حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا بلغ 31.5 مليار دولار في 2023
حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا بلغ 31.5 مليار دولار في 2023 (أرشيفية)

تشهد العلاقات بين تركيا ودول مجلس التعاون تحولا جديدا؛ فبعد أعوام من إصلاح العلاقات السياسية التي كانت متوترة، عادت دول الخليج وأنقرة إلى طاولة المفاوضات بغية توقيع اتفاقية تجارة حرة كان يجري الحديث بشأنها منذ فترة طويلة.

وانطلقت في نهاية يوليو الماضي أولى جولات المفاوضات بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن توقيع اتفاقية تجارة حرة. 

ومن المتوقع أن تستكمل الجولة الثانية قبل نهاية 2024، وفق وكالة "الأناضول" التركية، التي تقول إن تنفيذ الاتفاقية الجاري التفاوض بشأنها يتيح إنشاء "واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم".

وبحسب الوكالة، فإن "أنقرة تهدف إلى زيادة صادراتها من السلع في العديد من القطاعات على رأسها الزراعة والتكنولوجيا والمنتجات الصناعية. بينما تهدف دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاستثمار في قطاعات الأغذية والخدمات اللوجستية والنقل والأدوية وإدارة المستشفيات والبنية التحتية والتكنولوجيا".

"طي صفحة الخلافات"

واستعادت دول مجلس التعاون علاقاتها بشكل كبير مع تركيا خلال العام الماضي، في أعقاب كارثة الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص جنوبي البلاد، وإعادة انتخاب رجب طيب إردوغان لولاية جديدة، بعد أعوام من التوترات جراء دعم كل جانب طرف نقيض في نزاعات إقليمية، بالإضافة إلى أسباب ثنائية أخرى بين هذه البلدان.

ويعتبر المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، أن الاتجاه نحو توقيع اتفاقية تجارة حرة يؤكد على التطور الكبير في العلاقات بين تركيا ودول الخليج، ويترجم جهودا بذلت بين الجانبين لطي صفحة الخلافات السياسية وتعزيز التعاون بمختلف المجالات.

ويقول آل عاتي لموقع "الحرة" إن الاتفاقية تفتح مرحلة جديدة من التعاون بين الجانبين وتسهم في خلق علاقات سياسية متينة قائمة على التكامل واستدامة التنسيق ودفعها لآفاق أرحب من الثقة.

ويتفق مع هذا الرأي المحلل السياسي ومدير معهد إسطنبول للفكر، بكير أتاجان، قائلا إن علاقة تركيا بدول مجلس التعاون الخليجي لطالما كانت جيدة بالرغم من فتورها من حين إلى آخر بسبب عوامل داخلية وخارجية عديدة.

ولهذا ليس من الأمر المستغرب أن تسعى تركيا إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة مع دول الخليج، وفق حديث أتاجان لموقع "الحرة"، مشيرا إلى أن "العلاقة التجارية بين تركيا والدول الخليجية ستتوج بالمزيد من الزخم في مختلف القطاعات الأخرى".

وخلال العام الماضي، أجرى الرئيس التركي جولة خليجية شملت السعودية وقطر والإمارات، حيث توصل خلالها إلى اتفاقات استثمارية ضخمة وسط أزمة اقتصادية طاحنة كانت تعاني منها أنقرة خلال ذلك الوقت، أدت إلى انخفاض الليرة إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأميركي.

ووقع إردوغان خلال زيارته إلى الإمارات مذكرات واتفاقيات استراتيجية لتعزيز تعاونهما الاقتصادي والاستثماري، بقيمة بلغت 50.7 مليار دولار، وفق وكالة أنباء الإمارات الرسمية "وام".

وسبق ذلك في مارس 2023 إيداع السعودية نحو 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي التركي.

كما قامت الرياض في وقت لاحق من ذات العام، بتوقيع الخطة التنفيذية للتعاون الدفاعي بين البلدين، وعقدي استحواذ بين وزارة الدفاع بالمملكة وشركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

"زخم اقتصادي وسياسي وعسكري"

ويعتبر "المجلس الأطلسي"، وهو مجموعة بحثية غير حزبية مقرها واشنطن العاصمة، في تقرير نشر قبل عام تقريبا أن "السبب الرئيسي وراء اهتمام تركيا المتجدد بتعزيز العلاقات مع دول الخليج هو جذب تدفقات رأس المال والحفاظ على إرث إردوغان كزعيم حقق النمو الاقتصادي على مدى العقدين الماضيين".

