تفاقمت أحداث العنف في محافظات أردنية خلال الساعات الماضية، حيث قتل ضابط كبير وأصيب آخرون من جهاز الأمن العام، فيما توعد مسؤولون أردنيون بالضرب "بيد من حديد" على من وصفوهم بـ"المخربين".
وحظرت السلطات الأردنية تطبيق تيك توك للتواصل بعد انتشار محتوى يحض على الكراهية، فيما أكد العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني الجمعة أنه سيتم التعامل "بحزم" مع من يرفع السلاح في وجه الدولة ويعتدي على الممتلكات العامة.
وتشهد عدة مدن أردنية موجة من الاحتجاجات بسبب ارتفاع أسعار مشتقات المحروقات، وشهدت بعض المناطق أعمال شغب وقطع للطرق وإحراق مبان حكومية، بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وخلال المشاركة في مراسم تشييع الضابط الذي قتل في أحداث الشغب جنوبي المملكة، أشار العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون، في حين قال الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيصل الشبول، إن الظروف الاقتصادية رغم صعوبتها "أفضل من دول شقيقة ومجاورة ارتفعت فيها نسب التضخم، وانخفضت عملاتها بسبب الظروف الاقتصادية التي عاشتها".
فما هي الظروف الاقتصادية التي تعيشها المملكة؟
أسعار المحروقات
أدى رفع أسعار المحروقات في نهاية نوفمبر إلى مضاعفة أسعار بعض المشتقات النفطية، عما كانت عليه في العام الماضي، خاصة مادتي الديزل والكاز اللتان تستخدمان على نطاق واسع في قطاع النقل والشحن ووقود التدفئة.
وفي نوفمبر الماضي، قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية في الأردن، رفع سعر لتر الديزل ليصل إلى 895 فلسا (1.26 دولار) خلال ديسمبر الحالي، مقارنة مع 615 فلسا (0.87 دولار) كانت في ديسمبر 2021 ما يعني زيادة نسبتها 46 في المئة.
بينما أصبح سعر مادة الكاز 860 فلسا (1.21 دولار) خلال الشهر الجاري مقارنة مع 615 فلسا (0.87 دولار) خلال الشهر ذاته من العام الماضي ما يعني زيادة نسبتها 40 في المئة، بحسب بيانات وزارة الطاقة الأردنية.
وثبتت الحكومة الأردنية أسعار المحروقات لعدة أشهر خلال العام الحالي بعد ارتفاع الأسعار العالمية بسبب الحرب على أوكرانيا، والذي خفض الإيرادات الضريبية المفروضة على المحروقات بنحو 550 مليون دينار بحسب التصريحات الحكومية، التي اعتبرتها ضمن بند "دعم المحروقات".
وتحقق الحكومة إيرادات ضريبية على مشتقات المحروقات أكثر من 1.2 مليار دينار سنويا.
ولم تضع الحكومة في مشروع قانون الموازنة للعام 2023 أي مخصصات تتعلق بدعم المحروقات للمواطنين، وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة في تصريحات "إن الحكومة لا تملك ترف دعم المحروقات".
وبين صندوق النقد الدولي أن المملكة عليها الاستمرار في إصلاحات المالية العامة، والتي تتضمن "الإلغاء التدريجي للدعم غير المستهدف الذي كان مطبقا على أسعار المحروقات، نظرا لما يوفره هذا الإلغاء من توفير موارد مالية للإنفاق على البنود ذات الأولوية، مع حماية الفئات محدودة الدخل من ارتفاع الأسعار عن طريق تحويلات نقدية إضافية".
ووفق آخر البيانات الرسمية ارتفعت قيمة مستوردات المملكة من النفط الخام ومشتقاته بنحو 67 في المئة خلال أشهر يناير وحتى أغسطس من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2021.
وبلغت قيمة الفاتورة النفطية حوالي 2.4 مليار دينار، مقابل 1.4 مليار دينار خلال 8 أشهر من 2021.
التضخم
يكرر المسؤولون الأردنيون أن نسب التضخم في المملكة تعتبر من الأقل على صعيد المنطقة، وهي لم تتجاوز الـ4 في المئة خلال الفترة الماضية، رغم تبعات معضلة سلاسل الإمداد وجائحة كورونا والحرب الأوكرانية.
وارتفع معدل التضخم السنوي لأكثر من 5.2 في المئة بنهاية أكتوبر الماضي، بحسب المراجعة الخامسة لأداء الاقتصاد الأردني، التي أعلن عنها صندوق النقد في نوفمبر الماضي.
ويوضح الصندوق أن أسعار السلع محليا تعتبر "معتدلة" مقارنة بالمستوى العالمي، ولكنها تعكس ارتفاعا في انتقال زيادة أسعار المحروقات والغذاء العالمية.
ويوضح تقرير التضخم الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة الرسمية بأن مجموعة الوقود والإنارة ارتفعت أسعارها بأكثر من 34 في المئة، والنقل 5 في المئة، والإيجارات 4.4 في المئة، والثقافة والترفيه 14 في المئة، والصحة 7 في المئة.
