بعض حقول النفط في ليبيا توقفت عن الإنتاج وسط تنافس للسيطرة على البنك المركزي
بعض حقول النفط في ليبيا توقفت عن الإنتاج وسط تنافس للسيطرة على البنك المركزي (تعبيرية - أرشيف)

يخيم الارتباك على إنتاج النفط الليبي، وسط دعوة من الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة المتفاقمة التي نتجت عن إقالة محافظ البنك المركزي المسؤول عن توزيع عائدات النفط والثروات، ووقف الإنتاج ببعض الحقول والتصدير ببعض الموانئ.

وشهد قطاع النفط بليبيا عدة اضطرابات، حيث صدرت أوامر باستئناف الإنتاج في ثلاثة حقول تدريجيا، حتى مع خفض الإنتاج في موقع رئيسي بشكل أكبر، وسط نزاع بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب في الدولة العضو بمنظمة أوبك، وفقا لما ذكرته وكالة "بلومبرغ"، الأحد.

وأعيد بالفعل تشغيل حقل السرير، الذي تبلغ طاقته 145 ألف برميل يوميا، في حين تلقت مرافق المسلة والنافورة تعليمات مماثلة، وفقا لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بالوضع وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأن المعلومات غير علنية.

ولم تشرح الشركة المشغلة، شركة الخليج العربي للنفط، التوجيهات التي تلقتها، لكن من المرجح أن يكون استئناف العمل لتزويد المصافي ومحطات الطاقة المحلية وليس للتصدير، وفقا للمصادر ذاتها. وفي الوقت نفسه، استمر إنتاج شركة واحة للنفط في الانخفاض إلى 96200 برميل يوميا من مستواه الطبيعي البالغ 320 ألف برميل، وفقا لشخص آخر مطلع على الأمر.

وتأتي هذه التحركات في الوقت الذي تخوض فيه الحكومتان المتنافستان في ليبيا مواجهة بشأن قيادة البنك المركزي، الوصي على مليارات الدولارات من عائدات الطاقة. وانخفض إنتاج البلاد اليومي من النفط بأكثر من النصف في الأسبوع الماضي إلى حوالي 450 ألف برميل، بعد أن أمرت السلطات في الشرق بإغلاق الحقول ردا على قرار حكومة الوحدة الوطنية (في طرابلس) برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، باستبدال المحافظ، صادق الكبير.

وكانت ليبيا تنتج حوالي مليون برميل يوميا قبل أمر التوقف، مع الغالبية العظمى من الإنتاج في الشرق. ومن شأن الاستئناف الكامل لحقول شركة الخليج العربي للنفط الثلاثة أن يعيد حوالي 300 ألف برميل يوميا من الإنتاج.

وقفزت أسعار النفط في لندن إلى ما يزيد عن 80 دولارا للبرميل في اليوم الذي دعت فيه الحكومة الليبية في الشرق إلى وقف الإنتاج بالكامل الأسبوع الماضي. وانخفضت منذ ذلك الحين، وأغلقت عند أقل من 79 دولارا للبرميل يوم الجمعة، بسبب المخاوف بشأن الطلب العالمي.

ورفض المحافظ الكبير، الذي كان منخرطا في نزاع طويل الأمد مع الدبيبة ولديه حلفاء في شرق ليبيا، الأمر بالاستقالة، مما دفع السلطات في الغرب إلى الاستيلاء على مقر البنك.

وقال الكبير في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز إنه وموظفين آخرين في البنك المركزي فروا من ليبيا "لحماية أرواحهم" من هجمات الميليشيات المحتملة. وكافحت القيادة الجديدة المعينة من الحكومة في الغرب لاستئناف العمليات المصرفية، التي أدى تعليقها إلى زيادة المشاكل التي قد تؤثر على سبل عيش سكان الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والبالغ عددهم 6.8 مليون نسمة.

