U.S. Secretary of State Antony Blinken visits Tel Aviv
وزير الخارجية الأميركي خلال زيارته تل أبيب في إسرائيل- رويترز

بالتزامن مع زيارته الحالية للشرق الأوسط، أعاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، التأكيد على موقف الولايات المتحدة الرافض للدعوات الإسرائيلية لإعادة بناء وحدات استيطانية في قطاع غزة.

وقال "نحن نرفض ذلك تماما. كما نرفض إعادة احتلال إسرائيل لغزة. وقلت ذلك في طوكيو قبل سنة. وهذه كانت سياسة الولايات المتحدة، وستظل ... وهذه على حد علمي سياسة الحكومة الإسرائيلية. وهذا ما سمعته من رئيس الوزراء، وهو صاحب الكلمة الرسمية في هذا الشأن".

وتابع بلينكن "مهما كان ما يقوله من جنرالات متقاعدين أو بعض أعضاء الحكومة، فهذه ليست سياسة الحكومة، وهي بالتأكيد ليست سياسة الولايات المتحدة ونحن نرفض ذلك".

وشدد بلينكن "في الوقت الحالي يجب أن ينصب التركيز على إعادة الرهائن إلى ديارهم وإنهاء هذه الحرب وكذلك وضع خطة واضحة لما سيأتي بعد ذلك".

وكان ضباط إسرائيليون عرفوا عن أنفسهم بـ"منتدى الضباط والمقاتلين في الاحتياط" نشروا "خطة لهزيمة  حماس" مؤلفة من مرحلتين، يتم خلالها تهجير السكان المتبقين في شمال قطاع غزة والإعلان عن منطقة عسكرية مغلقة وتنفيذ الخطة لاحقا في أنحاء القطاع.

بلينكن ومحمد بن سلمان.. لقاء جديد في الرياض
من الرياض.. بلينكن يبحث إنهاء الحرب بغزة وحلا دبلوماسيا في لبنان
التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض، الأربعاء، ولي العهد السعودي، رئيس الوزراء محمد بن سلمان، وناقش معه الجهود "المشتركة لإنهاء الصراعات في المنطقة وإرساء المزيد من السلام والأمن" بحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.

واستبق وزير الخارجية الأميركي مثل هذه المواقف، حين حدد من طوكيو بعد شهر تماماً من بدء الحرب في غزة، العناصر الأساسية التي تؤمن بها الولايات المتحدة لمعالجة نتائج الحرب، وهي "عدم تهجير الفلسطينيين قسراً من غزة، ليس الآن، وليس بعد الحرب. وعدم استخدام غزة كمنصة للإرهاب أو الهجمات العنيفة الأخرى، وعدم إعادة احتلال غزة بعد انتهاء الصراع، وعدم محاولة حصار غزة أو تقليص مساحة أراضيها".

وقال بلينكن في حينه "يتعين علينا أيضاً أن نضمن عدم نشوء أي تهديدات إرهابية من الضفة الغربية".

وذهب أبعد من ذلك ليقول "يتعين علينا أيضاً أن نعمل على العناصر الإيجابية للوصول إلى سلام مستدام، ولابد أن تشمل هذه العناصر أصوات الشعب الفلسطيني وتطلعاته في قلب الحكم في غزة بعد انتهاء الأزمة".

"ولابد وأن تشمل الحكم الذي يقوده الفلسطينيون وغزة الموحدة مع الضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية"، أضاف بلينكن. 

وختم في مؤتمره الصحفي على هامش اجتماعات وزراء خارجية الدول السبع في اليابان "لا بد من أن تشمل هذه العناصر آلية مستدامة لإعادة الإعمار في غزة، ومساراً يسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش جنباً إلى جنب في دولتين خاصتين بهم، مع قدر متساو من الأمن والحرية والفرصة والكرامة".

ومن أجل البحث في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، أو ما يعرف باليوم التالي، والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، إضافة إلى الحرب في لبنان بين إسرائيل وحزب الله والتطورات في السودان إلى جانب قضايا أخرى، توجه وزير الخارجية الأميركي إلى السعودية والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية فيصل بن فرحان.

وأكد بلينكن في اجتماعه معهما على "ضرورة إنهاء الحرب في غزة وكذلك تحرير الرهائن وتمكين سكان غزة من إعادة بناء حياتهم وهم متحررين من حماس" كما ذكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان له.

وهذا الموضوع، إضافة إلى الحرب الدائرة في لبنان بين إسرائيل وحزب الله والتوترات الإقليمية التي تسببها إيران، ستكون مدار بحث كذلك بين وزير الخارجية الأميركي وقادة دولة قطر التي لعبت دوراً كبيراً في المفاوضات السابقة بين إسرائيل وحماس، وأدت قبل أشهر لوقف قصير لإطلاق النار والإفراج عن بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس.

 وتعوّل الولايات المتحدة بشكل كبير على الدوحة التي تستضيف بعض القادة السياسيين لحماس؛ من أجل إعادة إطلاق المفاوضات للتوصل إلى اتفاق لوقف النار والإفراج عن الرهائن المتبقين لدى الحركة وبينهم سبعة أميركيون. 

ومن المقرر أن يبحث بلينكن نفس القضايا مع وزيري خارجية الإمارات والأردن في لندن الجمعة المقبل.

بلينكن تحدث لصحفيين لدى استعداده لمغادرة إسرائيل متجها إلى الرياض في إطار جولة بالمنطقة
بلينكن يحث إسرائيل على "اقتناص الفرصة" لإنهاء الحرب في غزة
حث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إسرائيل، الأربعاء، على اقتناص فرصة سانحة لإنهاء الحرب بعد مقتل، يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وتفكيك أغلب قدرات الحركة على مدار أكثر من عام من الحرب في قطاع غزة.

هل ينجح بلينكن في مهمته؟

لا يعلق الخبراء كثيراً على هذه الزيارة لتحقيق نتائج ملموسة إن كان بشأن إنهاء الحرب في غزة أو التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان أو التطبيع بين إسرائيل والسعودية.

والسبب برأيهم، أن هناك خلافات مستمرة في وجهات النظر بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة بينامين نتانياهو بشأن هذه القضايا وكيفية معالجتها، واليوم التالي في غزة. 

كما أن الزيارة تأتي قبل أسبوعين فقط من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولايات المتحدة التي سينجم عنها في جميع الأحوال تغيير في الإدارة الأميركية. 

فإن ربحت نائبة الرئيس كامالا هاريس، ستدخل تعديلات على تركيبة الإدارة ومسؤوليها وسياساتها حتى لو احتفظ الحزب الديمقراطي بالبيت الأبيض. 

وإذا فاز الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد يحصل تغيير جذري في السياسة الخارجية ومع إسرائيل وبشأن القضايا الملحة المطروحة.

بالتالي فإن كل الفرقاء يترقبون نتائج الانتخابات ويتريثون في اتخاذا القرارات حتى يتضح الخيط الأبيض من الخط الأسود، فيما تحاول إدارة بايدن مواصلة حضورها في السياسة الخارجية وملء الفراغ في الوقت الضائع.

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

جويل الحج موسى أعدت تحقيقا لبرنامج "الحرة تتحرى" فتح ملف الأزياء الصينية ووجد حقائق صادمة.   

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