ترامب خلال لقاءة زيلنسكي في 27 سبتمبر 2024
ترامب خلال لقاءة زيلنسكي في 27 سبتمبر 2024

لم يفاجئ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أحدا داخل أميركا أو خارجها بمقاربته لملف الحرب في أوكرانيا. لكن تعامله مع الرئيس الأوكراني، ربما، صدم الجميع.

طالما اتهم ترامب سلفه جو بايدن والقادة الأوربيين، بإطالة أمد الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ووعد، أثناء حملته في سباق الرئاسة، بالعمل على إنهائها.

وبالفعل، بدأ منذ توليه مهام ولايته الرئاسية الثانية، في 20 يناير، على الإيفاء بوعده.

تحدث ترامب هاتفيا مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين في 8 فبراير بشأن أنهاء الحرب. وفي الرياض بحث وفدان، أميركي وروسي، بقيادة وزيري خارجية البلدين، ماركو روبيو وسيرجي لافروف، سبل تحقيق سلام دائم بين الروس والأوكرانيين.

وأعلن الجانبان عن خطوات للبدء بتحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو.

على هامش هذه الخطوات التي وُصفت نتائجها بـ"الإيجابية،" وجه ترامب انتقادات للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ووصفه بالـ"دكتاتور". 

في المقابل، لم يخف الرئيس الأوكراني شعوره بالتهميش، وتساءل بانزعاج: كيف يمكن التفاوض على سلام في أوكرانيا من دون حضوره.

هل قررت واشنطن التخلي عن حلفائها الأوربيين؟

هذا التغير الكبير اعتبره البعض تخليا عن حليف وليس أوكرانيا فقط، بل أوروبا بشكل عام، فيما رأى آخرون أن نهج ترامب المختلف صنع حراكا في ملف إنهاء الحرب، بعدما كان مجمدا مع استمرار القتال.

تصريحات الإدارة الأميركية الجديدة، يقول مدير مركز فيجن للدراسات السياسية، سعيد سلام، هي "أقرب للموقف الروسي سياسيا وعسكريا".

ويضيف في حديث مع موقع "الحرة" أن إدارة ترامب يبدو أنها تريد "فرض الاستسلام على الجانب الأوكراني وإجباره عن التخلي عن نحو 20 بالمئة من أراضيه المحتلة".

ويعتقد سلام أن الاتصال بين ترامب وبوتين كان صادما لحلفائه في أوروبا والناتو وأوكرانيا، رغم أن الأخيرة كانت تعرف مواقفه المعلنة لكن لم تتوقع أن يكون بهذه الخشونة.

اجتماع الرياض في 18 فبراير، كان الأول بين مسؤولين أميركيين وروس لإنهاء أعنف حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

والخميس، ستحتضن إسطنبول في تركيا، اجتماعا جديدا بين الأميركيين والروس، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأربعاء.

 سيبحث الاجتماع، وفق لافروف، "المشكلات البنيوية التي تراكمت.. وأعتقد أن نتائجه ستظهر إلى أي مدى يمكننا المضي قدما بسرعة وفعالية".

يرى الباحث المحلل في الشأن الروسي، نبيل رشوان، أن تحركات ترامب جعلت هناك "نشاط أكبر، بدلا من حالة الجمود". 

ويتابع رشوان في تصريحات لموقع "الحرة" أن ترامب "يرغب في الضغط على الأوروبيين من أجل التحرك والإنفاق بشكل أكبر على الصناعات الدفاعية بدلا أميركا".

اتفاق المعادن النادرة

كشف مسؤول أوكراني، الأربعاء، لوكالة فرانس برس أن كييف وافقت على بنود اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة، ويمكن أن توقعه الجمعة خلال زيارة يقوم بها الرئيس زيلينسكي إلى واشنطن.

وبحسب الوكالة، سيتضمن قيام الولايات المتحدة بتطوير ثروة المعادن النادرة، مع ذهاب الإيرادات إلى صندوق "مشترك بين أوكرانيا والولايات المتحدة" جرى انشاؤه حديثا.

أضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته أن "مسؤولي الحكومة يعكفون الآن للعمل على التفاصيل"، مضيفا "حاليا، نحن ننظر في القيام بزيارة إلى واشنطن الجمعة لتوقيع الاتفاق".

