المعارض البحريني مطر إبراهيم مطر
المعارض البحريني مطر إبراهيم مطر



جلس الناشط السياسي البحريني مطر إبراهيم مطر على طاولة اجتماعات محاطا بعدد من الباحثين في السياسة العامة والخبراء في سياسة الشرق الأوسط الأميركيين، في إحدى قاعات مؤسسة "جيرمن مارشال فاند أوف ذي يونايتد ستايتس" (gmfus)  في العاصمة الأميركية واشنطن. نظر في عيون الحاضرين، وقال بصوت فيه الكثير من الإصرار "أنا أؤمن بالتغيير، وأعرف تماما أن التغيير يحتاج إلى وقت ليتحقق.. ونحن في البحرين ننتظر من الحكومة أن تصبح جادة في تحقيق الإصلاحات المطلوبة".
 
ففي مطلع العام 2011، بدأت احتجاجات ضخمة في البحرين مستوحاة من أحداث الربيع العربي، مطالبة بتحقيق قدر أكبر من الحرية السياسية والمساواة للأغلبية الشيعية في هذا البلد. وقد توسعت هذه الاحتجاجات لاحقا للدعوة إلى إنهاء حكم الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
 
اتهامات بالتجنيس السياسي
 
ويفخر مطر بكونه جزء من الحراك السياسي المعارض في البحرين. فهو ينتمي إلى جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وهي حزب سياسي شيعي بحريني معارض. وقد أكد لـ"راديو سوا" "أن البحرين صمدت أمام اختبارات صعبة جدا، مشيرا إلى أنه "كان يراد للبحرينيين أن يدخلوا في صراع طائفي لا مخرج منه".
 
ويتحدث مطر عن تزايد حدة الصراع السني الشيعي في البحرين، ويؤكد وجود احتقان مذهبي يصل إلى حد الانقسام بين الطائفتين، لكنه يتهم الحكومة البحرينية والمتشددين بتلوين "المطالبين بالإصلاحات السياسية بألوان سياسية وطائفية من جهة، وبالعمل على تجنيس السنة الوافدين إلى البحرين من جهة أخرى".
 
ويقول مطر الذي يزور واشنطن هذا العام ضمن زمالة مع صندوق دعم الديموقراطية، إن سياسة "إعطاء الجنسية لوافدين سنة وسحبها من شيعة بحرينيين من أصول فارسية أي التجنيس السياسي تحول إلى صلب الصراع في البحرين"، مشيرا إلى أنه "أحد أبرز السمات التي طبعت وتطبع حكم الملك حمد"، مؤكدا أن "غالبية المجنسين يأتون من باكستان، سورية، اليمن، الأردن، الجزائر والمغرب"، محذرا من أن هذه السياسية ستؤدي إلى "التطرف".
 
إعطاء الجنسية لوافدين سنة وسحبها من شيعة بحرينيين من أصول فارسية تحول إلى صلب الصراع في البحرين
مطر مطر

ويعتبر مطر سياسة التجنيس انعكاس لفشل السلطات البحرينية "في استعمال السنة البحرينيين ضد الشيعة البحرينيين.. لذا لم يجد النظام أمامه إلا استقدام سنّة من بلدان أخرى وتوظيفهم في قمع المتظاهرين الشيعة". ويتهم مطر الحكومة باستعمال المجنسين لأغراض  قمعية، مشيرا إلى أن هذا ينتهك حقوقهم المدنية "وهو نوع من الاتجار بالبشر".
 
ويقول "الحكومة تضع المجنسين في الخطوط الأمامية لقمع المتظاهرين، فإذا واجهت ضغوطات دولية أو حقوقية، تحوّل هؤلاء المجنسين إلى المحاكم بتهم التعذيب وممارسة العنف المسرف.. إنهم عالقون في الوسط، وهذه إهانة لهم".
ولا ينفي العاهل البحريني موافقته على التجنيس، لكنه دعا في خطاب أمام البرلمان المجنسين إلى "الالتزام بالقانون والروح الوطنية". وتؤكد السلطات البحرينية أن كل عمليات التجنيس جرت بموجب قانون 1963 وتعديلاته في 1981 و1989.
 
"لن أقبل بنصف حقوق"
 
ومطر، الناشط السياسي الذي اعتقل في مايو/أيار 2011، يقول "تم اعتقالي ضمن عملية استهدفت   مجموعة من الناشطين باسم المعارضة البحرينية"... يسكت للحظة، كأنه يسترجع شريط تلك الأيام، ليقول "كانت ظروفا قاسية، لكنها تجربة جعلتني أقرب إلى الناس واستوعبت معاناتهم أكثر لأني كنت جزءا منها".
 
وعندما اعتقل مطر كان مستقيلا من البرلمان البحريني، لكن التهم التي سيقت ضده كانت بسبب تصريحات أدلى بها خلال تمتعه بحصانة برلمانية. ويؤكد أن استهدافه وقيادات سياسية بحرينية معارضة كان رسالة لكل البحرينيين مفادها "لا يوجد أحد يتمتع بحصانة عندما يطالب بحقوقه السياسية".
 
