قوات تركية في سوريا
قوات تركية في سوريا

أعلنت تركيا، الخميس، أن قوات النظام السوري فتحت النار على موقع مراقبة تابع لها في شمال غرب سوريا من دون أن يؤدي إلى سقوط ضحايا.

ونقلت وكالة الأناضول عن مصادر محلية قولها إن النظام السوري استهدف محيط نقطة المراقبة الواقعة بالقرب من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، بالرشاشات الثقيلة.

وقالت الوكالة إن نقطة المراقبة رقم 8 تقع في بلدة سرمان، شمال مدينة خان شيخون التي أعلنت دمشق الأربعاء السيطرة عليها، بعد حملة عسكرية بدأتها مع روسيا قبل نحو 10 أيام. 

ويأتي الحادث في نقطة المراقبة التركية، بعد ضربة جوية استهدفت رتلا عسكريا تركيا الاثنين، قالت أنقرة إنها تسببت في مقتل ثلاثة مدنيين أثناء تحرك الرتل باتجاه الجنوب نحو موقع مراقبة آخر.

وذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين الأربعاء، أن جميع مواقع المراقبة التركية ستواصل عملها وسيستمر تقديم الدعم لها.

وأقامت تركيا 12 موقع مراقبة في شمال غرب سوريا بموجب اتفاق مع روسيا نص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تفصل المناطق التي يحتلها المسلحون المتشددون عن المناطق التي تشرف عليها السلطات السورية. 

 

 

 

رتل عسكري تركي يمر في معرة النعمان متجها إلى مدينة خان شيخون في إدلب شمالي سوريا
رتل عسكري تركي يمر في معرة النعمان في إدلب شمال سوريا متجها إلى مدينة خان شيخون

​انسحبت فصائل المعارضة السورية ليل الاثنين من مدينة خان شيخون الاستراتيجية في جنوب إدلب، ومن ريف حماة الشمالي المجاور، لتصبح أكبر نقطة مراقبة تركية موجودة في المنطقة، بموجب تفاهم بين أنقرة وموسكو، تحت مرمى نيران قوات النظام السوري وحليفه الروسي.

وحذرت أنقرة الثلاثاء دمشق من "اللعب بالنار" غداة إعلانها تعرض رتل عسكري تابع لها لضربة جوية أثناء توجهه إلى نقطة المراقبة التركية جنوب خان شيخون، بينما اتهمت موسكو الفصائل بممارسة "الاستفزازات".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء بانسحاب مسلحين متشددين تابعين لـ"هيئة تحرير الشام" وآخرين تابعين لفصائل المعارضة من مدينة خان شيخون وريف حماة الشمالي، فيما تعمل قوات النظام السوري على تمشيط المدينة. 

فما هي أهمية خان شيخون للأطراف المتنازعة في الشمال السوري؟ 

خان شيخون، هي كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، وفيها جزء من طريق استراتيجي سريع يربط مدينة حلب (شمالا) بدمشق، ويسعى النظام السوري للسيطرة عليه.

خان شيخون كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي وطريقها يربط بين حلب في الشمال ودمشق

​​وتسيطر هيئة تحرير الشام المتشددة على غالبية محافظة إدلب والمناطق المحاذية لها، حيث تنتشر أيضا فصائل من المعارضة أقل نفوذا تخوض معارك ضد قوات النظام.

وجاء انسحاب الفصائل من معظم خان شيخون بعد سيطرة قوات النظام بإسناد جوي روسي على أكثر من نصف المدينة، وتمكنها من قطع طريق حلب - دمشق الدولي أمام تعزيزات عسكرية أرسلتها أنقرة وكانت في طريقها إلى ريف حماة الشمالي، حيث توجد أكبر نقطة مراقبة تركية في بلدة مورك.

وتكتسب محافظة إدلب أهمية استراتيجية فهي محاذية لتركيا، الداعمة للمعارضة، من جهة ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس السوري بشار الاسد، من جهة ثانية.

 

مناطق السيطرة في إدلب

​​وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن نقطة المراقبة التركية في مورك "باتت في حكم المحاصرة، ولم يبق أمام عناصرها إلا الانسحاب عبر طرق تحت سيطرة النظام ميدانيا أو ناريا". 

