أصدرت المحكمة الجنائية في البحرين حكما بالسجن 15 عاما على 17 مواطنا أدينوا بتهمة تفجير عبوة ناسفة في قرية العكر جنوب العاصمة المنامة في ابريل/ نيسان الماضي.
وقال مصدر قضائي إن النيابة العامة وجهت للمتهمين تهمة الشروع في قتل أربعة من رجال الشرطة بعد "أن بيتوا النية على ذلك، ووضعوا الحواجز على الطريق وبداخلها العبوة الناسفة بقصد قتلهم".
كما وجهت السلطات إلى المتهمين الـ17 تهم السعي إلى "تنفيذ غرض إرهابي" و"بتفجير عبوة ناسفة بقصد ترويع الآمنين" و "إشعال حريق من شأنه تعريض حياة الناس وأموالهم للخطر".
جدير بالذكر، أن الانفجار أدى إلى إصابة عناصر الشرطة بجروح.
وتشهد البحرين حركة احتجاجات تقودها الأغلبية الشيعية منذ فبراير/شباط 2011.
وأخذت هذه الاحتجاجات منحا تصعيديا، خصوصا بعد أن وضعت السلطات بالقوة حدا للاحتجاجات في دوار اللؤلؤة في المنامة في مارس/آذار 2011.
مرت سنتان حتى الآن على دخول قوات "درع الجزيرة" إلى مملكة البحرين. ففي 14 مارس/آذار من سنة 2011 عبرت مدرعات عسكرية سعودية تحمل 1000 جندي سعودي مُسانـَدة بـ 500 رجل شرطة إماراتي، جسر الملك فهد الرابط بين المملكتين بدعوة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ودخلت قوات درع الجزيرة البحرين من أجل إخماد المظاهرات التي كانت قد اندلعت في العديد من المدن البحرينية وعلى رأسها العاصمة المنامة التي شهدت اعتصامات بميدان اللؤلؤة، الذي كان قد تحول إلى رمز للحراك البحريني المطالب بمزيد من الإصلاحات السياسية من أجل تحقيق الديموقراطية.
ويعتبر المساندون لمجيء قوات "درع الجزيرة" أن الأمر كان إيجابيا لأنه ساهم في الحفاظ على استقرار البلد وحمايته من "المؤامرات الخارجية"، في حين يرى المعارضون لتلك القوات أنها ساهمت فقط في الإبقاء على نظام آل خليفة الحاكم، ويعتبرونها "قوات احتلال" يجب أن تغادر في أقرب وقت ممكن.
المعارضة ترفض التدخل الخليجي
نظمت المعارضة البحرينية بمناسبة الذكرى الثانية لدخول قوات "درع الجزيرة" للبلاد فعاليات إضراب "الكرامة ـ 2" الخميس، فقد خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بانسحاب القوات السعودية ومحاسبة عناصرها في محاكم دولية بسبب ما وصفتها المعارضة بـ"انتهاكات ارتـُكبت بحق الشعب البحريني الأعزل".
قيامنا بهذه المهام تنفيذ لاتفاقيات دول مجلس التعاون
اللواء الأزيمع
وتأتي هذه المظاهرات تعبيرا عن رفض المعارضة الدائم لأي تدخل عسكري خارجي، فقد اعتبر زعماء المعارضة دخول القوات السعودية للبحرين "احتلالا سافرا" منذ اليوم الأول، وحذروا من "حرب" ضد المدنيين.
كما دعت المعارضة التي تنضوي تحت لوائها سبع جمعيات سياسية أهمها جمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الأكبر في البلاد، المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى "حماية المدنيين" في البحرين مما اعتبرته "خطر التدخل العسكري الخارجي".
ووجهت الجمعيات السبعة نداء للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان مشترك اعتبرت فيه أن "شعب البحرين في خطر حقيقي يتهدده بشن حرب من قبل جيش مسلح ضد المواطنين البحرينيين دون إعلان حالة الحرب"، في إشارة إلى القوات الخليجية.
وأضافت الجمعيات في ندائها قائلة "نعتبر دخول أي مجند أو آلية عسكرية إلى مناطق السيادة البرية والجوية والبحرية احتلالا سافرا لمملكة البحرين وتآمرا على شعب البحرين الأعزل، يخالف الاتفاقيات والأعراف الدولية في السلم والحرب".
الملك يؤكد على ضرورة التدخل الخليجي لحماية البحرين
مقابل رفض المعارضة المطلق لأي تواجد عسكري بالبلاد، فإن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة اعتبر قوات "درع الجزيرة" ضرورية من أجل حفظ سيادة الدولة، ووجه خطاب شكر للقوات التي جاءت من دول الجوار للمساعدة على إنهاء الاضطرابات المتزايدة بعد أسابيع من بداية الاحتجاجات.
