"جثث بعيون اقتلعت وأصحابها، ربما، أحياء. أسنان وفكوك مهمشة، وآثار تعذيب تحملها الجثث المتراكمة في كل مكان، أطفال، ونساء، ورجال"، هكذا وصف "قيصر" السوري ضحايا التعذيب الذي التقط صورهم أثناء عمله مصورا في الشرطة العسكرية التابعة للنظام السوري.
"قيصر" وهو اسم رمزي لسوري تمكن من تهريب آلاف الصور التي توثق جرائم النظام، وبفضلها أصدر الكونغرس قانونا يحمل اسمه.
"قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين لعام 2019، الذي أقره الكونغرس الأميركي، الثلاثاء، يفرض عقوبات على قادة النظام السوري ويلزم الولايات المتحدة بدعم المحاكمة الدولية للمتهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا.
كان قيصر يعمل في مركز التوثيق للشرطة العسكرية بسوريا، مهمته تصوير ضحايا حوادث السيارات والحرائق والانتحار وكل ما له علاقة بوزارة الدفاع، لكن مع اندلاع الحرب كلف هو ورفاقه بتوثيق صور ضحايا التعذيب، في المستشفيات العسكرية.
"طلب من فريقنا بأكمله الذهاب إلى المستشفيات العسكرية والتقاط الصور، للمحتجزين، والمدنيين الذين تعرضوا للتعذيب حتى الموت، قال قيصر في حديث مع شبكة "سي أن أن" الأميركية.
وأضاف "بدأ الأمر بصورة ثم صورتين، ازداد عدد الصور مع الأيام، كانت هناك أيام يصل العدد حتى 10 أو 11 صورة، ثم جاءت أيام قد نلتقط فيها صور لـ40 أو 50 جثة.
كانت الصور لجثث ضحايا تحمل آثار تعذيب: آثار ضرب بالكابلات الكهربائية، فك مكسور، أسنان مهمشة، وكانت كل جثة تحمل رقما.
"إحدى الصور،" يضيف، "كانت لمرآب رملي، كان يبدو وكأنه مسلخ للماشية، رغم أن لا أحد يعامل الماشية بتلك الطريق، الجثث كانت متراكمة لآباء، أمهات وأطفال، متناثرة في الطوابق، وعليها آثار التعذيب".
"جثث بثقوب مكان العينين تظهر أنهما اقتلعتا والضحايا ربما أحياء"، كانت هذه صورة واحدة فقط من الصور التي التقطها قيصر.
كان من الصعب على قيصر رؤية الصور مرة أخرى، بعض الضحايا كانوا من جيرانه وأصدقائه، تطارده صورهم في النوم وحتى في ساعات يقظته.
"لا تمر لحظة دون أن أفكر في الصور، تبقى في عقلي، حتى عندما أقفل عيني لا تختفي، وفقا لما قال للشبكة.
أظهرت الصور المختلفة جثث نساء ورجال جوعى ومذبوحين على أيدي عناصر الأمن في الحكومة السورية.
وكان قد أخذ يحفظ الصور خلسة في أقراص صغيرة، قبل تهريبها إلى خارج البلاد لتعرية وحشية نظام الأسد.
بلغ عدد الصور التي تمكن من تهريبها نحو 55 ألف صورة، تظهر مشاهد قورنت قسوتها بفترة النازيين.
ورغم بشاعة الصور، اضطر بحكم عمله إلى العمل لساعات في التقاطها، تحميلها وإنزالها على أجهزة الكومبيوتر الحكومية، وإنجاز التقارير.
وبحلول سبتمبر 2011، قرر أنه لا يمكن أن يكون جزءا من ذلك. لكنه أراد فضح الفظائع أولا، لذلك بقي، ونسخ سرا الصور وخطط لكيفية إخراجها وإخراج نفسه من سوريا.
وبمساعدة من المعارضة السورية، تمكن "قيصر" من تهريب هذه الصور إلى فرنسا حيث عاش متخفيا لفترة تحت حماية الشرطة.
علم أن مغادرته لسوريا قبل ست سنوات، وكل رحلة يقوم بها لواشنطن للفت الانتباه لجرائم النظام كانت تعني أنه يخاطر بعائلته، التي وجدت ملجأ في دولة أوربية، ومع ذلك واصل رحلاته حتى كللت بالنجاح عندما صادق على الكونغرس قانون يفرض عقوبات واسعة على نظام الأسد وداعميه.
والقانون الجديد اعتمد تقريبا بالكامل على شهادته في 2014 للكونغرس، وزيارته المتكررة لواشنطن للقاء المشرعين لوصف المشاهد المروعة التي شهدها.