قافلة عسكرية تركية تمر بأحد شوارع معرة النعمان في إدلب
قافلة عسكرية تركية تمر بأحد شوارع معرة النعمان في إدلب

تمكنت قوات النظام السوري، الجمعة، من محاصرة نقطة المراقبة التركية في بلدة مورك الواقعة جنوب محافظة إدلب، بعد إحرازها المزيد من التقدم الميداني في المنطقة على حساب الفصائل المتشددة والمعارضة.

وتأتي التطورات الميدانية قبل أسابيع من قمة مرتقبة في أنقرة تبحث ملف سوريا، خصوصاً إدلب، وتجمع رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران حسن روحاني.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس "تحاصر قوات النظام حاليا نقطة المراقبة التركية في مورك، إثر سيطرتها على البلدة وكل القرى والبلدات الواقعة قربها في الجيب المحاصر في ريف حماة الشمالي" المجاور لإدلب.

وتعد نقطة المراقبة هذه الأكبر، وفق المرصد، في إدلب ومحيطها، حيث تتواجد القوات التركية في 12 موقعا بموجب اتفاق مع روسيا حول خفض التصعيد في المنطقة.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" في خبر عاجل أن "وحدات الجيش السوري بسطت سيطرتها" على ست بلدات في ريف حماة الشمالي، أبرزها كفرزيتا واللطامنة ومورك. وكانت هذه البلدات تحت سيطرة الفصائل منذ عام 2012.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من قصف سوري وروسي مكثف على مناطق في إدلب ومحيطها، بدأت قوات النظام في الثامن من الشهر الحالي التقدم ميدانيا في ريف إدلب الجنوبي. وتمكنت الأربعاء من السيطرة على مدينة خان شيخون الاستراتيجية بعد انسحاب مقاتلي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) والفصائل المعارضة من المنطقة.

وتعرض رتل تركي كان في طريقه إلى مورك الاثنين لقصف سوري استهدف سيارة مرافقة تابعة لفصيل سوري معارض موال لتركيا. ولم يتمكن الرتل من إكمال طريقه بعدما قطعت قوات النظام طريق دمشق حلب الدولي مع تقدمها في خان شيخون ومحيطها.

ونددت أنقرة بشدة باستهداف رتلها، وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في وقت متأخر الأربعاء "من غير الوارد إغلاق أو نقل" مركز المراقبة في مورك، موضحا أنه "باق في مكانه وستواصل جميع مراكز المراقبة الأخرى المقرر إقامتها أو التي أنشأناها في إطار اتفاق إدلب، العمل في أماكنها".

 

قوات تركية في سوريا
قوات تركية في مدينة منبج السورية، أرشيف

جو تابت- البنتاغون

قال المتحدثُ باسم البنتاغون كوماندر شون روبرتسون، إنّ النقاشات العسكريّة بين الطرفيّن الأميركيّ والتركيّ في أنقرة مستمرّة ولن تتوقف، وإن التفاهم المبدئي مع أنقرة يمنع أي توغل تركي داخل سوريا.

وأضاف روبرتسون في حديث مع موقع "الحرة" الإلكتروني، أن وزيريّ الدفاع الأميركي مارك أسـبر ونظيره التركي خلوصي أكار أنجزا خطواتٍ ملموسة حتى الآن، وقد طلبا ليلة أمس بدءَ تنفيذ المرحلة الأولى من خطة أمن الحدود "الاستراتيجية" في شمال شرق سوريا، والتي ستستمر لفترة وجيزة تمهيدا لإطلاق مراحل عدّة مستقبلا، ستشكل كلُّها خارطة طريق لحماية الحدود وطمأنة الجانبين التركي والكردي بعدم حصول أيّ توتّر أو اصطدام غير مقصود بينها.

وقال روبرتسون إن المحّرك الأساس لهذه الخطة هو قناعة البنتاغون بشرعية مخاوف أنقرة الأمنية حيال بعض المجموعات الكردية.

البنتاغون: الخطة الأمنية لحماية الحدود ليست حزاما أمنيا

وفيما امتنع روبرتسون عن توصيف الخطة بأنها ستُنشئ منطقة حزامٍ أمنيّ، شرح أن آلية المرحلة الأولى تهدف الى استحداث منشآت أمنية على الحدود من أجل حماية المناطق الكردية الواقعة شرقيّ نهر الفرات بالإضافة إلى حماية مدينة منبج الواقعة غربها، والتي ستكون في صُلب مهام قيادة العمليات العسكرية المشتركة الأميركية – التركية وإشرافها، وذلك انطلاقا من داخل الأراضي التركية وعلى مقربة من الحدود مع سوريا.

واعترف روبرتسون، أنه وعلى الرغم من كلّ الانجازات التي تحققت على يد قيادة دول التحالف الدولي وشركائه على الأرض في "قوات سوريا الديموقراطية – قسـد"، فإن خطر عودة حركات التمّرد وخصوصا مقاتلي "داعش" مازال ممّكناً، ولذا – والكلام لـ روبرتسون – ينبغي عدمُ الخروج عن المهمّة الأساسية والتي تقضي بالقضاء على التنظيم وفلوله وجيوبه في أكثر من منطقة داخل سوريا والسماح للتحالف الدولي بمواصلة مهامه للقضاء عليه.

وفيما لم يشأ روبرتسون التعليق على موقف روسيا إزاء الاتفاق التركي- الأميركي لحماية الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، ذكرت معلوماتٌ رسمية في البنتاغون لـ "الحرّة"، أنَّ موسكو لا تعارض هذه المبادرة، وأن كل ما ترغب فيه هو القضاءُ على ما تزعم به، أيّ تواجد المجموعات الإرهابية غربيّ نهر الفرات وتحديدا تلك المنتشرة في محافظة إدلب.

البنتاغون: مطمئنون بأن الآليات الأمنية ستمنع أي توغل تركي داخل سوريا

وفي وقت لزم روبرتسون الصمت حيال كمّ المشكلات التي تعترض العلاقة العسكرية مع أنقرة، وخصوصا تلك المرتبطة بشراء الأخيرة نظام الدفاع الجوي الروسي "أس-400" وإخراجها من برنامج مقاتلة "أف-35" وصولا الى تهديد الإدارة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية، حَرِصَ على التأكيد أن واشنطن مازالت ترى في تركيا شريكةً فاعلة واستراتيجية في المنطقة.

ورداً على سؤال لـ "الحرّة"، عمّا إذا كان الرئيسُ التركي رَجَبْ طيّب أردوغان قد ينفّذ تهديدَه بالهجوم على مناطق الأكراد في الحسكة والقامشلي ومنبج وريف دير الزور شمال شرق سوريا، استبعد روبرتسون حصول ذلك، معترفا بفاعلية قنوات الاتصال المفتوحة مع الأتراك حاليا وبأهمية "التفاهم المبدئي" الذي جرى إبرامه مع أنقرة والذي – وبحسب تعبيره - يمنع أي توغّل تركي داخل سوريا

البنتاغون: المنطقة الحدودية قد تشجع عودة اللاجئين السوريين

وفيما حرص روبرتسون على التأكيد بأن المحادثات التركية – الأميركية ستبقى مفتوحة وستسّتمر في شكل متواصل، وأنَّ "مستوى الثقة المتبادل بينهما عالٍ"، كشف أن المرحلة الأولى من بدء تنفيذ الآليات الأمنية قدّ تشجّع مستقبلا على معالجة أزمة اللاجئين السوريين في تركيا، مشيرا الى أن هذا الأمر هو تحت إشراف وزارة الخارجية الأميركية في شكل يهدفُ الى تأمين عودتهم الى بلادهم.