وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارة للسعودية في أكتوبر الماضي
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارة للسعودية في أكتوبر الماضي

بعد سنوات من العداء والقطيعة، تشهد المنطقة تغييرات في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بين السعودية وإيران، أبرز أقطابها الأكثر تنافسا وتنافرا، مما يطرح تساؤلات بشأن طبيعة "التقارب" بينهما، وما إذا كان سينهي "حروب الوكالة" التي شهدها الشرق الأوسط على مدار سنوات.

التقارب الذي توسطت من أجله الصين جاء في ظروف جيوسياسية متوترة، قبيل بدء عهد إدارة أميركية جديدة تعهدت بتحقيق السلام في المنطقة، وسط تساؤلات حول موقع طهران في المعادلة.

وناقش برنامج "حديث الخليج " الذي تبثه قناة "الحرة"، الأربعاء، ملف العلاقات السعودية الإيرانية، وما إذا كنا سنشهد مرحلة جديدة من العلاقات، أم سيستمر العداء والمنافسة بينهما.

يحيى عسيري، الناشط السياسي والحقوقي السعودي المقيم في لندن، قال إن التقارب السعودي الإيراني "خطوة إيجابية"، رغم أنها "تأخرت كثيرا".

ويرى عسيري وهو عضو مؤسس في حزب التجمع الوطني أن "التنافس السعودي الإيراني يجب أن يكون أجل تعزيز حقوق الإنسان في المنطقة، وليس الدخول في صراعات تدمرها".

ما بين "التقارب" و"الاحتواء الاستراتيجي"

الخبير العسكري والسياسي السعودي، محمد بن صالح الحربي، تحدث عن مسار المفاوضات بين طهران والرياض لأشهر، التي احتضتنها عدة عواصم عربية، والذي انتهى بوساطة وضمانة صينية.

ويرجح أن يشهد تنفيذ الاتفاقية التي وقعت في مارس من 2023 تسارعا خلال الفترة المقبلة، والتي يتوقع أن تفضي إلى نوع من "التقارب والاحتواء الاستراتيجي"، مشيرا إلى أهميته في هذه المرحلة التي تعيشها المنطقة.

وزارة الدفاع السعودية نشرت صورا لزيارة رئيس الأركان إلى طهران
"إعادة تنظيم" قبل ولاية ترامب.. ما سر الزيارة العسكرية السعودية لإيران؟
مع إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ووسط الحرب الدائرة في غزة والتي امتدت إلى لبنان وطالت إيران أيضًا، واصلت الرياض إشاراتها إلى توطيد العلاقة مع طهران وزار رئيس أركان الجيش السعودي إيران خلال الأيام الماضية في زيارة نادرة.

وذكر الحربي أنه من بعد توقيع الاتفاقية شهدنا أثرها حتى على "أذرع إيران الإرهابية" في المنطقة، إذ رأينا "خفوتها" من خلال الأحداث المتلاحقة، ناهيك عن أن طهران في "وضع اقتصادي مضغوط جدا".

دروس من التقارب السعودي الإيراني

التقارب السعودي مع إيران رغم أنه خطوة إيجابية، إلا أنه يكشف أن القرارات السعودية "متسرعة، وغير مبنية على دراسات" في إشارة إلى القطيعة التي كانت بين البلدين، على ما يؤكد الناشط عسيري.

وأضاف أنه وفي فترات سابقة عندما علت الأصوات التي تدعم التقارب بين الرياض وطهران كان ولي العهد السعودي يصرح "أنه لا يمكن التفاهم مع إيران".

وتابع عسيري أن إيران دولة جوار وأي خلافات "يجب أن تحل على طاولة المفاوضات" وليس من خلال الحروب بالوكالة أكان في "اليمن أو سوريا أو لبنان"، مشيرا إلى أن النظام السعودي عليه بناء العلاقات مع الدول بحسب "ما يريده الشعب أولا، وبحسب ما يقوله الخبراء" ثانيا، وليس تبعا "لمزاج الحاكم، والرغبات" الشخصية.