البطالة والفقر
وتكشف الأرقام الرسمية أن معدلات البطالة في المملكة ارتفعت في 2021 إلى نحو 25 في المئة، فيما تصل معدلاتها بين الشباب لنحو 50 في المئة.
ويشير صندوق النقد إلى أن أرقام البطالة انخفضت بشكل طفيف في المملكة ولكنها لا تزال عند مستوى مرتفع حوالي 23 في المئة، لا سيما بين الشباب والنساء.
ويقول الصندوق إن الاقتصاد الأردني لا يزال يتعافى من جائحة كورونا، إذ يتوقع أن يصل النمو الاقتصادي على المدى المتوسط 3 في المئة، ولكن هناك مخاطر "ترتبط بتباطؤ الاقتصاد العالمي".
وارتفعت نسب الفقر في الأردن لتصل إلى 24 في المئة، بزيادة تبلغ 6 في المئة عما كانت عليه سابقا، بحسب تقديرات تحدث بها وزير التخطيط والتعاون الدولي، ناصر الشريدة في أغسطس 2021.
وعزا الوزير أسباب زيادة نسب الفقر إلى تداعيات جائحة كورونا، فيما يتوقع البنك الدولي أن تزيد نسبة الفقر بنحو 11 في المئة عن المستويات الحالية بسبب كورونا.
وبحسب بيانات رسمية أعلنت عنه السلطات الأردنية في أبريل 2019، بلغت نسبة الفقر المطلق 15.7 في المئة، والتي تعادل ما يزيد عن مليون أردني، وذلك اعتمادا على مسح دخل ونفقات الأسرة الذي نفذ في 2017-2018.
وتفيد الأرقام الرسمية أن معدل الأجور الشهرية تبلغ 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
وجاءت العاصمة عمان في المرتبة 6 عربيا، و115 عالميا من بين 227 مدينة في العالم ضمن تصنيف أغلى المدن بالنسبة للموظفين الدوليين والمغتربين، بحسب تقرير ميرسر السنوي عن تكاليف المعيشة الذي صدر منتصف العام الحالي.
المالية العامة
وعلى صعيد المديونية العامة، يعاني الأردن أوضاعا اقتصادية صعبة فاقمتها ديون تناهز 47 مليار دولار، أي ما نسبته 106 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات المالية العامة منذ يناير وحتى نهاية أغسطس.
وتنقسم هذه الديون وفق وزارة المالية، إلى 14 مليار دينار ديون داخلية، وحوالي 16 مليار دينار ديوان خارجية.
ووصلت الإيرادات المحلية خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي لأكثر من 5.4 مليار دينار بزيادة قدرها 447 مليون دينار عن الفترة ذاتها من العام الماضي، بسبب زيادة الإيرادات الضريبية وغير الضريبية.
وزاد تحصيل الإيرادات الضريبية إلى 1.3 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، مقابل 993 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويعتمد اقتصاد المملكة بشكل كبير على المساعدات خصوصا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.
وقالت بيانات وزارة المالية أن المنح الخارجية خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي بلغت 125 مليون دينار، مقابل 555 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من العام 2021، أي بانخفاض تجاوز 430 مليون دينار.
وفي ما يخص مشروع قانون موازنة 2023، تتوقع الحكومة تحصيل إيرادات عامة تبلغ 9.5 مليار دينار، فيما تبلغ النفقات العامة 11.4 مليار دينار، ما يعني عجزا يقدر بأكثر من 1.8 مليار دينار.
وتتوقع الحكومة أن تبلغ الإيرادات الضريبية 6.6 مليار دينار، و2.1 مليار دينار إيرادات غير ضريبية، والحصول على منح خارجية تقدر بـ 802 مليون دينار.
ويذهب ما يقرب من 60 في المئة من نفقات الدولة إلى الرواتب والمعاشات التقاعدية في بلد يبلغ اقتصاده 50 مليار دولار.
وقعت عمان وواشنطن الشهر الماضي اتفاقا تقدم بموجبه واشنطن إلى عمان منحة بقيمة 845 مليون دولار لدعم الموازنة العامة.
ووقع البلدان في سبتمبر مذكرة تفاهم تقدم بموجبها واشنطن مساعدات إجمالية خلال الفترة 2023-2029 بقيمة 10 مليارات دولار، وبمعدل سنوي يبلغ 1.45 مليار دولار ابتداء من العام 2023.
ورفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها للأردن هذا الشهر من "مستقرة" إلى "إيجابية" ليرتفع تصنيفها العام من بي1- مع نظرة مستقرة إلى بي1- مع نظرة إيجابية.
اللاجئون
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، بينما تقدر السلطات الأردنية عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بنحو 1.3 مليون شخص.
ويقول الأردن إن كلفة استضافة هؤلاء اللاجئين السوريين على أرضه تتجاوز 12 مليار دولار.