ترامب شدد أنه لا يمكن السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي (AFP)
ترامب شدد أنه لا يمكن السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي (AFP)

إلى أين يسير نظام خامنئي وسط تراكم أزماته؟ وهل يقبل المرشد الأعلى الإيراني عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتفاوض على البرنامج النووي أم يُصِّر على رفض التفاوض مع أميركا؟

يقول ترامب إن "هناك طريقتان للتعامل مع إيران: إما عسكريا أو عبر إبرام صفقة. وأنا أفضل الصفقة لأنني لا أريد إيذاء إيران، فالإيرانيون شعب عظيم، ولكن قيادتهم شريرة ونظامهم قاسٍ. أريد التفاوض على اتفاق نووي جيّد مع إيران. لقد حان الوقت الآن، وسيحدث شيء ما بطريقة أو بأخرى."

وأضاف: "لقد وجهت لهم (لخامنئي) رسالة، قلت فيها إنني آمل أن تتفاوضوا، لأنه إذا اضطررنا إلى التدخل عسكرياً، فسيكون ذلك مروعاً بالنسبة لكم. آمل أن تتفاوضوا، فذلك أفضل كثيراً بالنسبة لإيران. البديل هو أن نفعل شيئاً، لأنه لا يمكن السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي".

ملف إيران... نحو الحلّ الليبي؟

في الكونغرس الأميركي سؤال أساسي حول الاستراتيجية الأميركية الأفضل لكبح جماح طموحات إيران النووية. يقول السناتور الجمهوري توم كاتن: "أعتقد أن الجميع سوف يرحبون باتفاق دبلوماسي تتخلى فيه إيران عن برنامجها النووي بالكامل كما فعلت ليبيا في عام 2003. إننا نملك خيارين: إما أن نتسامح مع إيران النووية ونأمل في احتوائها، أو أن نستخدم القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي".

هل بدأت "حملة الضغط الأقصى" على النظام الإيراني تؤتي ثمارها؟

يقول مساعد وزير الخزانة السابق لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي لبرنامج "عاصمة القرار" على قناة الحرة: "بدأت حملة الضغط الاقتصادي الأقصى على إيران تؤتي ثمارها بالفعل، بسبب تجديد فرض العقوبات القائمة وإضافة عقوبات جديدة ومتابعة تنفيذها. وهو ما لم تفعله إدارة بايدن بالقدر الكافي".

بالمقابل لا تعتقد الخبيرة الأميركية بالشأن الإيراني باربارا سلايفن، أن "حملة الضغط الأقصى ناجحة حتى الآن رغم أنها تجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للإيرانيين العاديين، لكن لا يبدو أنها تؤدي حتى الآن إلى مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران".

الإدمان على العقوبات... وعلى التهرّب منها

ويجادل الكاتب كوروش زياباري بأن "الثقافة السائدة في واشنطن ترى في العقوبات الحلّ السحري. ينظر أنصار خنق النظام الإيراني إلى العقوبات كشراب سحري. لكن العقوبات لا تؤثر على العناصر الرجعية داخل النظام الثيوقراطي الإيراني، ومن يقتاتون على الفساد والنخبة الحاكمة بشكل عام. إذا كانت العقوبات تضر بالطبقة الوسطى، فالنخبة الحاكمة لا تكترث لها. وكما قال وزير الخارجية السابق جواد ظريف، أصبحت الولايات المتحدة مدمنة على فرض العقوبات. من نفس المنظور، يمكن القول إن إيران صارت مدمنة على التحايل عليها".

إيران وخط ترامب الأحمر!

مخزون إيران من اليورانيوم العالي التخصيب ارتفع إلى أكثر من النصف منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي، بحسب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الذي حذر من إن هذا الأمر يشكل مصدر "قلق جدي، خاصة أن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تقوم بالتخصيب إلى هذا المستوى".

ويقول النائب الجمهوري كيث سيلف: "إذا ما أصبحت إيران نووية فإنها قد توظف ذلك من أجل الابتزاز والتهديد بتدمير بعض الدول".

هل يكون بوتين جزء من الحل؟

"روسيا مستعدة لبذل كل ما في وسعها لحل المشاكل بين الولايات المتحدة وإيران بالوسائل السلمية"، كما يقول ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين. 

لكن التحالف الروسي الإيراني يطرح إشكاليات عديدة، فروسيا تعاونت على نطاق واسع مع إيران ومحورها طوال العقد الماضي. وشمل هذا التعاون العمل مع إيران والميليشيات المدعومة من طهران لمهاجمة القوات الأميركية في الشرق الأوسط. فهل تُشكل الوساطة الروسية أداة لربح الوقت لصالح طهران؟

بالمقابل، يرى محللون أميركيون أن طهران تتخوف من أن يشكل أي تقارب أميركي روسي ضغطاً عليها. وفي ذلك يقول الباحث الأميركي إميل أفدلياني: يُمكن أن يقوض أي تفاهم بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا أي علاقات إيرانية روسية وثيقة يتم نسجها".

التهديد الوجودي لإسرائيل!

إضافة إلى العوامل الإيرانية الداخلية والضغوطات الأميركية ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصول الذخائر الأميركية لبلاده بحربها مع إيران.

وأضاف نتنياهو "من خلال إرسال جميع الذخائر التي كانت محتجزة سابقاً، أثبت الرئيس ترامب أنه يزود إسرائيل بالأدوات التي نحتاجها لإكمال المهمة ضد محور الإرهاب الإيراني".

