بيتكوين عادت بقوة في 2023
بيتكوين عادت بقوة في 2023

رغم أن العملات المشفرة تعرضت لصدمة كبيرة عام 2022، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، فإنها عادت للحياة بعد عدة أشهر، مما جعل الخبراء يتساءلون عن سبب استمرار هذه الصناعة التي يبدو أنها "غير قابلة للتدمير"، بحسب وصف مجلة "إيكونوميست". 

ورغم أن تشانغبينغ تشاو، وسام بانكمان فريد، مؤسسا أكبر وثاني بورصتين للعملات المشفرة في العالم، ينتظران حكم القضاء بعد إقرار الأول بالذنب وإدانة الثاني من هيئة محلفين الشهر الماضي، بتهمة ارتكاب جرائم مالية، فإن العملات المشفرة لم تتمكن من البقاء فحسب، بل إنها ازدهرت مؤخرا. 

وبعدما عانت عملة بيتكوين مم انخفاض سعرها إلى 16600 دولار فقط مع بداية العام الحالي، وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عامين عند 45 ألف دولار في 11 ديسمبر الجاري. 

ما الذي يحدث؟ 

ترى المجلة أن هذه الصناعة "آفة"، إذ يستخدم المجرمون العملات المشفرة لغسل الأموال، كما يستخدمها الإرهابيون لتسديد المدفوعات، ويطالب القراصنة بفدية بعملة البيتكوين، ويتم إنشاء العديد من العملات المشفرة ببساطة، حتى يتمكن صانعوها من سرقة الأموال.

وتقول إن عدم القدرة على سحق العملاق المشفرة تبدو بمثابة خاصية "مدمجة في تقنياتها، فالبيتكوين والإيثر والعملات المشفرة الأخرى ليست شركات، لذا لا يمكن أن تتعرض للإفلاس أو أن يتم إغلاقها". 

وفيما تسميه بـ"نظرية الصرصور"، تقول إيكونوميست إن القضاء على العملات المشفرة مسألة صعبة أقرب إلى محاولات قتل الصراصير، إذ أن تلك الحشرة غير المرحب بها يمكن أن تبقى على قيد الحياة حتى بعد قطع رأسها، كما أن ضربها لا يضمن القضاء عليها، إذ تستطيع تحمل ما يصل إلى 900 ضعف وزنها، وحتى التخلص منها بالمرحاض ليس حلا مضمونا فبعض السلالات تستطيع أن تحبس أنفاسها لأكثر من نصف ساعة.

وتشير المجلة كذلك إلى أن هناك اعتقادا بأن الاحتفاظ بالعملات المشفرة يمثل رهانا على مستقبل ينتشر فيه استخدام التكنولوجيا على نطاق واسع. 

وتقول: "حتى المستثمرين العقلاء، يفكرون في الاحتفاظ بجانب من صناديق معاشاتهم التقاعدية أو محافظهم الاستثمارية في العملات المشفرة من أجل التنويع". 

وفضلا عن استخدامها من قبل مستثمرين، فإن هناك سوقا أكبر لها بالفعل في نظم استبدادية تحاول الاحتفاظ بالعملات المشفرة سواء كاحتياطي بدلا من الدولار أو لتسديد المدفوعات في بعض الأحيان. 

وخلال فترات الازدهار، جمعت صناعة العملات المشفرة الكثير من الأموال ووظفت الكثير من المطورين. 

ويبدو أن عملة البيتكوين تثبت نفسها يوما بعد يوم، حيث قضت محكمة أميركية في أغسطس الماضي بأن هيئة الأوراق المالية والبورصات، المنظمة للأسواق الأميركية، كانت "تعسفية" عندما رفضت محاولة من شركة إدارة الأصول المالية "غراي سكيل"، لتحويل صندوق ائتمان بقيمة 17 مليار دولار مستثمَر بالكامل في عملة البيتكوين إلى صندوق متداول في البورصة للتداول الفوري (إي تي أف)، وهو ما قد يحفز مستثمرين عاديين للاستثمار في العملة المشفرة. 

عمال أجانب في العاصمة السعودية الرياض
عمال أجانب في العاصمة السعودية، الرياض (أرشيفية من فرانس برس)

في خطوة وصفتها وسائل إعلام محلية  بالمهمة والمؤثرة على الصعيدين الداخلي والدولي، أعلنت السعودية، مؤخرا، عن اعتماد سياسة وطنية للقضاء على العمل الجبري، لتكون أول دولة خليجية وعربية تقر مثل تلك الاستراتيجية الشاملة.  

يأتي هذا القرار ضمن إطار الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة، ويعكس التزامها بحماية حقوق الإنسان وتعزيز سوق عمل قائم على العدالة والمساواة، كما أفادت صحيفة "عكاظ" المحلية.

من جانبه، أكد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودي، أحمد الراجحي، أن موافقة مجلس الوزراء على السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري في المملكة توفر بيئة آمنة لجميع العاملين وتعزز سوق عمل آمنة وجاذبة تحمي الحقوق كافة.

ولفت الراجحي على أن المملكة تولي اهتماماً كبيراً بحقوق القوى العاملة، وتوفير بيئة عمل آمنة وعادلة، على حد قوله.

ما هو العمل الجبري؟

حسب منظمة العمل الدولية (ILO)، يُعرّف العمل الجبري بأنه "أي عمل أو خدمة يتم استخلاصها من أي شخص تحت طائلة التهديد بأي عقوبة، دون أن يكون قد عُرض عليه ذلك العمل طواعية". 

