أثارت المباحثات الإماراتية والمصرية مع المسؤولين القطريين في الكويت التساؤلات مجددا بشأن عقد اجتماع مماثل بحريني قطري لإنهاء الخلافات بين البلدين التي استمرت حتى بعد القمة الخليجية.
والإثنين، عقد أول لقاء بين الإمارات وقطر، في الكويت للتباحث حول متابعة مخرجات بيان "العلا"، وفق ما قالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام)، فيما عقد لقاء مماثل بين وفد مصري ووفد قطري في الكويت أيضا.

وبحث الجانبان الإماراتي والقطري في أول لقاء يجمع البلدين بعد المصالحة التي شهدتها قمة العلا "الآليات والإجراءات المشتركة"، بهدف الحفاظ على "اللحمة الخليجية، وتطوير آليات العمل الخليجي المشترك، وبما يحقق الاستقرار والازدهار في المنطقة".
كذلك، قال بيان لوزارة الخارجية القطرية، الثلاثاء، إن "وفدين رسميين من دولة قطر وجمهورية مصر العربية يعقدان اليوم بدولة الكويت اجتماعهما الأول لوضع آليات وإجراءات المرحلة المستقبلية بعد بيان قمة العلا بالمملكة العربية السعودية الصادر في الخامس من يناير 2021"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا).
وبعد القمة التي استضافتها السعودية في 5 يناير الماضي، وأنهت مقاطعة الرباعي العربي للدوحة، قال وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني، إن قطر "لم تُبدِ بعد صدور بيان العلا أية بادرة تجاه حلحلة الملفات العالقة مع مملكة البحرين، أو استجابة للتفاوض المباشر حول تلك الملفات"، بحسب ما نقلته وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).
في 11 يناير، بعث وزير الخارجية البحريني رسالة إلى نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يدعو فيها الجانب القطري لإرسال وفد رسمي إلى البحرين "في أقرب وقت ممكن لبدء المباحثات الثنائية بين الجانبين حيال القضايا والموضوعات المعلقة بين البلدين تفعيلا لما نص عليه بيان العلا"، بحسب الوكالة البحرينية.
لكن الخلافات ارتفعت حدتها بعد قضية الصيادين البحرينيين الذين اعتقلتهم الدوحة قبل أن تطلق سراحهم لاحقا، في وقت تتهم فيه المنامة السلطات القطرية بـ "التعرض للصيادين البحرينيين في عرض البحر وإلقاء القبض عليهم دون وجه حق".
وتؤكد الدوحة أن الصيادين البحرينيين يتواجدون في مياها الإقليمية بشكل غير قانوني.
ويرى الإعلامي القطري عبدالعزيز آل إسحاق أن "السلوك الدبلوماسي البحريني بعد اتفاق العلا مختلف عن الدول الثلاث، وخرج عن الإطار المرسوم للمصالحة".
وقال آل إسحاق لموقع "الحرة" إن بيان العلا نص على "حل الخلاف مع قطر عن طريق المباحثات الثنائية بشكل تدريجي وبناء على خلافات كل دولة"، مردفا: "السعودية أكثر انفتاحا بعد فتح السفارة ورفع كثير من القيود، وكذلك مصر ذهبت في اتجاه السعودية وقدمت مبادرات تؤكد حسن النية، إضافة إلى الإمارات من خلال تصريحات مسؤوليها الأخيرة".
في 12 فبراير، قال مستشار ملك البحرين للشؤون الدبلوماسية ووزير الخارجية السابق الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، إن "مجلس التعاون واجه تحديات ومعوقات عديدة جميعها جاءت من قطر".
ولخص خالد بن أحمد "التحديات والمعوقات" في سلسلة تغريدات عبر حسابه بموقع تويتر، مشيرا إلى أنها أضرت بالعلاقات الأخوية التاريخية بين دول مجلس التعاون، على حد تعبيره.
1.) مثل ما حقق مجلس التعاون الكثير من الخطوات الهامة لصالح العمل الخليجي المشترك ، الا انه واجه العديد من التحديات و المعوقات التي هددته و اضرت بالعلاقات الاخوية التاريخية بين دوله . و يمكننا حصرها في التالي
— خالد بن أحمد (@khalidalkhalifa) February 12, 2021
لكن آل إسحاق يقول إن "البحرين افتعلت أزمة الصيادين ووجهت رسائل غير دبلوماسية انتهت بشكواها لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون".
وتابع: "كنوع من أنواع المناوشات العسكرية، زجت البحرين بالصيادين لإدخالهم المياه الإقليمية القطرية، تبعها هجوم إعلامي ضد الدوحة خلّف إشكالية جديدة بعد اتفاق العلا وساهم في تأخير مفاوضات التصالح".
ولفت آل إسحاق إلى أن "أساس الأزمة بدأ من البحرين التي تعتبر أول من أصدرت بيان قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، والدول الثلاث الأخرى تبعتها في هذا الإجراء وتضامنت معها".
وأشار إلى أن "البحرين طلبت من قطر أن ترسل وفدا إليها، على الرغم من أن الاتفاق جاء بأن تكون المباحثات من خلال الوساطة الكويتية كما حدث مع الإمارات ومصر".
وأوضح أن الخلاف الذي استمر 3 سنوات تعرض فيه الرباعي لملفات كثيرة بدرجات مختلفة، مشيرا إلى أنه "ليس من السهل أن تحل كل الخلافات بنفس الدرجة مع كل الأطراف، فمثلا حل الخلاف مع مصر أسهل من البحرين".
ومع ذلك، لا يستبعد الإعلامي القطري أن يُعقد اجتماع بحريني قطري عن طريق الوساطة الكويتية في وقت قريب.
وأردف: "قمة العلا كانت بداية (...)، واللقاء البحريني القطري ربما يكون مسألة وقت (...)، وإن حدث سيكون بداية لحل المشاكل العالقة بين الطرفين، لكنه لن ينهي كامل الخلافات"، موضحا أن الوسيط الكويتي يتحرك بقوة في هذا الجانب.

