كان مستثمرو الأسواق الناشئة، متحمسين للعودة إلى مصر بعد تخفيض قيمة الجنيه الشهر الماضي مقابل الدولار، غير أن "مفاجأة" البنك المركزي، بتثبيت سعر الفائدة كانت "محبطة"، بحسب وكالة بلومبرغ.
وخالف صانعو القرار الاقتصادي بمصر، الأسبوع الماضي، توقعات معظم المحللين، بقرار ترك تكاليف الاقتراض دون تغيير للمرة الأولى منذ سبتمبر، ما "خيب آمال" العديد من المستثمرين المحتملين الذين كانوا يبحثون عن أسعار فائدة أعلى، وفقا لإدوين جوتيريز، رئيس قسم الديون السيادية للأسواق الناشئة في مؤسسة "أبردن" الاستثمارية في لندن.
وتابع جوتيريز في حديثه للوكالة: "نعتقد أنه قرار خاطئ، سيدفع بعض المستثمرين إلى إعادة التفكير".
وأصبح جذب المستثمرين الأجانب مرة أخرى للاستثمار في الديون الصادرة بالعملة المحلية أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لمصر، التي ظلت معزولة عن أسواق رأس المال العالمية منذ عام تقريبا.
وتراجعت السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار اليوم الأربعاء، بعد أن خفضت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، تصنيف مصر الائتماني درجة واحدة من B2 إلى B3 في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، مشيرة إلى تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي وقدرتها على امتصاص الصدمات.
وأعلنت الحكومة المصرية استراتيجية لبيع أصول مملوكة للدولة بداية من شهر فبراير الجاري، في إطار برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
وتهدف هذه الخطوة إلى دعم عملية التكيف الهيكلي والمساهمة في توليد تدفقات رأسمالية مستدامة بلا ديون تساهم في الوفاء بمدفوعات خدمة الديون الخارجية على مدى عامين قادمين، بحسب مؤسسة موديز.
وحتى مع برنامج صندوق النقد الدولي الجديد في البلاد، يحذر محللو المؤسسة، من أن هذه الإجراءات "ستتطلب وقتا قبل الحد بشكل ملموس من تعرض مصر للمخاطر الخارجية - مثل ارتفاع تكاليف الاقتراض والضغوط التضخمية".
وفي الشهر الماضي فقط، تقول الوكالة إن العديد من المستثمرين، كانوا يتحدثون عن العودة مرة أخرى لشراء الديون في الأسواق المصرية، مع انخفاض قيمة الجنيه وإمكانية تحقيق عوائد قياسية مقارنة بالعملات الأخرى.
ومنذ ذلك الوقت أدى ارتفاع الأسعار إلى انخفاض عوائد السندات المصرية مقارنة بمعدل التضخم المتصاعد، مما قلل من جاذبية الاستثمار فيها. وفي غضون ذلك، فقد الجنيه هذا العام نسبة جديدة من قيمته مقابل الدولار، بلغت 18 بالمئة.
ومع تصاعد مخاوف المستثمرين، اختارت حكومة واحدة من أكثر دول الشرق الأوسط مديونية، بحسب بلومبرغ، إصدار سندات خزانة مقومة بالدولار.
وأعلن البنك المركزي المصري، الاثنين، عن بيعه أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام بقيمة 1.06 مليار دولار في مزاد بمتوسط عائد 4.9 بالمئة، بحسب رويترز.
ويأتي هذا القرار بعد قراره وسط الأسبوع الماضي، الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، في خطوة جاءت على عكس أغلب توقعات المحللين والاقتصاديين.
المحلل الاقتصادي جوردون باورز، أبرز أن "المفاجأة الحذرة لا يمكن إلا أن تثير الشكوك بشأن التزام البنك تجاه التضخم، وتبقى سببا إضافيا للمستثمرين لانتظار الوضوح قبل العودة ثانية إلى السوق المحلية".
وأشارت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، إلى إن "قاعدة التمويل المحلي" التي تتبنها، للحكومة المصرية، من بين العوامل التي تحد من مخاطر السيولة، مضيفة أن مرونة سعر الصرف المحلي يساعد في دعم القدرة التنافسية للبلاد ويقلل الطلب على النقد الأجنبي.
لكنها حذرت أيضا من أن التقلبات المرتفعة في العملة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الضغوط التضخمية، "مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الاقتراض المفترضة حاليا".
وقال محللون استراتيجيون في بنك جولدمان ساكس في تقرير، إن قرار البنك المركزي "ربما أوقف الزخم الأخير لقرارات السياسة العامة، والتي كانت تعمل مؤقتا على إعادة تهيئة الظروف الملائمة لجذب المستثمرين في الجنيه المصري".