خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2023 مرة أخرى وهبط به إلى 0.8 في المئة، فيما توقع أن تحقق المملكة نموا قدره أربعة في المئة في 2024، وذلك وفقا لأحدث تقاريره عن آفاق الاقتصاد العالمي المنشور، الثلاثاء.
ومن المتوقع أن يبلغ النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى 3.4 في المئة عام 2024 متعافيا من نمو متوقع يبلغ اثنين في المئة هذا العام.
وأبقى الصندوق على توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2023 رغم مؤشرات الضعف المسجلة في اقتصادات كبرى على ما أظهرت البيانات التي نشرها، الثلاثاء، بمناسبة اجتماعاته السنوية في مراكش.
فلا يزال الصندوق يتوقع نموا عالميا نسبته 3% في 2023 وأقل بقليل في 2024 مع 2,9% أي بتراجع طفيف (-0,1 %) مقارنة بتقديراته السابقة الصادرة في يوليو.
وقال كبير اقتصاديي الصندوق، بيار أوليفييه غورينشا، خلال مؤتمر صحفي، الثلاثاء، "لا يزال الاقتصاد العالمي يتعافى من الجائحة والحرب في أوكرانيا ويظهر مقاومة لافتة. لكن النمو يبقى ضعيفا ومتفاوتا" بالمقارنة مع مستوياته السابقة.
فالوضع متفاوت إن في صفوف الاقتصادات المتطورة أو بين الدول الناشئة إذ يرى البعض منها تحسنا في توقعاته فيما تعاني دول أخرى ولا سيما في أوروبا من البطء لا بل تشهد ركودا طفيفا.
والسبب في ذلك استمرار تداعيات بعض الأزمات ولا سيما الغزو الروسي لأوكرانيا فيما تباطؤ التضخم يستغرق وقتا ما يدفع البنوك المركزية إلى مواصلة سياسة نقدية متشددة مع أسعار فائدة مرتفعة.
ويتوقع الصندوق مستوى أعلى من التضخم مما كان يتوقعه قبل ثلاثة أشهر على صعيد السنة الراهنة مع 6,9% على المستوى العالمي، والسنة المقبلة مع 5,8% أي 0,6% أكثر من توقعاته في يوليو.
وأضاف غورينشا "بيانات التضخم مشجعة لكننا لم نحقق الهدف بعد (...) فحتى الآن لن تعود غالبية الدول إلى تحقيق هدف التضخم المحدد (أي 2%) قبل 2025".
ألمانيا تعاني
وفي صفوف الاقتصادات المتقدمة، تسجل ألمانيا أكثر المؤشرات إثارة للقلق مع ركود يزداد اتضاحا خلال السنة الراهنة مع -0,5% وأوسع مما كان متوقعا ومن ثم انتعاشا ضعيفا العام المقبل مع تسجيل 0,9% في حين كان صندوق النقد الدولي توقع في يوليو أداء أفضل.
وبعدما كان أكبر اقتصاد أوروبي العام الماضي متخلفا بين دول مجموعة السبع ومقارنة بالاقتصادات الأوروبية الرئيسية الأخرى، ستكون ألمانيا البلد الوحيد الذي سيسجل ركودا هذه السنة لتؤكد بذلك وصفها بأنها "رجل أوروبا المريض".
وقال غورينشا ردا على أسئلة وكالة فرانس برس "ثمة عاملان أساسيان (في وضع ألمانيا)، من جهة أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا في بلد يعتمد كثيرا على مصادر الطاقة الروسية ومن جهة أخرى التشدد في السياسة النقدية".
وتبدي الاقتصادات الأوروبية الأخرى مقاومة أفضل. فالتوقعات بشأن الاقتصاد الفرنسي تتحسن بشكل طفيف للسنة الراهنة مع نمو نسبته 1% أي أفضل بـ0,2% من توقعات يوليو في حين أن الوضع الاقتصادي الإسباني يبقى متينا مع توقع نمو نسبته 2,5% للعام 2023.
وسيعاني الاقتصاد الإيطالي تباطؤا إلا أن نموه يتوقع أن يبقى إيجابيا هذه السنة مع 0,7% على غرار المملكة المتحدة غير العضو في الاتحاد الأوروبي، التي يبقى نمو اقتصادها ضعيفا مع 0,5%.
أما الاقتصاد الأميركي فيتوقع أن يحقق نموا نسبته 2,1% في 2023 بعيدا عن الركود الذي كان يتوقعه الكثير من الخبراء الاقتصاديين لفترة طويلة. لكن يتوقع أن يسجل تباطؤا ملحوظا في 2024 إلى 1,5%.
أما على صعيد الدول الناشئة الكبيرة، فقد تأكد تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي سيسجل نموا نسبته 5% خلال 2023 و4,2% في 2024 في حين تعاني البلاد من أزمة في قطاع العقارات.
وقال كبير اقتصاديي صندوق النقد خلال المؤتمر الصحفي "من الممكن تليين السياسة النقدية واعتماد إجراءات دعم على صعيد الميزانية. نشجع السلطات على التحرك بهذا الاتجاه وأظن أنها تقوم بذلك".
وتسجل الدول الناشئة الكبرى الأخرى اتجاها أكثر إيجابية مع تحسن توقعات العام 2023 في الهند إلى 6,3% في مقابل 6,1% سابقا وأميركا اللاتينية حيث تستفيد البرازيل (3,1%) من أداء جيد لسوق المواد الأولية في حين تعتبر المكسيك (3,2%) من المستفيدين الرئيسيين من إعادة تنظيم سلاسل التوريد بين الصين والولايات المتحدة.
أما روسيا التي كانت التوقعات بشأنها قبل سنة تعول على ركود في العام 2023 فهي لا تزال تشهد تحسنا على هذا الصعيد ويتوقع أن تنهي السنة على نمو بنسبة 2,2% بتأثير خصوصا من الارتفاع الكبير في النفقات العامة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا وازدياد العجز العام.