مظاهرة للمعارضة الشيعية في البحرين ، أرشيف
مظاهرة سابقة للمعارضة في البحرين-أرشيف

​بعد نحو أسبوعين، تحل الذكرى الثانية للاحتجاجات الشعبية في البحرين، ووجه الملك حمد بن عيسى آل خليفة دعوة للمعارضة من أجل استئناف الحوار، ورحبت الأخيرة بالدعوة.
فهل ينجح الحوار هذه المرة في إخراج البحرين من نفق أزمة سياسية محتدمة منذ نحو عامين؟

كشفت الأز

جانب من تظاهرة للمعارضة الشيعية في البحرين ، أرشيف

مة أن الطرفين: السلطة والمعارضة، غير قادرين على حسم الأمور لصالح أي منهما. فالمعارضة بتشكيلاتها المختلفة، لا سيما  جمعية الوفاق، تعرف وربما تعترف بعدم قدرتها على تحقيق "دعوات الإصلاح أو التغيير" عبر حشد الشارع وقوة الاحتجاجات، ناهيك عن قدرتها على قيادة الشارع والتحكم فيه.

وفي المقابل لا يبدو أن الحكومة قادرة على تهدئة الشارع والتحكم في حركته الغاضبة تارة والهادئة تارة أخرى.

ولا تعد الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية شيئا جديدا في البحرين، لكن الجديد هذه المرة هو أنها تأتي في ظل عاصفة غير مسبوقة من التحولات يشهدها العالم العربي، تفرض قراءة جديدة ومختلفة من قبل السلطة كما من قبل قوى المعارضة وقوى الحراك المدني.

ويعد يوم 14 فبراير 2011، دون شك، علامة فارقة في تاريخ الحراك السياسي في هذا البلد العربي الخليجي، ففي ذلك اليوم وضمن موجة احتجاجات ما يعرف بالربيع العربي، لاسيما الثورة المصرية التي كانت تدك أركان نظام الرئيس مبارك وتعصف به، استعاد البحرينيون "عاطفة" الاحتجاجات المتأصلة، وخرجوا إلى ما كان يُعرف بـ"دوار اللؤلؤة" في قلب العاصمة المنامة، والذي تحول إلى عنوان دائم للاحتجاجات ومقر إقامة المعتصمين، على شاكلة ميدان التحرير في القاهرة وساحة القصبة في تونس، لكن السلطات البحرينية قامت بهدم "دوار اللؤلؤة" في 18 مارس 2011 .

 ولم يكن مطلب إسقاط النظام هو شعار الاحتجاجات في دولة يحكمها نظام ملكي، بل كان المطلب هو قيام ملكية دستورية تفضي إلى تعديلات دستورية وإلى قيام دولة مواطنة تكفل الحرية والعدالة والمساواة للجميع، بمن فيهم الشيعة الذين يتحدثون عن تمييز طائفي في الوظائف والفرص الاقتصادية، وهم الذين يشكلون أغلبية السكان، كما يقولون.

غير أن الشعار تطور ليطالب بإسقاط النظام خصوصا مع ما نٌظر إليه من تعاط قمعي عنيف من قبل السلطة ضد المحتجين، واستعانة الحكومة البحرينية بقوات من درع الجزيرة لـ"ضبط الأمن وحماية مرافق الدولة"، ثم محاكمة من يوصفون برموز الحراك الشعبي، وإصدار أحكام ضد بعضهم بالسجن مدى الحياة، كالناشط الحقوقي البارز عبد الهاي الخواجة.

وتعد البحرين حالة خاصة ومختلفة، بخلاف دول الخليج العربية الأخرى، لأنها تتميز بتجربة مبكرة ومتصلة بالحراك السياسي والنقابي، وقد شهدت أول انتخابات عام 1919 عندما اختار البحرينيون ممثليهم في المجلس البلدي، وفي فبراير 1956 عُقدت ثاني انتخابات لاختيار أعضاء "مجلس الصحة والتعليم".

أما الحركة العمالية فتعود إلى العام 1938  والتي تطورت لتصبح الاتحاد العمالي في خمسينيات القرن العشرين. هذا الاتحاد قاد سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات "العمالية والشعبية" بهدف تحسين أوضاع العمال وتشكيل نقابات واتحادات مهنية معترف بها.

ويُعتقد أن البحرين هي التي افتتحت تاريخ التعليم الحديث في الخليج بإنشاء أول مدرسة نظامية عام 1919 وأول مدرسة نظامية للبنات عام 1928.

الجمعيات السياسية هي من ستقود الحوار والدولة سوف تبارك ما سيتم الاتفاق عليه بين الجمعيات دون أي فرض
وزير الخارجية البحريني

هذا التاريخ الحي والمتصل من الحراك السياسي في البحرين يضع السلطة والمعارضة على خط تحديات مشتركة: إخراج البلاد من الأزمة الراهنة. ولعل الوعي بهذه التحديات وبثقل التاريخ المعاصر والوعي بفشل كل طرف في  فرض "قانونه وشروطه" على الطرف الآخر، إلى جانب معطيات إقليمية ودولية مختلفة، هو ما دفع الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى توجيه الدعوة للمعارضة لاستئناف الحوار الوطني، و هو ما حدا بالمعارضة إلى الترحيب بدعوة الملك وطلب تحديد جدول زمني للحوار.

