منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران قبل نحو ثلاثة عقود، لا يزال مصير آلاف من ضحاياها مجهولا بين قتيل أو مفقود أو مدفون في مقابر جماعية، وسط تنديد منظمات حقوقية بالموقف الإيراني.
وكان آلاف السجناء السياسيين في إيران قد تعرضوا في عام 1988 إلى عمليات اختفاء قسري أو إعدامات سرية، أثناء مجزرة السجون.
وقد أبلغت عائلات بوفاة أبنائها من دون ذكر الأسباب أو مكان دفنهم، فيما غيب آخرون عن المشهد من دون أن يعرفوا حتى الآن ما حل بأبنائهم.
وتعد حالات الاحتجاز التعسفي والاختطاف والإعدام من دون محاكمة والتعذيب والاختفاء القسري من الممارسات شائعة الاستخدام ضد المعارضين في إيران.
وغالبية الشرائح الإيرانية المستهدفة، تشمل الموالين لمنظمة مجاهدي خلق المعارضة، المثقفين والطلبة المنشقين والمجموعات العرقية والأقليات الدينية.
وتقول منظمة العفو الدولية إن آلاف القتلى ما زالوا غير مسجلين، وإن هناك آلاف الجثث المفقودة المدفونة في مقابر جماعية مجهولة.
في #إيران، هناك آلاف الجثث المفقودة مدفونة في مقابر جماعية مجهولة في جميع أنحاء البلاد. وعلى مدار أكثر من 30 عامًا، تقاعست السلطات الإيرانية عن الاعتراف رسميًا بوجود هذه المقابر الجماعية وأخفت مواقعها.https://t.co/ZLfX1L7MVn
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) August 28, 2019
وقدر رجل الدين الإيراني الراحل آيه الله علي منتظري عدد السجناء الذين تم إعدامهم في عام 1988 بين 2800 إلى 3800، حسب راديو فاردا.
وفي عدد من مذكراته، كشف الرجل لأول مرة عن إعدام آلاف السجناء الإيرانيين أثناء فترة عقوبتهم، وقال إن "لجنة الموت الرباعية" أشرفت على "تطهيرهم". ومن أعضاء هذه اللجنة رئيس القضاء الحالي إبراهيم الريسي، حسب بعض التقارير.
لكن المقاومة الإيرانية تقول إن عدد ضحايا مجزرة 1988، يتجاوز 30 ألف شخص، وقد وثقت ذلك بنشر العديد من الأسماء والصور في كتاب.
بعد كل هذه السنين، لم يقتصر التعذيب الذي يواجهه أهالي الضحايا الساعين لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة، على التعذيب النفسي فحسب، بل تعداه بكثير ليصل إلى التهديدات والمضايقات والترويع والاعتداء، حسب منظمات حقوقية.
وبمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يوافق 30 أغسطس من كل عام، طالبت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي بالضغط على طهران للكشف عن مصير أولئك المفقودين.
وقال فيليب لوثر مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، "إن أسر الذين قتلوا سرا في مجازر 1988 ما زالت تعيش في كابوس. إنهم والعديد من الأشخاص الآخرين في إيران تطاردهم أشباح آلاف الجثث المفقودة، التي تخيم بظلالها على نظام العدالة في البلاد إلى يومنا هذا".
ونشرت المنظمة مقطعا مصورا لإحدى أقارب الضحايا تروى فيها قصتها ومعاناتها في رحلة البحث عن الحقيقة في إيران.
"نريد جميعًا تلقي جثث أحبائنا عندما يموتون.نريد أن ندفنهم بأنفسنا.ونعرف أين قبورهم."جميلة غلامي تروي قصتها... لكن العالم يتجاهل أزمة الاختفاء القسري الجماعي في #إيران https://t.co/khaO8GBGYs pic.twitter.com/acqqNKcWai
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) August 30, 2019
وفي عام 2016 بدأت زعيمة منظمة مجاهدي خلق، مريم رجوي، تحركات قضائية لإنصاف ضحايا مجرزة 1988 وأسرهم.
وعمليات القتل والاختفاء القسري في إيران ليست قاصرة فقط على الإيرانيين بل تشمل أجانب أيضا. فإيران، على سبيل المثال لا الحصر، متهمة بالضلوع في الاختفاء القسري للعميل الأميركي روبرت ليفينسون الذي فقد أثره في جزيرة كيش الإيرانية عام 2007.
وبموجب القانون الدولي، يعد الاختفاء القسري جريمة حتى تكشف الدولة عن مصير الشخص المعني أو مكان وجوده.
ودعت العفو الدولية الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل في عمليات الإعدام التعسفية والاختفاء القسري في إيران، مع تقديم مرتكبي تلك الجرائم إلى العدالة.