أسعار النفط العالمية انخفضت 20 في المئة لكن أسعار البنزين لم تشهد انخفاضا ملحوظا في الولايات المتحدة
أسعار النفط العالمية انخفضت 20 في المئة لكن أسعار البنزين لم تشهد انخفاضا ملحوظا في الولايات المتحدة

انخفضت أسعار النفط خلال الـ30 يوما الماضية إلى ما دون 100 دولار للبرميل، بعد ارتفاعها بشكل غير مسبوق منذ عام 2008 خلال الأشهر الماضية، مما أثار تساؤلات بشأن إمكانية أن تشهد الأسواق انخفاضات كبيرة أخرى، وهو ما يعني تخفيف الأعباء على المستهلكين حول العالم الذين عانوا خلال الفترة الماضية.

ويقول محللون إن أسعار النفط تتحكم بها عوامل عدة في الوقت الحالي، مشيرين إلى أن الانخفاض الأخير لا يعني بالضرورة أن تشهد الفترة المقبلة انخفاضات بالحجم ذاته الذي شهده العالم إبان فترة الإغلاق.

عامر الشوبكي، الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، قال لموقع الحرة إن هناك عوامل كثيرة تؤثر على أسعار النفط حاليا، منها المضاربات في سوق النفط ونقص الإمدادات في الأسواق، على عكس ما يقوله البعض من أن هناك فائضا.

وأوضح الشوبكي أن مخاوف الركود وضعف الاقتصاد العالمي كانا وراء انخفاض أسعار النفط بنسبة 20 في المئة خلال الـ30 يوما الماضية، لتصل إلى ما دون 100 دولار للبرميل. 

ويشير كذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، وهي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، وهو ربما الأشد منذ بدء الجائحة في الربع الأول من عام 2020.

وسجل سعر خام غرب تكساس الوسيط، في الخامس من يوليو، أدنى مستوى عند 97.43 دولار، وكذلك انخفض خام برنت بأكثر من 10 في المئة ليسجل 101.10 دولار للبرميل، قبل أن يستقر عند 102.77 دولار عند الإغلاق.

وفي 14 يوليو، تراجعت أسعار النفط بأكثر من 5 في المئة، فوصلت إلى مستويات لم تسجلها منذ ما قبل بدء الحرب على أوكرانيا، مدفوعة بحالة عدم اليقين بشأن رفع أسعار الفائدة، إلى جانب البيانات الاقتصادية الضعيفة لدول، مما زاد المخاوف من حدوث ركود.

وتراجع سعر برميل برنت، تسليم سبتمبر، بنسبة 3.67 في المئة ليبلغ 95.93 دولار، فيما تراجع سعر برميل  غرب تكساس الوسيط، تسليم أغسطس، بنسبة 4.40 في المئة ليبلغ 92,04 دولار.

وعادت أسعار النفط بذلك إلى مستوياتها التي كانت مسجلة قبل غزو أوكرانيا، عندما كان سعر برميل برنت يراوح بين 95 و99 دولارا، وسعر برميل نفط غرب تكساس بين 90 و94 دولارا.

ورغم هذا التراجع، لاتزال الأسعار مرتفعة بحوالي 22 في المئة على مدى العام.

وأكد المحلل لدى Spi، ستيفن إينيس، لفرانس برس أن نشر مؤشر التضخم في الولايات المتحدة لشهر يونيو، الذي وصل إلى 9.1 في المئة "عزز احتمال رفع الاحتياطي الفيدرالي بشكل كبير معدلات الفائدة لإبطاء الاقتصاد الأميركي".

وقال المحلل لدى PVM Energy، تاماس فارغا، إن رفع معدلات الفائدة من جديد "يفترض أن يؤدي إلى انكماش الاقتصاد وتباطؤ النمو تدريجيا مما سيكون له تأثير لا مفر منه على الطلب على النفط".

وقد انعكس انخفاض الأسعار إيجابا على أسعار البنزين في محطات الوقود الأميركية، بعد أن وصلت الأسعار إلى متوسط يزيد عن 5 دولارات للغالون، الشهر الماضي.

وقال باتريك دي هان، محلل النفط في GasBuddy، لصحيفة USA TODAY إن أسعار البنزين قد تستمر في الانخفاض في الأسابيع المقبلة، إلا أنه قال إن العوامل المحددة للأسعار في العالم قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى.

وأضاف: "إذا انزلقنا إلى الركود، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار. إذا كانت البيانات تشير إلى عدم الركود، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار".

