انتشرت مخاوف مالية في الهند، الجمعة، مع تفاقم أزمة مجموعة أداني، حيث حذرت وكالة التصنيف "موديز" من أن المجموعة قد تواجه صعوبة في زيادة رأس المال، كما خفضت "ستاندرد آند بورز" (S&P) التوقعات بشأن فرعين تابعين للمجموعة.
وأدت المشاهد الفوضوية في مجلسي البرلمان الهندي إلى تأجيل جلستهما، الجمعة، حيث طالب بعض المشرعين بإجراء تحقيق بعد الانهيار الدراماتيكي لقيم سوق الأسهم لشركات الملياردير الهندي، غوتام أداني.
ونشبت الأزمة بعد تقرير "هندنبرغ" للأبحاث الأسبوع الماضي الذي اتهم فيه مجموعة أداني بالتلاعب في الأسهم والديون التي لا يمكن تحملها.
ورفضت مجموعة أداني، إحدى أكبر التكتلات الهندية، الانتقادات ونفت ارتكاب أي مخالفات في ردود تفصيلية، لكن ذلك فشل في وقف التراجع المستمر في أسهمها، وفقا لرويترز.
وقال مسؤولان حكوميان لرويترز، في أحدث مؤشر على اتساع الأزمة، إن وزارة شؤون الشركات الهندية بدأت مراجعة أولية للبيانات المالية لمجموعة أداني وغيرها من التقارير التنظيمية المقدمة على مر السنين.
وعلى الرغم من تعافي الأسهم في شركات أداني بعد الانخفاضات الحادة في وقت سابق، الجمعة، إلا أن الشركات السبع المدرجة لا تزال تفقد حوالي نصف قيمتها السوقية، التي يبلغ مجموعها أكثر من 100 مليار دولار منذ أن نشرت هندنبرغ تقريرها في 24 يناير الماضي.
وحذرت وكالة موديز من أن هبوط الأسهم قد يضر بقدرة مجموعة أداني على زيادة رأس المال، على الرغم من أن وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" لم ترى أي تأثير فوري على تصنيفاتها.
وقالت موديز "هذه التطورات المعاكسة من المرجح أن تقلل من قدرة المجموعة على جمع رأس المال لتمويل النفقات الرأسمالية الملتزم بها أو إعادة تمويل الديون المستحقة على مدى العامين القادمين. نحن ندرك أن جزءا من النفقات الرأسمالية يمكن تأجيله".
وتمثل الأزمة بالنسبة إلى أداني "أكبر تحد في مجال السمعة والأعمال في حياته، حيث تكافح مجموعته لتهدئة مخاوف المستثمرين"، وفقا لرويترز.
ووسط مخاوف من امتداد الاضطراب إلى النظام المالي، دعا بعض السياسيين الهنود إلى تحقيق أوسع، وقالت مصادر لرويترز إن البنك المركزي طلب من البنوك تفاصيل إضافية حول المجموعة.
وقالت تشارو شانانا، محللة السوق في ساكسو ماركتس في سنغافورة، الجمعة: "تتسع المخاوف المالية، لكنها لا تزال مقتصرة على القطاع المصرفي".
وقال بنك الاحتياطي الهندي إن النظام المصرفي في البلاد لا يزال مرنا ومستقرا. وقال بنك الدولة الهندي إنه غير قلق بشأن أزمة مجموعة أداني، لكن "سيتم تقييم التمويل الإضافي لمشاريعها على أساس جدارتها".
وقال مصدر مطلع لرويترز، الأربعاء الماضي، إن هيئة تنظيم السوق في الهند تجري مراجعة وتدقيقا فيما يتعلق بتراجع أسهم شركات الملياردير غوتام أداني، في الوقت الذي تتضخم فيه خسائره.
وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن مجلس الأوراق المالية والبورصات الهندي يبحث أيضا في عدد من المزاعم التي تحدثت عنها شركة هندنبرغ لأبحاث الاستثمار.
ولم يرد المتحدثون باسم مجلس الأوراق المالية ومجموعة أداني على الفور على طلبات للتعليق من قبل رويترز.
أداني ولقب أغنى رجل في آسيا
وشهدت أسهم مجموعة شركات الملياردير الهندي البارز مزيدا من التراجع، الأربعاء، لتُمنى أسهم شركاته بخسائر بلغت 86 مليار دولار بعد ظهور تقرير الشركة الأميركية الذي تحدث عن تلاعب بالأسهم، وليفقد الملياردير لقب أغنى رجل في آسيا.
وأدت خسائر الأسهم، الأربعاء، إلى هبوط أداني إلى المركز الخامس عشر في قائمة فوربس لأغنى الأشخاص في العالم بصافي ثروة يقدر بنحو 75.1 مليار دولار، ليأتي في مرتبة لاحقة لمنافسه، موكيش أمباني، رئيس مجلس إدارة شركة ريلاينس إنداستريز الذي حل في المركز التاسع بصافي ثروة قُدر بنحو 83.7 مليار دولار.
