نتانياهو أول زعيم أجنبي يزور ترامب بعد فوزه بالرئاسة- أ ب

يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، واشنطن، الإثنين، لبحث مسألة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى جانب قضايا أخرى ملحة في المنطقة.

وتُعد هذه الزيارة المفاجئة، الأولى لزعيم أجنبي بهدف التفاوض مع ترامب على اتفاق لإلغاء الرسوم الجمركية، التي أثارت موجة من الاضطرابات في الأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة.

وذكر مكتب نتانياهو في بيان، أن رئيس الوزراء سيتوجه إلى واشنطن، حيث سيناقش مع ترامب العلاقات الإسرائيلية الأميركية، والملف الإيراني، وجهود إسرائيل لتحرير الرهائن في غزة.

بالإضافة إلى موقف إسرائيل من قرارات المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة توقيف بحق نتانياهو بزعم مسؤوليته عن جرائم حرب في غزة.

"دعوة مفاجئة بعد الرسوم"

وكشف مسؤولون إسرائيليون، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن "الدعوة المفاجئة جاءت من ترامب خلال مكالمة هاتفية، الخميس، عندما أثار نتانياهو قضية الرسوم الجمركية الجديدة"، وفقا لما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي.

وبموجب القرارات الأخيرة التي أعلنها ترامب، تفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 17 بالمئة على صادرات سلع إسرائيلية غير محددة، رغم أن واشنطن تعد أقرب حليف لإسرائيل وأكبر شريك تجاري لها.

وحذّر مسؤول بوزارة المالية الإسرائيلية، من أن الرسوم الجمركية قد تؤثر بشكل كبير على صادرات إسرائيل من الآلات والمعدات الطبية، وذلك رغم المحاولات الإسرائيلية الاستباقية، الثلاثاء، لإلغاء الرسوم المتبقية على الواردات من الولايات المتحدة، حسب رويترز.

وعلى الرغم من أن البلدين وقعا اتفاقية تجارة حرة قبل 40 عاماً، حيث تتمتع نحو 98 بالمئة من البضائع الأميركية بإعفاء ضريبي، فإن محاولات إسرائيل تجنب الرسوم الجديدة لم تنجح، حيث استندت النسبة المفروضة (17 بالمئة) على حجم العجز التجاري الثنائي الأميركي مع إسرائيل.

وقال نتانياهو عن الرسوم الأميركية: "آمل بأن أتمكن من المساعدة في هذه القضية. هذا هو هدفي.. أنا أول زعيم  أجنبي سيلتقي الرئيس ترامب لمناقشة هذه القضية بالغة الأهمية للاقتصاد الإسرائيلي".

وأضاف: "هناك طابور طويل من القادة الذين يرغبون في القيام بذلك فيما يتعلق باقتصاداتهم. أعتقد أن (اجتماعي مع ترامب) يعكس الصلة الشخصية القوية بيننا، وكذلك العلاقات المميزة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو أمر بالغ الأهمية في هذا التوقيت".

في هذا الجانب، يلفت الباحث اللبناني-الأميركي في الجامعة الأميركية بواشنطن، إدموند غريب، في تصريحات لموقع "الحرة"، إلى أن زيارة نتانياهو للولايات المتحدة "تُعد الثانية من نوعها خلال وقت وجيز، مما يعكس استثنائية هذا التواصل وعمق الروابط بين الزعيمين والبلدين".

وينوه غريب بأن "الزيارة تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز التحالف الاستراتيجي ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة في مجالات التعاون العسكري والتنسيق السياسي، إضافة إلى موضوع الشراكة الاقتصادية، على ضوء ملف الرسوم الجمركية".

بدوره، يقول المحلل الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إن السياق العام للزيارة "يندرج ضمن ملف الرسوم الجمركية الذي يمثّل الشغل الشاغل للرئيس الأميركي حالياً".

ويضيف كيدار لموقع "الحرة"، أن "ترامب يريد بحث ودراسة الموضوع مع حلفائه من رؤساء العالم، خاصة بعد العاصفة التي لحقت ببورصات العالم عقب قراراته".

