قوات روسية في سوريا - صورة أرشيفية - رويترز
قوات روسية في سوريا - صورة أرشيفية - رويترز

"لن نغادر الشرق الأوسط".. كلمات خرجت من فم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وحملت في طياتها ملامح مرحلة مقبلة، كانت قد غمرتها تساؤلات على مدار الأسابيع الأخيرة، عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. 

لافروف قال في مؤتمر صحفي حول نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2024، الثلاثاء، إن بلاده "لم ولن تغادر الشرق الأوسط"، مشددا على استمرار التواصل مع القيادة السورية الجديدة.

وأكد أن "روسيا على اتصال يومي مع السلطات الجديدة في سوريا، ومستعدة للمساهمة في تحسين الوضع هناك".

وقال: "نرغب في أن نكون مفيدين في الأوضاع الراهنة، وإقامة حوار شامل بمشاركة جميع القوى القومية والدينية والطائفية وبمشاركة جميع الأطراف الخارجية".

وأعرب لافروف عن استعداد بلاده "للتعاون في الملف السوري، مع تركيا وإيران (صيغة أستانا) وكذلك العراق ولبنان".

وتتواجد قوات روسية في قاعدتي حميميم وطرطوس بسوريا، وطالما ساندت هذه القوات نظام الأسد، بقمع وضرب المعارضة المسلحة خلال العقد الماضي.

"ليست سوريا بحد ذاتها"

وتعليقا على تصريحات لافروف وما تحمله، قال الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، محسن المصطفى: "لا يعني لافروف بالضرورة سوريا بحد ذاتها، لكن الوجود في سوريا مهم لروسيا وحيوي في طريق وجودها في أفريقيا عموماً وليبيا خصوصاً".

واعتبر المصطفى في تصريحات لموقع "الحرة"، أنه "لا يمكن القول إن روسيا خسرت قواعدها في سوريا، حتى يغادر آخر جندي روسي، لكن يبدو أن هناك تأنٍ شديد من قبل الإدارة السورية الجديدة في اتخاذ أي قرار حول هذا الموضوع".

تطمينات تركية

"عدة أمور لا ينبغي نسيانها.. أولاً أن روسيا تلقت تطمينات تركية حول نفوذها في سوريا، مقابل عدم الانخراط بدعم عسكري مباشر للأسد، بالإضافة لرسائل تطمين سياسية من قبل إدارة العمليات العسكرية السورية أثناء معركة (ردع العدوان)"، وفق المصطفى.

وتابع: "ثانياً.. تملك روسيا اتفاقية موقعة مع الدولة السورية ممثلة بالنظام السابق، ولا تشير أي معلومات أو مصادر إلى أن هذه الاتفاقية تم تعليق العمل بها بعد سقوط النظام، وبالتالي ما زالت سارية على أرض الواقع".

لكن في الوقت نفسه، نوه الباحث السوري بأنه "ربما يتم تعديلها لاحقاً أو إلغاءها، حسب ما ترى الإدارة الجديدة بأنه يصب في مصلحة البلاد".

علاقة جيدة

أما العنصر الثالث الذي تحدث عنه المصطفى، فقال إنه "بعيدا عن العاطفة، وعلى الرغم من إجرام روسيا بحق الشعب السوري وإدراكها تماماً لذلك، أسوة ببقية الأطراف (مثل إيران)، فإنه من الممكن أن تقتضي المصلحة السورية بإبقاء علاقة جيدة مع روسيا، وبالتالي قواعدها، بعد إعادة صياغة اتفاق جديد معها".

وعلل ذلك بالقول: "هي دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن (ولديها حق النقض)، ويمكن الاستفادة منها في عدة مجالات حيوية ضرورية لإعادة بناء الدولة وربما الجيش، بعد التدمير الكبير الذي طاله، وربما يكون هذا نوع من التعويض المادي والمعنوي عن الجرائم التي ارتكبتها في سوريا".

إيران

وبشأن العلاقة مع إيران، التي كانت أيضا حليفا مساندا للأسد ودعمته ماليا وعسكريا وساهمت بقمع الثورة السورية، قال لافروف إن "اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران لن يستهدف أي دولة أخرى".

وأوضح الكرملين، الإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، سيجريان محادثات في روسيا في 17 يناير الحالي، وسيوقعان بعد ذلك اتفاق "شراكة استراتيجية شاملة".

أبعاد استراتيجية

ورأى المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، أن تصريح لافروف "يحمل أبعادا استراتيجية تُظهر تمسك روسيا بدورها المحوري في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا".

وقال في حديثه لموقع "الحرة"، إن "تأكيده (لافروف) على التواصل مع القيادة السورية الجديدة، يشير إلى استمرار دعم موسكو لسوريا بعد سقوط الأسد، لضمان الحفاظ على مصالحها الإقليمية، بما في ذلك قواعدها العسكرية في حميميم وطرطوس، التي تُعد أساسية لنفوذها في المتوسط (منطقة البحر المتوسط)".

وأضاف بريجع: "من المرجح أن أي اتفاق مع القيادة السورية سيتضمن ضمان بقاء هذه القواعد مقابل استمرار الدعم الاقتصادي والعسكري، مع تعزيز التعاون في مشاريع إعادة الإعمار".