وتقول الأمم المتحدة إنها تعمل مع السلطات للتفاوض على إنهاء المواجهة. وقد ينذر ذلك بفترة طويلة من المساومات بشأن التعيينات في المناصب الإدارية الحرجة في الدولة التي تعد موطنا لأكبر احتياطيات مؤكدة من النفط الخام في أفريقيا.

تعاني ليبيا من أزمات مالية متلاحقة بسبب مشكل نقص السيولة وتراجع قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية
تعاني ليبيا من أزمات مالية متلاحقة بسبب مشكل نقص السيولة وتراجع قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية

أعلن مصرف ليبيا المركزي، اليوم الأحد، طباعة 30 مليار دينار لتعوض العملة القديمة المتداولة حاليا.

وأفاد المصرف بأنه سيتم سحبُ النقود المتداولة حاليا "بشكل سلس وفق مخطط زمني تم إدراجَهُ مَسبقاً"، كاشفا أن قرار ضخ ما يعادل 6 ملايير دولار من عملة جديدة ستطبع وتُوزع للتداول هو بغرض حل أزمة نقص السيولة النقدية.

وجاء في بيان المصرف أن محافظه، ناجي محمد عيسى، المُعين قبل أزيد من شهر، اتخذ هذا الإجراء بعد "اجتماعات ممتالية" بعرض "الوقوف على خطة مصرف ليبيا المركزي تجاه حل مشكلة شُح السيولة النقدية.

وشدد المسؤول نفسه على "ضرورة تحسين البُنى التحتية للمصارف وتطويرها بما يُحَقّق التَوَسُّع في خدمات الدفع الإلكتروني وفق الخُطة المعدة".

ماذا يعني تغيير العملة؟

استبدال العملات القديمة بأخرى جديدة يعد إجراء نقدياً مهماً تتخذه الدول لأسباب تتعلق بالأمن النقدي وضبط السيولة ومحاربة التزييف. 

ووفقاً لتقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن القرار يرتبط بأسباب بينها أن العملات القديمة تصبح عرضة للتلف والتزوير مع مرور الزمن، مما يستدعي استبدالها بعملات ذات تصميم أكثر أماناً يتماشى مع التقنيات الحديثة.

وهذا الإجراء يُستخدم أحياناً كوسيلة لإعادة الثقة في العملة الوطنية في حالات الأزمات الاقتصادية أو التضخم المفرط، كما أكدت ذلك تقارير صندوق النقد الدولي بشأن إصلاحات العملات في الدول النامية. 

كما يسهم في تعزيز الشفافية من خلال دفع الاقتصاد غير الرسمي إلى إدراج أمواله في النظام المصرفي، خاصة مع إجبار الأفراد والشركات على استبدال العملات القديمة بأخرى جديدة من خلال القنوات المصرفية الرسمية.

ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تكون مكلفة ومعقدة. ومن بين تحدياتها الحاجة إلى طباعة وتوزيع العملات الجديدة، إلى جانب سحب وإتلاف القديمة بشكل آمن، كما ورد في تقرير البنك المركزي الأوروبي.

ليبيا.. مشكل عملة وسيولة

وتعاني ليبيا منذ سنوات من أزمات متكررة مع توفر السيولة وأيضا قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية، نتيجة الانقسامات السياسية وانعكاساتها الاقتصادية.

ولجأ البنك المركزي الليبي في الأشهر الأخيرة إلى تغيير ضريبة بيع النقد الأجنبي بشكل متكرر في محاولة لتحقيق استقرار في سعر الصرف وتخفيف الضغط على الاحتياطيات الأجنبية.

هذا الإجراء أتى في ظل فجوة بين السعر الرسمي للعملة والسعر في السوق الموازية، مما زاد من تكاليف المعيشة وأثر على استيراد السلع الأساسية. 

وتشمل التحديات ضعف الثقة في النظام المصرفي وقيود الوصول إلى النقد الأجنبي، مما يدفع المواطنين والشركات نحو السوق الموازية. بينما تؤكد تقارير رسمية الحاجة إلى إصلاحات هيكلية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي.