تراجعت أسعار النفط لمستويات قبل 30 عاما
تراجعت أسعار النفط لمستويات قبل 30 عاما

فقدان الوظائف والإفلاس والخروج من السوق، تحديات وتخوفات وسيناريوهات هددت شركات صناعة النفط بسبب حرب سعودية روسية خفضت الأسعار إلى مستويات عادت بهم إلى ثلاثة عقود خلت، عندما كان سعر البرميل أقل من 30 دولارا.

ورغم عدم إعلان وزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين الاتفاق صراحة على خفض الإنتاج بعد مفاوضات طويلة إلا أنهم أعلنوا التزامهم التعاون لمكافحة فيروس كورونا المستجد و"اتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفورية" لضمان استقرار أسواق النفط.

وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" قد أعلنت الجمعة أن البلدان المصدرة للخام باستثناء المكسيك تفاهمت على خفض في الإنتاج العالمي في مايو ويونيو، قدره عشرة ملايين برميل يوميا.

الاتفاق مثل اعترافا ضمنيا من جميع الأطراف أن الحرب التي استمرت نحو شهر كانت مقامرة أضرت بجميع الأطراف، ولكن المنتجين الأميركيين كانوا سيواجهون أوقاتا صعبة لو استمرت هذه الحرب وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

المستجدات في سوق النفط التي تمهد للاستقرار تعني أن الشركات الأميركية ستتمكن من خفض الإنتاج أيضا ولكن وفقا لشروطها الخاصة، ومن دون أية تدخلات حكومية أو تنظيمية تفرض عليهم.

أمي مايرز جيف، خبيرة في قطاع الطاقة بالشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية إنها تأمل أن تتجنب صناعة النفط الأميركية أسوأ سيناريو يمكن أن يواجهها، حيث لا يزال هناك شركات يمكن أن تواجه الإفلاس بسبب تبعات حرب الأسعار، ولكن على الأقل لا مخاوف من حدوث تدمير شامل للصناعة لأن أسوأ حرب للأسعار قد مرت.

وذكرت أن ما حصل من اتفاقات سواء كانت صريحة أم ضمنية ستدعم استمرار التوظيف المباشر وغير المباشر في قطاع النفط الأميركي، حيث يعمل أكثر من 10 ملايين أميركي في هذه الصناعة.

وكالات الطاقة الدولية وخبراء في القطاع يرون أن صناعة النفط العالمية لا تزال لديها العديد من المشاكل، والآن تواجه انخفاض الطلب بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، حيث تراجع الطلب العالمي بنحو 35 مليون برميل يوميا.

أسعار النفط التي شهدت قفزات فوق الـ 100 دولار خلال السنوات الماضية، يتوقع الخبراء أن تبقى دون حدود الـ 40 دولار خلال الفترة المقبلة.

التراجع في أسعار النفط لن يضر فقط بالمنتجين إذ أن بعض الولايات المنتجة مثل تكساس وأوكلاهوما ونورث داكوتا تتوقع خسائر في الوظائف والإيرادات.

ويتوقع أن نشهد على المدى المتوسط اندماج العديد من الشركات الأميركية العاملة في مجال النفط والتي ستكون لديها القدرة أكثر في التعامل مع متغيرات العرض والطلب في السوق العالمية.

الآن عادت أزمة كورونا لتصبح التحدي الأكبر لصناعة النفط، بعد أن تراجعت روسيا والسعودية عن المقامرة بتخفيض الأسعار وإغراق السوق بكميات إنتاج كبيرة.

بن كاهيل، باحث في قطاع الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قال إن الرياض وموسكو أخطأتا في الحسابات، ولم تتوقعا حدة رد بعضهما على بعض، ولا على تأثيره بتخفيض الأسعار.

وأشار إلى أن استمرار الانخفاض كان سيعني للسعودية عجزا كبيرا في الميزانية والمزيد من الديون أو تقليل الاحتياطي لديها، والذي كان يبلغ 740 مليار دولار في 2013 وهو حاليا عند مستويات 500 مليار دولار.

روسيا كانت ستتأثر بشكل كبير بفقدان مليارات الدولارات من العائدات مع تراجع الأسعار إلا أن العجز المالي لديها أقل من السعودية، ولديها احتياطات اجنبية تقدر بـ 550 مليار دولار.

شبكات من التجار والمستوردين يسهلون تهريب الدولار من العراق. أرشيفية - تعبيرية
الإغراق السلعي كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي. أرشيفية

كشف المستشار المالي لرئاسة الوزراء العراقية، مظهر محمد صالح سياسة اقتصادية تتضمن حلولا للحد من الإغراق السلعي والتجاري على الاقتصاد الوطني.

وتحدث صالح في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية "واع" عن الآثار الاقتصادية لـ "الليبرالية التجارية" التي سمحت على مدار عقود ماضية بـ "إغراق السوق بسلع هامشية فاقدة للقيمة والمعنى".

وقال إن هناك "أحداثا مهمة تقلب موازين القوى في الاقتصاد العراقي"، ومنها ببدء السياسة الاقتصادية للحد من الإغراق السلعي الناتج عن الانفلات التجاري، وهو ما يتطلب سياسة "حماية عراقية واضحة تحمي المنتج الوطني بسياج جمركي متدرج وعملي".

ويرى صالح أن الإغراق السلعي كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي، خاصة الإنتاج الوطني، خاصة في ضياع آلاف فرص العمل، وما تبعه من استمرار للبطالة، رغم أن هذه الوظائف لديها قدرة على امتصاص 60 في المئة من القوى العاملة.

ناهيك عما سببته من تحول رأس المال الوطني من الحقل الصناعي والزراعي إلى نشاط رأس المال، الذي يتاجر بسلع استهلاكية أغرقت الأسواق المحلية بمنتجات بديلة للمنتج الوطني، بحسب صالح.

ويؤكد أن انتشار ظاهر الإغراق السلعي بمنتجات أسعارها متدنية مصدرها أسوق آسيا، أدت إلى ثلاثة اتجاهات في الاقتصاد العراقي: تصفية الوسط الحرفي والصناعي المنتج، والثاني: استدامة البطالة وتراكم راس المال البشري والثالث: تحويل الأرباح الرأسمالية الوطنية المنتجة الى ممارسات غير منتجة.