واعتبر أن "الصداقة العميقة التي تجمع ترامب بنتانياهو قد تكون سبب اختياره كأول زعيم دولي للتباحث في هذه المسألة".

من جانبه، يوضح المحلل الإسرائيلي يوآب شتيرن، أن نتانياهو "سيحاول الحديث مع ترامب بشأن قضية الرسوم، خاصة أن الجمارك المفروضة على إسرائيل تبدو أعلى مما كان يجب أن تكون عليه، حسب المعطيات الإسرائيلية".

التهديد الإيراني

وبينما تتصدر مسألة الرسوم الجمركية أجندة اللقاء، تحمل الزيارة في طياتها ملفات "أكثر إلحاحا"، وفقا لمحللين، يبقى أبرزها التهديد النووي الإيراني، والحرب المستمرة في غزة، فضلاً عن التوترات المتصاعدة في سوريا بين إسرائيل وتركيا.

ويشهد الملف الإيراني تصعيدا دبلوماسيا متزايداً، بعد مطالبات الرئيس الأميركي لطهران بإجراء مفاوضات بشأن برنامجها النووي.

ووفقاً لمسؤول إسرائيلي كبير تحدث لموقع "أكسيوس"، يعتقد نتانياهو أن فرص التوصل إلى اتفاق نووي أميركي إيراني "منخفضة للغاية"، ويسعى إلى "التوصل إلى تفاهم مع ترامب بشأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المسار الدبلوماسي".

ورغم تأكيدات ترامب بتفضيله للحل الدبلوماسي، يتصاعد قلق إقليمي متزايد من اندلاع حرب أوسع في المنطقة، خاصة في ظل تلويح الرئيس الأميركي بالخيار العسكري.

في هذا السياق، يقول كيدار إن التقارير تشير إلى أن "المباحثات الأميركية الإسرائيلية ستتناول خطوات التعامل مع الجانب الإيراني، خاصة في ظل تعنت طهران بشأن التفاعل مع دعوات الإدارة الأميركية للتفاوض".

ويؤكد كيدار أن "الجانبين معنيان بالملف النووي الذي يشكل هاجساً أمنياً لإسرائيل وللمصالح الأميركية في المنطقة"، وبالتالي "قد نشهد تحرّكاً في مواجهة إيران".

من جهته، يؤكد غريب أن الملف الإيراني يمثل "قضية محورية بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بطموحات إيران النووية ونفوذها الإقليمي".

ويلفت إلى أن "القيادة الإسرائيلية تسعى منذ التسعينيات لدفع الولايات المتحدة للدخول في مواجهة مع إيران، وكسر طموحاتها النووية، والحفاظ على التفوق العسكري الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة".

الوضع في غزة وسوريا

ومن المرجح أيضاً أن يتطرق اللقاء إلى الجهود المتعثرة للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن، في غزة.

واستأنفت إسرائيل عملياتها في القطاع الفلسطيني بسلسلة كثيفة من الغارات الجوية في 18 مارس، وأرسلت قواتها مرة أخرى بعد اتفاق لوقف إطلاق النار استمر لمدة شهرين، وشهد إطلاق سراح 38 رهينة مقابل الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين.

وتعثرت جهود استئناف المفاوضات، التي تتوسط فيها مصر وقطر. وقال مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة لرويترز: "لا توجد اتصالات حاليا".

والجمعة، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته توغلت لتوسيع سيطرتها في منطقة بشمال قطاع غزة، بعد أيام من إعلان الحكومة عزمها السيطرة على مناطق واسعة من خلال عملية في جنوب القطاع.

في هذا السياق، يقول شتيرن إن نتانياهو قد يعرض "احتمالية اعتماد أسلوب قتالي جديد من قبل الجيش الإسرائيلي"، وبالتالي "يطمح للحصول على الدعم الأميركي، الذي يبقى مهماً للغاية".

كما يتوقع شتيرن أن تشمل النقاشات "التطورات في سوريا، التي تشهد صراع نفوذ تركي-إسرائيلي"، معتبراً أن "الموقف الأميركي في هذا الجانب قد يكون حاسماً، نظراً للعلاقات القوية بين واشنطن وأنقرة، مما قد يؤثر على مجريات الأمور هناك".

