شعار صندوق النقد الدولي
شعار صندوق النقد الدولي

توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، تباطؤ الاقتصاد العالمي هذا العام مع استمرار البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، وأشار أيضا إلى أن الإنتاج سيكون أكثر مرونة مما كان متوقعا في السابق وأنه سيتم تجنب الركود العالمي على الأرجح.

وأطلق الصندوق في مؤتمره الصحافي، الذي عقده كبير الاقتصاديين ومدير قسم الأبحاث بيير أوليفييه غورينشا، مع مجموعة من خبراء الصندوق تقرير يناير 2023، "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي: التضخم في اتجاه الذروة وسط أجواء النمو المنخفض".

وورد في التقرير أنه من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 3,4 في المئة خلال العام 2022 حسب التقديرات إلى 2,9 في المئة خلال العام 2023 ثم يرتفع إلى 3,1 في المئة بـ2024.

وتمثل تنبؤات عام 2023 ارتفاعا بمقدار 0,2 نقطة مئوية عما كان متوقعا في عدد أكتوبر 2022 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" وإن كانت أقل من المتوسط التاريخي البالغ 3,8 في المئة (من 2000 إلى 2019).

ولا يزال النشاط الاقتصادي يعاني تحت وطأة رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة من أجل مكافحة التضخم ومن الحرب الروسية في أوكرانيا، حسب صندوق النقد الدولي.

وأدت سرعة انتشار كورونا في الصين إلى إضعاف النمو في عام 2022، ولكن إعادة فتح الاقتصاد مؤخرا مهدت سبيل التعافي بوتيرة أسرع مما كان متوقعا.

وتشير توقعات الصندوق إلى انخفاض التضخم العالمي من 8,8 في المئة خلال العام 2022 إلى 6,6 في المئة في 2023 و4,3 في المئة خلال 2024، وهما نسبتان تظلان أعلى من مستويات ما قبل الجائحة (من 2017–2019) بنحو 3,5 في المئة.

ولا يزال ميزان المخاطر مائلا نحو التطورات السلبية، غير أن المخاطر المعاكسة تراجعت منذ صدور عدد أكتوبر 2022 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي".

فعلى الجانب الإيجابي، من الممكن أن نشهد دفعة أقوى من الطلب المكبوت في العديد من الاقتصادات أو هبوطا أسرع في التضخم.

وعلى الجانب السلبي، فإن النتائج الصحية الخطيرة في الصين يمكن أن تكبح التعافي، والحرب الروسية في أوكرانيا يمكن أن تتصاعد، وضيق أوضاع التمويل العالمية يمكن أن يزيد حالة المديونية الحرجة سوءا.

وربما تبدأ الأسواق المالية في إعادة تسعير الفائدة فجأة كذلك كرد فعل إزاء الأنباء المعاكسة عن التضخم، بينما زيادة التشرذم الجغرافي-السياسي يمكن أن تعوق التقدم الاقتصادي، وفق الصندوق.

وتعزى التنبؤات بانخفاض النمو في عام 2023 إلى ارتفاع أسعار الفائدة التي تحددها البنوك المركزية لمكافحة التضخم، وخاصة في الاقتصادات المتقدمة، وكذلك إلى الحرب في أوكرانيا. ويرجع انخفاض النمو في عام 2023 مقارنة بعام 2022 إلى الاقتصادات المتقدمة؛ أما في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، فتشير التقديرات إلى أن النمو أنهى مساره التنازلي في 2022.

وتوقع صندوق النقد الدولي تحسن النمو بشكل طفيف في الصين مع إعادة فتح الاقتصاد بأكمله في عام 2023. ويعود التحسن الطفيف المتوقع عام 2024 في مجموعتي الاقتصادات إلى التعافي التدريجي من آثار الحرب في أوكرانيا وانحسار التضخم. وسيرا على نهج الطلب العالمي، يتوقع تراجع نمو التجارة العالمية عام 2023 إلى 2,4 في المئة، رغم انفراج الاختناقات في العرض، قبل أن يرتفع إلى 3,4 في المئة خلال 2024.

وفي الاقتصادات المتقدمة يتوقع حدوث تراجع حاد في النمو من 2,7 في المئة في عام 2022 إلى 1,2 في المئة خلال 2023 قبل أن يرتفع إلى 1,4 في المئة في 2024، في ظل تخفيض قدره 0,2 نقطة مئوية لتوقعات عام 2024. ويتوقع تراجع النمو خلال عام 2023 في نحو 90 في المئة من الاقتصادات المتقدمة.

وفي الولايات المتحدة يتوقع الصندوق هبوط النمو من 2 في المئة خلال عام 2022 إلى 1,4 في المئة في 2023 و1 في المئة خلال 2024. ومع تعافي النمو في النصف الثاني من عام 2024، سيتحقق النمو بوتيرة أسرع في 2024 مقارنة بعام 2023 على أساس ربع سنوي مقارنة بالربع الرابع من العام، كما هو الحال في معظم الاقتصادات المتقدمة.

وأشار صندوق النقد الدولي إلى المخاطر المحيطة بالآفاق الاقتصادي،  ومنها تعطل مسيرة التعافي في الصين، وتصاعد وتيرة الحرب في الروسية على أوكرانيا، والتضخم المزمن، وإعادة تسعير مفاجئة للأصول في الأسواق المالية.