ويضيف التقرير الذي جاء في أعقاب جولة إردوغان الخليجية: "تسعى دول الخليج أيضا إلى تعزيز وجودها في تركيا، حيث تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على 7.1 بالمئة من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر منذ عام 2020، ومن المرجح أن يتضاعف على مدى السنوات القليلة المقبلة من خلال الاستثمارات التي تعطي الأولوية لقطاعات الطاقة والدفاع والتمويل والتجزئة والنقل".

ويشير "المجلس الأطلسي"، إلى أن "من المحتمل أن يسهم التصنيع الدفاعي المشترك بين تركيا ودول الخليج، بما في ذلك صناعة طائرات بيكار دون طيار من طراز بيرقيدار أكينجي وتي بي 2، في تطوير هذه العلاقة إلى ما هو أبعد من المجال الاقتصادي".

ويؤكد المحللون خلال حديثهم ذلك، إذ يقول أتاجان: "يمكن القول إن تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية سيعزز بالتبعية العلاقات السياسية والعسكرية أيضا بشكل كبير".

ويقول آل عاتي، من جهته، إن "الاقتصاد يمثل درعا للعلاقات السياسية وجاذبا لها وصانعا لمستقبل من التعاون لتحقيق مصالح دول وشعوب منطقة الخليج وتركيا وينقل اقتصاداتهم إلى مرحلة من التأثير الدولي والنفوذ السياسي في ظل ظروف حساسة وخادعة يشهدها العالم وتخشاها منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر منطقة حيوية وذات تأثير جيوسياسي عالمي".

وخلال أكثر من عقد، نما التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وتركيا بمعدلات ملحوظة، إذ بلغ خلال عام 2023 نحو 31.5 مليار دولار، وفق وكالة "الأناضول"، من مستوى 2.1 مليار دولار في عام 2002، بحسب تقارير إعلامية سابقة.

بدوره، يرى رجل الأعمال التركي والعضو بحزب "العدالة والتنمية"، يوسف كاتب أوغلو، أن "التعاون التجاري مع دول الخليج يحمل أهمية قصوى، حيث يتمثل الهدف في إنشاء واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم".

ويقول لموقع "الحرة" إن "حجم التجارة بين تركيا ودول الخليج بلغ 31.5 مليار دولار بنهاية عام 2023، وتهدف تركيا إلى زيادة هذا الرقم بنسبة 50 بالمئة على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة".

ويضيف أوغلو: "بدأت مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ودول مجلس التعاون منذ عام 2005 وتوقفت في 2010، لكنها عادت الآن لتكون شاملة ومحددة بشكل واسع، مما سيوفر فرصا كبيرة للتنمية والتنوع الاقتصادي، الذي سيساهم في دعم الاقتصاد التركي والتغلب على تحديات مثل سعر صرف الليرة والتضخم المرتفع".

ومنذ مايو 2023، فقدت الليرة التركية نحو 68 بالمئة من قيمتها لتصل إلى نحو 33.6 ليرة للدولار الواحد مقابل 19.9 ليرة قبل عام، فيما وصل التضخم إلى مستويات قياسية تجاوزت 80 بالمئة قبل أن يتراجع طفيفا هذا العام ويسجل 61.78 بالمئة خلال يوليو الماضي، وفق البنك المركزي التركي.

من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي الإماراتي، نايل الجوابرة، لموقع "الحرة" إن "اتفاقية التجارة الحرة هامة جدا لكلا الطرفين، حيث سيشهد التبادل التجاري وكذلك الاستثمارات تطورا ملحوظا بعدما كان هناك جمود في الفترات الماضية، خاصة قبل عام 2020".

من سيستفيد أكثر؟

وتمتلك دول الخليج استثمارات كبيرة في تركيا تُقدر بنحو 15.8 مليار دولار حتى عام 2022، وفق "المجلس الأطلسي"، فيما تسعى أنقرة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الخليجية في مشاريع البنية التحتية العملاقة، حسبما نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن أحمد بوراك داغلي أوغلو، وهو رئيس مكتب الاستثمار الحكومي، في تصريحات تعود لشهر يناير الماضي.

ولدى دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيتان فقط للتجارة الحرة مع الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى، الأولى مع سنغافورة دخلت حيز التنفيذ في عام 2013، والثانية مع دول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (إفتا) ودخلت حيز التنفيذ عام 2014.

وتشير تقارير إعلامية عدة إلى اتفاقية تجارة حرة مرتقبة بين مجلس التعاون الخليجي والصين بعد أن انطلقت مفاوضات في هذا الشأن منذ عام 2004.

