جانب من مخيم الركبان الواقع على الحدود بين سوريا والأردن- أرشيف
جانب من مخيم الركبان الواقع على الحدود بين سوريا والأردن- أرشيف

أعلنت الأمم المتحدة إرسال مساعدات إنسانية، الجمعة، إلى مخيم للنازحين في سوريا قريب من الحدود الأردنية، وذلك للمرة الأولى منذ فبراير الماضي.

وكان مخيم الركبان يؤوي نحو 40 ألف شخص يعيشون في فقر مدقع، إلا أن أكثر من نصف قاطنيه غادروه في الأشهر الأخيرة، وفقا للمنظمة الدولية، وذلك بعدما فتحت السلطات السورية وحليفتها روسيا ممرات لتشجيع النازحين على الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها دمشق.

وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 15 ألف شخص لا يزالون في المخيم، الواقع قرب قاعدة التنف التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش.

وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة هيدن هالدرسون لوكالة فرانس برس، أن المنظمة الدولية ستوزع بالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر السوري المساعدات الغذائية على 15 ألف شخص خلال خمسة أيام.

وأوضح أن "الوضع الإنساني في الركبان لا يزال حرجا والغذاء هو أولوية ضرورية"، مشيرا إلى أن المساعدات من شأنها توفير احتياجات النازحين لمدة 30 يوما.

وقال أبو أحمد الدرباس خالدي، وهو رئيس مجلس مدني تابع للمعارضة في المخيم، "دخلت القافلة المخيم وتم توزيع المساعدات على مئات العائلات" الجمعة.

وتلي عملية نقل المواد الغذائية وتوزيعها "عمليات المغادرة بمساعدة" في وقت لاحق من سبتمبر، وذلك تماشيا مع الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي أعلنت بموجبها أنها ستسهل إجلاء المدنيين الذين لا يزالون في المخيم.

وقال هالدرسون إن عمليات المغادرة ستشمل ما بين أربعة إلى ستة ألاف شخص يرغبون في الرحيل.

وقامت الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري، الشهر الماضي، بإرسال بعثة لتحديد عدد من تبقى داخل المخيم وعدد الراغبين في مغادرته.

وأكد نحو 47 في المئة من سكان المخيم بعد استطلاع آرائهم، أنهم يرغبون في البقاء لأسباب بينها "مخاوف أمنية" و"مخاوف من الاعتقال". 

وذكرت جماعات حقوقية أن المدنيين الذين عادوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة واجهوا الاعتقال والتجنيد. 

ومنذ إقامته في عام 2014، تزداد الظروف المعيشية داخل مخيم الركبان سوءاً. فكثير من المقيمين فيه يعيشون على وجبة واحدة بسيطة يوميا، عادة ما تتألف من الخبز وزيت الزيتون أو اللبن، بحسب أحد السكان. 

ودخلت آخر قافلة مساعدات إنسانية إلى المخيم في السادس من فبراير 2019 مؤلفة من 133 شاحنة، ووزعت الغذاء والملابس ومستلزمات الرعاية الصحية والإمدادات الطبية على السكان. 

وسبقتها قافلة أخرى في نوفمبر 2018 أتت من دمشق، بعد انقطاع استمر 10 أشهر.

وتدهورت أوضاع العالقين في المخيم بعد إعلان الأردن منتصف عام 2016، حدوده مع سوريا والعراق منطقة عسكرية مغلقة، إثر هجوم بسيارة مفخخة تبناهداعش واستهدف موقعا عسكريا أردنيا كان يقدّم خدمات للاجئين.

 

نازحون في مخيم الركبان- أرشيف
نازحون في مخيم الركبان- أرشيف

يقول موظفو إغاثة سوريون ودبلوماسيون ومواطنون إن عدد سكان مخيم الركبان الواقع في منطقة صحراوية تحميها الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا تراجع إلى ربع أكثر من 40 ألف شخص كانوا يعيشون هناك قبل خمسة أشهر بسبب تحركات روسية لوقف الإمدادات.

ويسلط مصير المخيم وسكانه الذين يعيشون قرب قاعدة تديرها وزارة الدفاع الأميركية قرب الحدود الأردنية والعراقية الضوء على صراع روسيا مع الولايات المتحدة على النفوذ في المنطقة.

