آثار القصف في دونيتسك بأوكرانيا التي تسيطر عليها روسيا، وسط الصراع الروسي الأوكراني في 1 يناير 2024.
آثار القصف في دونيتسك بأوكرانيا التي تسيطر عليها روسيا، وسط الصراع الروسي الأوكراني في 1 يناير 2024.

يسعى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشكل حثيث نحو إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المدمرة والمستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويقوم باتصالات دورية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، والأوكراني، فولوديمير زيلينكي، للبحث في فرص إحلال السلام.

وفي مكالمة هاتفية، الثلاثاء، اتفق ترامب وبوتين على ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل دائم، وتبع ذلك شروط وتصريحات من كييف وموسكو بشأن وقف إطلاق النار.

وأصدر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي، مايكل والتز، بيانا مشتركا، الأربعاء، أكدا فيه أن ترامب وزيلينسكي أجريا، الأربعاء، محادثة هاتفية وصفاها بالـ"رائعة" حيث شكر زيلينسكي ترامب على البداية المثمرة لعمل الفريقين الأوكراني والأميركي في جدة يوم 11 مارس.

ويذكر أن السعودية استضافت اجتماعا في جدة للمساهمة في تحقيق السلام ووقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف البيان أن "الرئيس زيلينسكي شكر الرئيس ترامب على دعم الولايات المتحدة، وخاصة صواريخ جافلين التي كان الرئيس ترامب أول من قدمها، وعلى جهوده المبذولة لتحقيق السلام. واتفق الزعيمان على أن أوكرانيا وأميركا ستواصلان العمل معاً لتحقيق نهاية حقيقية للحرب، وعلى إمكانية تحقيق سلام دائم بقيادة الرئيس ترامب".

وسيخوض فريق أميركي محادثات مع روسيا، الأحد، في السعودية، وفق ما أعلنه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، وسيكون على رأسه وزير الخارجية، ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي، مايك والتز.

وتواصلت الحرة مع محللين وخبراء تحدثوا عن مخاوف لدى كل طرف بشأن معوقات قد تواجه مساعي الحل، مع التأكيد على أن الدور الأميركي سيكون محوريا في الوصول إلى تسوية.

مفاوضات صعبة

وقال الباحث والمحلل السعودي، حسن المصطفى، في حديثه لموقع "الحرة"، إن المفاوضات التي جرت في السعودية والجولات المقبلة منها "لن تكون سهلة بالتأكيد، فهناك ملفات مهمة، خصوصا تلك التي تتعلق بوحدة الأراضي الأوكرانية، وأيضا حجم التنازلات التي سيقدمها كل طرف، والشروط التي تريد كل دولة فرضها".

ويذكر أن رويترز نقلت عن مصدرين، الأسبوع الماضي، أن روسيا قدمت للولايات المتحدة قائمة مطالب للموافقة على اتفاق ينهي حربها على أوكرانيا ويعيد ضبط العلاقات مع واشنطن.

ووصف المصدران شروط الكرملين بأنها فضفاضة ومشابهة للمطالب التي سبق أن قدمها لأوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وشملت تلك الشروط السابقة عدم انضمام كييف إلى الناتو، وإبرام اتفاق بعدم نشر قوات أجنبية في أوكرانيا، واعترافا دوليا بمزاعم الرئيس الروسي بتبعية شبه جزيرة القرم وأربع مقاطعات لروسيا.

وأكد بيان روبيو ووالتز المشترك أن "الرئيس ترامب أطلع الرئيس زيلينسكي بشكل كامل على محادثته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقضايا الرئيسية التي تمت مناقشتها. واستعرضا الوضع في كورسك، واتفقا على تبادل المعلومات بشكل وثيق بين قياداتهما الدفاعية مع تطور الوضع في ساحة المعركة".

وطلب الرئيس زيلينسكي أنظمة دفاع جوي إضافية لحماية المدنيين، وخاصة أنظمة صواريخ باتريوت، ووافق الرئيس ترامب على العمل معه لإيجاد ما هو متاح، لا سيما في أوروبا.