ويؤكد الكاتب الأميركي مايكل آلن بأن "ترامب ونتنياهو يتفقان الآن، لكن إسرائيل تنظر إلى إيران القادرة على امتلاك السلاح النووي باعتبارها تهديدا وجوديا، وقد تستنتج أنها لا تستطيع إهدار فرصة ضعف إيران على مقامرة مفادها أن الضغط الأقصى سيجبر طهران على التراجع عن برنامجها النووي".

وتقول الخبيرة الأميركية باربارا سلايفن: "لا أعتقد أن هناك عملية عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني. لا يمكن قصف عقول علماء الفيزياء النووية الإيرانيين. لكن الأمر الموجود دائماً وهو الخطر من أن تبدأ إيران بطريقة ما في تسليح نفسها. وإذا تمكنا من اكتشاف ذلك، فسوف يصبح العمل العسكري خياراً وارداً".

ويعتقد المسؤول الأميركي السابق مارشال بيلينغسلي أن رئيس وزراء إسرائيل "لن يجلس مكتوف الأيدي بينما تسارع إيران نحو تطوير وإنتاج سلاح نووي. ومن الصعب أن نعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتولى دوراً مباشراً في توجيه ضربات إلى البرنامج النووي الإيراني. ولكن إذا لزم الأمر، فإن الولايات المتحدة ستساعد الإسرائيليين في إنهاء هذه المشكلة".

ويقف خامنئي بين أزمة داخلية خانقة، ووضع خارجي أصعب عنوانه خسارة الميليشيات واحتمالات تصفير عائدات إيران النفطية بسبب تجديد ترامب لعقوبات الضغط الأقصى. فهل يُنقذ المرشد الأعلى نظامه بالتفاوض مع أميركا كما عرض عليه ترامب؟

الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط
الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط

وصل الوفد الأميركي برئاسة المبعوث، ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني الذي يضم وزير الخارجية، عباس عراقجي، إلى العاصمة العمانية مسقط، السبت، لإجراء محادثات بشأن الملف النووي الإيراني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن وفد بلاده برئاسة عراقجي توجه إلى مسقط لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الوفد الأميركي.

وبحسب بيانات موقع FlightRadar24، وصلت الطائرة التي يُحتمل أن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، كان على متنها أثناء زيارته لروسيا إلى سلطنة عُمان.

ومن المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة محادثات رفيعة المستوى بهدف إطلاق مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تقدما سريعا، في حين هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وتتعامل إيران مع المحادثات بحذر، وتشك في إمكانية أن تؤدي إلى اتفاق، كما أنها متشككة تجاه ترامب، الذي هدد مرارا وتكرارا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها النووي، وفقا لرويترز.

وتحدث الجانبان عن فرص تحقيق بعض التقدم، ولم يتفقا على طبيعة المحادثات، وما إذا ستكون مباشرة كما يطالب ترامب، أو غير مباشرة كما تريد إيران.

وقد يفاقم فشل المحادثات المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في منطقة تُصدّر معظم نفط العالم، وفقا لرويترز. وحذّرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أميركية من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي هجوم عسكري أميركي على إيران.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن المرشد، علي خامنئي، الذي يملك الكلمة الأخيرة في القضايا الرئيسية للدولة في هيكل السلطة المعقد في إيران، منح عراقجي "السلطة الكاملة" في المحادثات.

ويرأس عراقجي الوفد الإيراني، في حين سيتولى مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إدارة المحادثات من الجانب الأميركي.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر "مدة المحادثات، التي ستقتصر على القضية النووية، ستعتمد على جدية الجانب الأميركي وحسن نيته".

واستبعدت إيران التفاوض بشأن قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي.

وتقول إيران دائما إن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، لكن الدول الغربية تعتقد أنها تريد صنع قنبلة ذرية.

ويقولون إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو مصدر للوقود النووي، تجاوز بكثير متطلبات البرنامج المدني وأنتج مخزونات بمستوى من النقاء الانشطاري قريب من تلك المطلوبة في الرؤوس الحربية.

وكان ترامب، الذي أعاد فرض حملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير، قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى، وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران.

ومنذ ذلك الحين، حقق البرنامج النووي الإيراني قفزة إلى الأمام، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهي خطوة فنية من المستويات اللازمة لصنع القنبلة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، إنه يأمل أن تؤدي المحادثات إلى السلام، وأضاف "كنا واضحين للغاية بشأن أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا أبدا، وأعتقد أن هذا هو ما أدى إلى هذا الاجتماع".

وردت طهران في اليوم التالي قائلة إنها تمنح الولايات المتحدة "فرصة حقيقية" على الرغم مما وصفتها بأنها "الضجة السائدة بشأن المواجهة" في واشنطن.

وتعتبر إسرائيل حليفة واشنطن البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا، وهددت منذ فترة طويلة بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من طموحاتها النووية.

وتراجع نفوذ طهران في غزة ولبنان وسوريا بشكل كبير، مع تدمير إسرائيل لحلفائها الإقليميين المعروفين باسم "محور المقاومة" أو تعرضهم لضرر شديد خلال الأشهر الماضية.

وقتلت إسرائيل معظم قادة حركة حماس، ومعظم قادة حزب الله الموالي لإيران، منذ بداية حرب غزة في أكتوبر 2023، وسقط نظام بشار الأسد بعد هجوم ساحق للمعارضة المسلحة في 8 ديسمبر 2024.

ولا يشمل المحور حماس وحزب الله وبشار الأسد فقط، بل الحوثيين في اليمن أيضا، وميليشيات شيعية في العراق. وتشن الولايات المتحدة ضربات منتظمة على الحوثيين في اليمن، وتقول إنهم يهددون حرية الملاحة في منطقة حيوية للنقل البحري والتجارة العالمية.