وطلبت أوكرانيا ضمانات أمنية من الولايات المتحدة كجزء من أي اتفاق.

رأى سلام، أن ترامب سعى بتحركاته إلى "الضغط على أوكرانيا من أجل توقيع الاتفاقية، التي تشمل الحصول على الموارد الباطنية بما فيها المعادن النادرة، بجانب إدارة الموانئ".

أما رشوان، فأشار إلى عرض بوتين "صفقة معادن أرضية نادرة على ترامب، وهو عرض خبيث لأن جزء كبير من تلك المعادن موجود في المناطق التي تسيطر عليها شرق أوكرانيا، ولو حدث ذلك سيكون هناك شرعية للوجود الروسي".

قوات أوروبية

دار الحديث أيضا عن نشر قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا، ولكن بعد الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار.

ونشرت تقارير صحفية من بينها "وول ستريت جورنال" الأميركية، تشير إلى أن المقترح الأوروبي يتضمن وجود أميركي ولو كان "بشكل رمزي ضمن القوات لضمان ردع روسيا".

تكمن الأزمة هنا في خلاف بين الدول الأوروبية حول موعد نشر تلك القوات، سواء كان بعد الوصول لحل نهائي للأزمة أم بعد الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار فقط، وفق التقرير.

عارضت روسيا الفكرة بشكل واضح، باعتبار أن الدول الأوروبية كانت جزءا من المشكلة التي دفعت إلى الحرب.

قال سلام للحرة: "لا يوجد حتى الآن آفاق للوصول إلى تجميد الحرب كما يريد الرئيس ترامب، لأن روسيا بشكل أساسي أعلنت مواصلة العمليات العسكرية حتى الوصول لاتفاق نهائي. أي لن يوقفوا العمليات العسكرية ما يمكن أن يستدعي لاحقا نشر قوات أوروبية. سواء حفظ سلام أو مراقبة أو بأي مسميات".

وتابع: "كما أن الأعداد التي يتم الحديث عنها بـ30 ألف جندي، غير كافية لحماية خط الجبهة التي يمتد إلى نحو 1300 كيلومتر. كما أنه لا يوجد توافق كبير داخل الاتحاد على الفكرة والخلاف الأساسي متى يتم النشر، بعد الوصول لاتفاق نهائي أم في حال وقف أو تجميد الأعمال القتالية قبل الوصول لاتفاق نهائي".

وأضاف أن غالبية الدول الأوروبية "ستجد صعوبة في تمويل القوات لأنها تحتاج مبالغ ضخمة، من الأفضل تقديمها لأوكرانيا في دعم صمودها بدلا من مراقبة الجبهة وحفظ السلام".

أما رشوان، فواصل حديثه لـ"الحرة" وقال إن "فكرة نشر قوات أوروبية صعبة. روسيا حساسة من الدول الأوروبية لأنها ضمن الناتو، وأكدت عدم القبول بقوات تحمل أي علم أوروبي. ولكن هل ستكون تلك القوات رادعة لروسيا؟ هذه هي القضية".

"مفترق طرق"

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا منذ 24 فبراير 2022 إلى مقتل عشرات الآلاف، وأرغم الملايين على النزوح أو اللجوء، وتسبب بدمار هائل في المباني السكنية ومنشآت الطاقة.

وقدَّر البنك الدولي، الثلاثاء، احتياجات الإعمار في أوكرانيا بحوالي 524 مليار دولار بعد.

وبلغت تقديرات سابقة في فبراير 2023 ومارس 2024، 392 مليار يورو و464 مليار يورو على التوالي.

نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، عن مسؤولين غربيين حاليين وسابقين، أنه في غياب المساعدات العسكرية الأميركية، تمتلك أوكرانيا ما يكفي من الأسلحة لمواصلة القتال بالوتيرة الحالية حتى الصيف.

بعد الصيف، قد تجد كييف نفسها تعاني من نقص الذخيرة وعجزها عن استخدام بعض أسلحتها الأكثر تطورا.

