جانب من محادثات سابقة للمبعوث الأميركي مع طالبان في الدوحة
جانب من محادثات سابقة للمبعوث الأميركي مع طالبان في الدوحة

ميشال غندور- واشنطن/

هدفان حددتهما الإدارة الأميركية عندما قررت الدخول في مفاوضات مع حركة طالبان الأفغانية لتحقيق وعد إنتخابي قطعه الرئيس ترامب على ناخبيه وهو الإنسحاب من أفغانستان، وعدم المساهمة ببناء الدول، وتركيز الجهود والأموال على بناء الولايات المتحدة.

أما الهدفان فهما: تخفيف المخاطر على أميركا عبر منع انطلاق عمليات إرهابية من أفغانستان مشابهة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر. وتخفيض الكلفة البشرية والمادية التي تتحملها الولايات المتحدة والتي تبلغ حاليا أكثر من ثلاثين مليار دولار سنويا.

على هذا الأساس عقد الممثل الأميركي الخاص إلى المصالحة في أفغانستان زلماي خليل زاد تسع جولات من التفاوض مع قادة الحركة في الدوحة . وقد حققت هذه الجولات التي واكبها بمشاورات مكثفة مع الحكومة الأفغانية وقادة أفغان ودول متعددة معنية بالصراع في أفغانستان والناتو، حققت تقدما كبيرا بحسب وزير الخارجية الأميركية مايكل بومبيو.

فقد أدت هذه المحادثات بحسب كبير الدبلوماسيين الأميركيين إلى إقناع طالبان بالإلتزام بخفض العنف والتحاور مع إخوانهم الأفغان والإعلان بشكل رسمي عن فك ارتباطهم بالقاعدة.

هذه الإلتزامات التي يعتبرها بومبيو إنجازا مهما بعد ثمانية عشر عاما من الانخراط الأميركي في أفغانستان كانت وراء التفكير بعقد لقاء في كامب ديفيد يجمع الرئيس الأميركي بقادة طالبان والرئيس الأفغاني أشرف غني.

فهذا اللقاء السري الذي ألغاه الرئيس ترامب عبر تغريدة له، كان سيساهم في تسريع تطبيق الاتفاق والسير بالحوار الداخلي بين الأفغان الذي سيؤدي في النهاية إلى قيام حكومة مشتركة، ويحقق رؤية الرئيس الأميركي بالخروج من أفغانستان.

لكن الهجوم الأخير الذي تبنته طالبان، وأدى إلى مقتل جندي أميركي كان على الأقل السبب المعلن وراء إلغاء الرئيس الأميركي للقاء كامب ديفيد.

ويقول وزير الخارجية الأميركية مايكل بومبيو إن هجوم طالبان الأخير "كان جهدا من قبلهم لتحسين موقعهم التفاوضي.

وعندما رأى الرئيس أنه ليس باستطاعة طالبان التقيد بالالتزامات التي قطعوها بوقف العنف قرر إلغاء الإجتماع". لكن وزير الخارجية الأميركية أكد في المقابل أن واشنطن لم تكن مكتوفة الأيدي خلال المفاوضات مع طالبان. فقد تمكنت القوات الأميركية في الأيام العشرة الأخيرة من قتل أكثر من ألف عنصر في الحركة لتحقيق النتائج المطلوبة من الجانب الأميركي خلال المفاوضات.

ماذا بعد إلغاء لقاء كامب ديفيد السري ووقف المفاوضات؟

وزارة الخارجية الأميركية استدعت الممثل الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد الذي كان في الدوحة يتفاوض مع طالبان للعودة إلى واشنطن. ومن المقرر أن يصل إلى العاصمة الأميركية مساء الثلاثاء بحسب مسؤول في الخارجية الأميركية لتبدأ المشاورات صباح الأربعاء حول الخطوات المقبلة.

وفي هذا المجال أبقى الوزير بومبيو الباب مفتوحا أمام التوصل إلى اتفاق مع طالبان. وقال بومبيو في مقابلات مع التلفزة الأميركية الأحد "آمل أن تبدأ المفاوضات بين الأفغان وأن نتمكن من تخفيض مستوى العنف وأن تواصل طالبان السير قدما في التزاماتها بقطع علاقاتها مع القاعدة، وإذا تمكنا من تحقيق ذلك فآمل أن نخفض كلفتنا من الدماء والثروات في أفغانستان".

وفي انتظار اكتمال هذه المشاورات تتجه الأنظار إلى القرارات التي سيتخذها الرئيس الأميركي في ما يتعلق بتخفيض عدد القوات الأميركية. وفي هذا الصدد يقول بومبيو " لن نسحب قواتنا من أفغانستان من دون التأكد من تحقيق أهداف الرئيس ... وأن أي تخفيض للقوات سيكون مرتكزا على الظروف على الأرض وليس على الالتزامات".

وحول هذه الخطوة يقول العقيد المتقاعد في الجيش الأميركي طوني شايفر رئيس مركز لندن لأبحاث السياسات الذي يتخذ من نيويورك مقرا له " علينا التوصل إلى اتفاق لوقف النار يوافق عليه الطرفان قبل أن نغادر أفغانستان".

لكن شايفر شكك في قدرات الممثل الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد في تحقيق ذلك وقال لموقع "الحرة" إن "عمل خليل زاد في أفغانستان (شغل منصب السفير الأميركي في أفغانستان بين 2003 و2005) أدى إلى بعض المشاكل التي نواجهها اليوم. ولا أعتقد للحظة أن أحدا ساهم في خلق المشاكل سيكون قادرا على حلها".