وعادة ما تستغرق مفاوضات الوصول إلى صيغة توافقية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الدول سنوات عدة. لكن مع ذلك، يرى المحللون الأتراك أن هناك فرصة لتوقيع الاتفاقية بين أنقرة ودول مجلس التعاون خلال المستقبل القريب.

ويقول أتاجان خلال حديثه إنه من المتوقع الوصول إلى صيغة توافقية بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا فيما يتعلق بالاتفاقية خلال وقت قريبة، لأن المناقشات بدأت منذ سنوات وليست وليدة اللحظة.

ويضيف: "نعم لا تزال هناك مفاوضات بين الأطراف وستستمر بعض الوقت، لكن إبرام الاتفاق قد يتم في القريب، خصوصا أن المرحلة الأولى من الاتفاقية قد لا تشمل جميع القطاعات التجارية والصناعية، وسيتم تخصيصها وفقا لما يرى الطرفين، على أن يتم توسيع الاتفاقية في المستقبل".

حجم التبادل التجاري بين البلدين كان قريبا من 10 مليارات دولار
تركيا تغلق "باب التجارة" مع إسرائيل.. من "سيتألم" أكثر؟
يبلغ حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا كما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان 9.5 مليار دولار، وبعد القرار الذي اتخذته وزارة التجارة في حكومته قال إنهم "أغلقوا الباب بافتراض أن هذا الرقم المذكور غير موجود"، فما تأثير هذه الخطوة على كلا الطرفين؟ وماذا تبادلا في السابق؟

من جانبه، يقول رجل الأعمال التركي إن "الأهداف المرجوة من هذه المفاوضات هو إلغاء الجمارك وتشجيع التدفقات التجارية بين الجانبين وزيادة الاستثمارات المباشرة، خاصة في مجالات الطاقة والبيئة والمياه والصناعة والثروة المعدنية والغذاء والدواء".

ويجمع خبراء ومحللون على أن "اتفاقيات التجارة الحرة عادة ما تحقق الربح لجميع الأطراف، خصوصا أن المفاوضات تتضمن الوصول إلى صيغة توافقية من أجل ذلك الأمر".

وفي هذا الإطار، يقول الجوابرة إن توقيع مثل هذه الاتفاقيات سيكون مكسبا كبيرا لمختلف الأطراف على المستويين التجاري والاستثماري.

من جانبه، يرى أتاجان أنه "لا يجب وضع الاتفاقية في ميزان الربح والخسارة، حيث إن الربح والاستفادة ستكون لمختلف الأطراف والجميع رابح بشكل منصف".

ويؤكد هذا الشيء، تقرير "المجلس الأطلسي"، الذي يقول إن "التدفق الهائل من الاستثمارات الجديدة إلى تركيا يظهر أن دول الخليج وأنقرة ينظرون إلى بعضهم البعض باعتبارهم شركاء يحققون فوائد متبادلة".

ويرى أوغلو أن بلاده "تهدف من خلال هذه الاتفاقية إلى تحقيق معادلة الكل رابح، حيث ستستفيد دول مجلس التعاون الخليجي أيضا من هذه الاتفاقية".

ويضيف: "هذه الاتفاقية ستعطي ميزات تفضيلية ليس فقط للمنتجات التركية؛ بل أيضا للمواد الأولية والمنتجات من دول مجلس التعاون الخليجي، مثل البتروكيماويات والألمنيوم والخدمات اللوجستية".

المصريون يعانون من انقطاعات يومية للكهرباء
.مخاوف لدى المصريين من عودة الانقطاعات اليومية للكهرباء

"هل من الطبيعي أن يكون معاشي 2000 جنيه وتأتي فاتورة الكهرباء بـ2500 جنيه؟!" هكذا عبر محمد جاد الحق، مواطن مصري متقاعد، عن معاناته بسبب الزيادة المفاجئة في أسعار شرائح الكهرباء المنزلية والتي بدأ تطبيقها، في أغسطس الماضي، ليضم صوته إلى آخرين غيره يشتكون من الأمر نفسه.

واشتكى كثيرون من زيادة فواتير الكهرباء المستحقة في أغسطس بأكثر من الضعف والضعفين لدرجة تجاوزها رواتب البعض. وظهرت حالة من الغضب بين عدد من المواطنين عبر عنها البعض خلال مقاطع فيديو ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما لم تعلن الحكومة حتى الآن عن خطط انقطاع الكهرباء لتخفيف الأحمال والتي كان من المقرر عودتها في 15 سبتمبر.

