أصبح الاستثمار في وول ستريت أرخص وأسهل، رغم قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في 15 عاما، مما يشير إلى "الانفصال المستمر والعميق بين المستثمرين ومسؤولي البنك المركزي"، وفق ما ورد في تقرير لصحيفة فايننشال تايمز.
وفي حين خلص التقرير إلى أن السوق الأميركية مرتاحة رغم التشديد النقدي، فهل يؤدي ذلك إلى تراجع أثر رفع أسعار الفائدة على التضخم؟ أم إن سياسة الفدرالي الأميركي نجحت بالفعل؟
ويحذر مستثمرون من أن الارتياح في سوق المال ربما يهدد جهود الفدرالي لإبقاء التضخم تحت السيطرة. إلا أنه رغم تراجع رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول عن فرصتين خلال الأسبوع الماضي للتغلب على وفرة السوق، أخذ مستثمرون آخرون صمته على أنه دلالة على ثقة البنك المركزي المتزايدة بأنه يكسب معركته لكبح التضخم، وفق فايننشال تايمز.
ولفتت الصحيفة إلى تحليل المستشار المالي، جريج وايتلي، الذي قال: "لم يعد الاحتياطي الفدرالي قلقا بعد الآن، ويعتقد أن لديه الأدوات لإعادة التضخم إلى 2 في المئة من دون الحصول على تعاون السوق".
ولامس مؤشر غولدمان ساكس للأوضاع المالية الأميركية أدنى مستوى له منذ أغسطس بعد أن رفع بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، وبينما سجل المقياس الأسبوعي الذي جمعه الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو أدنى مستوى له منذ أبريل.
وهددت الأرقام القوية لسوق العمل الأميركية الصادرة الجمعة بإخراج الاتجاه المتفائل عن مساره، حيث يتحرك مؤشر غولدمان صعودا بشكل طفيف، ما يشير إلى تشديد الشروط، وأقر المستثمرون بأن بنك الاحتياطي الفدرالي ربما يقوم بأكثر من رفع إضافي لسعر الفائدة.
وفي حين ذكر التقرير أنه يمكن لظروف مالية متحسنة وعوائد سندات الخزانة المنخفضة أن تعزز التضخم، لفت إلى أن الأسهم الأميركية المهمة تعافت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. وارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز500 بنسبة 15 في المئة من أدنى مستوى له في منتصف أكتوبر.
فبعد أربع زيادات متتالية في أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية، بدأ بنك الاحتياطي الفدرالي في نوفمبر بالإشارة إلى استعداده لإبطاء وتيرة تشديده. ومنذ ذلك الحين، حاول مسؤولو الاحتياطي الفدرالي السير في بخطة دقيقة، وأصروا على أنهم يخططون للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة طالما أن الأمر يتطلب إعادة التضخم إلى هدف 2 في المئة، مع إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة.
وتظهر أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة أن المستثمرين يتوقعون أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة مع نهاية هذا العام في وقت يهدأ التضخم بشكل أسرع من المتوقع، رغم أن الحجم المتوقع لتلك التخفيضات تراجع في الأيام الأخيرة.
ولفت تقرير فايننشال تايمز إلى أن السوق تتوقع أن ينخفض التضخم في الولايات المتحدة بشكل أسرع من الفدرالي.
وانخفض التضخم السنوي من ذروة بلغت 9.1 في المئة في يونيو الماضي إلى 6.5 في المئة في ديسمبر. وحذرت ميغان سويبر، محلل أسعار الفائدة الأميركية في بنك أوف أميركا، من أن الظروف المالية "الفضفاضة" ربما تجعل من الصعب خفض ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.
لكن التضخم انخفض حتى مع تخفيف الظروف المالية، وهو ما قد يساعد في تفسير سبب زيادة تفاؤل الاحتياطي الفدرالي بشأن الأوضاع المالية الأكثر مرونة، وفق الصحيفة.
ويذكر أنه ما إن صدر تقرير الوظائف لشهر يناير في الولايات المتحدة الأميركية حاملا معه ارتفاعا "كبيرا" في نمو الوظائف، حتى تفاجأ العملاء الاقتصاديون من الأرقام، التي اعتبروها لا تتلاءم مع واقع التباطؤ الاقتصادي الحاصل.
وأشار تقرير سابق لسي أن أن إلى أنه لم يكن متوقعا أن يضيف الاقتصاد الأميركي نصف مليون وظيفة في يناير. فقد ترقب استطلاع جمع 81 اقتصاديا أن تصل المكاسب الوظيفية إلى نحو 185 ألفا، وفقا لرفينيتيف.
وبعد 11 شهرا من الارتفاعات الشديدة لأسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفدرالي، كان الخبراء يتوقعون تباطؤ مكاسب الوظائف بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما أدى إلى تباطؤ الاستثمار والنمو ودفع الشركات إلى التراجع عن الإنفاق والتوظيف.
إلا أنه تزايد نمو الوظائف في الولايات المتحدة بشكل كبير في يناير مع استمرار قوة سوق العمل، ولفتت رويترز إلى أنه، عُدلت بيانات شهر ديسمبر لتظهر إضافة 260 ألف وظيفة وليس 223 ألفا في القراءة السابقة. وارتفع متوسط الأجور في الساعة 0,3 في المئة بعد زيادة 0,4 في المئة في ديسمبر. ويعني هذا تراجع زيادة الأجور على أساس سنوي إلى 4,4 في المئة مقابل 4,8 في المئة في ديسمبر.
أسواق اليوم
واستقر الدولار، الخميس، قرب متوسط الأسعار التي سجلها خلال الفترة الماضية مقابل العملات الرئيسية فيما يقيّم المستثمرون التعليقات الصادرة عن عدد من مسؤولي مجلس الاحتياطي الاتحادي فضلا عن ترقب بيانات التضخم في أسعار المستهلكين المقرر نشرها الأسبوع المقبل، حسب رويترز.
وهبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات أخرى 0.13 في المئة إلى 103.32، مبتعدا عن أعلى مستوى في شهر عند 103.96 الذي لامسه الثلاثاء بعد سلسلة ارتفاعات سجلها بعد تقرير أظهر الجمعة أن سوق العمل أقوى من المتوقع.
وعززت بيانات التوظيف في البداية التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي ربما يعود إلى سياسته النقدية المتشددة، وهو ما لم يُظهر باول دعما له في تصريحاته.
كما يترقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم في أسعار المستهلكين المقرر نشرها الثلاثاء بحثا عن مؤشرات حول توقعات السياسة.
وارتفع اليورو 0.18 في المئة إلى 1.07325 دولار، مبتعدا عن أدنى مستوى في شهر عند 1.067 دولار الذي سجله الثلاثاء.
واستقر الين الياباني عند 131.455 للدولار بينما زاد الجنيه الإسترليني 0.1 في المئة إلى 1.2087 دولار.