عقب هجمات روسية في الداخل الأوكراني - رويترز
عقب هجمات روسية في الداخل الأوكراني - رويترز

بدأ مسؤولون أوكرانيون وأميركيون اجتماعا في السعودية، الأحد، لمناقشة وقف إطلاق نار جزئي محتمل بين أوكرانيا وروسيا ضمن جهود دبلوماسية مستمرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات.

ويأتي الاجتماع، الذي يسبق المحادثات التي تجرى غدا الاثنين في السعودية أيضا بين الوفدين الأمريكي والروسي، في الوقت الذي عبر فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن فرص إنهاء أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال ويتكوف لشبكة فوكس نيوز، الأحد، "أشعر أنه (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد السلام.. أعتقد أنكم سترون في السعودية غدا الاثنين تقدما ملموسا، لا سيما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في البحر الأسود على السفن بين البلدين. ومن ثم، ستتجه الأمور بشكل طبيعي نحو وقف إطلاق نار شامل".

بينما قال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن الولايات المتحدة تناقش مجموعة من إجراءات بناء الثقة بهدف إنهاء الحرب، ومنها مستقبل الأطفال الأوكرانيين الذين تم نقلهم إلى روسيا.

والأسبوع الماضي، وافق بوتين على اقتراح ترامب بأن توقف روسيا وأوكرانيا الهجمات على البنية التحتية للطاقة الخاصة بكل منهما لمدة 30 يوما، ولكن وقف إطلاق النار الجزئي هذا سرعان ما أصبح موضع شك، إذ أبلغ الجانبان عن استمرار الضربات.

وأفاد مسؤولون أوكرانيون الأحد بأن هجوما روسيا واسع النطاق بطائرات مسيرة على كييف الليلة الماضية تسبب في مقتل ثلاثة على الأقل بينهم طفل عمره خمس سنوات، وفي حرائق بمبان سكنية مرتفعة وأضرار في أنحاء العاصمة.

في الوقت نفسه، أعلنت السلطات الروسية اليوم أن دفاعاتها الجوية دمرت 59 طائرة مسيرة أوكرانية استهدفت مناطق بجنوب غرب روسيا، مضيفة أن الضربات أدت إلى مقتل شخص واحد في روستوف.

وأعلنت كييف، التي تواجه تقدما مستمرا للقوات الروسية في شرق أوكرانيا، دعمها لدعوة ترامب لوقف إطلاق النار الشامل لمدة 30 يوما.

ويرأس وزير الدفاع رستم أوميروف الوفد الأوكراني في اجتماع الأحد.

وقال أوميروف إن وفدي أوكرانيا والولايات المتحدة شرعا في المحادثات، الأحد، مشيرا إلى أن جدول الأعمال يتضمن مقترحات لحماية منشآت الطاقة والبنية التحتية الحيوية.

وقال الرئيس فولوديمير زيلنسكي في وقت سابق إن هذا الأمر سيسمح لكييف بالتحرك "بسرعة وموضوعية بالغتين".

ومع ذلك، قال مسؤولون أوكرانيون إنهم ما زالوا يعتبرون اجتماع اليوم الأحد في الرياض فنيا محضا.

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية هيورهي تيخي، الجمعة، أن الجانبين الأوكراني والأمريكي سيوضحان "أشكال أنظمة وقف إطلاق النار المختلفة المحتملة وتفاصيلها وكيفية مراقبتها والتحكم فيها وبشكل عام ما يشمله نطاقها".

وأثارت الاتصالات بين ترامب وبوتين قلق قادة أوروبيين.

وتقود بريطانيا وفرنسا الجهود الأوروبية لتعزيز الدعم العسكري واللوجستي لأوكرانيا، كما أعلنت عدة دول خططا لزيادة الإنفاق الدفاعي في محاولتها تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.

لكن ويتكوف خفف اليوم من المخاوف بين حلفاء واشنطن الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي من أن أي اتفاق سلام في أوكرانيا قد يشجع بوتين على غزو جيران آخرين.

وقال ويتكوف "لا أعتقد أنه يريد الاستيلاء على أوروبا بأكملها. هذا وضع مختلف تماما عما كانت عليه الحال في الحرب العالمية الثانية".

وقال ترامب أمس السبت إن الجهود المبذولة لمنع المزيد من التصعيد في الصراع الأوكراني الروسي "تحت السيطرة نوعا ما".

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء نقلا عن مصادر مطلعة، الأحد، أن الولايات المتحدة تأمل في التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في غضون أسابيع، وتستهدف التوصل لهدنة بحلول 20 أبريل.

العراق وسوريا

لا تزال العلاقة الرسمية بين العراق وسوريا موضع حذر منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي. ويبدو الملف السوري محاطا بالإرباك، خصوصا على الجانب العراقي، ويدل على هذا الإرباك التعاطي الإعلامي مع أي تواصل رسمي بين البلدين، وكأن الطرفين في علاقة "محرّمة"، يحاول الإعلام الرسمي العراقي دائما مداراتها وإخفائها عن العيون ووسائل الإعلام.