خلاف أزلي
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي البحريني إبراهيم النهام إن "الجانب القطري لا يريد التصالح مع البحرين"، لأن "نظام الدوحة يملك عقدة أزلية تجاه المنامة، ويرى بأن الأضرار بالأمن القومي البحريني نهج لا يجب التوقف عنه"، على حد قوله.
وكانت مسألة النزاع الحدودي بين البحرين وقطر موضع خلاف قديم منذ ثلاثينات القرن الماضي، حيث بلغ هذا النزاع ذروته في الثمانينات.
وبعد اتجاه قطر لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، انتهى الخلاف عبر هذه المحكمة الدولية في العام 2001 بحزمة من القرارات النهائية.
ويتمثل قرار المحكمة الدولية غير القابل للاستئناف، منح البحرين السيادة على جزر حوار وجزيرة قطعة جرادة، بينما حصلت قطر على السيادة على جزر جنان وحداد جنان والزبارة وفشت الديبل، وحصلت قطر أيضا على أحقية مرور السفن التجارية السلمي في المياه الإقليمية للبحرين الواقعة بين جزر حوار وحدود الجزيرة الأم للبحرين.
وأضاف لموقع "الحرة" أن "البحرين دولة متسامحة مع الجميع، لكن قطر لديها مشكلة تاريخية معنا. وزارة الخارجية طلبت الاجتماع مع المسؤولين القطريين لحل الملفات العالقة بين البلدين في مباحثات ثنائية، إلا أن الطرف الآخر يتجاهل دعوات الحوار".
وأردف: "بعد قمة العلا، عمل الجانب القطري على حل بعض الملفات بينه وبين الدول المقاطعة باستثناء البحرين، وهذا يعني أن الدوحة هي التي لا تريد حلا تصالحيا مع المنامة، بدليل افتعال مشاكل مثل قضية الصيادين".
ولم تتخذ البحرين خطوات فعلية للتقارب مع قطر باستثناء فتح المجال الجوي، حيث أعادت الرياض العلاقات الدبلوماسية، كما أعادت السعودية والإمارات ومصر الرحلات الجوية مع الدوحة، وهو أمر لم تفعله المنامة.
وقال النهام إن بلاده "تمارس أقصى سياسات ضبط النفس مع الاستفزازات القطرية عبر عقود ماضية، وهو نهج يعكس حكمة الدولة البحرينية ورشدها"، متابعا: "البحرين دولة مؤسسات مدنية وستظل كذلك".
"صلح صوري"
ويرى الباحث والمحلل السياسي البحريني عبدالله الجنيد أن البحرين ملتزمة بنتائج قمة العلا، قائلا: "المبادئ التي قام عليها بيان العلا واضحة ومُلزمة لجميع الأطراف، والاجتماعات الثنائية حيوية لحل القضايا البينية العالقة".
وقال لموقع "الحرة" إن "مماطلة الدوحة لا تعني أن البحرين لا تملك مسارات أخرى قابلة للتوظيف لحسم مثل هذه التباينات، مردفا: "ربما يمثل الاجتماع الإماراتي القطري في الكويت أحدها".

ومع ذلك، لا يستبعد الجنيد وجود قنوات لحل الأمور العالقة، لكن "يتوجب على قطر إثبات حسن النوايا عملا بمبدأ مصلحة العمل المشترك".
وتابع: "البحرين كانت أكبر الداعمين للمجلس منذ انطلاقته، والبحرين لن تكون في عزلة بسبب الموقف القطري من دعوة وزير الخارجية الزياني".
بدوره، استبعد آل إسحاق أن يذهب الخليج لمرحلة عزل أي طرف من أطرافه، مضيفا: "هناك قضايا مشتركة وأوضاع اقتصادية "تتطلب توحيد المواقف، وعدم ظهور الكتلة الخليجية متفرقة.. التحديات الإقليمية والدولية تتطلب وحدة خليجية حتى وإن كانت صورية أو هشة".