عندما انخفضت أسعار النفط في مارس الماضي، استطاعت روسيا تحمل ذلك من خلال دعم اقتصادها ماليا، ما ساعد شركات النفط على تحمل الأزمة. لكن الأمر الآن لن يكون بذات السهولة، بحسب مقال الخبيرة الاقتصادية كلارا فيري، المنشور على موقع وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
وقد تسبب فيروس كورونا في إغلاق المجال العام في روسيا حتى نهاية أبريل، وسط أزمة طلب على النفط غير مسبوقة.
وترى الكاتبة أن روسيا قد ترغب في إبرام اتفاق لخفض الإنتاج مع دول أخرى، حتى ولو بهدف وقف تراجع إيراداتها فقط، وذلك من أجل وقف انخفاض شعبية بوتين وتراجع اقتصاد البلاد.
وأشارت الكاتبة إلى أن الأزمة الأخيرة قد أثرت على درجة قبول الرئيس الروسي داخل البلاد، والذي يخطط للبقاء في السلطة من خلال تعديل الدستور، وقد يساعد الاتفاق النفطي على تناقص شعبية بوتين.
وترى فيري أن روسيا حاليا قد أصبحت أقل عرضة للخطر مقارنة بالماضي، وهذا يعود جزئيا إلى الاحتياطات المالية التي لديها، بالإضافة إلى أن البلاد قد أصبحت مكتفية ذاتيا أكثر فيما يخص الغذاء.
لكن، انخفاض أسعار النفط بهذا الشكل يعتبر أمرا قاتما على موسكو، إذ سيصبح هامش الربح أقل حتى بالنسبة لمنتجي النفط الروس، بالإضافة إلى التأثير على ميزانية الدولة في استثمارات الطاقة، مما سيؤثر بالسلب على معدلات التوظيف والاستهلاك.
وبحسب بنك روسيا، فإن الإغلاق جراء فيروس كورونا، قد يكلف الناتج المحلي الإجمالي نقص بمقدار ١.٥ بالمئة إلى ٢ بالمئة.
وقد حدث أسوأ سيناريو بالنسبة للحكومة خلال الشهر الماضي، عندما تقلص الاقتصاد بنسبة ١٠ بالمئة، حيث يعتبر هذا انخفاضا اقتصاديا كبيرا بالنسبة لروسيا، كما ترى الخبيرة الاقتصادية.
وتريد روسيا حصة أكبر من سوق النفط، لكن مع الانخفاض على طلب النفط عالميا بحيث أصبح أقل من ١٠٠ مليون برميل في اليوم أحيانا، قد تصبح سياسة الضغط على منتجي النفط الصخري غير مجدية، إذ ستؤثر الأزمة أيضا على شركات روسية ناشئة في مجال صناعة النفط الصخري.
ويرى البعض أن خطوة روسيا الأخيرة من وراء رفض تخفيض إنتاج النفط، هو الضغط على الشركات الأميركية ومنتجي النفط خاصة الذين يعملون في مجال الصخر الزيتي، ناهيك عن الحد من الطموح الأميركي بأن تصبح المصدر الأكبر للطاقة في العالم.
وعلى أية حال، لن يؤدي الوصول لاتفاق بخصوص كميات النفط المنتجة إلى حل لأزمة سعر النفط الخام، فمن جهة سيصعب على روسيا خفض الإنتاج، وحتى إن قبلت سيكون في حدود ٥٠٠ ألف إلى مليون برميل في اليوم على الأكثر.
وتخلص فيري في نهاية مقالها، إلى أنه كلما طال زمن الأزمة، كانت روسيا وبنوكها أقل من ناحية القدرة المالية، وسيتعين على موسكو تقديم الدعم للشركات والأسر، وما يجعل الأمر أسوأ هو أن البلاد لديها قدرة محدودة على تخزين النفط.