ويكشف أيضا نفس استراتيجية سنوات الحصار المرير الذي فرضته موسكو والقوات الحكومية السورية على المعاقل السابقة لقوات المعارضة من أجل إرغام مقاتلي المعارضة على الاستسلام.

نازحة في مخيم الركبان

​​

ومعظم سكان المخيم فروا من الغارات الجوية الروسية عندما قصفت موسكو بلدات في صحراء حمص الشرقية قبل عدة سنوات ويقول هؤلاء السكان إن تزايد الجوع والفقر نتيجة منع الإمدادات الغذائية أجبر معظم الناس على الرحيل.

وقال محمود الحميلي وهو من الشخصيات البارزة في المخيم والذي فر من حمص إن الوضع سيء للغاية كما أن المواد الغذائية غير متوفرة.

وتقول موسكو إن واشنطن توفر ملاذا آمنا لمقاتلي المعارضة في منطقة فض الاشتباك تلك التي أنشأها البنتاغون على مساحة 55 كيلومترا والتي تقع خارج نطاق حدود القوات السورية أو القوات الأخرى.

وفرضت القوات الروسية والسورية حصارا على المنطقة لمنع المهربين والتجار الذين يمرون عبر نقاط التفتيش من خلال تقديم رشى من توصيل المواد الغذائية الأساسية للمخيم.

نازحون في مخيم الركبان خلال حصولهم على المساعدات والعلاج الطبي

​​

وأقامت روسيا "ممرات إنسانية" تقول إنها تسمح للناس بالعودة إلى ديارهم. ويقول الرجال الذين يعيشون في المخيم إنه في حالة مغادرتهم سيواجهون التجنيد في الجيش أو أسوأ من ذلك.

وقالت مجموعة إيتانا البحثية البارزة المتخصصة في السياسة السورية والتي مقرها عمان وتجمع معلومات من مصادر مدنية وعسكرية إن آلاف النازحين فروا الآن من مخيم الركبان بسبب اليأس مجازفين بتعرضهم للاعتقال من قبل القوات السورية.

وقدرت المجموعة أنه حتى 23 يوليو كان يوجد نحو 11 ألف شخص بالمخيم مقابل 41 ألف شخص في فبراير حسب تقدير للأمم المتحدة.

وتريد واشنطن الاحتفاظ بوجود استراتيجي في منطقة قريبة من خط إمدادات مهم للأسلحة الإيرانية التي تدخل سوريا من العراق. وتقول مصادر مخابرات إقليمية إن فصائل مدعومة من إيران تتحصن في الأراضي الصحراوية الشاسعة المحيطة بالمنطقة.

وقالت إيتانا إن المخيم يشهد حاليا أسوأ أوضاع في تاريخه مع مواصلة القوات الحكومية السورية وحليفتها روسيا تنفيذ خطة الموت جوعا أو الاستسلام لإرغام سكان المخيم على المغادرة.

ويقول السكان إن واشنطن تخلت عنهم ويتهمون أيضا الأردن والأمم المتحدة بعدم بذل ما يكفي لحمايتهم.

وقال جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة الخاص لسوريا لصحيفة واشنطن بوست في 19 يوليو تموز "إذا قمنا بإطعامهم سيبدو الأمر كما لو أننا سنبقى هناك للأبد".

وأضاف "لا يمكننا الالتزام بوجود طويل الأجل في التنف أو في أي مكان آخر بسوريا".

السفير جيمس جيفري - أرشيف

​​

ويقول سكان إن ما يتراوح بين ستة آلاف وسبعة آلاف شخص على الأقل سيبقون لأنهم يواجهون مستقبلا غامضا على يد السلطات السورية إذا عادوا لديارهم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

وقال شكري شهاب المسؤول المحلي بالمخيم إنهم سيبقون حتى آخر نفس لأنهم يخشون مما ينتظرهم إذا عادوا إلى "النظام" السوري.

ويفضل كثيرون من المتبقين نقلهم إلى آخر جيب لقوات المعارضة في شمال غرب سوريا.

لاجئون سوريون في مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية

​​

وقال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية إن المواد الغذائية أصبحت بالفعل شحيحة مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وأضاف أنه يسعى للحصول على موافقة من دمشق لإرسال مواد إغاثة للسكان الذين ما زالوا في المخيم. وتفادى المكتب توضيح من المسؤول عن تفاقم المعاناة الإنسانية لسكان المخيم.