وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير أصدرته الخميس قيام قوات الأمن البورمية بارتكاب عمليات اغتصاب واسعة النطاق ضد النساء والفتيات الروهينغا في ولاية راخين، كجزء من حملة ضد هذه الأقلية المسلمة وصفتها بأنها "تطهير عرقي".
وقابلت المنظمة لإعداد تقريرها الواقع في 37 صفحة ويحمل عنوان "جسدي كله يؤلمني: العنف الجنسي ضد نساء وفتيات الروهينغا في بورما"، 52 امرأة وفتاة من الروهينغا فررن إلى بنغلادش، 29 منهن من الناجيات من الاغتصاب ويتحدرن من 19 قرية في راخين، وثلاث منهن دون سن الـ18.
وقالت الباحثة في قسم حقوق المرأة في حالات الطوارئ بهيومن رايتس ووتش سكاي ويلر، "كان الاغتصاب الصفة البارزة والمدمرة في حملة التطهير العرقي التي قام بها الجيش البورمي ضد الروهينغا، مضيفة أن أعمال العنف "الوحشية" التي قامت بها القوات العسكرية خلفت "عددا لا يحصى من النساء والفتيات اللواتي تعرضن للضرر الوحشي والصدمات النفسية".
وتحدثت الناجيات من الاغتصاب عن أيام من المعاناة وهن يمشين رغم معاناتهن من تورم وتمزق أعضائهن التناسلية أثناء فرارهن إلى بنغلادش. ووصفت العديد منهن رؤيتهن مقتل أطفالهن الصغار وأزواجهن وآبائهن.
وحسب التقرير، اغتصب الجنود البورميون النساء والفتيات أثناء الهجمات الكبرى على القرى، وفي الأسابيع السابقة لهذه الهجمات، بعد مضايقات متكررة. وفي كل حالة تم وصفها للمنظمة، "كان المغتصبون أفرادا يرتدون الزي الرسمي لقوات الأمن البورمية، وجميعهم تقريبا من العسكريين".
وأشارت المنظمة أيضا إلى أن القرويين العرقيين في راخين، "الذين يتصرفون في ما يبدو بالتنسيق مع الجيش البورمي"، مارسوا المضايقات الجنسية، تجاه نساء وفتيات الروهينغا، و"التي كانت غالبا مصحوبة بعمليات نهب".
كل الحالات التي تابعتها المنظمة كانت ضمن عمليات اغتصاب جماعي، باستثناء واحدة منها. وفي ست حالات تم الإبلاغ فيها عن "اغتصاب جماعي"، قالت الناجيات إن الجنود جمعوا نساء وفتيات الروهينغا في مجموعات ثم اغتصبوهن جماعيا.
وقال العديد من الذين قوبلوا أيضا إن أكثر ما صدمهم خلال الهجمات، كان رؤية الجنود يقتلون أفراد أسرهن، ويضربون رؤوس أطفالهن الصغار بالأشجار ويرمونهم وآباءهن المسنين داخل المنازل المحترقة ويطلقون النار على أزواجهن.
ونقل التقرير عن المنظمات الإنسانية العاملة مع اللاجئين في بنغلادش وجود مئات حالات الاغتصاب. وبرأي المنظمة، "لا تمثل هذه النسبة على الأرجح سوى نسبة ضئيلة من العدد الفعلي بسبب العدد الكبير لضحايا الاغتصاب اللواتي يقتلن، وبسبب الوصمة العميقة التي تجعل الضحايا يترددن في الإبلاغ عن العنف الجنسي".
وقالت ويلر إن "أحد الأبعاد المأساوية لهذه الأزمة المروعة هو أن نساء وفتيات الروهينغا يعانين من صدمات جسدية وذهنية عميقة دون الحصول على الرعاية الصحية اللازمة"، داعية السلطات في بنغلادش ووكالات الإغاثة إلى القيام بمزيد من الجهد لمساعدة الضحايا.
وينفي الجيش البورمي ارتكاب عناصره عمليات عنف جنسي، وينفي أيضا كل الاتهامات الأخرى الموجهة إليه من قتل مدنيين وإحراق قرى.
ودعت هيومن رايتس ووتش حكومة بورما إلى "إنهاء الانتهاكات ضد الروهينغا فورا"، والتعاون بشكل كامل مع المحققين الدوليين، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول دون عوائق إلى ولاية راخين.
كما دعت المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على المسؤولين العسكريين البورميين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وعلى مؤسسة الجيش البورمي، وطالبت مجلس الأمن الدولي بإحالة الوضع في ولاية راخين إلى "المحكمة الجنائية الدولية".
وطالب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الأربعاء حكومة بورما (ميانمار) بالسماح بعودة اللاجئين الروهينغا وتوفير الظروف المناسبة لذلك، متوعدا بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي أسفرت عن فرار نحو 600 ألف شخص من أبناء هذه الأقلية المسلمة إلى بنغلادش.
وأكد تيلرسون، في مؤتمر صحافي مشترك مع زعيمة بورما أونغ سان سو تشي أن المزاعم بوقوع انتهاكات في ولاية راخين يجب أن تخضع لتحقيقات مستقلة، مضيفا أن الولايات المتحدة مستمرة في العمل مع شركائها لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق الروهينغا.
ومنذ 25 آب/ أغسطس 2017، شن الجيش البورمي حملة ضد الروهينغا في ولاية راخين ردا على هجمات شنها متمردون من الأقلية على مواقع لقوات الأمن، ما أجبر أكثر من 600 ألف منهم على الفرار إلى بنغلادش المجاورة.