"يفكر الكرملين والحكومة الروسية في حظر مبيعات النفط لجميع الدول التي أيدت هذا السقف"
موسكو أعلنت حظرا على تصدير الديزل مؤخرا

نجحت روسيا في تجنب عقوبات مجموعة  دول السبع  الكبرى على معظم صادراتها النفطية، مما أدى إلى تعزيز الإيرادات المالية للكرملين، بالتزامن مع ارتفاع سعر البترول الخام إلى نحو 100 دولار للبرميل، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

ووفقا لتحليل سجلات الشحن والتأمين الذي أجرته الصحيفة، فإن "ما يقرب من ثلاثة أرباع جميع تدفقات النفط الخام الروسي المنقولة بحراً، جرى شحنها دون تأمين غربي في أغسطس"، علما أنه بسبب ذلك التأمين كان يتم فرض سعر محدد على برميل البترول الروسي، بحيث لا يتجاوز 60 دولارًا.

وبحسب بيانات صادرة عن شركة تحليلات الشحن "كبلر "وشركات التأمين، فإن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الروسي نحو 50 في المائة هذا الربيع.

ويشير هذا الارتفاع إلى أن موسكو "أصبحت أكثر مهارة في التحايل على الحد الأقصى لثمن البيع المفروض عليها، مما يسمح لها ببيع المزيد من نفطها بأسعار أقرب إلى أسعار السوق الدولية".

وقدرت كلية كييف للاقتصاد (KSE) أن الزيادة المطردة في أسعار النفط الخام منذ يوليو، تعني أن "عائدات روسيا من النفط قد تزيد بما لا يقل عن 15 مليار دولار للعام الحالي، مقارنة بالتوقعات السابقة".

ويشكل هذا التحول، بحسب خبراء، ضربة مزدوجة للجهود الغربية، بعد غزو أوكرانيا، لتقييد عائدات روسيا من مبيعات النفط، التي تشكل الجزء الأكبر من ميزانية الكرملين.

ولا يقتصر الأمر على بيع نسبة أعلى من النفط الروسي خارج الحد الأقصى فحسب، بل إن استقلال موسكو المتزايد "كبائع" تزامن مع ارتفاع قوي في أسعار النفط، التي تجاوزت 95 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ 13 شهرًا، هذا الأسبوع.

وفي حين أن قطاع النفط في روسيا لا يزال يواجه العديد من التحديات الكبيرة، بما في ذلك ادعاءات النقص في سوق الوقود المكرر المحلي، وانخفاض حجم الصادرات بشكل عام، فإن الأرقام لا تزال تشير إلى أن المزيد من عائدات النفط ستتدفق إلى خزانة الحرب في الكرملين.

وأوضح الخبير الاقتصادي في بورصة الكويت، بن هيلغنستوك: "بالنظر إلى هذه التحولات في كيفية شحن روسيا لنفطها، قد يكون من الصعب للغاية فرض سقف للسعر بشكل مجدٍ في المستقبل".

وتابع: "هذا يجعل الأمور مؤسفة أكثر، لأننا لم نبذل المزيد من الجهود لتطبيق تلك القيود بشكل صحيح عندما كان لدينا المزيد من النفوذ".

وحظرت روسيا هذا الأسبوع تصدير الديزل وأنواع الوقود الأخرى، وهي خطوة مهمة من أحد أكبر بائعي الديزل على مستوى العالم، مما أثار مخاوف من أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "يحاول تعطيل سوق النفط، كما فعل مع الغاز الطبيعي"، وهو الأمر الذي أحدث أزمة طاقة في العام الماضي.

وفي حين حظر كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى حد كبير واردات النفط الروسي، فقد تم تصميم الحد الأقصى للأسعار الذي فرضته مجموعة السبع، للحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية، حيث كان الهدف هو منع الضغط على الإمدادات وعدم حدوث قفزة ضارة اقتصاديًا وسياسيًا في الأسعار.

ويُسمح بتقديم الخدمات الغربية، مثل الشحن أو التأمين، لكن فقط إذا تم بيع النفط الروسي بأقل من 60 دولارًا للبرميل.

ومع اعتماد روسيا ذات يوم على الخدمات الغربية لإيصال نفطها إلى الأسواق، رأت مجموعة السبع أن موسكو لن يكون أمامها خيار سوى الامتثال.

وعندما تم تطبيق سقف الأسعار لمجموعة السبع لأول مرة في ديسمبر من العام الماضي، هبط سعر النفط الروسي في البداية إلى نحو 40 دولارًا للبرميل.

واضطرت موسكو إلى تقديم التخفيضات في الوقت الذي سارعت فيه إلى إعادة توجيه ملايين البراميل التي كانت متجهة إلى أوروبا، إلى عملاء جدد في آسيا.

ويقدر مختصون في سوق الكويت للأوراق المالية، أن "العقوبات والقيود الاقتصادية وانسحاب الشركات الغربية  من روسيا، قد كلف موسكو 100 مليار دولار من عائدات تصدير النفط منذ فبراير 2022".

ومع ذلك، قامت روسيا ببناء ما يسمى "الأسطول المظلم" من ناقلات النفط القادرة على العمل دون تأمين غربي، أو خدمات أخرى.

وقد سمح ذلك لموسكو بالحصول على أسعار أعلى لنفطها، حيث ارتفع متوسط سعر خام التصدير الرئيسي الروسي، الأورال، إلى أكثر من 60 دولاراً للبرميل منذ يوليو.

ومن المحتمل أن يكون جزء من الانخفاض في الشحن المدعوم من الغرب، نتيجة للحذر من جانب أصحاب السفن والجهات المستفيدة من نقل وتصدير الخام الروسي.

