صورة تعبيرية لتقلبات الأسواق
صورة تعبيرية لتقلبات الأسواق

أظهرت بيانات الثلاثاء أن التضخم في الولايات المتحدة تباطأ من ذرورة عام 2022، لكن العوامل التي تدفع الأسعار إلى الأعلى تثبت أنها "مستعصية" وتجعل من الصعب لجم زيادات الأسعار للعودة إلى هدف الاحتياطي الفدرالي، وفق ما أورد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

فارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 6.4 في المئة في يناير مقارنة بالعام السابق، وهو أسرع مما توقعه الاقتصاديون ويشكل انخفاضا طفيفا فقط من 6.5 في المئة في ديسمبر. في حين أن وتيرة الزيادة السنوية قد تراجعت من ذروتها البالغة 9.1 في المئة في صيف 2022، إلا أنها لا تزال أسرع بثلاث مرات مما كانت عليه قبل الوباء، وفق الصحيفة.

انتعشت الأسهم الأميركية من أسوأ مستوياتها، الثلاثاء، بعد زيادة أقوى من المتوقع في مستوى أسعار المستهلكين. فقد أدت أرقام التضخم إلى زيادة المخاوف من أن الاحتياطي الفدرالي سيرفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان يأمل السوق. فارتفاع الأسعار لم يحد من إنفاق المستهلكين. ومن المقرر صدور أرقام مبيعات التجزئة لشهر يناير الأربعاء، ويتوقع الاقتصاديون زيادة قوية في المبيعات بعد شهرين من التراجع، حسب سي أن أن.

وأنهى مؤشر داو جونز يومه منخفضا بأكثر من 155 نقطة أو 0.6 في المئة، في حين استقر مؤشر ستاندرد أند بورز، وارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 0.6 في المئة، وفق سي أن أن.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الأسعار تستمر في الارتفاع بسرعة على أساس شهري فأصبحت مجموعة واسعة من السلع والخدمات، بما في ذلك الملابس وغرف الفنادق والإيجار، أكثر تكلفة. فأكدت البيانات أنه في حين أن الاحتياطي الفدرالي يتلقى أخبارا إيجابية تفيد بأن التضخم لم يعد يتسارع بشكل كبير، إلا أن الوصول إلى الهدف (2 في المئة) ربما يتطلب المزيد من العمل.

وتسارع ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في يناير ولكن كانت تلك أقل زيادة سنوية منذ أواخر عام 2021 مما يشير إلى استمرار تراجع التضخم ومواصلة مجلس الاحتياطي الاتحادي على الأرجح نهج الاعتدال في زيادة أسعار الفائدة، حسب ما ذكرت رويترز.

وقالت وزارة العمل، الثلاثاء، إن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع 0.5 في المئة الشهر الماضي بعد ارتفاعه 0.1 في المئة في ديسمبر. وزاد التضخم الشهري إلى حد ما جراء ارتفاع أسعار البنزين 3.6 في المئة في يناير، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم توقعوا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين 0.5 في المئة. وأجري جانب كبير من الاستطلاع قبل نشر مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل المراجعات السنوية لبيانات مؤشر أسعار المستهلكين المعدلة موسميا يوم الجمعة.

وفي الاثني عشر شهرا حتى يناير، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك 6.4 في المئة. وكان هذا أقل ارتفاع منذ أكتوبر 2021 وجاء بعد ارتفاع 6.5 في المئة في ديسمبر. وبلغ مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ذروته عند 9.1 في المئة في يونيو في أكبر زيادة منذ نوفمبر 1981.

ويعكس الاعتدال في ضغوط الأسعار سياسة نقدية أكثر صرامة مما يؤثر على الطلب بالإضافة إلى التحسن في سلاسل التوريد. لكن عودة التضخم إلى المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي الاتحادي والذي يبلغ اثنين في المئة لن يحدث قبل مرور فترة من الوقت بسبب ثبات إيجارات العقارات وقلة الأيدي العاملة مما يبقي أسعار الخدمات مرتفعة.

وزاد الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة 450 نقطة أساس منذ مارس الماضي من قرب الصفر إلى ما بين 4.50 و4.75 في المئة وحدث القسط الأكبر من الزيادات بين أيار وديسمبر كانون. ويعتقد اقتصاديون أن الاحتياطي الاتحادي قد يرفع سعر الفائدة فوق ذروة 5.1 في المئة التي توقعها في ديسمبر ويثبت السعر عند هذا المستوى لبعض الوقت.

وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.4 في المئة الشهر الماضي، وهي النسبة نفسها التي ارتفع بها في ديسمبر.

شارع الجمهورية في وسط العاصمة العراقية بغداد
صورة أرشيفية لشارع في العاصمة العراقية بغداد

"مضى على تخرجي 8 سنوات، ومنذ اللحظة الأولى للتخرج، وحتى الآن، قدمت على العديد من الوظائف في القطاعين العام والخاص، لكن لم أكن محظوظة حتى الآن"، تقول لمياء صالح لـ"الحرة" وهي فتاة عراقية تنتظر الدخول إلى سوق العمل منذ سنوات. 

وبلغت نسبة البطالة، وفق آخر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء، التابع لوزارة التخطيط العراقية عام 2021، 16.5%، وسجلت نسبة البطالة بين النساء ارتفاعا بواقع 28%، بينما كانت لدى الرجال 14%".

وتوقعت وزارة التخطيط في 9 أكتوبر الحالي انخفاض نسب البطالة في البلد مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية، لافتةً إلى أن المشروعات التنموية والنهضة الاقتصادية التي تنفذها الحكومة الحالية ساهمت بتراجع نسب البطالة.