غضب من فواتير الكهرباء

ويحكي جاد الحق، 64 عاما، في حديثه لموقع "الحرة" أنه "كان موجه ثانوي في وزارة التربية والتعليم، وخرج على المعاش منذ 4 أعوام، ومنذ ذلك الوقت يعاني من الارتفاع الشديد في أسعار السلع والخدمات مقارنة بمعاشه البسيط، ومنها الكهرباء".

وقال إنه "يعيش في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة التي عانت مثلها مثل باقي أحياء مصر من الانقطاع المتكرر في التيار الكهربائي لساعات يوميا، ومع ذلك انتظروا أن تجد الحكومة حلا".

وأضاف "لكن ما حدث هو مزيد من الأزمات، فبعد تحملنا هذه الانقطاعات لساعات يوميا خلال أشهر الصيف الحار، فاجأتنا الحكومة بإعلانها زيادة أسعار الكهرباء بنسبة تجاوزت 50٪".

وتعاني مصر، منذ صيف 2023، من أزمة في إنتاج الكهرباء، دفعت وزارة البترول والثروة المعدنية إلى اتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من مايو 2024، وإعلان تخفيف الأحمال على مستوى الجمهورية من خلال قطع التيار الكهربائي لمدة تراوحت بين ساعة و4 ساعات يوميًا.

ويتحدث جاد الحق على تأثير مثل هذه الانقطاعات على أسرته، قائلا إن "أبناءه الـ3 الذين لا يزالون في مراحل التعليم المختلفة عانوا بشدة خلال دراستهم بسبب تلك الانقطاعات، ومع ذلك جاءت الحكومة بكل بساطة لتعلن أنها ستوقف الانقطاعات حتى 15 ديسمبر فقط، ونحن في انتظار جداول الانقطاعات الجديدة".

وقال "كنا ننتظر بعد الزيادة الكبيرة في أسعار الكهرباء أن تعلن الحكومة عدم عودة تخفيف الأحمال مرة أخرى، لكن غياب التصريحات الرسمية حتى الآن يثير القلق. فهل معنى ذلك أنهم بالإضافة إلى مضاعفة الأسعار، سيقطعون الكهرباء أيضا؟!".

وأعلن جهاز "تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك" أخيراً أسعار شرائح استهلاك الكهرباء الجديدة (7 شرائح متصاعدة حسب الاستهلاك)، التي تم تطبيقها بداية من 17 أغسطس بالنسبة للعدادات مسبقة الدفع (الكارت)، وتطبق على فواتير سبتمبر بالنسبة للعدادات القديمة.

وجاء رفع أسعار الكهرباء للمنازل بنسب تراوحت ما بين 14 إلى 40 في المائة، وللقطاع التجاري ما بين 23.5 إلى 46 في المائة، وللقطاع الصناعي ما بين 21.2 إلى 31 في المائة.

وكان المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء، أيمن حمزة، قال، في يوليو الماضي، إنه لن يكون هناك تخفيف للأحمال حتى نهاية الصيف، كما وعد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي.

وكانت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة انتهت من تنفيذ جدول تخفيف الأحمال في نهاية يوليو، بعد توفير الكميات اللازمة من الوقود لتلبية احتياجات المواطنين.

تحذيرات من انفجار المواطن

وقال الخبير الاقتصادي، عماد نصار، لموقع "الحرة" إن "أسعار الكهرباء في مصر شهدت زيادة جديدة كانت غير معلنة من جانب الحكومة حتى وقت قريب، رغم تداول قيمتها في كثير من الصحف المحلية".

وأضاف أن "بعض الصحف المحلية أشارت إلى أن مجلس الوزراء اتخذ قرارًا بزيادة أسعار الكهرباء، بالنسبة للعدّادات القديمة والميكانيكية، وتم تطبيقها بأثر رجعي، أي بداية من أغسطس الجاري، وهو ما تم في سرية قبل أن تعلن عنه الحكومة مؤخرا".

وتابع أنه "من المتوقع أن تزداد نسب التضخم لأن ارتفاع أسعار الكهرباء ستؤثر على أسعار السلع والمنتجات الأخرى"، محذرا من أن ذلك "قد يدفع الطبقات البسيطة والمتوسطة للانفجار".

ويرى أن "ما حدث من قبل الحكومة يمثل مزيدا من الضغط على كاهل المواطن الذي أصبح لا يستطيع تحمل تكاليف الزيادات اليومية في جميع السلع والمنتجات الأساسية".