وردا على التطورات الأخيرة، دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الثلاثاء دمشق إلى "عدم اللعب بالنار". وقال خلال مؤتمر صحفي "كما قلنا سابقا، سنفعل كل ما يلزم لضمان أمن عسكريينا ونقاط المراقبة الخاصة بنا".

وكانت أنقرة أعلنت الاثنين تعرض رتلها إثر وصوله إلى ريف إدلب الجنوبي لضربة جوية، تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين، لكن المرصد قال إنهم من مقاتلي المعارضة.

دعم "الإرهابيين"

ولم يتمكن الرتل، المؤلف من قرابة 50 آلية من مصفحات وناقلات جند وعربات لوجستية بالإضافة إلى خمس دبابات على الأقل، من إكمال طريقه إلى مورك بعد تعرض مناطق قريبة منه للقصف وفق المرصد، ما دفعه إلى التوقف منذ بعد ظهر الاثنين على الطريق الدولي في قرية معر حطاط شمال خان شيخون.

وتتعرض طرقات مؤدية إلى المنطقة الثلاثاء لقصف جوي.

وإدلب مشمولة باتفاق روسي تركي لخفض التصعيد واتفاق آخر تم توقيعه في سوتشي في سبتمبر نص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل المعارضة على أن ينسحب المتشددون منها. وجنب الاتفاق الأخير إدلب هجوما لطالما لوحت دمشق بشنه، وإن كان لم يستكمل تنفيذه.

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء "الجهاديين" بخرق الاتفاق "على مرأى من المراقبين الأتراك، مشيرا إلى انتشار القوات الروسية في المنطقة المنزوعة السلاح وإلى "تواصل مستمر" مع الجيش التركي.

وغداة تنديد دمشق بالتعزيزات التركية، أكد الرئيس بشار الأسد الثلاثاء عزمه استعادة كافة الأراضي الخارجة عن سيطرته.

واعتبر خلال استقباله وفدا روسيا أن "المعارك الأخيرة في إدلب كشفت لمن كان لديه شك عن دعم أنقرة الواضح وغير المحدود للإرهابيين".

وأوردت صحيفة الوطن المقربة من دمشق في عددها الثلاثاء أن الجيش السوري وجه الاثنين "إشارات تحذير واضحة لأي محاولة إنعاش تركية جديدة للإرهابيين".

ويقول الباحث المتابع للشأن السوري سامويل راماني إن هدف دمشق من اتهام أنقرة "بالتدخل" العسكري هو أن "تُظهر تركيا وليس الجيش السوري، وكأنها المنتهكة الأبرز لاتفاق" سوتشي.

من تحت الركام

وتنشر أنقرة بموجب هذا الاتفاق العديد من نقاط المراقبة في إدلب. وتتهمها دمشق بالتلكؤ في تطبيقه.

ويقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر إن "دمشق أثببت وحليفها الروسي أن نقاط المراقبة التركية قد تعقد التقدم العسكري على الأرض، في ظل رغبتهما بتجنب إيقاع ضحايا في صفوف الجنود الأتراك، إلا أن هذه النقاط لا تكفي لردعهما عن المضي قدما".

ومن غير الواضح وفق هيلر، ما إذا كانت دمشق وبدعم روسي ستواصل تقدمها ميدانيا أم ستكتفي بثبيت مواقعها الجديدة.

وأرسى اتفاق سوتشي بعد توقيعه هدوءا نسبيا، قبل أن تصعد قوات النظام السوري قصفها في نهاية أبريل وانضمت إليها الطائرات الروسية لاحقا. وفي الثامن من الشهر الحالي، بدأت تتقدم ميدانيا في ريف إدلب الجنوبي.

واستهدف القصف الثلاثاء مناطق عدة شمال خان شيخون بينها قرية بينين، وتسبب التصعيد بمقتل أكثر من 860 مدنيا وفق المرصد، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.

مناطق السيطرة في سوريا

​​​​وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دمارا هائلا في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.