ففي مايو الماضي، كانت روسيا تصدر نحو 3 ملايين برميل يوميا من خام "الأورال" ونفط "إسبو" عن طريق البحر، على مجموعة من السفن ذات التأمين الغربي وغير الغربي.

وانخفض هذا الإجمالي إلى حوالي 2.5 مليون برميل يوميا في أغسطس، حيث جاء الانخفاض من السفن المؤمن عليها في الغرب، والتي حملت 626 ألف برميل يوميا فقط في ذلك الشهر - أي أقل من نصف الكمية التي نقلتها في مايو.

وقد يؤثر حظر تصدير الديزل الذي أُعلن عنه، الخميس، على إيرادات روسيا مؤقتًا، لكنه قد يؤدي إلى حصولها على أسعار أعلى مقابل بيع كميات أقل، وفق الصحيفة.

جانب من مدينة الرياض
لم تحدد الرياض المشاريع التي ستتأثر بهذا التمديد

أجّلت السعودية بعض مشاريعها التي أطلقتها ضمن "رؤية 2030" كجزء من خطتها للتحول الاقتصادي "في أول اعتراف لها بتغيير الجدول الزمني لتحقيق أهداف البرنامج الذي تبلغ قيمته عدة تريليونات من الدولارات" وفق وكالة بلومبرغ.

وقال وزير المالية محمد الجدعان، الخميس، إن الحكومة، التي تتوقع عجز الميزانية كل عام حتى عام 2026، قررت التأجيل لتجنب الضغوط المتعلقة بالتضخم ومشاكل الإمدادات.

ولم يحدد الجدعان المشاريع التي ستتأثر بهذا التأجيل.

وقال الجدعان في الرياض إن هناك حاجة إلى فترة أطول "لبناء المصانع، وموارد كافية" وتابع إن "تأخير بعض المشاريع أو بالأحرى تمديدها سيخدم الاقتصاد."

وكان ذات الوزير قال للصحفيين الأربعاء إنه بعد تحديد حجم الاقتراض الذي أقرته الحكومة، عادت بعد ذلك لمراجعة الجدول الزمني لبعض المشاريع.

وتهدف مبادرة "رؤية 2030" لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تم الكشف عنها لأول في عام 2016، إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط وجذب الاستثمار الأجنبي. 

ولطالما روجت الحكومة للتقدم الذي تم إحرازه في مجالات تتراوح من السياحة والتصنيع إلى الرقمنة وإدماج المرأة في سوق العمل.

لكن التكاليف تتزايد بالنسبة للاقتصاد الذي لا يزال يعتمد على الطاقة لتوفير الجزء الأكبر من الإيرادات الحكومية. 

وبعد تحقيق أول فائض في الميزانية منذ ما يقرب من عقد من الزمن في العام الماضي، أعادت المملكة خططها المالية متوسطة المدى وتحولت إلى التنبؤ بالعجز لسنوات قادمة مع تسريع الإنفاق.

تغيير الجدول الزمني

وقال الجدعان "هناك استراتيجيات تم تأجيلها وهناك استراتيجيات سيتم تمويلها بعد عام 2030".

وقال صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي إن السعودية ستحتاج إلى سعر قريب من 86 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها وهو سعر أعلى من متوسطه هذا العام.

وحذر الجدعان من أن تنفيذ الخطط "في فترة زمنية قصيرة" من شأنه أن يهدد بإذكاء التضخم والضغط على السعودية لحشد الموارد اللازمة.

وقال "بعض المشاريع يمكن تمديدها لمدة ثلاث سنوات - حتى عام 2033 – بينما سيتم تمديد البعض الآخر حتى عام 2035، وسيتم تمديد مشاريع أخرى حتى أبعد من ذلك".

وقال الجدعان إن المملكة توقعت إيرادات نفطية وغير نفطية حتى عام 2030، إلى جانب حجم الإنفاق المطلوب لتنفيذ الخطط التي أعلنت عنها. 

وأظهرت الأرقام التي كشفت عنها وزارة المالية هذا الأسبوع أنها تتوقع أن يصل الدين العام إلى ما يقرب من 26% من الناتج الاقتصادي بحلول نهاية عام 2024 – وهو مستوى منخفض نسبيًا وفقًا للمعايير العالمية ولكنه يزيد بأكثر من نقطة مئوية عن هذا العام.

وتقوم الحكومة السعودية أيضا بمراجعة خطط الإنفاق وتبحث عن طرق لخفض الميزانيات عند الضرورة. 

وفي هذا العام وحده، تم توفير حوالي 225 مليار ريال (60 مليار دولار) أعيد استخدامها لتنفيذ المشاريع والبرامج والاستراتيجيات الأخرى، بحسب الجدعان.

وقال "إن تحسين الإنفاق لا يقتصر فقط على خفض الإنفاق.. يتعلق الأمر بأفضل طريقة لاستخدام الموارد من أجل تحقيق العوائد المثلى".

ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان (37 عاماً) ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة التي ظلت مغلقة لعقود انفتاحاً اجتماعياً واقتصادياً واسع النطاق وغير مسبوق.

وهي تنفق ببذخ في إطار استراتيجية لتطوير بنيتها التحتية وتحسين صورتها، فتقوم ببناء مرافق سياحية جديدة على ساحل البحر الأحمر ومدينة نيوم المستقبلية بقيمة 500 مليار دولار بالإضافة لاستضافة فعاليات رياضية وترفيهية تضم صفوة نجوم العالم.