رغم الهدنة السعودية-الروسية لتحقيق استقرار في أسواق النفط وخفض الإنتاج، إلا أن تبادل الضربات لا يزال مستمرا بين الطرفين بحسب مراقبين مطلعين على سوق الطاقة العالمي.
وكشفت بيانات شحن حللتها وكالة رويترز الاثنين أن المواجهة بين روسيا والسعودية موجودة فعليا، بدل وجودها في عالم الأسعار الآجلة، وأن معركة طويلة من أجل الحصول على حصة في الأسواق وخصوصا في آسيا تستمر.
الطرفان أعلنا الأسبوع الماضي أنهما على استعداد لاتخاذ إجراءات اعتبارا من مايو، إذا تطلب الأمر لتحقيق التوازن في السوق عن طريق خفض الإنتاج المشترك مع أعضاء أوبك+، التي تضم دول منظمة أوبك المصدرة للنفط بقيادة السعودية وشركاءها من الدول النفطية غير المنضوية في المنظمة وفي مقدمها روسيا.
وقال مصدر في شركة تجارية لرويترز إن "التصريحات هذه تخبئ وراءها الصراع الذي لا يزال مستمرا"، مضيفا أن أسعار البيع الرسمية للسعودية تؤشر على أن المملكة تحاول استهداف السوق الآسيوي، حيث الطلب يبقى صامدا نسبيا خلال فترة تباطؤ عالمي.
واعتمدت روسيا على الأسواق الآسيوية كوجهة لإنتاجها النفطي منذ إطلاق خط أنابيب شرق سيبيريا والمحيط الهادئ الذي ينقل 1.6 مليون برميل يوميا.
ويربط الخط الحقول الروسية بالأسواق الآسيوية عبر ميناء كوزمينو، منفذ التصدير الرئيسي في شرق البلاد وأيضا عبر خط أنابيب مع الصين، أكبر مستهلك آسيوي.
ولم ترد شركة أرامكو التابعة للدولة السعودية ووزارة الطاقة الروسية على طلب للتعليق، وفق رويترز. فيما رفضت شركة النفط الروسية العملاقة روزنفت التعليق أيضا.
وقلصت السعودية أسعار البيع الرسمية للنفط إلى آسيا في مايو بثلاثة إلى خمسة دولارات للبرميل عبر جميع درجاته، مسجلة الشهر الثاني من التخفيضات الكبيرة.
في المقايل، قيمة تخفيضات شحنات أرامكو المخصصة لأوروبا كانت أقل بينما شهدت الدرجات الأكثر ثقلا زيادة في الأسعار.
وخفض كل من العراق والإمارات والكويت أسعار الخام المتوجه إلى آسيا في شهر مايو.
وأدى ارتفاع الإمدادات من النفط الخام السعودي للأسواق الآسيوية في مايو، إلى جانب أسعار البيع الرسمية المنخفضة، إلى سقوط حر لأنواع من النفط الروسي مثل Sokol SOK-DUB وESPO Blend ESPO-DUB، في آسيا.
وشهد هذان النوعان اللذان يتم تداولهما عادة بأقساط عالية لمؤشر دبي، خصومات قياسية.
وبحسب رويترز، فإن السعودية تحقق مكاسب في أوروبا، التي تعد بمثابة الفناء الخلفي لصادراتها من النفط والغاز.
ويرتقب أن تتجاوز المبيعات السعودية في أوروبا 29 مليون برميل في أبريل، أي أقل بقليل من الرقم القياسي المسجل في أغسطس 2016، وفق بيانات الشحن المتوفرة لدى شركة ريفينيتيف لتعقب حركة الشحن.
وستزيد إمدادات أرامكو من النفط الخام العربي بما في ذلك عرب لايت، أقرب درجة من النفط الرائد الروسي من حيث الجودة، في كل من إيطاليا وتركيا واليونان وفرنسا وبولندا في أبريل. وتعد كل هذه الدول من المشترين المنتظمين للنفط الروسي.
وأفادت رويترز بأن أرامكو، وفي محاولة منها لإغراء المشترين، عرضت على شركات التكرير في آسيا وأوروبا خيار تأجيل مدفوعات الشحنات النفط لمدة تصل إلى 90 يوما.
وقال المتداولون إن الميزة الرئيسية لروسيا في صراع السوق الفعلي مع السعودية، تتمثل في شبكة خطوط الأنابيب المترامية الأطراف التي تساعدها في تحديد أسعار نفط أرخص مقارنة بمنافسيها الذين يحتاجون إلى ناقلات نفط ودفع تكاليف النقل.
وقال أحد التجار في السوق الأوروبية للنفط إن "حقول النفط الروسية مرتبطة بمصافي نفط في أوروبا وآسيا وإن شركات النفط لديها عقود طويلة الأمد معها، مضيفا "على عكس السعودية، لا تخضع روسيا لأسعار الشحن ووفرة السفن".