الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمر قرب جندي تركي يرتدي الزي العثماني في ذكرى مسيرة عند مطار أتاتورك الدولي 2019
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمر قرب جندي تركي يرتدي الزي العثماني في ذكرى مسيرة عند مطار أتاتورك الدولي 2019

تشهد تركيا منذ أسابيع حملة واسعة النطاق لطرد اللاجئين السوريين، بالتزامن مع تقدم قوات النظام النظام السوري في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية الموالية لأنقرة.

وتشهد سوريا حربا أهلية منذ عام 2011 بعد قمع بشار الأسد تظاهرات احتجاجيه ضد نظامه.

ويوم الجمعة تظاهر سوريون  في معبر باب الهوى الحدودي احتجاجا على الإجراءات التركية و واحرقوا صورا لأرودغان، وردت القوات التركية بإطلاق النار على المتظاهرين، وإغلاق المعبر.

وعزز حرق صور أردوغان موجة الرفض الشعبي التركي للوجود السوري في تركيا، وتصدر وسم "لا نريد السوريين"، الهاشتاغات المتداولة في تركيا. 

ردود الفعل الصادرة من الجانب السوري تباينت بين مندد بالموقف التركي الرسمي والشعبي، وآخر متفهم لما يحدث.

ومنذ اندلاع الحرب في سوريا أظهر الرئيس التركي مواقف مؤيدة للسوريين من بينها فتح أبواب بلاده للمدنيين الهاربين من ويلات الحرب، ودعمه لفصائل من المعارضة السورية وأبرزها الجيش السوري الحر.

لكن الناشط السوري ملا سردار درويش قال إن "أردوغان أظهر أنه غير صادق في نواياه. لقد أستغل القضية السورية طوال هذه السنوات لتحقيق مكاسب سياسية..والآن تكشفت أقنعته الحقيقية".

وتوقع درويش مزيدا من المواقف التركية المجحفة بحق السوريين، وقال لموقع الحرة "ستتسارع وتيرة طرد السوريين من تركيا في ظل تعالي الأصوات الشعبية المنددة بنظام أردوغان". 

أستاذ القانون الدولي سمير صالحه يرى أن مواقف أنقرة الأخيرة حيال اللاجئين السوريين  "ليست تبدلا حيال القضية السورية، وانما تدابير اقتضتها ظروف داخلية".

وفي الانتخابات الأخيرة، فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان بعض البلديات المهمة مثل إسطنبول. ويرى مراقبون أن إمساك المعارضة بورقة الرفض الشعبي للوجود السوري، ساعدها في التقدم على الحزب الحاكم.

وقال أستاذ القانون الدولي سمير  صالحه لموقع الحرة إن "ما قدمه النظام التركي  للقضية السورية لا يزال قائما على الأرض، والانتقادات الموجهة له شيء طبيعي".

وعلى الرغم من إعلان النظام السوري وقفا لاطلاق النار من جانب واحد في إدلب، يشعر المدنيون بقلق حيال الوضع الأمني في آخر معقل للمعارضة في البلاد، وسط اتهامات لأردوغان بخذلانهم.

ومحافظة إدلب ومحيطها مشمولة باتفاق روسي تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في سبتمبر 2018 ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، من دون أن يُستكمل تنفيذه. 

وبعد أشهر من القصف الكثيف من الطيران الروسي والسوري، بدأت قوات نظام بشار الأسد في 8 أغسطس هجوما بريا في هذه المحافظة الخاضعة لسيطرة مقاتلي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).

وتتحدث تقارير عن اتفاق روسي تركي يسمح لقوات النظام بالتقدم في إدلب، مقابل مكاسب إضافية لأنقرة التي تسيطر بالفعل على عفرين، فيما تتفاوض مع واشنطن لإنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا.

يقول درويش إن "أرودغان كسب الكثير على ظهور السوريين وهو ممسك الآن بورقة عفرين وإدلب للحصول على المزيد من المكاسب السياسية. للأسف السوريون هم الخاسرون".

واستبعد درويش أن تحرك المعارضة السورية الموالية لتركيا ساكنا حيال ما يتعرض له السوريون من "انتهاكات" على يد السلطات التركية، وقال لموقع الحرة "لا أتوقع أن يخرج الجيش السوري الحر من عباءه تركيا لأن قراره مرهون بها".

وشدد درويش على أن مستقبل السوريين يكمن في وحدتهم "السوريون كانوا يعيشون تحت وهم أن تركيا ستحميهم، لكنهم استفاقوا. وباعتقادي أن الخيار الوحيد أمامهم هو الوحدة والعودة إلى مسار جنيف". في إشارة الى المفاوضات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لحل الأزمة السورية، لكن تركيا آثرت الانضمام إلى مسار "أستانة" الذي يشمل إيران وروسيا. 

وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اندلاعه في 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وأحدث دمارا هائلا في البنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.