مؤشر أسعار النفط الأميركي أنخفض لمستويات تاريخية لم يعهدها من قبل، وتم تداوله على أسعار ما دون صفر، ولكن هذا لا يعني أن المنتجين الأميركيين هم من سيعانون فقط، فالسعودية وأعضاء أوبك الآخرين سيواجهون أوقاتا صعبة أيضا وسيتألمون.
هيليما كروفت، رئيسة المحللين للسلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس" تقول إن ما حصل يبدو أنه وضع قادة تحالف أوبك + في "وضع الأزمة"، وفق تقرير نشره موقع "ماركت ووتش".
وتؤكد أن خيارات المنتجين محدودة بعد أن وافقوا الأسبوع الماضي بالفعل على حزمة تقليل كميات الإنتاج يبلغ مجموعها 9.7 مليون برميل يوميا على مدى الشهرين المقبلين، منهية بذلك حرب أسعار وحشية استمرت لمدة شهر بين السعوديين وروسيا، مما أدى إلى إغراق سوق فائض في المعروض يتعامل بالفعل مع انهيار عالمي في الطلب بسبب جائحة كوفيد-19.
وبعيدا عن حرب الرياض مع موسكو، إلا أنها قد تجد نفسها في مواجهة مع واشنطن حيث تعالت أصوات مشرعين في الولايات المتحدة بتحميلهم مسؤولية ما يحصل في سوق النفط، ما يجعلها أمام عبء إعادة التوازن للسوق بطريقة أو بأخرى.
وأشارت كروفت إلى أن إعادة التوازن للسوق من قبل السعودية سيحميها من إجراءات عقابية محتملة من واشنطن، الأمر الذي يعني أنها ستكون مطالبة بتخفيض الإنتاج إلى ما دون الـ 8.5 مليون برميل يوميا.
وبينت أن هذا الأمر يعني تخفيض إنتاج الغاز الطبيعي قبل فصل الصيف، حيث يرتفع الطلب على الوقود بهدف ضمان استمرار تشغيل مكيفات الهواء في أجواء حرارتها مرتفعة جدا.
كما أن الأطراف الأخرى خاصة روسيا، عليها الامتثال والالتزام بصفقة تخفيض الإنتاج بمقدار 2.5 برميل يوميا.
ولكن حتى مع التزام أعضاء أوبك بلس بصفقة تخفيض كميات الإنتاج، إلا أن الأمر سيحتاج وقتا قبل أن تبدأ الأسواق بالتعافي، خاصة في ظل وجود تخمة هائلة في إنتاج وتخزين النفط.
ويتوقع أن تصل الولايات المتحدة ما لا يقل عن 18 ناقلة نفط عملاقة سعودية يمكن أن تستخدم كصهاريج نفط عائمة خاصة مع وصول الاحتياط الاستراتيجي لحد الإشباع.
ما حدث في تداولات الاثنين بإغلاق الأسواق على سعر سالب لخام تكساس تسليم شهر مايو يمكن أن ينتج تقلبات تستمر في يونيو والأشهر التي تليها، خاصة مع وفرة الكميات وضعف الطلب.
خام برنت عانى الثلاثاء من انخفاض في الأسعار لأدنى مستوى في عقدين متراجعا إلى ما دون الـ 20 دولار للبرميل.
هذه الأسعار ستجعل الحياة صعبة للمنتجين السياديين الذين يعتمدون على الإيرادات النفطية لدعم الموازنة لديهم، ما يجعل هذه الأسعار غير كافية للإيفاء حتى بتكاليف الإنتاج في بعض الأحيان.
معهد التمويل الدولي، كان قد أشار في تقرير سابق له أنه مع انخفاض الأسعار يمكن للسعودية تمويل الفجوة لديها بسبب انخفاض الدين العام للمملكة، ولكنه بالنهاية سيكون "مؤلما" لها ولجميع الأطراف.
وفي هذا الشأن يقول كارل واينبرغ، محلل في فريكونسي إيكونوميكس إن تخفيض الإنتاج وتراجع الأسعار ستمثل كارثة للدول التي تعتمد على عائدت النفط في التمويل، ولا يستعبد إمكانية تأثر الملاءة المالية لبعض الدول والتي تعتمد في احتياطاتها من العملات الأجنبية على دخلها من بيع النفط.
وأشار أن دولا مثل فنزويلا ونيجيريا والمكسيك والبرازيل وحتى إيران ستواجه أزمات حقيقة بتراجع الإيرادات النفطية وأزمات عميقة سببها فيروس كورونا المستجد.