وكان ترتيب أداني الثالث قبل التقرير اللاذع من شركة هندنبرغ لأبحاث الاستثمار.
وتمثل الخسائر انتكاسة حادة لأداني الذي هجر التعليم وتحول إلى ملياردير وزادت ثروته سريعا في الأعوام القليلة الماضية مع زيادة قيمة أسهم شركاته التي تتضمن شركات موانئ ومطارات وتعدين وأسمنت وطاقة. ويسعى أداني حاليا جاهدا لإعادة الاستقرار لشركاته وحماية سمعته، وفقا لرويترز.
ويأتي انخفاض الأسهم بعد يوم واحد فقط من تمكن مجموعة أداني من حشد الدعم من مستثمرين لبيع أسهم بقيمة 2.5 مليار دولار من شركة أداني انتربرايزس، فيما اعتبره البعض شعارا لثقة المستثمرين في وقت الأزمات.
وكان تقرير لشركة هندنبرغ ريسيرش قد قال الأسبوع الماضي إن مجموعة أداني تسيء استخدام الملاذات الضريبية الخارجية وتتلاعب بالأسهم. وأثارت الشركة أيضا القلق من الديون المرتفعة وتقييمات شركات أداني السبعة المدرجة في البورصة.
ونفت المجموعة المزاعم قائلة إن تصور الشركة الأميركية عن التلاعب بالأسهم "بلا أساس" ونابع من الجهل بالقانون الهندي. وأضافت أنها تقدم دوما الإفصاحات التنظيمية اللازمة.
وتراجعت أسهم شركة أداني انتربرايزس التي توصف عادة بأنها حاضنة أعمال أداني 28 في المئة، الأربعاء، لتتجاوز خسائرها منذ تقرير هندنبرغ ريسيرش 18 مليار دولار. وخسرت أداني بورتس والمنطقة الاقتصادية الخاصة 19 في المئة من قيمتها. وسجل كلا السهمين أسوأ يوم على الإطلاق.
وقال أفيناش جوراكشاكار، رئيس الأبحاث في شركة بروفيتمارت سيكيوريتيز، ومقرها مومباي، "نوع الانخفاض الذي نشهده في أسهم أداني مخيف".
وانخفضت أسهم كل من أداني باور وأداني ويلمار خمسة في المئة. وخسرت أداني توتال غاز عشرة في المئة. وخسرت أسهم أداني ترانزميشن ثلاثة في المئة وخسرت أداني غرين إنيرجي 5.6 في المئة.
وكانت شركة أداني توتال غاز، وهي مشروع مشترك مع شركة توتال الفرنسية، أكثر ضحايا تقرير هندنبرغ تأثرا بخسارتها نحو 27 مليار دولار.
وواصلت السندات الدولارية لشركات أداني انخفاضها، الأربعاء. وتصدرت السندات الدولارية لشركة أداني بورتس المستحقة في فبراير 2031 الخسائر لتنخفض 3.59 سنت وتصل إلى 67.58 سنت.
ومما يؤكد التوتر في بعض الأوساط، قالت بلومبيرغ، الأربعاء، إن بنك كريدي سويس توقفت عن قبول سندات مجموعة شركات أداني كضمان للقروض لعملائها في البنوك الخاصة.
وقال ديفين تشوكسي، العضو المنتدب لشركة كيه.آر. تشوكي شيرز آند سيكيورتي، إن هذا كان عامل تأثير كبير على انخفاض الأسهم، الأربعاء.
وبعد أن خسرت شركات أداني 86 مليار دولار في الأيام القليلة الماضية، أي ما يعادل 16 في المئة من إنفاق الميزانية السنوية للهند البالغة 550 مليار دولار والتي أُعلنت، الأربعاء، أصبحت القيمة السوقية الإجمالية لشركات المجموعة السبع المدرجة في البورصة نحو 131 مليار دولار.
وانخفض مؤشر نفتي القياسي في الهند 2.7 في المئة، الأربعاء، منذ تقرير هندنبرغ. وتُظهر البيانات أيضا أن المستثمرين الأجانب باعوا ما قيمته 1.5 مليار دولار من الأسهم الهندية بعد تقرير هندنبرغ في أكبر خروج للأموال على مدى أربعة أيام متتالية منذ 30 سبتمبر.
ويتزايد التمحيص لمجموعة أداني. فقد قالت هيئة تنظيمية أسترالية، الأربعاء، إنها ستفحص مزاعم هندنبرغ حتى تقرر مدى توافر مسوغات لإجراء مزيد من التحقيقات.
وقالت مصادر لرويترز إن هيئة تنظيم الأسواق في الهند التي كانت تفحص صفقات المجموعة ستضيف تقرير هندنبرغ إلى تحقيقاتها الأولية. ولم تعلق الهيئة على قصة هندنبرغ وأداني.