وأكد العاهل البحريني حسبما جاء في وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أنه تم "إفشال مخطط يحاك ضد البحرين وباقي دول مجلس التعاون الخليجي منذ ثلاثين سنة"، وأضاف أن المخطط الخارجي استهدف البحرين كبداية، و"أنه إن نجح في إحدى دول مجلس التعاون فقد يعم بقية هذه الدول".
درع الجزيرة ليس لمساعده الشعب البحريني على عدوان خارجي، وإنما لمد يد العون لحاكم البحرين في عدوانه علي شعبه وتطلعاته للديمقراطية والحرية
الصحافية سمر جابر
ولم يسم الملك حمد الجهات الخارجية التي يتهمها بالوقوف وراء المخطط، ولكن يُعتقد أن المقصود بهذه الاتهامات هو إيران، خصوصا بعد أن أوقف البلدان عمل البعثات الدبلوماسية وتبادلا طردا الدبلوماسيين.
لحماية نظام آل خليفة أم لحماية البلاد؟
يرى نشطاء المعارضة أن الملك حينما وجه الدعوة للقوات السعودية من أجل دخول البحرين، فإنه إنما قام بذلك لحماية نظامه خوفا من تصاعد حدة المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس رابطة شهداء البحرين مكي أحمد أبو تاكي في تصريحات صحافية إن النظام "قام بجلب جيش الاحتلال السعودي لمحاصرة واستباحة المناطق السكنية وإخماد الثورة التي حاصرته"، وأضاف أن النظام "ليس جاداً في مسألة الحوار بل هي خدعة لامتصاص النقمة الشعبية".
كما قالت الصحافية سمر جابر على موقع "أخبارك" إن دول الخليج أوفدت قوات "درع الجزيرة ليس لمساعده الشعب البحريني على عدوان خارجي، وإنما لمد يد العون لحاكم البحرين في عدوانه علي شعبه وتطلعاته للديمقراطية والحرية".
وأكدت الناشطة أحلام عون وليد الضو في جريدة "المنشور اللبنانية" أن الثورة في البحرين مازالت مستمرة، وأن النظام كان يعتقد أن دخول قوات "درع الجزيرة المحتلة" في العام 2011 سوف ينهي وبشكل قاطع الحراك الشعبي، ولكنه تفاجأ بأن الشعب "كسر جدار الخوف ولا زال مستمرا في حراكه".
وفي نفس الاتجاه، يذهب آل فاضل عباس أمين عام "التجمع الديمقراطي الوطني الوحدوي"، إذ يعتبر أن النظام البحريني أقدم على استدعاء تلك القوات "لقمع شعبه في بادرة هي الأولى من نوعها" في العالم العربي والإسلامي، وكذلك في المجتمع الدولي، التي يستعين فيها النظام بقوات أجنبية لضرب حركة شعبية وتظاهرات سلمية.
وتعتبر المعارضة البحرينية أيضا أن التدخل الخليجي جاء من أجل حماية آل خليفة السُنـّة من ثورة شعب أغلبيته شيعة (حوالي 70 في المائة).
"جئنا لحماية البلد وليس النظام"
لكن اللواء الركن مطلق بن سالم الأزيمع، قائد قوات "درع الجزيرة" نفى بشكل قاطع اتهامات المعارضة البحرينية وشدد في حوار سابق مع جريدة "الشرق الأوسط" على أن مهمة القوات تتمثل في تأمين المواقع العسكرية الهامة والإستراتيجية من أي تدخل خارجي.
وأضاف الأزيمع أن الأجهزة البحرينية انشغلت بتدبير أمور أمنها الداخلي مما زاد من حاجتها إلى تأمين حدودها الدولية، وأفاد أن البحرين تعد جزءا من المنظومة الخليجية وأن قواتها تخدم ضمن "درع الجزيرة".
وأوضح المسؤول الأمني قائلا "قيامنا بهذه المهام هو جزء مهم وأساسي نظرا للدور الذي يمكن أن تضطلع به تلك القوات تنفيذًا لاتفاقيات دول مجلس التعاون".
ولتأكيد كلامه، قال اللواء الأزيمع إن قوات "درع الجزيرة" بقيت متمركزة في المواقع المخصصة لحماية الحدود البحرينية، وهذا "تأكيد على أنها لم تأتِ بسبب الشأن الداخلي، بل جاءت إلى ما هو أكبر".
وتبادل المغردون وعلى موقع "تويتر" الاجتماعي تعليقات وصورا ومقاطع فيديو حول الذكرى الثانية لدخول قوات درع الجزيرة الأراضي البحرينية، وانقسموا بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة.