أحيت واشنطن، السبت، ذكرى وفاة المحامي الروسي سيرغي ماغنيتسكي الذي فارق الحياة في سجن روسي منذ 15 عاما بعد كشفه فضيحة فساد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، السبت، على إكس، "في الذكرى الخامسة عشرة لوفاة سيرغي ماغنيتسكي، نكرم ذكراه وشجاعته في النضال من أجل الحقيقة. يوجد أكثر من 700 سجين سياسي في روسيا اليوم. لا ينبغي استهداف أي شخص بسبب كشفه عن الفساد أو سعيه إلى حقوق الإنسان أو ممارسة الحريات الأساسية."
On the 15th anniversary of Sergei Magnitsky’s death, we honor his memory and courage in fighting for truth. There are more than 700 political prisoners in Russia today. No one should be targeted for exposing corruption, pursuing human rights, or exercising fundamental freedoms.
— Matthew Miller (@StateDeptSpox) November 16, 2024
وماغنيتسكي، الذي تكرم واشنطن ذكراه، هو خبير قانوني توفي في السجن، عام 2009، بعد كشفه فضيحة فساد، واستمرت محاكمته بعد وفاته، في قضية أثارت أزمة دبلوماسية بين موسكو وواشنطن.
وكان المحامي ماغنيتسكي يعمل في قسم الشؤون الضريبية في مكتب محاماة في موسكو، وكان من بين زبائنه شركة "هريميتاج كابيتال" التي يديرها أميركي.
وأوقف ماغنيتسكي في عام 2008 بعد كشفه عملية احتيال مالي بقيمة 5,4 مليارات روبل (145 مليون دولار) خطط لها وفق قوله مسؤولون في الشرطة والسلطات الضريبية على حساب الدولة الروسية و"اريميتاج كابيتال"، بحسب موقع وزارة الخزانة الأميركية.
وتوفي ماغنيتسكي عن عمر 37 عاما في نوفمبر 2009، حين كان قيد الحبس الاحتياطي، وكان وقتها متزوجا ولديه طفلين.
وقالت دائرة السجون في حينه إن الوفاة نتجت عن وعكة صحية، غير أن تحقيقا أجراه المجلس الاستشاري لشؤون حقوق الإنسان لدى الكرملين خلص عام 2011 إلى أنه كان ضحية ضرب وحُرِم من العناية الصحية.
ودين ماغنيتسكي في يوليو 2013، بعد وفاته، بالتهرب الضريبي، في محاكمة قاطعتها عائلته.
وأكدت المحكمة الأوروبية بهذا الخصوص أن "محاكمة شخص متوف تتجاهل بوضوح مبادئ (الحق في محاكمة عادلة)".
ورفع ماغنيتسكي قبل وفاته قضيته إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتابعتها والدته وزوجته بعد وفاته، بحسب موقع مبادرة العدالة Justice Initiative.
وفي عام 2019، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان روسيا بشدة، في قضية ماغنيتسكي، وأشارت إلى انتهاكات للحقوق الأساسية في هذا الملف، وخصوصا سوء المعاملة التي تعرض لها ماغنيتسكي على أيدي حراسه قبيل وفاته.
كما لفتت المحكمة إلى عدم إجراء تحقيق "كامل وفعال" في ظروف هذه الوفاة، واحتجازه بشكل احتياطي لمدة طويلة، و"أوجه القصور في العناية الطبية" التي تلقاها، ومحاكمته وإدانته بعد وفاته في آلية تنطوي على "قصور جوهري".
واعتبر قضاة المحكمة في مدينة ستراسبورغ في فرنسا أن ماغنيتسكي كان ضحية سوء المعاملة قبل ساعات من وفاته. كما رأوا أن قرار السلطات الروسية في مارس 2013 بإغلاق التحقيق بعد وفاته كان "سطحيا".
وحكمت المحكمة الأوروبية على روسيا بدفع 34 ألف يورو لزوجة ووالدة ماغنيتسكي تعويضا للضرر المعنوي الذي لحق بهما.
وتتهم زوجة ماغنيتسكي ووالدته كذلك السلطات الروسية باحتجاز المحامي "بشكل تعسفي"، وتؤكدان أن السلطات حاولت إرغامه على العودة عن تصريحات له تشير إلى تورط موظفين حكوميين في فضيحة فساد.
لكن المحكمة الأوروبية لم تأخذ بهذه الاتهامات، وإنّما دانت روسيا بالأخص لإطالتها فترة التوقيف الاحتياطي.
واعتبر هوغ دو سورمن، من الشبكة الأوروبية للنزاعات القضائية وهي جمعية للدفاع عن حقوق السجناء، أنّ ما صدر عن المحكمة الأوروبية "إدانة دامغة للسلطات الروسية" ويشير إلى وجود "إفلات شامل من العقاب".
وأدت قضية ماغنيتسكي إلى أزمة دبلوماسية بين واشنطن وموسكو، خصوصا بعد اعتماد قانون أميركي باسمه (قانون ماغنيتسكي) عام 2012، يقيّد حرية الحركة لدى المتهمين في الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان وينص على تجميد أصولهم.
وردّت روسيا بتبني لائحة تضم أسماء أميركيين ومن جنسيات أخرى غير مرغوب فيهم على أراضيها، وإصدار قانون يمنع تبني أطفال روس من قبل أميركيين.
وروسيا عضو في مجلس أوروبا منذ 1996، غير أنّها لم تنفذ بشكل تام سوى 38% من قرارات المحكمة الأوروبية الصادرة بحقها، بحسب أرقام نشرها في الربيع الماضي منتدى منظمات غير حكومية روسية.