إسرائيل دمرت معظم السلاح الثقيل الذي خلفه نظام الأسد
إسرائيل وتركيا في سوريا.. بين معادلتي التنافس و"الأمر الواقع"
لم يعد خفيا أن التصعيد الإسرائيلي الحاصل في سوريا يرتبط الجزء الأكبر منه بتركيا، وهذا ما تشير إليه تصريحات المسؤولين في تل أبيب على مستوى الخارجية والدفاع، ولم يعد خفيا أيضا أن كل من إسرائيل وتركيا تحاولان إرساء معادلات عسكرية جديدة في البلاد كأمر واقع، فلمن ستكون الكلمة العليا؟ وما السيناريوهات التي يطرحها الخبراء والمراقبون؟

وبرزت تركيا، التي تشترك مع سوريا في حدود طولها 911 كيلومترا، باعتبارها أحد أهم الحلفاء للحكومة الجديدة في دمشق.

ودعمت أنقرة المعارضة لسنوات في قتالها للإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد. وتشكل المعارضة السابقة الآن الجزء الأكبر من الحكومة الجديدة.

في المقابل، توغلت إسرائيل منذ الإطاحة بالأسد داخل أراض في سوريا، وفتحت قنوات تواصل مع الأقلية الدرزية، وضربت معظم الأسلحة والمعدات الثقيلة التابعة لجيش نظام الأسد.

وتقول إسرائيل إنها "لن تسمح بوجود قوات معادية في سوريا"، متهمةً تركيا بمحاولة تحويل سوريا إلى "محمية تركية".

فيما يتعلق بملف العلاقات التركية-الإسرائيلية، يرى غريب أنها ستشكل "محوراً رئيسياً في المباحثات، خاصة في ضوء التوترات المتصاعدة على الساحة السورية".

ويعتبر أن تركيا وإسرائيل تسعيان إلى "توسيع نفوذهما وتأمين مصالحهما الاستراتيجية على الأرض، مما خلق نقاط احتكاك متعددة بين الطرفين".

ويشير المتحدث ذاته، إلى أن "الأهمية الجوهرية لهذه الزيارة تتجلى في الدور  الذي يمكن أن تلعبه واشنطن كوسيط لتخفيف حدة التوتر وجسر الهوة بين الموقفين التركي والإسرائيلي، خصوصاً في ظل الهشاشة الأمنية المستمرة في سوريا، والمخاوف المتزايدة من انزلاق المنطقة نحو مزيد من التصعيد".

الملابس الصينية السريعة

توفر شركات الموضة الصينية منتجات شبيهة بأحدث منتجات دور الأزياء العالمية، بأسعار زهيدة مغرية. لكن السؤال: هل يمكن تحمل تكاليفها؟

يقول إينار تنجين، الخبير في الشأن الصيني، إن شركات الأزياء الصينية تلاحق آخر صيحات الموضة، وتقدم منتجا يشبه ما يراه الناس في عروض الأزياء في نيويورك أو ميلان، على سبيل المثال، وبسعر متاح على نطاق واسع، رغم أن المنتج ليس بنفس الجودة.

لكن الجودة، هنا، لا تتعلق بمتانة المنتج أو تميزه حِرفيا، فحسب.

جويل الحج موسى أعدت تحقيقا لبرنامج "الحرة تتحرى" فتح ملف الأزياء الصينية ووجد حقائق صادمة.   

السموم

تعتمد كبريات علامات الأزياء الصينية، بشكل كبير، على الألياف الصناعية ـ البوليستر والنايلون والاكليريك ـ وموادة مستخلصة من البتروكيمياويات.

تشكل المواد الداخلة في صناعة تلك الأقمشة ـ وفق دراسة لمؤسسة "Plastic Soup" ـ خطرا كبيرة على صحة المستهلك.

ما يقرب من 70 في المئة من ملابس علامات الأزياء التجارية الصينية، ومعظم المفروشات والستائر والسجاد مصنوعة البوليستر والنايلون والأكريليك، وبمجرد استنشاقها، وفق الدراسة، يمكن للألياف الاصطناعية أن تخترق أنسجة الرئة وتسبب التهابا مزمنا. 