وتابع: "مستقبلا، قد تسعى روسيا لتوسيع نفوذها عبر مبادرات اقتصادية ودبلوماسية في المنطقة، مستغلة تنامي الحاجة السورية للدعم الدولي".

وأكد أن "تصريح لافروف قد يشير أيضا إلى أن روسيا تسعى لتوسيع دورها كوسيط إقليمي عبر الحفاظ على وجودها العسكري والدبلوماسي في سوريا، مع استثمار ذلك لتعزيز شراكاتها مع دول المنطقة".

إسرائيل قصفت سفنا وقوارب عسكرية بميناء اللاذقية - رويترز
بعد الضربات الإسرائيلية.. ما هي فرص بناء جيش جديد في سوريا؟
بعيد الإعلان عن إسقاط نظام الأسد وهروب الأخير إلى موسكو، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على أهداف ومواقع عسكرية، ودمرت نحو 80% من قدرات القوات البرية والبحرية والجوية لجيش النظام، وتقدمت قواتها بريا في المنطقة العازلة بالجولان السوري المحتل لعدة كيلومترات.

وأشار إلى أن أي اتفاق مستقبلي مع الإدارة السورية الجديدة "قد يتضمن تقديم ضمانات للقيادة السورية بشأن الاستقرار الداخلي، مقابل منح موسكو امتيازات اقتصادية طويلة الأمد في قطاعي الطاقة والبنية التحتية". 

"هذا يعكس استراتيجية روسية أوسع لتثبيت حضورها الجيوسياسي في شرق المتوسط.. ومستقبلا، قد تستخدم روسيا وجودها لتعزيز مبادرات تهدف إلى حل النزاعات الإقليمية وكسب حلفاء جدد في المنطقة"، وفق بريجع. 

"في نهاية الأمر.. الحكومة السورية الجديدة والشعب السوري هم الذين سيقررون مستقبل العلاقات مع روسيا.. هل تستمر؟.. أم تتغير الأمور؟".. تساؤل ختم به بريجع حديثه ليعكس ضبابية المشهد والتساؤلات التي تراود الكثيرون.

فلسطينيون يتنقلون بقطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم (رويترز)
فلسطينيون يتنقلون بقطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم (رويترز)

يجري وفد إسرائيلي مباحثات في قطر، الأحد، يقتصر نطاقها على الجوانب الفنية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، دون التطرق إلى المرحلة الثانية كما كان مقررا، وفق مصادر مطلعة. 

ويترأس الوفد منسق شؤون الرهائن والمفقودين غال هيرش، بمشاركة مسؤول من جهاز الأمن العام (الشاباك)، إضافة إلى ممثلين عن الموساد والجيش.

وفي تصريح إذاعي، علّق وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش، على سبب تأجيل مباحثات المرحلة الثانية، قائلا: "نمر بمرحلة حساسة فيما يتعلق باستعادة المختطفين. وفي هذه المرحلة، يرتبط الحديث عن المرحلة الثانية بشرط إنهاء سيطرة حماس على غزة".

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سيعلن رفضه منح تفويض لإجراء مباحثات المرحلة الثانية. 

ويتضمن اتفاق الهدنة 3 مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى الممتدة لـ6 أسابيع، إطلاق سراح 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن 1900 معتقل فلسطيني.

وتشير تقديرات داخل الكابينيت، إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو "سيدفع بتغير مفهوم المرحلة الثانية، في ضوء التغيرات في الإدارة الأميركية، مع تقديم وعد أميركي بدعم إنهاء حكم حماس".

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، أن نتانياهو "يسعى لإفشال صفقة تحرير الرهائن"، موضحة أن إيفاد الوفد إلى قطر يأتي لـ"أغراض شكلية فقط". 

وأضافت الصحيفة أن "نتانياهو يبدي بوضوح عدم رغبته في الانتقال للمرحلة التالية، إذ أرسل فريقا مجرداً من أي تفويض أو صلاحية".

وأشارت مصادر الصحيفة إلى أن رئيس الوزارء "يعتقد أن مشاهد إطلاق سراح الرهائن أثرت عليه بشكل كبير في استطلاعات الرأي، إذ يرى الناخبون اليمينيون  أنه لم تتم هزيمة حماس، وأن عناصرها ما زالوا يتجولون حاملين السلاح".

وحذر مصدر آخر للصحيفة من أن "نهج نتانياهو قد يقوض المرحلة الأولى أيضا"، مؤكداً أن "حماس تواصل إطلاق سراح الرهائن على أساس توقع مرحلة ثانية تشمل وقف إطلاق النار وانسحابا إسرائيلياً من غزة. وإدراكها لعدم وجود مرحلة ثانية قد يدفعها للتوقف عن استكمال المرحلة الأولى".

من جانبها، انتقدت عائلات الرهائن الإسرائيليين بشدة قرار نتانياهو عدم تفويض الوفد للتفاوض حول المرحلة الثانية، وتأخير عقد جلسة للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت). 

وتساءل منتدى عائلات الرهائن في بيان: "لماذا لا ينعقد الكابينيت فوراً بعد الصور المروعة لإيلي وأوهاد وأور؟، هل يحتاج صناع القرار لأدلة إضافية لإدراك ضرورة استعادة الـ76 مختطفاً؟". 

وناشد البيان نتانياهو تزويد الوفد في قطر، بتفويض واضح وكامل لإتمام الاتفاق بشكل عاجل لاستعادة جميع الرهائن.