر أشخاص مرتبطين بالسياسي السابق، رجل الأعمال الهارب من العدالة، إيلان شور.
وقدّرت أن هذا المخطط "غير المسبوق" قد يؤثر على ما يصل إلى 300 ألف صوت.
وحسب موقع "راديو أوروبا الحرة"، فإن شور، الذي يعيش في المنفى في روسيا، كان موضوع جدل كبير في مولدوفا، حيث تم اتهامه بتدبير خطة بملايين الدولارات لدفع الرشاوى لناخبين يرفضون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وشور، الذي جرى حظر حزبه في العام الماضي متهم أيضا بالمشاركة بمؤامرة انقلاب، وأنه مرتبط بمخططات أخرى لدعم النفوذ الروسي في البلاد، وإثارة السخط بين صفوف المواطنين ضد الحكومة.
وقبل أيام من التصويت، أعلنت السلطات المولدوفية اعتقال 4 أشخاص، مشيرة إلى أن عشرات آخرين تلقوا تدريبًا في روسيا والبلقان، بهدف "زعزعة استقرار" البلاد بعد الانتخابات.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت الدول الغربية دعمها للنهج الموالي للاتحاد الأوروبي في مولدوفا، حيث زارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، العاصمة تشيسيناو.
وأعلنت فون دير لاين عن استثمارات من الاتحاد الأوروبي تقدر بنحو 2 مليار دولار لمساعدة البلاد على "مضاعفة حجم اقتصادها خلال عقد".
وصرّحت المسؤولة الأوروبية، خلال زيارتها بتاريخ 10 أكتوبر: "إنه قراركم السيادي بشأن مستقبل بلادكم، ولا يمكن لأحد التدخل".
وأضافت: "بالطبع، بصفتي رئيسة المفوضية الأوروبية، أعتقد أن مكان مولدوفا هو في الاتحاد الأوروبي"، كما ذكر موقع "راديو أوروبا الحرة".