 وقال إن "فرض زيادات بدون الإعلان عنها لتهيئة المواطن والرأي العام يعتبر مزيدا من عدم الوعي بحجم المعاناة التي يواجهها المواطن البسيط، وآخرها قرار جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، نهاية الشهر الماضي، بتطبيق غرامة تقدر بـ7 في المائة على قيمة فاتورة الكهرباء، في حال عدم تسديدها خلال تاريخ المطالبة بها".

وأوضح أن "الحكومة تبرر ما يحدث في قطاع الكهرباء بارتفاع سعر إنتاج الكيلوواط، وارتفاع سعر صرف الدولار، لكن الحقيقة هي أن هذا بسبب سياسيات الإدارة غير الرشيدة وغير المنتجة، ولذلك ستسمر الأزمة والدليل على ذلك طريقة تعامل الحكومة مع صفقات الغاز المسال التي تعاقدت عليها".

وأشار إلى أن "معظم دول العالم عادة ما ترصد احتياجها من الغاز المسال قبل كل بضعة أشهر ثم تتعاقد على صفقات للاستيراد مع الدول الأخرى بأسعار ترضيها، لكن حتى هذه الخطوة لم تقم بها الحكومة بالطريقة الصحيحة واضطرت للتعاقد على صفقة سريعة لحل أزمة الانقطاعات المتتالية في الصيف الحالي بأسعار أعلى من المتداول".

وفي يوليو الماضي، أعلنت الشركة القابضة للغاز الطبيعي، إيجاس، وصول 5 شحنات من الغاز الطبيعي المسال التي تم التعاقد عليها لتوفير احتياجات محطات الكهرباء من الوقود وتنفيذ خطة الحكومة لوقف تخفيف الأحمال الأسبوع الثالث من يوليو.

وفي مطلع يوليو الجاري، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في مصر، نقلا عن المتحدث باسم وزارة البترول، "أن إنتاج البلاد من الغاز يبلغ حاليا 5.7 مليار قدم مكعبة يوميا"، مضيفا أنه "تم الاتفاق على 21 شحنة من الغاز المسال ستصل إلى مصر خلال فصل الصيف بالإضافة إلى كميات وشحنات أخرى من المازوت".

مخاوف من عودة تخفيف الأحمال

وتحكي ألفت عبدالسلام معاناتها مع أزمة الكهرباء، وقالت في حديثها لموقع "الحرة" إن "والدتها السبعينية تعاني من أزمة في التنفس، وتضطر للخضوع لجهاز طبي مجهز في المنزل، والذي يعمل بالكهرباء".

وأضافت أنه "بسبب الانقطاعات المتكررة للكهرباء خلال الصيف الحالي، تدهورت حالة والدتها بشدة واضطرت لنقلها إلى المستشفى أكثر من مرة"، موضحة أن "الأطباء حذروها من أنه إذا تكرر الأمر، قد تفقد والدتها".

والمفاجأة الأخرى بالنسبة لها هي "فاتورة كهرباء  أغسطس التي وصلتها بمبلغ 8 آلاف جنيه"، مشيرة إلى أنها "في صدمة منذ ذلك الوقت ولا تعرف كيف ستتحمل هذا المبلغ".

وقالت إن "الحكومة لا تعبأ بأزمات وصحة مواطنيها، بل تستنفذه لأقصى درجة"، مؤكدة أن "هذا الوضع أصبح لا يحتمل، خاصة مع الحديث عن عودة العمل بخطة تخفيف الأحمال ثانية خلال الأيام القادمة".

وفي 2 يناير الماضي، شهدت أسعار الكهرباء في مصر الزيادة الأولى، التي تأجلت لنحو سنتين، إذ بلغت نسبة هذه الزيادة نحو 22%، وذلك في وقت كانت الحكومة تواصل فيه تطبيق خطة تخفيف الأحمال.

وكان مجلس الوزراء قد قرر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء في مصر 3 مرات متتالية، إذ كانت الزيادة الأولى مقررة في يوليو 2022، إلّا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر قرارًا بالتأجيل، وهو القرار الذي استمر تطبيقه لنحو عام ونصف العام.

وتسعى الحكومة المصرية إلى خفض فاتورة الطاقة، التي تتحملها الميزانية العامة، وكذلك تعويض الخسائر التي تكبّدها القطاع جراء التأجيل الذي دام عامًا ونصف العام، والتي بلغت تكاليفها نحو 65 مليار جنيه (2.10 مليار دولار).