ارتفاع الأسعار العالمية للنفط أدى إلى زيادة جاذبية الخام منخفض الثمن ـ صورة أرشيفية.
ارتفاع الأسعار العالمية للنفط أدى إلى زيادة جاذبية الخام منخفض الثمن ـ صورة أرشيفية.

سجلت واردات الصين من النفط الإيراني الخاضع للعقوبات أعلى مستوى خلال عشر سنوات على الأقل، بعد أن أدى  ارتفاع الأسعار العالمية إلى زيادة جاذبية الخام مخفّض الثمن، وفقا لتحليل من شركة البيانات "كبلر".

ورفعت إيران صادراتها من النفط خلال العام الجاري، بعد أن "عززت أدوارها الجيوسياسية"، بحسب وكالة بلومبرغ.

 وأشارت الوكالة إلى أن "معظم شحناتها موجهة نحو الصين، التي تتساهل في التحقيق في واردات خليط البيتومين، الذي يمزج أحيانا بالنفط الخام الإيراني، ويساعد في تسريع مرور الشحنات عبر الجمارك"، وفق ما نقلته عن تجار في السوق.

وستحصل الصين التي تعد أكبر مستورد عالمي للنفط على حوالي 1.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام القادم من إيران خلال هذا الشهر، وفقا لتقدير الشركة المذكورة. 

وبعد أن بلغ متوسط واردات بكين من إيران 917 ألف برميل نفط يوميا، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، قفز هذا الرقم إلى مليون ونصف برميل يوميا خلال شهر أغسطس، في رقم هو الأعلى منذ 2013، بحسب بيانات كبلر.

وأدى خفض السعودية وروسيا، وهما زعيمتا "أوبك+" التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء من خارجها، إلى ارتفاع أسعار النفط خلال الأسابيع السبعة الماضية.

وتسبب ارتفاع أسعار خام برنت بحوالي الخمس، منذ أواخر يونيو الماضي، إلى زيادة الطلب الصيني على النفط الخام الخاضع للعقوبات، والذي تشتري معظمه مصافي التكرير المستقلة والمتجمعة في مقاطعة شاندونغ، غرب الصين.

وكشف التجار أن صنفين رئيسيين من النفط الإيراني يتم تداولهما حاليا بخصومات تزيد عن 10 دولارات للبرميل مقارنة بسعر برنت، كما أنها تبقى أرخص بكثير من الأصناف الروسية.

في سياق متصل، رفعت الوكالة الدولية للطاقة، الجمعة، توقعاتها للطلب العالمي على النفط عام 2023 إلى "أعلى مستوى سجله على الإطلاق" ليصل إلى 102.2 مليون برميل في اليوم، وفق ما جاء في تقريرها الشهري.

وأشارت  إلى أن الطلب العالمي على النفط بلغ منذ الآن "مستوى قياسيا قدره 103 مليون برميل في اليوم في يونيو، وقد يسجل في أغسطس رقما قياسيا جديدا".

وذكر التقرير أن "الطلب العالمي على النفط يبلغ مستويات قياسية مدفوعا بالرحلات الجوية الصيفية والاستخدام المتزايد للنفط في إنتاج الكهرباء والزيادة الحادة في نشاط قطاع البتروكيماويات الصيني".

وعلى الصعيد العالمي، أوضحت الوكالة أنه "من المتوقع أن يزداد الطلب العالمي على النفط بـ2.2 مليون برميل في اليوم" بالمقارنة مع العام 2022 "ليصل إلى 102.2 مليون برميل في اليوم في 2023، على أن تمثل الصين أكثر من 70 بالمئة من هذه الزيادة".

وسيكون هذا "أعلى مستوى سنوي مسجل على الإطلاق"، علما أن الوكالة كانت تتوقع بالأساس في فبراير بلوغ الطلب خلال السنة الجارية حجما قياسيا قدره 101.9 مليون برميل في اليوم، بالمقارنة مع 99.9 مليون برميل في اليوم في 2022 و97.6 مليون برميل في اليوم في 2021.

