ماكرون خلال مؤتمر دولي حول سوريا في باريس - رويترز
ماكرون خلال مؤتمر دولي حول سوريا في باريس - رويترز

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الخميس، إن فرنسا مستعدة لبذل المزيد من الجهود لمحاربة الجماعات الإرهابية في سوريا مضيفا أنه لا ينبغي أن تشهد سوريا عودة جماعات تابعة لإيران.

وأضاف ماكرون، خلال مؤتمر دولي حول سوريا في باريس، إن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الأكراد والمدعومة من الغرب يجب أن تدمج في القوات الوطنية السورية.

وقال إن الغرب يدين بفضل لقوات سوريا الديمقراطية ولا ينبغي التخلي عنها، وذلك في إشارة واضحة لمشاركتها في محاربة تنظيم داعش.

وأشار ماكرون إلى أنه سيستقبل رئيس الجمهورية السورية للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قريبا في الإليزيه.

وتعهدت حوالى عشرين دولة عربية وغربية، الخميس، في ختام المؤتمر حول سوريا في باريس المساعدة في إعادة بناء سوريا وحماية المرحلة الانتقالية الهشة في وجه التحديات الأمنية والتدخلات الخارجية، بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر.

وجاء في البيان الختامي الموقع من سوريا والدول العربية الرئيسية في المنطقة وتركيا ودول أوروبية بينها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة واليونان ودول من مجموعة السبع مثل كندا واليابان، أن المشاركين يعتزمون "العمل معا لضمان نجاح المرحلة الانتقالية في إطار آلية يقودها السوريون".

ولم توقع الولايات المتحدة البيان، إذ لم تحسم إدارة الرئيس الجديد، دونالد ترامب، موقفها بعد، وفق ما أوضح مصدر دبلوماسي فرنسي لفرانس برس.

كما تعهدت الدول الموقعة دعم الحكومة الانتقالية السورية في مكافحة "كل أشكال الإرهاب والتطرف".

وكان ماكرون دعا في ختام المؤتمر السلطات الانتقالية السورية إلى المشاركة في التصدي لتنظيم داعش الذي لا يزال نشطا في هذا البلد.

وقال ماكرون إن مكافحة داعش "هي أولوية مطلقة" وحض السلطات الانتقالية على "إقامة شراكة وثيقة" مع التحالف الدولي.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن البيان الختامي للمؤتمر "يشهد على اقتناع الشركاء بأن نجاح سوريا من مصلحة الجميع".

وكان بارو أعلن عند افتتاحه المؤتمر "من دواعي سرورنا أن نعاود التواصل مع سوريا بعد سنوات من العزلة الدولية"، مرحبا بحضور نظيره السوري، أسعد الشيباني، الذي يقوم بأول زيارة رسمية له إلى أحد بلدان الاتحاد الأوروبي منذ تولي السلطات الجديدة قيادة البلاد.

ولم يدل الشيباني بأي تصريحات أمام الصحافة الدولية.

وقال بارو إن الدول العشرين تقريبا التي اجتمعت، الخميس، في باريس تريد قيام "سوريا حرة سيدة موحدة ومستقرة"، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل "رفع سريع" للعقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على نظام الأسد.

وتوصلت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في نهاية يناير إلى اتفاق مبدئي على رفع تدريجي للعقوبات بدءا بقطاعات أساسية مثل الطاقة، وهو ما تطالب به بإلحاح السلطات السورية الجديدة بقيادة الشرع.

ولفت بارو إلى أن "هذه العقوبات لم يعد من الممكن أن تشكل عقبة أمام نهوض سوريا وإعادة إعمارها" داعيا إلى "تدفق سريع للمساعدة الإنسانية" وتسهيل "التدفقات المالية والتجارية الضرورية لإعادة الإعمار".

وفي السادس من فبراير الحالي، تلقى الشرع اتصال تهنئة من ماكرون الذي دعاه إلى زيارة باريس في "الأسابيع المقبلة"، وفق ما أعلنت الرئاسة السورية.

وأبدى ماكرون وفق بيان الرئاسة، "دعمه الكامل للمرحلة الانتقالية في سوريا"، مؤكدا "مساعي بلاده لرفع العقوبات عن سوريا وفسح المجال للنمو والتعافي".