وتربط تقارير علمية بين المواد الصناعية المستخدمة في صنع الأقمشة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والربو والسكري. 

ويمكن لجزيئات تلك المواد أن تصل، إذ نستنشقها، إلى الكبد والقلب والكلى والمخ، وحتى إلى الأجنة في الأرحام.

في خريف 2021، كشفت تحقيقات صحفية، في كندا، وجود مواد ضارة في الملابس التي يقتنيها الكنديون عبر مواقع التسوق الصينية. 

في سترة أطفال تم شراؤها من موقع Shein الصيني، اثبتت الاختبارات وجود ما يقارب 20 ضعفا من كمية الرصاص المسموح بها قانونية لأسباب صحية. 

وبحسب موقع وزارة الصحة الكندية، يتسبب الرصاص بأضرار في الدماغ والقلب والكلى والجهاز التناسلي. 

الرضّع والأطفال والحوامل هم الحلقة الأضعف والأكثر عرضة للخطر. 

رغم أن الرصاص عنصر طبيعي يمكن  العثور عليه في البيئة المحيطة، تتجاوز نسبته في الملابس الصينية، وفق نتائج الدراسة، مستويات التلوث البيئي، أو الكميات الصغيرة التي تتعرض لها الملابس عن غير قصد أثناء عمليات التصنيع. 

إثر التحقيقات الكندية، أعلنت شركة Shein سحب قطع ملابس، وأكد المتحدث باسم الشركة "الامتثال لمعايير السلامة"، الا أن الاتهامات تصاعدت لتطال كبريات منصات التسوق الصينية، مثل TEMU وAli Express. 

وأكدت نتائج فحوص مختبرية، أجريت في كوريا الجنوبية وفرنسا، ارتفاع نسب المواد السامة في منتجات الموضة السريعة الصينية. 

يقول نيكولاس لوريس، الخبير في شؤون الطاقة والسياسات البيئية إن مواد سامة تُستخدم في جميع أنواع الصناعات تقريبا، لكن ضمن معايير محددة تحمي العمال والمستهلكين، وتحافظ على البيئة. 

"مشكلة النموذج الصيني هي أنهم يتجاهلون كل هذه المعايير، وهنا يكمن الخطر الحقيقي". 

إغراء الأسعار

التقارير عهن سموم المواد البيتروكيمياوية لم تحُل دون تهافت الزبائن ـ حول العالم ـ على الصناعات الصينية. 

الأسعار مغرية.

لهذا، تسبق الصين دول العالم في إنتاج الأنسجة وتصديرها.

في عام 2022، شكلت صادرات الصين من المنسوجات 43 في المئة من الصادرات العالمية. وفي عام 2023، أنتجت الصين 19.36 مليار قطعة ملابس. وبلغ حجم صادرات الصين عام 2024 أكثر من 301 مليار دولار.

وساهمت شركات الموضة السريعة الصينية على نحو كبير في تحقيق هذا التفوق. وبحسب أرقام منظمة التجارة العالمية، تشحن شركتا TEMU وShein مجتمعتين، حوالي 9000 طن من البضائع إلى دول حول العالم يوميا، أي ما يساوي حمولة 88 طائرة بوينغ عملاقة. 

تقول هدى حلبي، وهي حرفية متخصصة في الخياطة، إن البضاعة الصينية اليوم تغزو العالم، لكن غالبيتها غير صالحة للخياطة. "لا تملك الناس المال لشراء النوعية الجيدة للأقمشة ولذلك تشتري الأرخص وسرعان ما يقومون برميه".

وفرة نفايات

ما يظنه المستهلك توفيرا، يدفعه أضعافا، تقول حلبي، في سباق محموم للحاق بصيحات الموضة السريعة. وتضيف دارين شاهين، إعلامية، خبيرة موضة لبنانية، أن الدخول في لعبة الترند والموضة يجعلنا ندفع بضع دولارات على بعض الألبسة لنقوم بالنهاية برميها إلى النفايات. 

