تصاعد دخان في منطقة جنوبي لبنان بعد بدء سريان الهدنة (رويترز)
قصف إسرائيلي على مواقع لحزب الله في جنوب لبنان (أرشيف)

تجدّدت حالة التوتر العسكري على الحدود الجنوبية اللبنانية، السبت، بعد أن أعلنت إسرائيل اعتراض ثلاثة صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه بلدة المطلة الواقعة في الجليل الأعلى. 

وهذه التطورات وضعت اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربًا دامت عامًا كاملًا بين إسرائيل وحزب الله على المحك، وأثارت موجة من التصريحات المتبادلة بين الجانبين وسط مخاوف من عودة التصعيد العسكري.

الجيش الإسرائيلي أكد في بيان أنه اعترض الصواريخ الثلاثة وأنه ردّ على الهجوم بقصف مدفعي وجوي طال بلدات جنوبية لبنانية، شملت بحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بلدتيْن على الأقل بقذائف مدفعية، وثلاث بلدات أخرى تعرضت لغارات جوية قرب الحدود.

في هذا السياق، صعّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من لهجة التحذير، مُحمّلاً الحكومة اللبنانية "كامل المسؤولية عن أي إطلاق نار ينطلق من أراضيها". 

وقال كاتس إنه أصدرت تعليماته للجيش بالرد على إطلاق الصواريخ من لبنان، موضحا أن القاعدة التي تنطبق على المطلة تنطبق على بيروت أيضًا".

وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، أن "دولة لبنان تتحمل مسؤولية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار"، مشددًا على أن "الجيش سيرد بقوة على الهجمات". 

وأكد الجيش أنه لا توجد أي تغييرات في تعليمات الجبهة الداخلية حتى اللحظة.

وفي الجانب اللبناني، حذر رئيس مجلس الوزراء نواف سلام من مخاطر انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة، مؤكدًا في بيان أن "تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية قد يجرّ البلاد إلى حرب جديدة، تعود بالويلات على لبنان واللبنانيين".

وأجرى سلام سلسلة اتصالات، شملت وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، للتأكيد على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية والعسكرية الكفيلة بتثبيت الاستقرار، مؤكدًا أن "قرار الحرب والسلم يجب أن يبقى بيد الدولة اللبنانية وحدها".

وعلى ذات المنحى، دعا الرئيس اللبناني، جوزاف عون، عون إلى متابعة ما يحصل بجنوب لبنان لتلافي أي تداعيات وضبط أي خرق او تسيب.

وطلب عون من قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، اتخاذ الإجراءات الميدانية والتحقيق لجلاء ملابسات ما حصل في الجنوب.

ورغم أن أحدًا لم يتبنّ إطلاق الصواريخ، إلا أن التوتر تزامن مع حالة من الترقب بعد خروقات إسرائيلية متكررة للهدنة في قطاع غزة، ما يعزز المخاوف من اتساع رقعة النزاع إقليميًا. وقد امتنعت جماعة حزب الله عن التعليق حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا يزال يتحقق من الجهة التي تقف خلف الهجوم الصاروخي".

بعد "الأهالي".. حزب الله يلجأ لورقة "العشائر" في لبنان
يواصل حزب الله استغلال بيئته كأداة لخدمة أجندته العسكرية والسياسية، متكيّفاً مع المتغيرات وفقاً للمنطقة والظروف. ففي الجنوب، يتوارى خلف شعار "الأهالي"، مستخدماً هذا الغطاء بطرق مختلفة، سواء لمواجهة إسرائيل أو لعرقلة مهام القوات الدولية.

وكان وقف إطلاق النار، الذي تم بوساطة أميركية في نوفمبر الماضي، قد وضع حدًا لسلسلة من الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على امتداد الشريط الحدودي. 

ونص الاتفاق على التزام إسرائيل بسحب قواتها من مواقع متقدمة على التلال الحدودية، مقابل التزام الحكومة اللبنانية بإخلاء الجنوب من أي بنى تحتية عسكرية لحزب الله ومصادرة الأسلحة غير المرخصة، في خطوة تهدف إلى منع تكرار السيناريوهات التصعيدية السابقة.

غير أن كلا الطرفين تبادلا الاتهامات بشأن عدم الالتزام ببنود الاتفاق، إذ تقول إسرائيل إن حزب الله لم يفكك بنيته العسكرية في الجنوب، بينما يرى لبنان وحزب الله أن إسرائيل تواصل احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية وتنفذ غارات جوية متكررة، فضلاً عن إبقاء مواقع عسكرية في خمسة مواقع استراتيجية على التلال الحدودية.

الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط
الوفد الإيراني وصل إلى العاصمة العمانية مسقط

وصل الوفد الأميركي برئاسة المبعوث، ستيف ويتكوف، والوفد الإيراني الذي يضم وزير الخارجية، عباس عراقجي، إلى العاصمة العمانية مسقط، السبت، لإجراء محادثات بشأن الملف النووي الإيراني.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن وفد بلاده برئاسة عراقجي توجه إلى مسقط لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الوفد الأميركي.

وبحسب بيانات موقع FlightRadar24، وصلت الطائرة التي يُحتمل أن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، كان على متنها أثناء زيارته لروسيا إلى سلطنة عُمان.

ومن المقرر أن تعقد إيران والولايات المتحدة محادثات رفيعة المستوى بهدف إطلاق مفاوضات جديدة بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يشهد تقدما سريعا، في حين هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وتتعامل إيران مع المحادثات بحذر، وتشك في إمكانية أن تؤدي إلى اتفاق، كما أنها متشككة تجاه ترامب، الذي هدد مرارا وتكرارا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها النووي، وفقا لرويترز.

وتحدث الجانبان عن فرص تحقيق بعض التقدم، ولم يتفقا على طبيعة المحادثات، وما إذا ستكون مباشرة كما يطالب ترامب، أو غير مباشرة كما تريد إيران.

وقد يفاقم فشل المحادثات المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في منطقة تُصدّر معظم نفط العالم، وفقا لرويترز. وحذّرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أميركية من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي هجوم عسكري أميركي على إيران.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن المرشد، علي خامنئي، الذي يملك الكلمة الأخيرة في القضايا الرئيسية للدولة في هيكل السلطة المعقد في إيران، منح عراقجي "السلطة الكاملة" في المحادثات.

ويرأس عراقجي الوفد الإيراني، في حين سيتولى مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إدارة المحادثات من الجانب الأميركي.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الأمر "مدة المحادثات، التي ستقتصر على القضية النووية، ستعتمد على جدية الجانب الأميركي وحسن نيته".

واستبعدت إيران التفاوض بشأن قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي.

وتقول إيران دائما إن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، لكن الدول الغربية تعتقد أنها تريد صنع قنبلة ذرية.

ويقولون إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو مصدر للوقود النووي، تجاوز بكثير متطلبات البرنامج المدني وأنتج مخزونات بمستوى من النقاء الانشطاري قريب من تلك المطلوبة في الرؤوس الحربية.

وكان ترامب، الذي أعاد فرض حملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير، قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى، وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران.

ومنذ ذلك الحين، حقق البرنامج النووي الإيراني قفزة إلى الأمام، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهي خطوة فنية من المستويات اللازمة لصنع القنبلة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، إنه يأمل أن تؤدي المحادثات إلى السلام، وأضاف "كنا واضحين للغاية بشأن أن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا أبدا، وأعتقد أن هذا هو ما أدى إلى هذا الاجتماع".

وردت طهران في اليوم التالي قائلة إنها تمنح الولايات المتحدة "فرصة حقيقية" على الرغم مما وصفتها بأنها "الضجة السائدة بشأن المواجهة" في واشنطن.

وتعتبر إسرائيل حليفة واشنطن البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا، وهددت منذ فترة طويلة بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من طموحاتها النووية.

وتراجع نفوذ طهران في غزة ولبنان وسوريا بشكل كبير، مع تدمير إسرائيل لحلفائها الإقليميين المعروفين باسم "محور المقاومة" أو تعرضهم لضرر شديد خلال الأشهر الماضية.

وقتلت إسرائيل معظم قادة حركة حماس، ومعظم قادة حزب الله الموالي لإيران، منذ بداية حرب غزة في أكتوبر 2023، وسقط نظام بشار الأسد بعد هجوم ساحق للمعارضة المسلحة في 8 ديسمبر 2024.

ولا يشمل المحور حماس وحزب الله وبشار الأسد فقط، بل الحوثيين في اليمن أيضا، وميليشيات شيعية في العراق. وتشن الولايات المتحدة ضربات منتظمة على الحوثيين في اليمن، وتقول إنهم يهددون حرية الملاحة في منطقة حيوية للنقل البحري والتجارة العالمية.