رجاء نيكولا عبد المسيح العضو التوافقي في مجلس السيادة السوداني
رجاء نيكولا عبد المسيح العضو التوافقي في مجلس السيادة السوداني

لأول مرة في تاريخ السودان، يدخل المسيحيون الأقباط إلى المجلس السيادي السوداني، حيث اختيرات القبطية رجاء نيكولا عبد المسيح عضوة بالمجلس السيادي الجديد.

مجلس السيادة السوداني المنبثق عن ثورة ديسمبر ، والذي أدى أعضاؤه القسم القانوني، مختلف تماما عن المجالس التي تشكلت منذ التأسيس بعد استقلال البلاد في عام 1956.

رفع عدد أعضاء المجلس إلى 11 عضوا بعد أن كان خمسة أعضاء في الماضي، ليس الميزة الأهم، بل شموله العنصر النسائي لأول مرة، ممثلا بامرأتين أحداهن مسيحية قبطية، هو اللافت في التشكيلة. 

وحسب نظام الحكم في السودان، مجلس السيادة هو جسم رئاسي يمثل رأس الدولة، وبرز هذا  المصطلح لأول مرة في وثيقة دستور السودان المؤقت لعام 1955، ليكون بمثابة السلطة الدستورية العليا في السودان.

وحسب الاتفاق المبرم بين المجلس العسكري والقوى السياسية الممثلة في قوى الحرية والتغيير، سيحكم المجلس السيادي (  السادس) السودان لفترة انتقالية تمتد 39 شهرا.

لأول مرة.. مسيحية قبطية

مجالس السيادة السابقة ضمت مسيحيين ذكورا من جنوب السودان مثل سيرسيو إير في المجلس السيادي الأول الذي تكون عام 1955، ثم لويجي أدوك في مجلس السيادة الثاني عام 1964.

لكن شمول المجلس الحالي المسيحية القبطية رجاء نيكولا عبد المسيح من شمال السودان، يعد سابقة في تاريخ البلاد.

وشهد السودان السبت، توقيع المجلس العسكري الانتقالي وتحالف الكتل السياسية المنضوية تحت لواء قوى الحرية والتغيير على وثائق المرحلة الانتقالية، بضمانة دولية وعربية وإقليمية.

وشكل الطرفان (المجلس العسكري والمعارضة) الثلاثاء المجلس السيادي المكون من 11 شخصا والذي أدى بدوره القسم أمام رئيس مجلس القضاء المكلف عباس علي بابكر، الأربعاء.

وحسب الاتفاق المبرم بين الطرفين، يتكون مجلس السيادة من خمسة عسكريين وستة مدنيين تم اختيارهم على أساس معايير تضمن شمول المجلس لأوسع طيف من مكونات المجتمع في السودان اجتماعيا وجغرافيا وحتى دينيا، في خطوة يرى البعض أنها، رغم التحديات، تعد مؤشرا على مستقبل جيد ينتظره السودانيون.

المحلل السياسي حسن بركية يصف في حديث لـ" موقع الحرة" اختيار عبد المسيح في مجلس السيادة بـ"خطوة إيجابية يجب أن تتلى بخطوات إضافية تضمن إتاحة الفرصة لكل المجموعات الأخرى التي لم تجد حظها في عهد النظام السابق مثل الجالية الهندية، وغيرهم من المهمشين بجميع مناطق السودان".

وقالت عبد المسيح بعد أدائها القسم "نريد أن تتحقق العدالة ويعم السلام في السودان".

وأضافت "نريد أن نرفع من شأن السودان وأن ننمي بلادنا وأن نرفع من اقتصادها".

إلى جانب عبد المسيح يضم المجلس السيادي الدكتورة عائشة موسى السعيد، والصحافي محمد الفكي سليمان، والقانوني حسن محمد شيخ إدريس، والأستاذ الجامعي صديق تاور، والأكاديمي محمد التعايشي، والعكسريين الخمس بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.

وتمتد الفترة الانتقالية لـ 39 شهرا سيقود البرهان الجزء الأول منها وهو 19 شهرا، على أن يقود مدني الجزء الآخر من فترة المجلس .

ولم يستبعد بركية أن تتولى عبد المسيح رئاسة السودان في الجزء الثاني من الفترة الانتقالية "ليس فقط كمسيحية بل أيضا كامرأة، فالمرأة السودانية جديرة بهذا المنصب، وقد تبوأت عدة مناصب عليا قبل عهد الإنقاذ. علينا أن نعيد للسودان إرثه ومجده الأول".

السيدة رجاء نيكولا عبد المسيح،العضو الحادى عشر لمجلس السيادة من مواليد أمدرمان حاصلة علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1980، عينت في وزارة العدل عام 1982 وتدرجت في الهيكل الوظيفي حتي تم ترقيتها لمنصب مستشارة في عام 2005.
‏وعملت عبد المسيح بعدد من الإدارات ومثلت وزارة العدل في مفوضية مراعاة حقوق غير المسلمين.

الأقباط في السودان

الطائفة القبطية في السودان أقلية لكن رغم ذلك لها تأثير اجتماعي واقتصادي وسياسي ملموس في البلاد.

تاريخيا، للأقباط دور كبير في بناء الخدمة المدنية في السودان، بعد استعانة الإنكليز بهم في مختلف دواوين الخدمة مثل التلغراف والبريد وإدارة الحسابات، كما كانت لهم اسهامات في التجارة والتعليم ومختلف البنى التحتية بالبلاد.

ولا توجد احصائيات دقيقة بعدد الأقباط في السودان، لكن بعض الوثائق تشير إلى وجود نحو 500 ألف قبطي في البلاد، أي ما يعادل نحو واحد بالمئة من سكان السودان.

ويشير المحلل السياسي حسن بركية إلى أن أقباط السودان يعيشون في  مناطق العاصمة وأم درمان والخرطوم بحري، وعطبره التي انطلقت منها ثورة ديسمبر، وبورتسودان والأبيض والفاشر، ودنقلا.

وأوضح بركية أن عددا كبيرا من الأقباط "اضطر إلى الهرب من السودان بعد أن تسلمت حكومة الإنقاذ خوفا من قيام دولة إسلامية راديكالية".

وأضاف أن "ما حدث لجرجس الذي أعدم في بداية حكم الإنقاذ، إثر إدانته بالمضاربة بالدولار" كان له أثر على هجرة الأقباط من السودان.