ولفت الصندوق إلى أولويات السياسات في دول عدة، ومنها، خفض التضخم العالمي، واحتواء الموجة الجديدة من كورونا، وضمان الاستقرار المالي، واستعادة القدرة على تحمل أعباء الدين، ودعم الفئات الضعيفة، ومعالجة المديونيات الحرجة، وتعزيز التجارة العالمية، والاستعانة بشبكة الأمان المالي العالمية، وتسريع خطى التحول الأخضر.

وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي 1,1 نقطة مئوية إلى 2,6 في المئة في 2023، وتوقع أن تحقق المملكة نموا 3,4 في المئة في 2024.

وأشارت أحدث التوقعات الاقتصادية العالمية للصندوق إلى تباطؤ إجمالي نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى هذا العام إلى 3,2 في المئة، وهو ما يقل 0,4 نقطة مئوية عن تقديراته في أكتوبر، عازيا ذلك لأسباب منها آثار الحرب في أوروبا.

وقال غورينشا إن المراجعة الخاصة بالمنطقة تعكس بشكل أساسي "التخفيضات الخاصة بكل من مصر والسعودية، وهو ما يعود لأسباب منها تأثير الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أسعار السلع الأساسية"، حسب رويترز.

وأضاف أنه بالنسبة للسعودية، فإن تراجع إنتاج النفط الخام في إطار من اتفاق أوبك+ له أثر أيضا.

وقلت نائبة مدير إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي بيتيا كويفا بروكس "الوضع صعب للغاية بالنسبة لمستوردي النفط في المنطقة، وكثير منهم من المثقلين بالديون، وبالتالي فإن أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة التي لا تزال مرتفعة تشكل عبئا (..) أزمة غلاء المعيشة لا تزال قائمة ومؤثرة في تلك المنطقة، لذلك هناك أيضا خطر الاضطرابات الاجتماعية".

حقل غاز في محافظة بوشهر الإيرانية
سوق الطاقة لم يتأثر بالهجوم الإيراني على إسرائيل

يختبر خطر نشوب حرب متصاعدة بين إسرائيل وإيران قدرة سوق النفط العالمية على الحفاظ على أسعار النفط الخام دون تأثر، إذ على مدى العقود الماضية كانت الصراعات في المنطقة الغنية بالنفط تخيف أسواق النفط وتؤثر على الاقتصاد.

وينقل تقرير من مجلة "بوليتكو" أنه على عكس العقود السابقة، لا تسبب المناوشات العسكرية الحالية في الشرق  الأوسط ارتفاع الأسعار.

وقال محللو الطاقة والأمن للمجلة إن زيادة إنتاج النفط من الولايات المتحدة والبرازيل وأماكن أخرى في العقدين الماضيين أدت إلى تنويع إمدادات الوقود العالمية، مما يعني أن أسواق النفط باتت تعتمد بشكل أقل على شحنات الشرق الأوسط التي يمكن أن تعطلها طهران. 

وقال مايكل نايتس، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى " أثبت السوق مرارا وتكرارا أنه قادر على تعويض النقص". 

ويمكن للمراحل التالية من الصراع الإسرائيلي مع إيران أن تختبر قوة السوق بطرق لم نشهدها منذ عقود، حيث يدرس رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو كيفية الرد على الهجمات الصاروخية  الإيرانية وتلوح حقول النفط الإيرانية والمنشآت النووية في الأفق كأهداف محتملة.

وقفزت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي في البداية بأكثر من 5 في المائة صباح الثلاثاء عندما تسربت التحذيرات بشأن الضربة الصاروخية الإيرانية الوشيكة إلى السوق، لكن الأسعار سرعان ما تقلصت بعد الهجوم.

و اعتبارا من صباح الخميس، تم تداولها عند حوالي 73 دولارا للبرميل، بزيادة تقارب 3 دولارات لليوم ولكنها أقل بكثير من المستويات فوق 80 دولارا حيث تم تداولها لمعظم الصيف. 

وقال الخبراء إنه حتى  الاتساع الهائل في الأعمال العدائية إلى جيران إيران المنتجين للنفط من المحتمل أن يرفع النفط إلى حوالي 100 دولار فقط للبرميل، وهو سعر من شأنه أن يدفع أسعار البنزين الأميركية إلى ما بين 3.50 دولار إلى 4.50 دولار للغالون.  

وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها خلال إدارة جو بايدن واقتربت من 124 دولارا للبرميل في مارس 2022، بعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا، مما دفع أسعار البنزين إلى مستوى قياسي بلغ 5.03 دولار للغالون في ذلك الربيع. 

لكن ارتفاع إنتاج النفط الأميركي إلى أعلى مستوياته، والزيادات في الإنتاج من منتجي أميركا الجنوبية، خفف من اعتماد السوق على نفط الشرق الأوسط.

وفي الآونة الأخيرة، أثر ضعف الطلب الصيني على الوقود على الأسعار العالمية. وقال محللون إن السعودية والإمارات وليبيا ومنتجين آخرين للنفط لديهم طاقة إنتاجية فائضة يمكن أن تعوض بسهولة أي نقص في الإمدادات إذا أدت ضربة إسرائيلية على حقول النفط الإيرانية أو منشآت التصدير إلى ارتفاع الأسعار.