لا يوجد أحد يتمتع بحصانة عندما يطالب بحقوقه السياسية
مطر مطر

ويتحدث مطر عن حقوق البحرينيين الإنسانية، ويشدد على رفض التسوية على حساب هذه الحقوق، ويقول بصوت لا يخلو من الحدة والأسى "لن أقبل بنصف حقوق إنسان"، مضيفا بنبرة مرتفعة "الناس يموتون بسبب ممارسة العنف بحقهم وبسبب الإسراف بتعذيبهم. هم لديهم حقوق بأن لا تُداهم منازلهم، بأن  يتم اعتقالهم تعسفيا وتعذيبهم. لن أطالب بنصف حقوق، وبنصف تعذيب..".
وتنفي الحكومة البحرينية قيامها بتعذيب السجناء، وتقول إنهم يتمتعون بالحقوق التي تكفلها القوانين الدولية وتتهمهم "بمحاولة قلب النظام وإثارة النعرات الطائفية".
 

ولي العهد والمعارضة
 
ويأمل مطر في أن تتحول مملكة البحرين إلى مملكة دستورية ينتخب الشعب حكومتها بطريقة ديموقراطية. ويقول "رئيس الحكومة (خليفة بن سلمان آل خليفة) موجود في السلطة منذ 42 عاما"، مؤكدا أن "رئيس الحكومة الحالية فشل في التسوية، ومن الواضح أنه لن يستطيع تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" التي أنشئت في 29 يونيو/حزيران 2011 بموجي أمر ملكي.
 
ودعا مطر العاهل البحريني إلى تسمية شخصية بحرينية مقبولة من الأغلبية، متسائلا "لماذا لا يعطي الملك ولي العهد (الأمير سلمان بن حمد آل خليفة) دورا أكبر؟"، مضيفا "نحن مستعدون للتعامل معه، ونطالب المجتمع الدولي لاسيما الولايات المتحدة بتمكينه  من لعب دور سياسي في المملكة. فهو لم يكن له دور في أعمال العنف التي حصلت في البحرين مثل سواه من أفراد العائلة المالكة". ويقول مطر إن "السلطات البحرينية تدفع بالمتشددين إلى الواجهة السياسية"، لافتا إلى أن هؤلاء يمكن أن يوفروا الاستقرار على المدى المنظور، ولكنهم على المدى الطويل لن يتمكنوا من ذلك.
 
وينقسم المشهد السياسي في البحرين، بحسب مطر إلى مجموعتين، "متشددون يحصلون على مزايا بسبب دعمهم للنظام، ومتشددون يجاهرون بعدم قبولهم بالنظام"، محذرا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى "الفظائع".
 
يشار إلى أن ولي عهد البحرين كان قد جدد الشهر الماضي الدعوة للحوار مع المعارضة، مشددا على مواصلة الاصلاحات السياسية والقضائية التي ترى المعارضة أنها غير كافية.
 
دور إيران في الصراع
 
ويقول مراقبون إن ما يؤخذ على المعارضة البحرينية هو تأثرها بإيران. غير أن هذا الناشط السياسي البحريني يؤكد أن "الشارع العربي كله تأثر بالثورة الإسلامية" التي حصلت في إيران عام 1979، "ليس فقط الشيعة، أو شيعة البحرين".
 ويرفض مطر الاتهامات التي تساق ضد المعارضين الشيعة والتي تصفهم بأنهم "عملاء لإيران"، ويتساءل "كيف يمكن اتهام نصف الشعب البحريني بالعمالة لإيران؟"
 
كيف يمكن اتهام نصف الشعب البحريني بالعمالة لإيران؟
مطر مطر

ويكشف مطر عن أن البحرينيين يبحثون عن نموذج سياسي آخر، قائلا "إيران لم تعد نموذجا واعدا للبحرينيين بعدما رأوا كيفية تفاعلها السلبي مع التغيير في سورية ودعمها للنظام الرئيس بشار الأسد"، مشددا على أن "النظام الثيوقراطي ليس واردا في البحرين".
 
ويؤمن مطر بحكمة المجتمع البحريني، ويقول "هو مجتمع مثالي.. صحيح أنه حصلت أحداث طائفية.. لكني اعتقد أن البحرينيين نجحوا في أن يعبروا هذه الأزمة".

الجولاني أصبح الحاكم الفعلي في دمشق بعد هروب الأسد
الجولاني أصبح الحاكم الفعلي في دمشق بعد هروب الأسد. (X / @aleamaliaat_ale)

بعث ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، رسالة إلى قائد هيئة "تحرير الشام"، أحمد الشرع المعروف بـأبي محمد الجولاني، عبر له فيها عن استعداد بلاده للتعاون مع السلطات الجديدة في سوريا، ومواصلة "التشاور والتنسيق" معها.

وحسب وكالة أنباء البحرين، عبر الملك في رسالته عن "الإشادة بتعاون رئاسة إدارة الشؤون السياسية مع السفراء العرب المقيمين في دمشق".

وأضافت الوكالة أن الملك بعث تلك الرسالة بصفته رئيس الدورة الحالية للقمة العربية.

وأكد آل خليفة في رسالته على أهمية "الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، وسلامتها واستقرارها والاستجابة لتطلعات شعبها".

كما عبر ملك البحرين عن تطلعه لعودة سوريا إلى "دورها الأصيل في جامعة الدول العربية".

وبات الشرع قائد "هيئة تحرير الشام"، التي تصنفها واشنطن إرهابية، يستخدم اسمه الحقيقي بدلاً عن "أبو محمد الجولاني"، بعدما نجحت قواته في السيطرة على دمشق وهروب الرئيس السابق، بشار الأسد، ليصبح الحاكم الفعلي للبلاد، بعد أن كان نفوذه مقتصراً على منطقة إدلب.