وشكر الشرع، وفق البيان، نظيره الفرنسي على مكالمته وعلى "مواقف فرنسا الداعمة للشعب السوري خلال الأربعة عشر عاما الماضية". واشار الى "التحديات الحالية التي تتمثل بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري".

وزار بارو زار ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك دمشق مطلع العام الحالي والتقيا الشرع، بتفويض من الاتحاد الأوروبي.

وكانت فرنسا أرسلت في 17 ديسمبر مبعوثين لدى السلطات الجديدة ورفعت علمها فوق سفارتها المغلقة منذ العام 2012.

وكانت السفارة أغلقت أبوابها في 6 مارس 2012 بقرار من الرئيس حينها نيكولا ساركوزي تنديدا بقمع سلطات الرئيس المخلوع بشار الأسد للتظاهرات السلمية المناوئة له.

اللبنانيون يترقبون تطورات المشهد الأمني ـ صورة أرشيفية.

يترقب اللبنانيون تطورات المشهد الأمني الذي يزداد احتداماً بعد إطلاق 3 صواريخ باتجاه إسرائيل، وردّ الأخيرة بغارات جوية واسعة استهدفت عدة قرى لبنانية في الجنوب والشرق. 

ومع استمرار احتفاظ حزب الله بسلاحه متجاوزاً اتفاق الهدنة، تبدو المواجهة مفتوحة على مزيد من التصعيد.

ففي تحدٍّّ للاتفاقيات الدولية وخطاب قسم رئيس لبنان جوزاف عون والبيان الوزاري، يواصل حزب الله تمسكه بسلاحه، ما يجعل احتمالات التهدئة شبه معدومة. 

في المقابل، تواصل إسرائيل استهداف بنيته التحتية وقياداته العسكرية بضربات جوية، في محاولة لإضعافه أو القضاء عليه.

والسبت الماضي، اعترض الجيش الإسرائيلي 3 صواريخ أُطلقت من منطقة لبنانية تبعد نحو 6 كيلومترات عن الحدود، في ثاني عملية إطلاق عبر الحدود منذ توقف القتال في نوفمبر بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة.

وردّاً على الهجوم، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أنه أصدر تعليمات، بالتنسيق مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، للجيش "بالتحرك بقوة ضد عشرات الأهداف الإرهابية في لبنان".

من جانبه، نفى حزب الله مسؤوليته عن الصواريخ التي أُطلقت باتجاه إسرائيل، في وقت يواجه فيه تحديات متزايدة بعد الخسائر التي تكبدها في الحرب الأخيرة. 

ورغم تهديد مسؤوليه بالرد على الضربات الإسرائيلية والتأكيد على أن "للصبر حدود"، يرى مراقبون أنه يواجه صعوبات في تنفيذ تهديداته.

وفي ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع وقيادات الحزب، يفرض السؤال نفسه: هل تكفي هذه الضربات لتحقيق أهداف إسرائيل؟ أم أن حزب الله قادر على امتصاصها وإعادة بناء قدراته مجدداً؟

حسم أم استنزاف؟

"نجحت إسرائيل في جمع معلومات دقيقة عن حزب الله تشمل الأسماء والمواقع والأسلحة"، كما يشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، مؤكداً أن السكان في المناطق المستهدفة "لا يخشون المسيّرات الإسرائيلية أو صوتها، لأنهم يدركون أنهم ليسوا في دائرة الاستهداف، وهو ما يعكس تمييز إسرائيل بين حزب الله والمجتمع المدني اللبناني".

ويقول ملاعب لموقع "الحرة"، "إسرائيل تختار أهدافها بعناية، مستهدفة الأشخاص الذين تعتبرهم جزءاً من حزب الله، مما يجعل بقية السكان يدركون أنهم خارج دائرة الاستهداف".

القضاء على حزب الله "ليس أمراً سهلاً"، كما يرى ملاعب "فالغارات الجوية وحدها لا تحسم المعارك، كما أن اكتشاف الأنفاق التابعة للحزب يؤكد أن بنيته العسكرية لا تعتمد فقط على السلاح المكشوف، بل على استراتيجيات بديلة تعزز استمراريته".

