عذاب جسدي ونفسي، لا تقتصر آثاره على المعتقل في سجن صيدنايا السوري، خلال فترة اعتقاله فقط، بل ترافقه حتى بعد خروجه من السجن ذي السمعة السيئة.
تقرير جديدة لـ"رابطة معتقلي ومفقود سجن صيدنايا"، رصد انتهاكات النظام السوري البشعة في حق المعتقلين السياسيين.
اشتهر السجن الذي يقع في محافظة ريف دمشق، بكونه أحد أكثر السجون السورية فظاعة، يتعرض فيه السجناء لأقسى أنواع التعذيب، بما في ذلك الاعتداءات الجنسية، وإيقاع الأذى عبر مواضع جسدية حساسة.
الرابطة تحدثت في تقريرها عن إجراءات الاعتقال في سجن صيدنايا، الذي يعد مركزا رئيسا لاحتجاز المعتقلين السياسيين وإخفائهم قسريا، وإخضاعهم لظروف معيشية تؤدي أحيانا إلى الموت.
واستند التقرير إلى 400 مقابلة مع محتجزين سابقين في هذا السجن، في الكشف عن كيفية استجواب المؤسسة الأمنية للمعتقلين باستخدام التعذيب الجسدي والنفسي.
ويؤكد التقرير لجوء النظام السوري بعد العام 2011 إلى محكمة الميدان العسكرية لمحاكمة المعتقلين المدنيين، وتفتقد محكمة الميدان العسكرية إلى أدنى شروط التقاضي العادل، إذ لا يسمح للمعتقل بتوكيل محام أو الاتصال مع العالم الخارجي.
ويشير التقرير إلى أن حوالي 6.5 بالمئة فقط من المعتقلين في صيدنايا تم عرضهم على محكمة الإرهاب.
وقال معتقلون إن أملاكهم صودرت بعد العام 2011، و رجحت الرابطة وجود قرارات من النظام الحاكم تنص على "الحجز على أملاك المعتقلين بعد الحجز على حريتهم".
كما رصد التقرير الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لعميلة الاعتقال على حياة المعتقلين.
وكشف التقرير عن وجود شبكة كبيرة من المسؤولين والأشخاص النافذين في النظام وبعض القضاة والمحاميين، يقومون بعمليات ابتزاز مالي لأهالي المعتقلين والمختفين قسريا، مقابل تأمين الزيارات في أماكن الاعتقال أو تقديم وعود بإخلاء سبيلهم .
وبين التقرير أن الأغلبية الساحقة من المحتجزين، كانوا تحت سن 37 عاما عند الاعتقال (88.2%)، ولديهم عمل (81.9%)، فيما كان أكثريتهم متزوجين وحاصلين على شهادات جامعية (58%).
وبلغت نسبة الأطفال المعتقلين نحو 2% من العينة التي جمعتها الرابطة، وكانت النسبة الأكبر من المعتقلين تنتمي لمحافظات حمص، وإدلب، وحلب، بنسبة 15% لكل منها.
وأشار التقرير إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية هي المسؤولة عن اعتقال أكثر من ثلاثة أرباع محتجزي صيدنايا.
وقال ناجون من المعتقل إنه يكاد لا ينجو أحد من التعذيب، الذي يتم في سجن صيدنايا وفي الفروع الأمنية التي يمر عليها المعتقل.
وكانت نسبة من تعرضوا إلى التعذيب الجسدي من العينة بلغت 100 بالمئة، فيما تعرض 97.8 بالمئة إلى تعذيب نفسي، أما من تعرض للتعذيب الجنسي فكانت نسبتهم 29.7 بالمئة، مع الأخذ بنظر الاعتبار حساسية التحدث عن الموضوع.

وقد حدد التقرير نحو 20 وسيلة للتعذيب الجسدي، كان أشهرها الضرب بالعصا، ثم الضرب بالسوط، ثم الدولاب (حشر الجسم داخل إطار سيارة)، ثم الحرمان من الطعام والشراب، والدهس بالأقدام، والصعق الكهربائي.
كما حدد التقرير 24 وسيلة للتعذيب النفسي، من بينها تغطية الأعين، وإهانة المقدسات الدينية، والإيحاء بالإعدام أو القتل، والإهانة اللفظية وشتم الأعراض، والحبس الانفرادي، والتهديد باعتقال الأهل، والتعرية، والحرمان من النوم، والإجبار على مشاهدة شخص آخر يتم تعذيبه.
وتحدث التقرير أيضا عن ثماني وسائل للتعذيب الجنسي، من بينها ضرب الأعضاء الجنسية حيث وصلت النسبة في عينة الرابطة إلى 81.4 بالمئة، فيما تعرض ثلث العينة لإيذاء في الأعضاء الجنسية أو المناطق الحساسة من الجسم بطرق أخرى مختلفة.
وأوضح التقرير أن أكثرية المعتقلين تمت محاكمتهم في محاكم ميدانية عسكرية بنسبة 57.2 من العينة، وقد تم محاكمة ثلث العينة في محكمة أمن الدولة العليا، و6.5 بالمئة تمت محاكمتهم في محاكم الإرهاب.
ولا يعرف حوالي ثلث المحتجزين إن كانوا قد حوكموا وفقا لقانون العقوبات السوري أم لا.
وتضمنت التهم: الانتماء لأحزاب أو جمعيات محظورة بنسبة 37.9 بالمئة، وإضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية بنسبة 21.2 بالمئة، وإذاعة أنباء كاذبة في الخارج بنسبة 12.1 بالمئة.
وتترواح مدد الأحكام بالسجن من عامين إلى 21 عاما، وقد نال ثلث المحتجزين أحكاما تتراوح من 5 إلى 6 سنوات، فيما حصل ثلث آخر على فترة سجن تصل إلى 10 سنوات.
وقد تختلف الأحكام عن المدة الفعلية التي قضاها المعتقل في السجن، إذ قضى نحو ثلث المحتجزين فترات أطول من مدة الحكم.
كما تمت مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لأكثر من ثلث المعتقلين، وفي أكثرية الحالات (62.3%) تمت المصادرة عن طريق الاستيلاء على الأملاك من دون وجود أي قرار حكم بذلك.
وقد خرج نصف المعتقلين من سجن صيدنايا بموجب عفو عام، ولكن الجدير بالملاحظة هو أن ثلاثة أرباع العسكريين خرجوا بموجب عفو عام، بينما أقل من ثلث المدنيين خرجوا بهذه الطريقة.

وقال 40 بالمئة من المعتقلين الذين تمت مقابلتهم إن الاعتقال أثر سلبا على حالتهم المدنية، فيما تمكن 13 بالمئة منهم فقط من متابعة عملية تعليمهم بعد الانقطاع عنها.
وقال أكثر من ثلث المعتقلين إن إصابتهم الجسدية أثرت على قدرتهم على ممارسة الحياة كالمعتاد، وكذلك الحال بالنسبة للأذى النفسي.
وقال أكثرية المعتقلين إنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على تجاوز الأضرار النفسية التي تعيق ممارسة الحياة الاعتيادية.
وقالت نسبة 57.3 بالمئة من العينة إن ذويهم دفعوا أموالا لمعرفة مصيرهم أو زيارتهم، وفي أكثرية الحالات تجاوزت الأرقام الـ 1500 دولار أميركي.
كما قالت نسبة 63.8 بالمئة من العينة، إن ذويهم دفعوا أموالا مقابل وعود بإخلاء السبيل، وفي أكثرية الحالات تجاوزت الأرقام الـ 4000 آلاف دولار أميركي.
للاطلاع على التقرير كاملا، اضغط هنا.