وتحولت أسعار النفط للانخفاض، الأربعاء، مواصلة خسائر الجلسة السابقة التي بلغت واحدا بالمئة مع تغلب بيانات اقتصادية ضعيفة من الصين على شح إمدادات الخام الأميركية، وفقا لرويترز.

ولا تزال بيانات النشاط الاقتصادي الصيني لشهر يوليو التي صدرت، الثلاثاء، تدفع السوق نحو الهبوط، وذلك بعد أن جاءت مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي والاستثمار دون التوقعات، مما أثار القلق بشأن تباطؤ أشد وأطول في نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بحسب الوكالة ذاتها.

وخفضت بكين أسعار الفائدة الرئيسية لدعم النشاط، لكن المحللين يقولون إن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم لحفز النمو.

ودفعت بيانات النشاط لشهر يوليو تموز بعض الاقتصاديين للإشارة إلى مخاطر أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، قد تجد صعوبة في تحقيق هدف النمو بنحو خمسة بالمئة لهذا العام دون مزيد من التحفيز المالي.

البنك الفدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة - صورة تعبيرية.
البنك الفدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة - صورة تعبيرية.

خفض الاحتياطي الفدرالي الأميركي، الأربعاء، معدل فائدته للمرة الأولى منذ 2020، وذلك بواقع نصف نقطة مئوية بحيث باتت تراوح بين 4,75 و5 في المئة، ويتجه إلى خفض إضافي مماثل بحلول نهاية 2024.

وأوضح المصرف المركزي الأميركي أن "ثقته باتت أكبر" بتراجع التضخم. ولم يتخذ القرار بالإجماع خلال هذا الاجتماع الأخير للاحتياطي قبل الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر المقبل، إذ أيدت الحاكمة، ميشيل باومن، خفضا للفائدة بواقع ربع نقطة فقط.

ومن المرجح أن يكون هذا الخفض بمثابة أنباء سارة للمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، التي تسعى لتسليط الضوء على الإنجازات الاقتصادية للرئيس، جو بايدن، في سباقها ضد المرشح الجمهوري والرئيس السابق، دونالد ترامب، وفقا لفرانس برس.

ويملك الاحتياطي الفدرالي الاستقلالية في تحديد السياسة النقدية على أساس البيانات الاقتصادية فقط.

ولكن من المرجح أن يكون لقراره تداعيات سياسية، نظرا لأهمية مواضيع مثل التضخم وكلفة المعيشة بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، وفقا لفرانس برس.

وانتقد ترامب مرارا رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، الذي عينه، مشيرا إلى أن قرارات البنك سياسية، وهي اتهامات نفاها البنك المركزي الأميركي بشدة.

استغلال سياسي

وذكرت وكالة "بلومبرغ" في تقرير مطول، أن ترامب وهاريس يسعيان لاستغلال قرار خفض معدل الفائدة سياسيا، حيث أشادت هاريس بالخطوة باعتبارها نعمة لأسر الطبقة المتوسطة، بينما لمح ترامب إلى أن الخفض ربما كان بدوافع سياسية.

وسلطت التصريحات حول قرار البنك الضوء على كيف يمكن للبنك المركزي - المؤسسة المستقلة التي تعهد رئيسها جيروم باول بعدم السماح للضغوط السياسية بالتأثير على صنع القرار - أن يؤثر في السباق الرئاسي لعام 2024 قبل سبعة أسابيع فقط من يوم الانتخابات.

كما أكدت التصريحات المتضاربة على المدى الذي أصبح فيه الاقتصاد وأسعار الفائدة بسرعة نقطة محورية في السباق، حيث يسعى كلا الحزبين إلى استخدام هذه الخطوة لتعزيز موقفهما الانتخابي، وفقا لبلومبرغ.

وفي حديثه خلال إحدى محطات حملته الانتخابية في مانهاتن، وصف ترامب الخفض بأنه "رقم غير عادي للغاية".