حدث ذلك حينما زار حميد الشطري، رئيس جهاز الاستخبارات العراقية، سوريا في نهاية العام الماضي والتقى الشرع، ولم يُعلن عن الخبر في وسائل الإعلام العراقية الرسمية، ولم يكشف عن اللقاء إلا بعد ان تناولته وسائل الإعلام السورية. 

ومثل هذا الأمر حدث قبل أيام في لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني برعاية قطرية في الدوحة، واُخفي الخبر عن الإعلام ليومين قبل ان تظهر صور الرجلين في حضور أمير قطر.

ردّة الفعل في الشارع العراقي على اللقاء تفسّر إخفاء الخبر قبل الإفصاح عنه. فقد انقسم العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حول المسألة، وهاجم كثيرون السوداني على قبوله الجلوس مع من يعتبرونه "متورطاً في الدم العراقي"، و"مطلوبا للقضاء العراقي".

الباحث القانوني العراقي علي التميمي يشرح الإطار القانوني الدولي المتعلق برؤساء الجمهوريات، في حال صحّت الأخبار عن أحكام قضائية ضد الشرع في العراق.

ويرى التميمي أن رؤساء الدول يتمتعون بـ"حصانة مطلقة تجاه القوانين الجنائية للدول الأخرى". ويشرح لموقع "الحرة" أن هذه الحصانة "ليست شخصية للرؤساء، بل هي امتياز للدول التي يمثلونها"، وهي تمنع إلقاء القبض عليهم عند دخولهم أراضي الدول الأخرى". 

ويشير التميمي إلى أن هناك استثناء واحداً لهذه القواعد، يكون في حال "كان الرئيس مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية وكانت الدولة المضيفة موقعة على اتفاقية روما ١٩٩٨ الخاصة بهذه المحكمة"، هنا، يتابع التميمي، تكون الدولة "ملزمة بتسليم هذا الرئيس الى المحكمة وفقاً لنظام روما الأساسي".

لكن هل حقا أحمد الشرع مطلوب للقضاء العراقي؟

ويشير الباحث العراقي عقيل عباس إلى "عدم وجود أي ملف قضائي ضد الشرع في المحاكم العراقية". 

ويستغرب كيف أن العراق الرسمي "لم يصدر بعد أي بيان رسمي يشرح ملابسات قضية الشرع وما يحكى عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، والجهات الرسمية لديها السجلات والحقائق، لكنها تركت الأمر للفصائل المسلحة وجمهورها وللتهويل والتجييش وصناعة بعبع (وحش مخيف) طائفي جديد، وكأن العراق لم يعان ما عاناه من الطائفية والتحريض الطائفي".

وكانت انتشرت وثيقة على وسائل التواصل الاجتماعي، تداولها عراقيون، عبارة عن مذكرة قبض بحق أحمد الشرع. وقد سارع مجلس القضاء الأعلى في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية في 26 من فبراير الماضي، إلى نفي صحة الوثيقة ووصفها بأنها "مزورة وغير صحيحة".

عباس مقتنع أن الغضب الشعبي من لقاء السوداني والشرع "وراءه أسباب سياسية مبرمجة، وليس تلقائياً، وجرى تحشيد الجمهور الشيعي لأسباب كثيرة، تصب كلها في مصالح إيران، غير السعيدة بسقوط بشار الأسد وحلول الشرع مكانه".

وبحسب عباس، منذ سقوط الأسد، "بدأت حملة في العراق لصناعة "بعبع" من الجولاني (أحمد الشرع)". يشرح: "يريد هؤلاء أن يقولوا ان تنظيم القاعدة يحكم سوريا، وهذا غير صحيح".

ويقول عباس لموقع "الحرة"، إن لدى الناس اسباباً موضوعية كثيرة للقلق من الشرع، خصوصاً خلفيته الجهادية المتطرفة ووضعه على لوائح الإرهاب، والشرع يقول إنه تجاوز هذا الأمر، "لكننا نحتاج ان ننتظر ونرى"، بحسب تعبيره.

ما قام به السوداني "خطوة ذكية وحكيمة سياسياً وتشير إلى اختلاف جدي بينه وبين بقية الفرقاء الشيعة في الإطار التنسيقي"، يقول عباس.

ويضيف: "هناك اعتبارات براغماتية واقعية تحكم سلوك السوداني، فهو كرئيس وزراء عليه أن يتعاطى مع سوريا كجار لا يجب استعداءه".

ويضيء الباحث القانوني علي التميمي على صلاحيات رئيس الحكومة في الدستور العراقي، فهو "ممثل الشعب داخلياً وخارجياً في السياسة العامة وإدارة شؤون البلاد بالطول والعرض"، وفق تعبيره، ورئيس الوزراء في العراق هو "بمثابة رئيس الجمهورية في الدول التي تأخذ بالنظام الرئاسي".

أما من الجانب السياسي، فإن السوداني، برأي عباس، "يخشى -وعن حق- ان تختطف حكومته المقبلة أو رئاسته للوزراء باسم حرب وهمية تديرها إيران والفصائل المسلحة وتشنّ في داخل سوريا تحت عنوان التحرير الذي نادى به المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن شباب سوريا سيحررون بلدهم". وهذا يعني، بحسب عباس، ابتعاد السوداني عن التأثير الإيراني، و"أنا أتصور أن إيران غير سعيدة بهذا"، كما يقول.