وكان ارتفاع الأسعار مرتبطا في الفترة الماضية بالعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على قطاع النفط الروسي، ردا على غزوها لأوكرانيا. ووصل خام برنت إلى 123.58 دولار للبرميل في 8 يونيو، ووصل سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 122.11 دولار.

لكن مؤشرات التضخم في الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوى لها في 40 عاما، مما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية لكبح جماع الأسعار، لكن هذا الإجراء يؤدي أيضا إلى ظهور مخاوف بشأن الركود، وفق تحليل لشبكة "سي أن أن".

وبعد أن وصل متوسط سعر غالون البنزين في الولايات المتحدة إلى 5 دولارات للمرة الأولى في يونيو، انخفض قليلا منذ ذلك الحين، إلا أن متوسط سعر الغالون لا يزال أعلى سعرا بنحو 50 في المئة عن مثل هذا الوقت من العام الماضي، وفق فوربس.

وهذا المتوسط لا يزال أعلى بكثير من متوسط 2.55 دولار للغالون في يناير 2020، أي قبل بدء الإعلان رسميا عن الجائحة. 

ورغم انخفاض أسعار النفط في الفترة الأخيرة بنسبة 20 في المئة لم تنخفض أسعار البنزين سوى 8 في المئة، حسبما أشار الرئيس الأميركي، جو بايدن.

ويقول الشوبكي إن بايدن كان يشير "بوضوح" إلى مشكلة نقص المشتقات المكررة بسبب نقص الاستثمارات في المصافي، وهو أدى إلى نقص المعروض من المواد المكررة، التي أصبحت لا تكفي لتلبية الطلب العالمي، وارتفاع أسعارها بشكل "تاريخي". (الجدير بالذكر أن النفط الخام يجب أن يتم تكريره حتى يصبح صالحا للاستخدام في محطات الوقود).

وتشير "يو أس توداي" إلى زيادة تكلفة التكرير في الولايات المتحدة، التي وصلت إلى نحو 26 في المئة من سعر الغالون الواحد.

لكن رغم انخفاض أسعار النفط، إلا أنه قد يكون وضعا مؤقتا، وفق محللين.

ويقول ديفيد رونديل، الشريك في شركة "أرابيا أناليتيكا" الاستشارية، الرئيس السابق للبعثة الأميركية في السعودية: "لا أتوقع انخفاضا كبيرا في أسعار البنزين في الولايات المتحدة في أي وقت قريبا.. أعتقد أن السعر سيكون حوالي 5 دولارات للغالون لفترة طويلة".

وقال رونديل: "أسعار النفط معقدة. هناك العديد من العوامل التي تحددها. هناك أشياء كثيرة غير متوقعة يمكن أن تحدث".

وتقول فوربس إن المعروض في الأسواق يتضاءل بسبب الحظر الغربي على النفط الروسي. 

وقبل غزو أوكرانيا في فبراير، كانت روسيا تساهم ببرميل نفطي من بين كل 10 براميل في السوق العالمية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وهذا الأمر مثل تحديا للشركات المنتجة للنفط لتعويض هذا النقص. وقد تعهدت "أوبك بلس" بزيادة الإنتاج الصيفي، لكن إنتاجها في يونيو انخفض بسبب تعطل الإنتاج في نيجيريا وليبيا.

ويقول الشوبكي إن هناك نقصا في قدرة "أوبك" على تحقيق حصصها الإنتاجية بمقدار حوالي 2.5 مليون برميل، بينما يوجد طلب عالمي قارب الطلب قبل جائحة كوفيد، وبالتالي لاتزال الأسواق متعطشة للنفط.

ويقول إن هذا العجز يأتي جزئيا بسبب تحديد الإنتاج في "أوبك بلس"، وبسبب نقص الاستثمارات التي دامت سنوات في قطاع النفط والغاز ، حتى قبل الجائحة.

وهناك أيضا اضطرابات في الإنتاج في أماكن أخرى، وفق فوربس، وقد يؤدي إضراب عمال النفط النرويجيين إلى خفض ما يصل إلى 8 في المئة من إنتاج البلاد، مما يخفض الإمدادات العالمية.

كما أن المبيعات الأميركية في سوق النفط العالمية ليست كافية لخفص الأسعار على المدى الطويل، وفقا لشركة Rystad Energy المستقلة للأبحاث.