هل تثق الرياض بطهران؟

من جانبه يرى الخبير السياسي، الحربي أنه وسط التغييرات التي يشهدها النظام العالمي، يحتاج الجميع إلى إعادة تقييم العلاقات البينية، مشيرا إلى أن هناك ضمانة صينية يمكن للرياض التعويل عليها للوثوق بطهران، منوها إلى أن بكين هي الشريك التجاري الأول لكل منهما.

ويعتقد أن إيران الآن "لا يوجد لديها خيارات مع الضربات الإسرائيلية على أذرعها، وتهاوي ذراعها الرئيسي حزب الله، في ضربات قاتلة، ولهذا إيران تحتاج لتعود وتصبح لاعبا رئيسيا في المنطقة" خاصة في ظل ترقب الإدارة الأميركية الجديدة.

وأكد الحربي أن الجميع في المنطقة "يترقب المشهد"، وحتى الآن إيران ملتزمة بجميع بنود الاتفاق مع السعودية.

الدعم الإيراني للحوثيين

وقال الناشط عسيري، إنه لا بد من "دفع الأشقاء في اليمن إلى الحوار من أجل بناء دولة ديمقراطية"، مؤكدا أنه لا دولة يمكنها "فرض فصيلا معينا على اليمنيين بغض النظر عن بقية الفصائل".

ويرى أن السعودية وإيران عليهما التعاون في مساعدة اليمنيين "على بناء دولتهم"، وعدم الانخراط في "تفتيت" بدعم فصائل متحاربة تحاول السيطرة بقوة السلاح.

ووصف الصراع في اليمن، وبتدخل السعودية وإيران بأنه "مدمر للمنطقة"، وقال "إن السلطات السعودية لا يمكنها جلب الشرعية لليمن إذا لم تستطع جلبها في بلادنا"، مشيرا إلى أن السعودية تعاني "من انعدام الشرعية والقمع والفساد"، والحالة ذاتها تنطبق على إيران أيضا.

التطبيع مع إسرائيل

ويؤكد الخبير السياسي الحربي أن السعودية أكدت في تصريحاتها على جميع المستويات، أنه لا تطبيع مع إسرائيل من دول "حل الدولتين".

وأشار إلى أن السعودية وقيادتها أصبحت "محورية" في المنطقة والعالم، حيث يقود ولي العهد المملكة إلى "تنمية مستدامة".

وقال إن الرياض تمارس العديد من الضغوط الدولية من أجل الدفع بتهدئة ما يحصل في المنطقة، مشيرا إلى حالة من الترقب للإدارة الأميركية المقبلة.

ويعتقد الحربي أن إيران أيضا في الظرف الحالي قد تكون "مهيأة لوقف حروبها" إذ لم تحقق سوى "الدمار".

في الانتظار

مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، علي نوري زاده يرى أن "النظام الإيراني استفاد كثيرا من المصالحة مع السعودية، بينما لا تزال الحرب في اليمن قائمة، والحوثي يواصل أعماله في المنطقة، ناهيك عن عدم تقديم طهران لأي تنازلات في لبنان أو غزة".

ويعتقد أن هذا ما يجعل الرياض حتى الآن "لا تثق بنوايا إيران"، وهو ما قد يدفعها إلى أن تبقى متأهبة لـ "مزيد من الوقت" للتأكد من ذلك.

وذكر زاده أن العلاقات السعودية الإيراني في مراحل معينة كانت "متميزة" لكن الوضع تغير، ولهذا تريد السعودية "الانتظار" للتأكد من أن ما يوجد على الورق في الاتفاقية سيصبح واقعا.

ويؤكد أن الملف اللبناني، قد يكون الأول الذي تنتظر السعودية ودول الخليج تحقيق تقدم فيه من قبل الجانب الإيراني، بخروج طهران من المشهد هناك، مشيرا إلى أنه قبل التدخلات الإيرانية "كانت لبنان بلد حريات وسياحة، والآن هي من أفقر الدول".

الضمانات الإيرانية

ويرى زاده أن أول شيء على إيران أن تفعله لتعزيز الضمانات بعلاقاتها مع السعودية ودول المنطقة "بأن تتوقف طهران عن التدخل في شؤون الدول العربية".

وقال "هناك مصالح إقليمية لإيران" ومثلما "لا تريد طهران قيادة معادية لها في العراق، أيضا السعودية لا تريد قيادة معادية لها في اليمن".