وقال ترامب: "أعتقد أن هذا يُظهِر أن الاقتصاد سيئ للغاية، بسبب خفض معدل الفائدة بهذا القدر (...) وهذا لعب سياسي (...) لقد كان خفضا كبيرا".

وفي بيان لها، وصفت هاريس القرار بأنه "أخبار سارة بشكل خاص للأميركيين الذين تحملوا وطأة الأسعار المرتفعة". وأظهر ذلك أن حل مشكلة التضخم المرتفع - الذي أثر على الأسر الأميركية بشدة - هو أحد أهم التزاماتها السياسية، وفقا لبلومبرغ.

وأضافت هاريس، سعيا إلى رسم تباين مع أجندة ترامب: "أعلم أن الأسعار لا تزال مرتفعة للغاية بالنسبة لعدة أسر من الطبقة المتوسطة والأسر العاملة، وستكون أولويتي القصوى كرئيسة خفض تكاليف الاحتياجات الأساسية مثل الرعاية الصحية والإسكان والبقالة".

وتابعت "هذا هو عكس ما قد يفعله دونالد ترامب كرئيس. بينما يقترح المزيد من التخفيضات الضريبية للمليارديرات والشركات الكبرى، فإن خطته ستزيد التكاليف على الأسر بنحو 4000 دولار سنويا من خلال فرض ضريبة على السلع والخدمات التي تعتمد عليها الأسر، مثل الغاز والغذاء والملابس".

ومع ذلك، هاجم بعض أنصار ترامب بنك الاحتياطي الفدرالي لتحركه بشأن معدل الفائدة قبل انتخابات نوفمبر، حيث قال الملياردير، جون بولسون، مؤسس صندوق التحوط، وهو مانح رئيسي للمرشح الرئاسي الجمهوري ووزير الخزانة المستقبلي المحتمل إذا عاد ترامب إلى السلطة، إنه يعتقد أن بنك الاحتياطي الفدرالي كان يجب أن "يبقى بعيدا عن السياسة والانتخابات الرئاسية".

وأضاف بولسون: "تقليديا، لم يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قبل الانتخابات بفترة وجيزة، والمرة الوحيدة التي فعل فيها ذلك هذا القرن كانت في أعقاب الانهيار المالي في عام 2008، والذي تطلب إجراءات دراماتيكية. نحن لسنا في وضع مماثل اليوم".

وتابع: "يثير هذا القرار تساؤلات حول ما إذا كان التوقيت يهدف إلى تعزيز حملة نائبة الرئيس هاريس. يدعي بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه لا يتدخل بالسياسة، لكن توقيت الإجراءات يلقي بظلال من الشك على ادعاءاته".

وأشارت بلومبرغ إلى أن الرئيس السابق اتهم بنك الاحتياطي الفدرالي بالعمل ضده من قبل، حيث انتقد رئيسة البنك آنذاك، جانيت يلين، في عام 2016 لإبقائها على أسعار الفائدة منخفضة خلال حملته الانتخابية ضد الديمقراطية، هيلاري كلينتون.

واقترح ترامب أيضا في الأسابيع الأخيرة أن يكون للرؤساء رأي أكبر في تعامل بنك الاحتياطي الفدرالي مع نسب الفائدة والسياسة النقدية - وهي الخطوة التي من شأنها أن تقلب الممارسة القديمة المتمثلة في استقلال البنك المركزي الأميركي عن الجهات الفاعلة السياسية، وفقا لبلومبرغ.

وتجنب الرؤساء الأميركيون لعقود من الزمان انتقاد بنك الاحتياطي الفدرالي علنا بشأن أسعار الفائدة. وقال ترامب، الذي كان ينتقد بنك الاحتياطي الفدرالي بصوت عال أثناء توليه الرئاسة، إنه لن يعيد تعيين باول رئيسا إذا فاز في الانتخابات هذا الخريف.