وتستعد أوروبا لمحاولة تعويض هذا العجز، وفق التقرير، ففي عام 2024، قدم الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والنرويج مجتمعين لأوكرانيا ما يقرب من 25 مليار دولار من المساعدات العسكرية، وهو ما يزيد على ما أرسلته الولايات المتحدة في ذلك العام، وفقا لمسؤولين أوروبيين.

وزادت القارة بشكل كبير من إنتاجها من قذائف المدفعية، وهناك مناقشات حول زيادة الاتحاد الأوروبي للمساعدات إلى 30 مليار دولار هذا العام.

وبشكل عام، تبني أوكرانيا أو تمول حالياً نحو 55 بالمئة من معداتها العسكرية. وتزودها الولايات المتحدة بنحو 20 بالمئة، في حين تزودها أوروبا بنحو 25 بالمئة، وفق مسؤول غربي تحدث للصحيفة.

يرغب ترامب في جعل أوروبا تتحمل تكلفة أكبر. وقال سلام لـ"الحرة"  إن "أوروبا الآن على مفترق طرق، هناك تهديدات من أميركا برفع الحماية العسكرية ضمن إطار الناتو عن أوروبا".

أوكرانيا لديها موارد هامة لصناعات الإلكترونيات والفضاء. أرشيفية - تعبيرية
تقرير: مسودة تكشف أبرز بنود "اتفاق المعادن النادرة" بين أميركا وأوكرانيا
نشر موقع "أكسيوس" الأميركي، تفاصيل مسودة الاتفاق الأميركي الأوكراني حول صفقة "المعادن النادرة"، والتي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يرغب من خلالها باستعادة الأموال التي دعمت بها واشنطن كييف في وجع الغزو الروسي.

وتابع: "تعمل أوروبا حاليا على استمرار دعم أوكرانيا، لأنها جزء منها وخط الدفاع الأول عن الاتحاد الأوروبي".

أما رشوان فيرى أن التحولات الأميركية في النهاية "لا تريد واشنطن منها خسارة أوكرانيا لتبدو الولايات المتحدة كدولة تخلت عن حليف وصديق وشريك، ولا تملك أوكرانيا ترف التخلي عن الولايات المتحدة لأن الأوروبيين في النهاية ليسوا بثقل واشنطن".

وتابع: "أتصور أن مسألة حل الخلاف حول اتفاق المعادن منتهية تقريبا، وزيلينسكي سيزور واشنطن قريبا. بشكل عام الأمور تتجه نحو الحل خصوصا في ظل اهتراء النظام في أوكرانيا بشكل كبير".

جانب من مفاعل نووي جنوب العاصمة الإيرانية طهران
جانب من مفاعل نووي جنوب العاصمة الإيرانية طهران

قال مراقبون إن الرسالة الأميركية التي وجهها الرئيس، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، تمثل خطوة حاسمة في الضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي.

وحددت الرسالة مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق جديد، مع تحذير من عواقب وخيمة إذا استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي.

وفي مقابلة خاصة مع قناة "الحرة"، توقع نورمان رول، المسؤول السابق في الاستخبارات الأميركية، والمستشار الأول لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية" أن تدرس إيران بعناية هذه الرسالة.

 وأشار إلى أن طهران ستواجه تحديات في الموازنة بين استجابتها للضغط الأميركي مع الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

وأوضح رول، أن الرسالة الأميركية والرد الإيراني تكشف الكثير من التفاصيل عن موقف طهران. فإيران ستواصل تحدّي التهديدات الأميركية، لكن من جهة أخرى قد تكون راغبة في التفاوض بهدف تقليل تبعات العقوبات أو لتفادي رد عسكري ضدها.

وأفاد موقع "أكسيوس" نقلا عن مسؤول أميركي ومصدرين مطلعين على الرسالة، بأن البرنامج النووي الإيراني شهد تقدما خلال السنوات الأربع الماضية، وأصبح أقرب من أي وقت مضى لإنتاج سلاح نووي.

وأضاف الموقع أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% يكفي لصنع ست قنابل نووية إذا تم تخصيبه إلى 90%، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، إن إيران ستدرس "الفرص" كما ستدرس التهديدات الواردة في رسالة الرئيس ترامب، في وقت رفض خامنئي الرسالة، وقال إن مطالب ترامب "ستضيق خناق العقوبات على إيران وتزيد الضغط عليها".

