لم يكن بإمكان روسيا تجنب المشاركة في الاتفاق الذي توصلت إليه مجموعة أوبك+، لكن ذلك لا يعني أن تخفيض الإنتاج سيكون سهلا في حقول نفطها المتقادمة.
وبالنسبة للملياردير ليونيد فيدام، الذي لديه أسهم في شركة لوك أويل الروسية، فإن قرار موسكو توقيع الاتفاق النفطي مع أوبك+، التي تضم دول منظمة أوبك المصدرة للنفط بقيادة السعودية وشركاءها من الدول النفطية غير المنضوية في المنظمة وفي مقدمها روسيا، كان أشبه بتوقيعها معاهدة بريست ليتوفسك في عام 1918، والتي أخرجت البلد من الحرب العالمية الأولى.
وأشار ضمنيا إلى أن الاتفاقين، كلاهما مهين لكنهما ضروريان لأن البديل أسوأ بكثير، وفق ما جاء في مقال رأي نشرته شبكة بلومبورغ.
وفي بداية مارس، كانت روسيا تتوقع أنها ومن خلال احتياطاتها القوية من العملات الأجنبية والمنتجين المنخفضي التكلفة، ستفلت من المعاناة التي سببها تدهور أسعار النفط الخام.
عدم قدرتها على تمديد صفقة قائمة لخفض الإنتاج مع باقي الدول النفطية، جعلها تنظر للوضع على أنه فرصة لإخراج من تعتبرهم موسكو من المنتجين غير الملتزمين وتحديدا منتجو الصخر الزيتي الأميركيون الذي يستفيدون من قيود الإنتاج التي يواجهها آخرون، فقط لإغراق السوق بالعرض.
لكن في نهاية المطاف، كان الضرر الذي ألحقته إجراءات الإغلاق التي فرضها وباء كورونا المستجد على الطلب على النفط، هائلا. وكانت المكاسب الجيوسياسية المحتملة بالنظر إليها كمساهم في حل وخسائر رؤيتها كمعيق لأي حل، كبيرة للغاية. المخازن بدأت تنفد، فأذعنت روسيا للخطوة باتجاه الخفض.
وبحسب المقال، فإن التحدي الحقيقي يكمن في المستقبل. وقالت كل من السعودية وروسيا إنهما ستتقاسمان عبء خفض الإنتاج بخمسة ملايين برميل يوميا بينهما من خط أساس محدد عند 11 مليون برميل في اليوم. ويشكل ذلك نصف مجموع الخفض الذي اتفقت عليه أوبك+، لكن تنازلات موسكو ستعني مخاطر تقنية أكبر بكثير وتكاليف مستقبلية لشركات النفط الروسية التي اضطرت إلى أن تصبح مبتكرة بشكل متزايد حتى تحافظ على استمرار عمل الحقول الناضجة. وهذا يعني أن الالتزام بأهداف الاتفاق يبدو أصعب أيضا.
وتتطلب الحقول الناضجة ضخ الغاز أو السوائل لزيادة تدفقات الخام وفور وقفها، فإنها تحتاج وقتا لاستعادة الضغط. ولا يمثل هذا مشكلة في الحقول الجديدة، حيث يرتفع معدل التدفق في العادة.
وكان بإمكان روسيا أن تتعامل لوقت أطول مع أسعار نفط منخفضة، إذ لديها صندوق تمويل مخصص لأوقات الشدة. لكن الرئيس فلاديمير بوتين كان في حاجة لتخفيف المعاناة الاقتصادية المترتبة عن الوباء العالمي، ومن شأن أسعار مرتفعة للنفط الخام أن تساعد في ذلك.
بوتين سيأمل أيضا، وفق المقال، أن المشاركة في اتفاق يرضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يعود بأرباح في مواضع أخرى مثل العقوبات. لكن ما يكون بديهيا على طاولة المفاوضات ليس دائما واضحا من الناحية العملية.
ولكي تتحقق أهداف الخفض المحددة لشهري مايو ويونيو، ستحتاج روسيا إلى إزالة 2.8 مليون برميل في اليوم من مستويات إنتاج السوائل المعلن عنها في مارس.
ولا تكمن الصعوبة في خفض الإنتاج، لأن ذلك هو أسهل ما في الأمر، وفق المقال. المشكلة تتمثل في أن مصدر 80 في المئة من الإنتاج هو حقول ناضجة.
التخفيضات ينبغي إجراؤها من دون الإضرار بقدرة الشركات على زيادة الإنتاج في المستقبل، بتكلفة معقولة. ويقدر المحلل في خدمة BCS المالية الروسية، كيريل تشينيكوف، أن تلك الحقول غير مجهزة من الناحية التقنية لتغيير العرض بسهولة. وهناك آثار أخرى إلى جانب التحديات التي تواجهها الحقول، وبينها العمالة المحلية واستهلاك الكهرباء.
السؤال المطروح، هو كيف سيتم توزيع الالتزام الروسي على منتجي النفط ولا تعود ملكيتهم جميعا للدولة. وزير النفط أليكسندر نوفاك قال إن الشركات وافقت على الإجراءات الجذرية، لكن لا توجد سوى تفاصيل قليلة حول كيفية ستلتزم بها.
وتوصلت منظمة أوبك وشركاؤها مساء الأحد، إلى "أكبر خفض للإنتاج في التاريخ"، في خضم أزمة كورونا ورغم التوترات بين موسكو والرياض.
وبينما كانت الأسعار حوالي 60 دولارا للبرميل قبل بضعة أشهر، إلا أنها بلغت في الأسبوع الماضي أدنى مستوياتها منذ 2002. ويفوق سعر البرميل 21 دولارا بقليل وفق أوبك التي تمثل مرجعا للكارتل.
ويهدف الاتفاق إلى دعم أسعار النفط بعد هبوطها التاريخي الذي سببه تراجع الطلب بفعل الجائحة العالمية، كما أنه بمثابة هدنة في حرب الأسعار بين السعودية وروسيا نتيجة خلاف في الاستراتيجية الواجب اعتمادها.