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد توجه إلى السعودية حاملا معه عدة أهداف، من بينها إقناع الشركاء الخليجيين بضخ المزيد من النفط في الأسواق، إلا أن هناك تناقصا في إنتاج منظمة "أوبك"، مع عمل دولها بأقصى طاقتها، ومن غير الواضح مقدار الكمية الإضافية التي يمكن للمملكة إدخالها إلى الأسواق على الفور.

وكان وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، قد صرح بأن "المملكة تزيد طاقتها إلى 13 مليون برميل ولا يمكن أن تتجاوز ذلك".

وتأمل واشنطن أن تزيد "أوبك بلس"، التي تضم روسيا، الإنتاج بعد اجتماع يوم الثالث من أغسطس.

تراجع الأسعار في هذه الحالات

ولا يستبعد الشوبكي تراجع الأسعار بشكل كبير في حال حدث ركود في العالم، مع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية في العالم إلى رفع أسعار الفائدة لكبح معدلات التضخم.

وقد يدعم ذلك الخطة الجديدة من العقوبات التي قد تتضمن وضع سقوف سعرية للنفط الروسي، وهي خطة سيكون لها تأثير كبير على روسيا التي تعتمد نصف إيراداتها على بيع النفط، ولكن هذا الأمر سيحتاج إلى دعم المستهلكين الكبار خاصة الصين والهند وكوريا الجنوبية.

ويشير إلى أنه في حال إقرار الخطة وفعاليتها، سينتج عنها تخفيضا للأسعار لأنه ستكون هناك سوق موازية لسوق دول الخليج، إلا إذا أقدمت روسيا على "مغامرة وانتحار" بتقليص إنتاجها النفطي الضروري لإيراداتها.

ويوضح الخبير النفطي أنه لو سرعت السعودية خطة "أوبك بلس" ستكون قد هيأت الأجواء "لانسحاب مشرف" لروسيا من المجموعة، التي سترفض زيادة الإنتاج لأنه سينتج عنها خفض الأسعار، وهو ليس من مصلحة موسكو.

وإذا قررت المجموعة زيادة الإنتاج من جانب واحد، فسيؤدي ذلك إلى استقرار الأسواق بشكل أكبر "وحماية العالم من اضطرابات اجتماعية أو احتجاجات بسب ارتفاع معدلات التضخم التي تشكل أسعار النفط نصف أسبابها"، كما أن ذلك سيعني "نجاح" زيارة بايدن إلى جدة.

واستبعد وصول أسعار النفط إلى أقل من 50 دولارا، إلا إذا أصبح الركود واقعا في عدة دول، واستمرت "أوبك" في إنتاجها دون تقييد.

شبكات من التجار والمستوردين يسهلون تهريب الدولار من العراق. أرشيفية - تعبيرية
الإغراق السلعي كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي. أرشيفية

كشف المستشار المالي لرئاسة الوزراء العراقية، مظهر محمد صالح سياسة اقتصادية تتضمن حلولا للحد من الإغراق السلعي والتجاري على الاقتصاد الوطني.

وتحدث صالح في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية "واع" عن الآثار الاقتصادية لـ "الليبرالية التجارية" التي سمحت على مدار عقود ماضية بـ "إغراق السوق بسلع هامشية فاقدة للقيمة والمعنى".

وقال إن هناك "أحداثا مهمة تقلب موازين القوى في الاقتصاد العراقي"، ومنها ببدء السياسة الاقتصادية للحد من الإغراق السلعي الناتج عن الانفلات التجاري، وهو ما يتطلب سياسة "حماية عراقية واضحة تحمي المنتج الوطني بسياج جمركي متدرج وعملي".

ويرى صالح أن الإغراق السلعي كان له تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي، خاصة الإنتاج الوطني، خاصة في ضياع آلاف فرص العمل، وما تبعه من استمرار للبطالة، رغم أن هذه الوظائف لديها قدرة على امتصاص 60 في المئة من القوى العاملة.

ناهيك عما سببته من تحول رأس المال الوطني من الحقل الصناعي والزراعي إلى نشاط رأس المال، الذي يتاجر بسلع استهلاكية أغرقت الأسواق المحلية بمنتجات بديلة للمنتج الوطني، بحسب صالح.

ويؤكد أن انتشار ظاهر الإغراق السلعي بمنتجات أسعارها متدنية مصدرها أسوق آسيا، أدت إلى ثلاثة اتجاهات في الاقتصاد العراقي: تصفية الوسط الحرفي والصناعي المنتج، والثاني: استدامة البطالة وتراكم راس المال البشري والثالث: تحويل الأرباح الرأسمالية الوطنية المنتجة الى ممارسات غير منتجة.