وفي المقابل يؤكد زاده أن السعودية يمكنها أن تضغط على الإمارات بخصوص موضوع "الجزر الإيرانية" في إشارة إلى جزر طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وجزيرة أبو موسى، مشددا أنها "جزر إيرانية منذ أبد الأبد".

الموقف الأميركي من التقارب

المحلل السياسي، نبيل ميخائيل المقيم واشنطن قال إن الولايات المتحدة "ملتزمة بالدفاع عن منطقة الخليج"، وأي اعتداء على المنطقة يمثل اعتداء على المصالح الأميركية.

وزاد أن الإدارات الأميركية على اختلافها تلتزم بالدفاع عن المنطقة، مع "اختلاف الأسلوب".

وأشار ميخائيل إلى وجود تيارين في واشنطن والموقف تجاه إيران، إذ يوجد من يريد التعامل بحزم معها وتطبيق "أقصى العقوبات"، ومن يريد التهدئة معها لدفعها إلى التعاون والتهدئة وحل بعض الصراعات الإقليمية.

ويعتقد أن التعاون السعودي الإيراني سيستمر ولن يؤثر على العلاقات الأميركية الخليجية، مشيرا إلى أن الإدارة المقبلة "قد تبرم صفقات تسلح كبيرة" مع هذه الدول.

ويؤكد أن ما يقلق واشنطن في هذا التقارب، أنه تم بوساطة صينية، وهو ما قد يدفع واشنطن لإرسال رسائل تحذيرية من السياسات الصينية الاقتصادية التي قد تستهدف إغراق اقتصادات المنطقة.

الأردن كان قد أغلق معبر جابر عدة مرات منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 (رويترز)
الأردن كان قد أغلق معبر جابر عدة مرات منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 (رويترز)

ترأس العاهل الأردني عبدالله الثاني، السبت، اجتماعا لمجلس الأمن القومي، تم فيه بحث آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، وخاصة الأحداث الجارية في سوريا.

وقالت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" إن الاجتماع تطرق إلى "الجهود الكبيرة التي تقوم بها القوات الأردنية في الحفاظ على الأمن الوطني وأمن الحدود، وإلى الخطوات الضرورية التي تقوم بها لضمان حماية وتأمين الحدود الشمالية."

واستعرض الاجتماع، بحسب الوكالة، "الجهود التي تبذلها مؤسسات الدولة المعنية من أجل سلامة الأردنيين المتواجدين في سوريا، والإجراءات المتخذة لتسهيل عودة المواطنين والشاحنات الأردنية إلى أراضي المملكة بعد قرار وزارة الداخلية يوم أمس بإغلاق معبر جابر الحدودي مع سوريا".

وقرر الأردن، الجمعة، إغلاق معبر جابر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في البلد المجاور، وفق ما أعلن وزير الداخلية.

ويرتبط الأردن بجارته الشمالية سوريا عبر حدود برية تمتد الى 375 كيلومترا. وكان قد أغلق معبر جابر عدة مرات منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.

وتقول عمان إنها تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئا سوريا منذ اندلاع النزاع، ووفقا للأمم المتحدة هناك نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجل في الأردن.

ويواصل مقاتلو المعارضة السورية تقدمهم الخاطف حيث أعلنوا سيطرتهم، السبت، على معظم أنحاء المناطق الجنوبية، فيما تحاول القوات الحكومية الدفاع عن مدينة حمص في مسعى لإنقاذ حكم الرئيس بشار الأسد المستمر منذ 24 عاما.

واجتاح مقاتلو المعارضة حلب قبل أسبوع لتنهار بعدها الدفاعات الحكومية في أنحاء البلاد بسرعة مذهلة إذ استولى المقاتلون على سلسلة من المدن الكبرى وانتفضوا في أماكن بدا أن المعارضة انتهت فيها منذ فترة طويلة.

وإلى جانب السيطرة على حلب في الشمال وحماة في الوسط ودير الزور في الشرق، قال مقاتلو المعارضة إنهم سيطروا على القنيطرة ودرعا والسويداء في الجنوب وتقدموا لمسافة 50 كيلومترا من العاصمة.