واتفق الزعيمان أيضا على وقف جزئي لإطلاق النار عبر وقف استهداف منشآت الطاقة. وستجتمع فرق فنية في السعودية خلال الأيام المقبلة لمناقشة توسيع نطاق وقف إطلاق النار ليشمل البحر الأسود تمهيدا لوقف إطلاق نار كامل.

واتفقا على أن هذه قد تكون الخطوة الأولى نحو إنهاء الحرب تماما وضمان الأمن. وأعرب زيلينسكي عن امتنانه لقيادة الرئيس ترامب في هذا الجهد.

فرص النجاح

وقال الدبلوماسي الأوكراني، إيفان سيهيدا، لموقع "الحرة"، إن فرص نجاح المبادرة تعتمد بشكل أساسي على مدى استعداد روسيا للالتزام بمقترح الهدنة.

لكنه أشار إلى ما وصفها بشروط بوتين "التعجيزية، ما يعد مؤشرا واضحا على أنه لا يرغب في السلام، بل في استمرار الحرب".

وأكد سيهيدا أن بلاده لن "تعترف أبدا بأي جزء من أراضيها كأراض روسية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى مواقف أوكرانيا المبدئية خلال الأيام الماضية "حيث تتفهم حقيقة الاحتلال الروسي المؤقت لبعض أراضينا".

وأوضح أن أوكرانيا تعتبر "أي قيود على قدراتها الدفاعية غير مقبولة إطلاقا، ولا يحق لأحد منع الشعب الأوكراني في اختيار مساره، بما في ذلك الاتحادات أو التحالفات التي ترغب (أوكرانيا) في الانضمام إليها".

مكالمة مثمرة

الرئيس الأميركي ترامب وصف مكالمته الهاتفية مع بوتين بأنها كانت "جيدة للغاية" و"مثمرة".

وقال في منشور على منصته "تروث سوشال" إنه جرى خلال المكالمة الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار الذي يستهدف المنشآت الحيوية والبنية التحتية في أوكرانيا وروسيا.

وأكد ترامب أن عملية السلام "بدأت فعليا" معربا عن أمله في تحقيق تقدم سريع "من أجل الإنسانية".

وفي المقابل، قال الكرملين إن بوتين وافق على اقتراح ترامب بأن تتوقف روسيا وأوكرانيا عن استهداف البنية التحتية للطاقة لكل منهما لمدة 30 يوما وأعطى أمرا بهذا الشأن للجيش الروسي.

كما قال زيلينسكي إن بلاده تدعم المقترح الأميركي وأي مقترحات تؤدي إلى "سلام مستقر وعادل".

نجاح كبير

المحلل السياسي الروسي، تيمور دويدار، قال لموقع "الحرة" إن "فكرة وجود حوار روسي أميركي بحد ذاتها نجاح كبير للغاية، بعد انعدام أي تواصل أو علاقات لسنوات".

وتابع حديثه بالقول إن الإدارة الأميركية بقيادة ترامب "تسلك نهجا مختلفا، وهناك تقارب في الرأي بين واشنطن وموسكو، وسوف يتم بحث الشق الأمني المرتبط بوضع المعادلة الأمنية في أوروبا كاملة وتشمل روسيا، وليس في صالح الكتلة الغربية فقط".

العائق الوحيد

ويرى دويدار أن العائق الوحيد أمام المحادثات والوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب هو "موقف الاتحاد الأوروبي، ولم تعد العقبات فقط أمام روسيا، بل أمام الولايات المتحدة أيضا".

وأعلنت عدة دول أوروبية عن استمرارها في تسليح أوكرانيا ودعمها عسكريا ولوجستيا وماليا في وجه روسيا، وهي تفرض عقوبات على شركات وأفراد روسيين بمختلف القطاعات.

سيهيدا أوضح من جانبه أن العائق الأساسي هو استمرار روسيا في طرح مطالب "غير مقبولة، منها وقف المساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا والاعتراف بسيطرتها على أراض محتلة، وهو ما نرفضه بشكل قاطع".

والحل من وجهة نظر سيهيدا يكمن في "ضمان السلام من خلال القوة، لمنع تجدد العدوان الروسي بعد إقرار الهدنة وبدء المفاوضات".

الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط
الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط

وصل الوفد الأميركي برئاسة المبعوث، ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني الذي يضم وزير الخارجية، عباس عراقجي، إلى العاصمة العمانية مسقط، السبت، لإجراء محادثات بشأن الملف النووي الإيراني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن وفد بلاده برئاسة عراقجي توجه إلى مسقط لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الوفد الأميركي.

وبحسب بيانات موقع FlightRadar24، وصلت الطائرة التي يُحتمل أن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، كان على متنها أثناء زيارته لروسيا إلى سلطنة عُمان.

ومن المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة محادثات رفيعة المستوى بهدف إطلاق مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تقدما سريعا، في حين هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وتتعامل إيران مع المحادثات بحذر، وتشك في إمكانية أن تؤدي إلى اتفاق، كما أنها متشككة تجاه ترامب، الذي هدد مرارا وتكرارا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها النووي، وفقا لرويترز.

وتحدث الجانبان عن فرص تحقيق بعض التقدم، ولم يتفقا على طبيعة المحادثات، وما إذا ستكون مباشرة كما يطالب ترامب، أو غير مباشرة كما تريد إيران.

وقد يفاقم فشل المحادثات المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في منطقة تُصدّر معظم نفط العالم، وفقا لرويترز. وحذّرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أميركية من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي هجوم عسكري أميركي على إيران.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن المرشد، علي خامنئي، الذي يملك الكلمة الأخيرة في القضايا الرئيسية للدولة في هيكل السلطة المعقد في إيران، منح عراقجي "السلطة الكاملة" في المحادثات.

ويرأس عراقجي الوفد الإيراني، في حين سيتولى مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إدارة المحادثات من الجانب الأميركي.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر "مدة المحادثات، التي ستقتصر على القضية النووية، ستعتمد على جدية الجانب الأميركي وحسن نيته".

واستبعدت إيران التفاوض بشأن قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي.

وتقول إيران دائما إن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، لكن الدول الغربية تعتقد أنها تريد صنع قنبلة ذرية.

ويقولون إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو مصدر للوقود النووي، تجاوز بكثير متطلبات البرنامج المدني وأنتج مخزونات بمستوى من النقاء الانشطاري قريب من تلك المطلوبة في الرؤوس الحربية.

وكان ترامب، الذي أعاد فرض حملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير، قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى، وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران.

ومنذ ذلك الحين، حقق البرنامج النووي الإيراني قفزة إلى الأمام، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهي خطوة فنية من المستويات اللازمة لصنع القنبلة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، إنه يأمل أن تؤدي المحادثات إلى السلام، وأضاف "كنا واضحين للغاية بشأن أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا أبدا، وأعتقد أن هذا هو ما أدى إلى هذا الاجتماع".

وردت طهران في اليوم التالي قائلة إنها تمنح الولايات المتحدة "فرصة حقيقية" على الرغم مما وصفتها بأنها "الضجة السائدة بشأن المواجهة" في واشنطن.

وتعتبر إسرائيل حليفة واشنطن البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا، وهددت منذ فترة طويلة بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من طموحاتها النووية.

وتراجع نفوذ طهران في غزة ولبنان وسوريا بشكل كبير، مع تدمير إسرائيل لحلفائها الإقليميين المعروفين باسم "محور المقاومة" أو تعرضهم لضرر شديد خلال الأشهر الماضية.

وقتلت إسرائيل معظم قادة حركة حماس، ومعظم قادة حزب الله الموالي لإيران، منذ بداية حرب غزة في أكتوبر 2023، وسقط نظام بشار الأسد بعد هجوم ساحق للمعارضة المسلحة في 8 ديسمبر 2024.

ولا يشمل المحور حماس وحزب الله وبشار الأسد فقط، بل الحوثيين في اليمن أيضا، وميليشيات شيعية في العراق. وتشن الولايات المتحدة ضربات منتظمة على الحوثيين في اليمن، وتقول إنهم يهددون حرية الملاحة في منطقة حيوية للنقل البحري والتجارة العالمية.