بعد تقرير عن "استغلال وخداع" عمّال.. "كارفور" تراجع ممارسات العمل في السعودية
أعلنت شركة كارفور الفرنسية العملاقة لمتاجر التجزئة، الإثنين، أنها تجري مراجعة بشأن طريقة معاملة موظفيها‭‭ ‬‬‬لدى مجموعة ماجد الفطيم، صاحبة امتياز تشغيل سلسلة المتاجر في السعودية، بعد أن أثارت منظمة العفو الدولية مخاوف بهذا الشأن.

وهذا التعريف يشمل الأشكال المختلفة من الإكراه، سواء كانت بدنية أو نفسية أو قانونية. يُعد العمل الجبري انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وقد يطال فئات متنوعة، بما في ذلك العمال المهاجرين الذين غالباً ما يكونون عرضة للاستغلال.

خلفيات القرار

لطالما كانت المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر الوجهات للعمالة المهاجرة، حيث يعمل الملايين من العمال الأجانب في قطاعات متعددة مثل البناء، والصناعة، والخدمات. 

,وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي، يشكل العمال المغتربون حوالي30 بالمئة من إجمالي سكان المملكة، مما يجعلهم ركيزة أساسية في الاقتصاد السعودي. 

ورغم دورهم الحيوي، كانت هناك تحديات كبيرة تتعلق بحماية حقوق هؤلاء العمال، بما في ذلك قضايا مثل التأخير في دفع الأجور، واحتجاز جوازات السفر، وسوء المعاملة.

كما أن السعودية عضو في عدة اتفاقيات دولية تهدف إلى مكافحة العمل الجبري، أبرزها "اتفاقية العمل الدولية رقم 29 لعام 1930"وبروتوكولها المكمل لعام 2014. 

انتقادات حقوقية

وقد اعتادت العديد من المنظمات الحقوقية على توجيه اتهامات لدول الخليج، بما فيها السعودية، بشأن انتهاكات تحصل بحق العمال المغتربين فيها.

فعلى سبيل المثال، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" دول الخليج، في الصي الماضي، بحماية العمال المهاجرين من الحر خلال، مشيرةً إلى "المخاطر الصحية الشديدة" التي يتعرّضون لها في ظل ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالتغير المناخي.

وفي أكتوبر من العام 2023، صدر تقرير لمنظمة العفو الدولية الثلاثاء ندّد بتعرض عمّال من النيبال لظروف معيشية مريعة ومخاطر تتعلق بالسلامة أثناء العمل في السعودية، إضافة لحرمانهم من أجورهم.

وفي أكتوبر من السنة المنصرمة،  ذكر تقرير لمنظمة العفو، إن "الأجانب المتعاقدين للعمل في مواقع مرخص لها باستخدام الاسم التجاري للشركة الفرنسية كارفور في السعودية، يواجهون الخداع على أيدي وكلاء الاستقدام، ويُرغمون على العمل لساعات مفرطة، ويحرمون من أيام العطلة، ويتعرضون للغش ولنهب مستحقاتهم".

وسبق لدولة قطر أن واجهت الكثير من الانتقادات بسبب ما أشيع عن ظروف عمل قاسية ومجحفة بحق العديد من العمال الذين شاركوا في أعمال البنية التحتية لملاعب وإنشاءات كأس العالم لكرة القدم في العام 2022.

وتنص هذه الاتفاقيات على ضرورة قيام الدول بوضع سياسات وطنية فعّالة لحماية العاملين وضمان بيئة عمل خالية من الإكراه والاستغلال.

"رؤية 2030"

تأتي هذه الخطوة ضمن إطار "رؤية السعودية 2030، التي يقودها ولي العهد، الأمير محمد بن سلما،  وتهدف، وفق العديد من التقارير،  إلى بناء اقتصاد مستدام وقائم على العدالة الاجتماعية. وتعزز السياسة الجديدة من قدرة المملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين صورتها العالمية، خاصة في ظل الإصلاحات المتعددة التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية حقوق الإنسان.

 مبادئ وأهداف

تتضمن السياسة الوطنية الجديدة مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تهدف إلى القضاء على ظاهرة العمل الجبري بشكل شامل، ومن أبرزها: 

  • تعزيز ظروف العمل اللائق للجميع: التأكيد على ضرورة توفير بيئة عمل تحترم الكرامة الإنسانية وتضمن حقوق العمال. 
  • الاستجابة المتمحورة حول الضحية: ضمان تقديم الدعم والمساعدة للضحايا من خلال خدمات متكاملة تشمل التأهيل النفسي والاجتماعي. 
  • التنسيق الحكومي المتكامل**: تعزيز التعاون بين الوزارات والمؤسسات ذات الصلة لضمان تطبيق السياسات بشكل فعال. 
  • احترام حقوق الإنسان: مكافحة التمييز بجميع أشكاله وتعزيز مبدأ المساواة في أماكن العمل.

وفي الوقت الذي تُعد فيه السعودية الدولة الخليجية الأولى التي تتبنى سياسة وطنية بهذا الوضوح والشمولية، تواجه منطقة الخليج تحديات كبيرة في مجال حقوق العمال، خصوصاً مع الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة. 

وقد أظهرت تقارير صادرة عن "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التشريعات التي تحمي العمالة الوافدة من الانتهاكات.

تحديات التنفيذ

رغم أهمية هذه السياسة، فإن تنفيذتلك الاستراتيجية يواجه العديد من التحديات، لاسيما في الدول النامية، حسب منظمات حقوقية، ومن أهمها:
- التوعية: ضرورة رفع الوعي لدى العمال وأصحاب العمل حول حقوق العمالة والممارسات المقبولة. 
- تعزيز الرقابة: ضمان وجود آليات فعّالة لرصد الانتهاكات ومعاقبة المتورطين فيها. 
- العمل مع القطاع الخاص: إشراك الشركات والمؤسسات الخاصة في تطبيق السياسات والمساهمة في تحسين ظروف العمل.