تسببت جائحة كورونا في أزمة بطالة كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية، نتيجة تداعيات أجبرت اقتصادات العالم على التوقف، لكن وضع العاطلين عن العمل بحكم أزمة الوباء في الدول الأوروبية، يبدو مختلفا عن الواقع في الولايات المتحدة، التي تقدم فيها حوالي 17 مليون شخص بطلبات للحصول على إعانات خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
توقعات الوضع الأوروبي
ولا يختلف الوضع "السوسيو - اقتصادي" للعاطلين عن العمل الأوروبيين عن نظرائهم الأميركيين، إذ تشير الأرقام التي قدمها البنك المركزي الفرنسي، إلى انكماش اقتصاد فرنسا بنسبة 6 في المائة في الربع الأول من السنة الجارية، وهو أسوأ انخفاض منذ عام 1945، تاريخ الحرب العالم الثانية.
لكن في المقابل، يستفيد عدد كبير من العمال في أوروبا من تدخل الحكومات ببرامج مكلفة، لدعم أجورهم بسبب الجائحة، لتجنب تسريحهم.
وفي ألمانيا، أقوى الاقتصاديات الأوروبية، تتوقع أرقام مراكز الدراسات الألمانية، زيادة في البطالة هذا العام، تتراوح من 0.2 إلى 0.5 نقطة مئوية.
يعتقد معهد "إلفو Ifo" للأبحاث الاقتصادية والاستشارية في ألمانيا، أن معدل البطالة في ألمانيا سيبلغ ذروته عند 5.9 بالمائة في منتصف العام قبل أن ينخفض.
وحسب أرقام أخرى، صادرة عن حكومة برلين، فقد أبلغ 650 ألف صاحب عمل بحلول الأسبوع الماضي، عزمهم على الاستفادة من برنامج العمل قصير المدى في البلاد.
وحسب تقرير لـ"واشنطن بوست"، فما جعل دول اليورو، أقل تأثرا ببطالة أزمة "كورونا"، هو اعتماد الجهات الحكومية على تقليص ساعات عمل الموظفين ودفع أجور ثلثي راتبهم، وفي القطاع الخاص، لا تـدفع الشركات الأجور مقابل تسريح ظرفي حتى نهاية الأزمة، لتعود الأمور إلى نصابها لاحقا.
وهذا النظام، يعترف العديد من الاقتصاديين بفاعليته، إذ مكن ألمانيا من العودة القوية بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008، نظرا لأن شركاتها لم تفقد خبرة عمالها وكانت على استعداد لتكبير طاقتها الكاملة بمجرد بدء الانتعاش.
وفي المقابل، قدر البنك الاستثماري JPMorgan Chase (مقره في نيويورك) أن تصل البطالة في الولايات المتحدة، إلى 20 بالمائة في الربع الثاني من العام الجاري.
لكن يظل السؤال قائما حول ما إذا كانت الخطة الأوروبية المتبعة لتجاوز أزمة بطالات أزمة كورونا مكلفة للغاية؟
كلفة الخطة
الجواب حسب تقرير اقتصادي لـ"واشنطن بوست" هو "نعم"، إذ أن الإعانات الحكومية في أوروبا للعاطلين إثر الجائحة، تكون أكثر سخاء عن تلك المتبعة في الولايات المتحدة. ما يجعل من ظاهرة تسريح العمال محدودة.
وعن الكلفة، ففي ألمانيا وحدها، التي لا تعتبر متضررة بشكل كبير مقارنة مع إيطاليا وإسبانيا، فقد طلبت وكالات التوظيف الألمانية رسميا 11 مليار دولار إضافية للمساعدة في تلبية طلبات الإعانات.
وفي الوقت نفسه، يغطي النظام الفرنسي 8 ملايين شخص (ثلث العاملين في القطاع الخاص في البلاد) وستغطي الحكومة ما يصل إلى 84 في المائة من راتب العامل الواحد.
وتقدر وزارة العمل الفرنسية، أن التكاليف ستكون 21 مليار دولار على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي بريطانيا، التي تعتزم الخروج من الاتحاد الأوروبي، وعدت الحكومة بدعم ما يصل إلى 80 في المائة من رواتب العمال طالما لم يتم تسريحهم. يقدر معهد دراسات التوظيف البريطاني، أن تكلفة البرنامج يمكن أن تصل إلى 50 مليار دولار على مدى ثلاثة أشهر.
ويعتقد المعهد أن البطالة تضاعفت بالفعل، من 3.9 في المائة إلى 7.5 في المائة، وهو أعلى من الأزمة التي بدأت في عام 2008.
الإعانات الحكومية.. مغامرة؟
حسب تحليل الصحيفة، فإن "هامش المغامرة" يرتبط بمدى طول أو قصر مدة الأزمة الصحية التي ترتبت عنها تداعيات مفاجئة لاقتصاد الدول الأوروبية.
فإذا كان وقت الأزمة قصيرا، فستكون الشركات في وضع جيد ويسمح لها بالعودة إلى العمل مع وجود قوتها العاملة القديمة، وما سيعانيه العمال والموظفين سيكون أقل وطأة بكثير من الناحية الاقتصادية في هذه الأثناء.
أما في حالة ما استمرت عمليات الإغلاق، حتى حلول العام 2021، فستكون البرامج الحكومية للإعانات أكثر تكلفة بكثير، وقد تكون أيضًا أقل فعالية بشكل ملحوظ.