وأكد المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، لوكالة الأنباء العراقية على أن "التوقعات تدل على إمكانية انخفاض نسب البطالة في العراق، خاصة في ظل المشروعات الكبرى التي يتم تنفيذها حالياً"، مشيرا الى أن العراق شهد خلال السنتين الماضيتين بداية تنفيذ العديد من المشروعات الحيوية التي أسهمت بشكل كبير في توفير فرص عمل جديدة، وهو ما يساهم في خفض معدل البطالة.

ورغم أن مشكلة البطالة في العراق ليست جديدة، وتعود جذورها الى العقود الماضية، لكنها لم تكن ظاهرة خلال ثمانينيات القرن الماضي، إثر التعبئة العسكرية في البلد، الذي كان يخوض حربا ضد إيران، وبدأت هذه المشكلة تطفو الى السطح مع بداية التسعينيات مع العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على العراق لغزوه دولة الكويت.

العراق.. كشف سبب "رائحة الكبريت" المنتشرة منذ أيام
أما مصدر هذه الرائحة في بغداد، فهو بحسب المعلومات التي وردت في المؤتمر الصحافي ونقلتها وكالة الأنباء الرسمية (واع)، فهو مصفى الدورة ومحطة الطاقة الحرارة بالدورة ومحطة القدس في شمال بغداد والمحطات الكهربائية الأخرى، إضافة لمعامل الإسفلت والطابوق وعددها أكثر من 250، واستخدام بعض الكور لصهر منتجات النحاس وغيرها وحرق النفايات في النهروان ومعسكر الرشيد.

واشتدت أزمة البطالة بعد عام 2003، ويشهد البلد منذ سنوات موجات من الاحتجاجات التي ينظمها الشباب الباحثين عن العمل، وتصاعدت حدة هذه الاحتجاجات في أكثر الأحيان إلى إغلاق مؤسسات الحكومة والشركات من قبل المحتجين لتلبية مطالبهم، لكن دون جدوى. ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية عن أعداد العاطلين عن العمل، إلا أنه وبحسب نسبة البطالة تقدر أعدادهم بنحو 7 ملايين عاطل عن العمل.

وتمضي لمياء صالح بالقول: "أنا المعيلة الوحيدة لعائلتي، أمي ربة بيت وأبي متقاعد ومريض راتبه لا يكفي تغطية تكاليف علاجه، وأنا خريجة كلية الهندسة. رغم عملي الشاق وأدائي الممتاز في العمل، إلا أن الوظائف التي كنت أحصل عليها في القطاع الخاص لم تكن تناسب شهادتي وفي الوقت نفسه أصحاب العمل كانوا يستغنون عني بسهولة مقابل تعيين شخص آخر ذو نفوذ."

لم تنتظر لمياء الحصول على فرص العمل، بل حاولت خلال السنوات الماضية من إيجاد فرصة عمل لنفسها عبر ممارسة الاعمال اليدوية وبدأت تصنع الإكسسوارات، لكنها مجددا لم تتمكن من الاعتماد عليها في إعالة عائلتها، بسبب ما تعانيه الأسواق المحلية من كساد إلى جانب سيطرة البضائع المستوردة على السوق، وعدم وجود دعم حكومي للصناعات اليدوية.

لمياء ليست الوحيدة التي لم تتمكن من دخول سوق العمل رغم محاولاتها الحثيثة لذلك، حارث مثنى شاب عراقي هو الآخر تتشابه قصته مع لمياء، فقد مضى على تخرجه من معهد الإدارة والاقتصاد أكثر من 5 سنوات دون أن يحصل على وظيفة حكومية.

ويقول مثنى لـ"الحرة": "موضوع الحصول على وظيفة حكومية أمر ميؤوس منه بشكل كلي، حتى خريجي المجموعة الطبية لم يعودوا يتمكنون من الحصول على وظيفة حكومية، لذلك توجهت إلى القطاع الخاص وسوق الأعمال اليدوية، وواجهت مشكلة قلة الفرص في هذا القطاع أيضا وكذلك أجور العمل فيه كانت قليلة جدا."

انتقل مثنى خلال السنوات الماضية ما بين 4 وظائف، لكنه لم يتمكن من الاستمرار فيها لأسباب منها طول ساعات العمل وقلة الأجور وعدم وجود ضمان اجتماعي، وانتهى به المطاف منذ نحو عام بشراء دراجة نارية والعمل كعامل توصيل مع احدى الشركات.

من جانبه يؤيد الخبير الاقتصادي، نبيل التميمي توقعات وزارة التخطيط بانخفاض نسب البطالة، مضيفا لـ"الحرة"، "هناك نشاط تجاري متزايد منذ سنتين وموازنات استثمارية موجودة تنعكس تأثيرها على نشاط التجاري بشكل عام، خصوصا في قطاع البناء، الذي بدوره يحرك نشاط مجموعة أخرى من القطاعات"، لافتا الى أن الإنفاق الحكومي هو المساهم في عملية دفع النمو بالنشاط الاقتصادي على مستوى البلد وبالتالي يوفر وظائف ويقلل نسبيا من البطالة.

وحل العراق في المرتبة السابعة عربيا، الـ 33 عالميا ضمن قائمة الدول الأكثر بؤسا في العالم على "مؤشر هانكي للبؤس العالمي" لعام 2023، الذي صدر في 14 مارس 2024.

وبحسب المؤشر بلغ نسبة البؤس في العراق نحو 50.8، محددا معدلات البطالة عاملا أساسيا لهذه النسبة من البؤس الذي يشهده البلد.

ويتكون المؤشر الذي يصدره سنويا أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، ستيف هانكي، من قائمة مكونة من 157 دولة حول العالم هي الأكثر بؤسا استنادا على معدلات البطالة والتضخم ومعدل الإقراض والتغير في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.