يقول رول، في حديث لقناة "الحرة" إن الرئيس ترامب كان قد عبّر بوضوح عن اعتراضه على اتفاقية إيران النووية لعام 2015، والتي وصفها بأنها تحتوي على العديد من الثغرات.

وأضاف أن الموقف الأميركي لم يتغير، حيث كان الهدف منذ البداية هو الضغط على إيران، وهو ما أثمر في النهاية من خلال إجبار طهران على التفاوض. في ذلك العام.

أما بالنسبة لإدارة ترامب الحالية، يذكر رول، فهي تواصل سياسة "الضغوط القصوى"، وقد تجسّد هذا الموقف مؤخرًا في فرض مزيد من العقوبات على الشركات الصينية المتورطة في استيراد النفط الإيراني. رول أشار إلى أن هذه العقوبات سيكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني وعملتها الوطنية.

قبل تسليمها إلى الإيرانيين، أطلع البيت الأبيض حلفاء للولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل والسعودية والإمارات، على محتوى الرسالة.

وقال ترامب الاثنين إن الولايات المتحدة ستعتبر أي هجمات أخرى من الحوثيين في اليمن صادرة عن إيران وهدد الحكومة الإيرانية بـ"عواقب وخيمة".

وفي منشور على "تروث سوشال" الأربعاء، قال ترامب إنه توجد تقارير تفيد بأن إيران تخفض دعمها العسكري للحوثيين، لكن "هم لا يزالون يرسلون كميات كبيرة من الإمدادات". وأعاد تأكيد دعوته لإيران لوقف تزويد الحوثيين.

ويقول رول، في حديثه لقناة الحرة" أن إيران قد تكون مستعدة لتقليص بعض مطالبها المتعلقة بالبرنامج النووي أو الدعم العسكري الذي تقدمه للميليشيات المنتشرة في المنطقة.

وأشار إلى أن رسالة الرئيس ترامب تسعى لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول هو تقليص البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، والثاني هو منع إيران من استمرار دعمها للميليشيات الإقليمية.

على الجانب الآخر، أكد رول أن إيران ستتحدى هذه العقوبات علنًا، لكنها في الوقت ذاته سترسل إشارات إلى الدول الأوروبية بشأن رغبتها في التفاوض مع الولايات المتحدة.

قال مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، الأحد إن إيران بحاجة إلى "تسليم والتخلي عن" جميع عناصر برنامجها النووي، بما في ذلك الصواريخ، وتعبئة الأسلحة، وتخصيب اليورانيوم، "أو يمكنهم مواجهة سلسلة من العواقب الأخرى"، وأضاف، "لقد تم عرض طريقة للخروج من هذا المأزق على إيران".

يتوقع رول أن يتسم هذا "التحدي" الإيراني بالتصريحات العلنية والبيانات الرسمية، لكن في القنوات السرية، ستسعى طهران للتفاوض بشرط أن تضمن لنفسها نفوذًا إقليميًا، بما في ذلك الحفاظ على قوة "فيلق القدس".

في المقابل، أضاف رول أن إدارة الرئيس ترامب سترفض أي محاولة من إيران لاستخدام التخفيف المحتمل للعقوبات في دعم الميليشيات الإقليمية مثل جماعتي الحوثي وحزب الله، المصنفتين على قائمة الإرهاب.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إنه لا يدعم المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكن بعد عدة ساعات، أصدرت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة بيانًا على منصة "إكس" ولم تستبعد إمكانية المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي.

"إذا كان الهدف من المفاوضات هو معالجة المخاوف بشأن أي عسكرة محتملة للبرنامج النووي الإيراني، فقد تخضع هذه المناقشات للاعتبار"، قال البيان.

وأضافت البعثة الإيرانية أنه إذا كان الهدف من المحادثات هو "تفكيك البرنامج النووي السلمي الإيراني للادعاء بأن ما فشل أوباما في تحقيقه قد تحقق الآن، فإن هذه المفاوضات لن تتم أبدًا".

ونقلت رويترز عن مصدر "مطلع"، الخميس، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تجريان محادثات عالية المستوى بشأن البرنامج النووي الإيراني في البيت الأبيض مطلع الأسبوع.