ويشير إلى تصريحات الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، الذي أكد أن "حتى إذا تم قطع طرق الإمداد من سوريا، فإن الحزب يمتلك مخزوناً يكفيه لسنوات، مما يجعل من الصعب القضاء على سلاحه عبر الهجمات العسكرية فقط".

من جانبه يؤكد العميد الركن المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، أن "إسرائيل ستواصل هجماتها على لبنان إذ إن يظل الهدف الأسمى لها القضاء على حزب الله عسكرياً، لكن تحقيق ذلك صعب جداً. ومع ذلك، تسعى إسرائيل من خلال ضرباتها المتكررة إلى إضعاف الحزب إلى الحد الأدنى الذي تريده."

ويقول جابر لموقع "الحرة" إن"الضربات الجوية تُحدث دماراً، لكنها لا تكفي للقضاء على الحزب أو إضعافه بالكامل. حزب الله لا يزال يمتلك قدرات عسكرية مخفية، وهو يعمل على إعادة تنظيم صفوفه رغم الاستهدافات المستمرة."

أما مسألة تسليم سلاح الحزب للدولة اللبنانية، فيرتبط وفق جابر "بإدماجه في استراتيجية دفاعية وطنية تشرف عليها السلطة العسكرية."

تجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر، كان من المفترض أن يجري إخلاء جنوب لبنان من أي أسلحة لحزب الله وأن تنسحب القوات الإسرائيلية من المنطقة، وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها.

وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها.

مفتاح الحل

أكد الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، رفضه التخلي عن سلاح الحزب المصنف جماعة إرهابية، متجاهلاً التزامات الدولة اللبنانية وتعهداتها الرسمية، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي وافق عليه الحزب عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة اللبنانية.

وفي مقابلة تلفزيونية على قناة "المنار"، في 9 مارس، أكد قاسم أن "رئيس الجمهورية تحدث عن حصرية السلاح، ونحن أيضاً مع حصرية السلاح بيد قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لضبط الأمن والدفاع، ولسنا ضد أن يكونوا هم المسؤولين. نرفض منطق الميليشيات ونرفض أن يشارك أحد الدولة في حماية أمنها، لكن نحن لا علاقة لنا بهذا الموضوع، نحن مقاومة".

وبعد إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، دعا الرئيس اللبناني جوزاف عون القوى المعنية في الجنوب اللبناني كافة، لاسيما لجنة المراقبة المنبثقة عن اتفاق نوفمبر 2024، والجيش، إلى متابعة ما يحصل بجدية قصوى لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق أو تسيّب يمكن أن يهدد الوطن في هذه الظروف الدقيقة. 

كما طلب عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل، اتخاذ الإجراءات الميدانية الضرورية للمحافظة على سلامة المواطنين، والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل".

من جانبه، يرى ملاعب أن "انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية المعترف بها في اتفاقية عام 1949 سيساهم في تعزيز دور الدولة اللبنانية في استعادة سلطتها على السلاح".

ورغم ذلك يلفت ملاعب إلى أن "قرار حزب الله ليس محلياً بالكامل، بل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران، لذلك مستقبل سلاح الحزب يتأثر بشكل رئيسي بالعلاقة بين إيران والولايات المتحدة، وخلال الشهرين المقبلين سيتم تحديد ما إذا كانت الجهود الأميركية ستؤدي إلى صفقة بين الطرفين أو ما إذا كنا نتجه نحو تصعيد جديد".

وفي حال فشلت الجهود الدبلوماسية، يحذر ملاعب، من أن "البديل سيكون المواجهة العسكرية، ما قد يؤدي إلى تصعيد دموي في المنطقة، بما في ذلك تفعيل إيران لأذرعها".

وعن السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة في حال لم يسلم الحزب سلاحه، يرى جابر أن "إسرائيل ستواصل غاراتها على لبنان وعمليات الاغتيال التي تستهدف كوادر وقيادات حزب الله، في إطار سعيها المستمر لإضعافه أو القضاء عليه".

كما لم يستبعد لجوء إسرائيل إلى تنفيذ عمليات كوماندوز ضد أهداف محددة، "فرغم صعوبة هذا الخيار وتكلفته العالية، يبقى احتمالاً قائماً".