وتتابع حلبي أن "الأزياء التي تعتمد على الكلاسيكية، الأزياء البطيئة، هي قطع ممكن شراؤها من ماركات عالمية، وهي غالبا تكون أسعارها مكلفة أكثر، ولكن بطبيعة الحال تكون أنواع القماش من مواد صديقة للبيئة، مثل القطن العضوي، ويكون عمر هذه القطعة أطول، ويمكن أن نرتديها أكثر من ثلاثين مرة من دون رميها".

"إنتاج ضخم + ملابس قصيرة العمر = ملايين الأطنان من نفايات الملابس سنويا على مستوى العالم؛" معادلة بسيطة، وفق ما يؤكده لـ"الحرة" سامي ديماسي، مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا.

 يتم التخلص من 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنويا، يقول ديماسي، "أي ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالملابس كل ثانية".

ويشير تقرير لموقع Firstpost الإخباري أن الصين هي المصنِّع والمستهلك الأكبر للملابس في العالم، وهي أيضا المساهم الأعلى في نفايات المنسوجات. ينتهي المطاف سنويا بحوالي 26 مليون طن من الملابس في مكبات النفايات ـ معظمها منسوج من مواد صناعية غير قابلة لإعادة التدوير.

عدم قابلية الألياف الصناعية على التحلل عضويا، وصعوبة إعادة تدويرها، جعلا من المكبات والمحارق، المستقر النهائي لنفايات الملابس.

تؤكد تقارير دولية أن كميات قليلة من هذه النفايات تم التخلص منها بطرق آمنة. ويقول ديماسي لـ"الحرة" إن 8 في المئة فقط من ألياف المنسوجات في عام 2023 صُنعت من مواد أعيد تدويرها، وأقل من واحد بالمئة من إجمالي سوق الألياف مصدره منسوجات أعيد تدويرها، "وهذا يبيّن أن هناك كثيرا من المنسوجات التي لا يعاد تدويرها، ترمى في النفايات، أو تحرق أو ترمى في المياه".

ألوان الأنهار

إلقاء نفايات الملابس في المسطحات المائية ليس سوى مصدر من مصادر  التلوث في الصين. فمصانع الأزياء تتخلص من ملايين الأطنان من المياه الملوثة في المجاري المائية. 

ومن المفارقات الشائعة ـ المقلقة ـ في الصين، أنه يمكن التنبؤ بألوان موضة الموسم من خلال متابعة مياه الأنهار. ويؤكد تقرير لمجلة "فوردهام" للقانون الدولي أن (70%) من البحيرات والأنهار (و90%) من المياه الجوفية في الصين ملوثة، ما يهدد الحياة البرية وإمكانية وصول المواطنين إلى مياه نظيفة. 

وتقدّر مجموعة البنك الدولي أن ما بين (17% و 20%) من التلوث الصناعي للمياه في الصين ناتج عن عمليات صباغة ومعالجة المنسوجات. 

علاوة على ذلك، تحتوي المياه في الصين على 72 مادة كيميائية سامة مصدرها صباغة المنسوجات؛ 30 مادة منها لا يمكن إزالتها من المياه.

ألوان الهواء

يقول مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، سامي ديماسي، لـ"الحرة" إن سلسلة قيمة المنسوجات، كل عام، تشير إلى أنها مسؤولة عن نحو 8 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري. 

لا تقتصر المسألة على الأضرار البيئة اليوم، يقول ديماسي؛ الأضرار ستمتد لعقود قادمة. "والأجيال الشابة التي ترى في الموضة السريعة فرصة لشراء منتجات رخيصة جدا، يفرحون بها أمام أصدقائهم، لا يدركون التكلفة الاقتصادية والبيئية لتلك الصناعة". 

رغم كل هذه الآثار البيئية، تبقى العروض المغرية والأسعار التي تصعب مقاومتها، أحد الأسباب وراء لجوء المستهلكين إلى مواقع التسوق الصينية.

فهم يستطيعون تحمل تكاليفها، لكن ـ مرة أخرى ـ يبقى السؤال قائما: هل يستطيعون بالفعل؟