وقد أعلن وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن "الجمعيات السياسية هي من ستقود الحوار والدولة سوف تبارك ما سيتم الاتفاق عليه بين الجمعيات دون أي فرض".

وتسود أجواء من التفاؤل الحذر، في البحرين حاليا لأن حالة عدم الثقة التي طبعت العلاقة بين الحكومة والمعارضة، خصوصا في جولة الحوار الأولى التي انطلقت في 2 يونيو 2011 وتوقفت بعد أقل من أسبوعين لاتزال ماثلة وتهدد جولة الحوار الجديدة، لكن ثمة من يقول إن الجميع استوعب درس العامين الماضيين، فدوار اللؤلؤة لن يعود شاخصا في قلب المنامة، لكن، في المقابل، لن تعود البلاد إلى وضع ما قبل 14 فبراير 2011.

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف تحضر منتدى حوار المنامة
ليف شددت على أهمية قرار مجلس الأمن لحل الأزمة في سوريا

تستمر فعاليات مؤتمر حوار المنامة وقمة الأمن العالمي وسط أجواء مشحونة بالأحداث السياسية والأمنية التي تلقي بظلالها على المنطقة. 

وفي قلب هذه النقاشات، فرضت الأوضاع المتأزمة في سوريا نفسها بقوة، حيث شكلت محورًا رئيسيًا للنقاشات التي تسعى للبحث عن حلول جذرية، إلى جانب التطورات المتعلقة بلبنان وملف غزة.

سوريا.. أزمة إنسانية ومسار سياسي معطل

في مقابلة خاصة مع "الحرة"، تحدثت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، عن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في سوريا، واصفةً إياها بالمقلقة. 

وأكدت أن الولايات المتحدة تركز على حماية المدنيين الذين يتعرضون للخطر، لا سيما الأقليات مثل الأكراد والمسيحيين والعلويين. وقالت:"ندعو جميع الأطراف المتحاربة إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية."

وفيما يتعلق بالحل السياسي، شددت ليف على أهمية قرار مجلس الأمن رقم 2254، باعتباره المسار الوحيد لإنهاء الصراع في سوريا. غير أنها ألقت باللوم على النظام السوري بقيادة بشار الأسد الذي لم يتعامل مع القرار بجدية.

وتطرقت ليف إلى دور القوى الإقليمية المؤثرة، مشيرة إلى أن تركيا تمتلك نفوذًا على بعض الجماعات المسلحة، مثل "الجيش الوطني السوري"، قائلة: "نأمل أن تمارس تركيا هذا النفوذ لضمان الالتزام بالمعايير الإنسانية وحماية المجتمعات المدنية."

أما إيران، فوصفت دورها في سوريا بالمدمر على مدار السنوات الماضية، معبرة عن عدم تفاؤلها بأي تحركات إيجابية من جانبها.

وقف إطلاق النار في لبنان.. اختبار دقيق

وفي سياق آخر، تطرقت ليف إلى التطورات في لبنان، حيث أكدت أن وقف إطلاق النار، رغم بعض الخروقات، ما زال صامدًا. وأوضحت أن هناك ترتيبات متقدمة تتعلق بآلية المراقبة، مع وجود فريق أميركي يعمل ميدانيًا من بيروت لضمان التنفيذ. ووصفت هذه المرحلة بـ"الاختبار الدقيق" الذي يمتد لمدة 60 يومًا، معبرة عن أملها في استمرار الهدوء النسبي.

ملف غزة.. جهود دبلوماسية لإحراز تقدم

على الجانب الفلسطيني، كشفت ميرا ريزنيك، نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون العلاقات الإسرائيلية والفلسطينية، عن الجهود الأميركية المكثفة للتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي. وقالت ريزنيك:

"نتلقى إشارات من حماس حول المقترحات المطروحة، لكن لا شيء حاسم حتى الآن. نحن نؤمن بأن إسرائيل قد حققت أهدافها العسكرية، ونسعى الآن للوصول إلى مرحلة تتجاوز فيها المنطقة هذا الصراع."

وأشارت ريزنيك إلى التنسيق الأميركي الوثيق مع الحكومة الإسرائيلية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وكشفت عن خطوات محددة اتفقت عليها الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان عودة السكان إلى منازلهم بعد فترات الإجلاء، ووصفت هذه الجهود بأنها مفتاح لتحقيق تهدئة إنسانية موسعة.

بريطانيا تنضم إلى اتفاقية التكامل الأمني

وفي خطوة لافتة على هامش المؤتمر، أعلنت بريطانيا انضمامها إلى اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل التي أطلقتها الولايات المتحدة والبحرين العام الماضي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط من خلال التعاون الدفاعي والتكامل في مواجهة التهديدات الخارجية، مما يفتح آفاقًا جديدة للشراكة الاستراتيجية بين الدول المشاركة.