البنك الفدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة - صورة تعبيرية.
توقعات بأن يقرر المركز الأميركي خفض أسعار الفائدة في الفترة المقبلة.

أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، في سبتمبر، أن "أغلبية كبيرة" من مسؤولي البنك أيدوا بداية دورة التيسير النقدي بخفض كبير في أسعار الفائدة قدره نصف نقطة مئوية، لكن هناك اتفاقا أوسع فيما يبدو على أن الخطوة الأولى لن تلزم البنك بأي وتيرة للخفض في المستقبل.

وانعقد الاجتماع في 17 و18 سبتمبر، واتخذ البنك خلاله قرار خفض الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 4.75 بالمئة إلى خمسة بالمئة من نطاق 5.25 بالمئة إلى 5.50 بالمئة الذي أبقى عليه من دون تغيير منذ يوليو 2023.

وذكر محضر الاجتماع أن مؤيدي خفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية "لاحظوا أن مثل هذا التعديل للسياسة النقدية من شأنه أن يبدأ في جعلها أكثر اتساقا مع أحدث مؤشرات التضخم وسوق العمل".

وأشار آخرون إلى أنه كانت هناك "أسباب معقولة" لدعم خفض الفائدة في اجتماع يوليو وأن البيانات منذ ذلك الحين عززت مبررات تيسير السياسة النقدية.

ومع ذلك أيد "بعض" المشاركين خفض الفائدة ربع نقطة مئوية فقط، وأشار "عدد قليل آخر إلى أنه كان من الممكن أن يدعموا مثل هذا القرار".

وجاء في محضر الاجتماع أن "من المهم التوضيح" أن هذه الخطوة "ينبغي عدم تفسيرها على أنها دليل على توقعات اقتصادية غير مواتية".

وقال مسؤولون في الاجتماع إن تخفيضات الفائدة قد تستمر إذ استمر التضخم في الانخفاض، وستظل الوتيرة والنطاق النهائي للأسعار قيد المناقشة.

وفي التوقعات الاقتصادية الجديدة الصادرة بعد اجتماع سبتمبر، توقع جميع صناع السياسات، باستثناء اثنين، تخفيضات بواقع 75 نقطة أساس على الأقل خلال العام الجاري.

مشاركون يصلون إلى مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في الرياض (أرشيفية من رويترز)

لأول مرة منذ سنوات، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة في الاهتمام من قبل المستثمرين الدوليين، وذلك رغم احتدام الصراعات والحروب فيها، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.

فمؤخرا، شاركت شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأدوبي، في أحد أكبر الأحداث التكنولوجية بالمنطقة، وذلك عندما استضافت مدينة دبي الإماراتية معرض "Expand North Star 2024"، الذي اجتذب أكثر من 6500 شركة تجارية وتكنولوجية و1800 شركة ناشئة و1200 مستثمر من 180 دولة.

وعلى مدار العام الماضي، جاء أكثر من نصف المستثمرين في الشركات الناشئة الإقليمية من الخارج، مما يعكس مدى جاذبية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لأولئك الذين يسعون إلى مناطق جديدة للنمو، بما في ذلك المستثمرين من الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي هذا الصدد، قدمت فرح النحلاوي، قائدة فريق البحث في منصة بيانات المشاريع "ماغنيت MAGNiTT"، ومقرها دولة الإمارات، أرقامًا قوية عن زيادة الاستثمار الدولي في المنطقة العربية.

وأوضحت النحلاوي: "في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، سجلنا 390 مستثمرًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منهم 199 مستثمرًا دوليًا". 

وتابعت: "عندما نقوم بتقسيم هؤلاء المستثمرين الدوليين، نرى مزيجًا متنوعًا من المساهمين، فحوالي 37 بالمئة من الولايات المتحدة، و13بالمئة من المملكة المتحدة، و8 بالمئة من سنغافورة".

بروز قطاع التكنولوجيا المالية

ووفقًا لتقرير حديث من منصة "ماغنيت"، فقد برز قطاع التكنولوجيا المالية كمحرك رئيسي، حيث حصل على 480 مليون دولار من التمويل.

وقالت النحلاوي إن "قلب هذا الاتجاه يكمن في رغبة العديد من البلدان في المنطقة، مثل الإمارات والسعودية، في تجاوز الصناعات التقليدية القائمة على الموارد، مثل النفط".

وزادت: "إنهم يستثمرون بكثافة في التكنولوجيا والتعليم والابتكار، مما يخلق أرضًا خصبة للشركات الناشئة ورجال الأعمال".

وأشارت النحلاوي إلى المبادرات الحكومية المهمة في جميع أنحاء المنطقة، موضحة : "كانت برامج مثل رؤية 2030 في السعودية، وخطط السياسات الاقتصادية بالإمارات، محورية في جذب رأس المال الدولي".

وأردفت: "حسّنت هذه المبادرات بشكل ملحوظ مناخ الاستثمار من خلال التنويع الاقتصادي، بهدف تقليل الاعتماد على النفط، عبر تعزيز قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. وتعمل هذه الحكومات على جعل اقتصاداتها أكثر مرونة وجاذبية للمستثمرين الذين يسعون إلى الاستقرار على المدى الطويل".

وبالنسبة للعديد من المستثمرين الدوليين، تقدم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة لدخول سوق سريعة النمو بعوائد مرتفعة. وبالنسبة للحكومات المحلية، فهي وسيلة لتأمين النمو طويل الأجل بعد النفط.

 وفي هذا الصدد، أوضح سيرغي مالوموز، مؤسس ريوومب (حاضنة الأعمال للشركات الناشئة على شبكة الإنترنت من الجيل التالي) إن الحكومات الإقليمية تتبنى نهجا تنظيميا تقدميا ومرنا لدعم التقنيات والصناعات الناشئة.

وقال لـ "صوت أميركا": "هذا يدعم الابتكار ويخلق مناخا تجاريا مواتيا للاستثمارات الأجنبية".

وأضاف مالوموز أن الأسواق مثل الإمارات، تظل جذابة بسبب إمكانات النمو العالية والسياسات الاقتصادية المستقرة. وتابع: "من تجربتي في الاستثمار والعمل مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لاحظت أن المستثمرين يأتون من أماكن مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا والخليج".

وفي سياق متصل، أكد يوسف يحيى، المؤسس المشارك لمختبرات "سافانا للابتكار" في السودان، وهي شركة حاضنة واستشارية بارزة، على مكانة بلاده في المشهد الاستثماري بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فعلى الرغم من نزوح جزء كبير من القوى العاملة الشابة والموهوبة في السودان بسبب الحرب، فإن يحيى أوضح أن بعض الضحايا كانوا "محظوظين بما يكفي للعثور على فرص خارج بلادهم، وفي بعض الأحيان سد فجوات المهارات والمساهمة في الابتكار عبر الحدود".

كما أشار إلى أن زيادة الاهتمام الدولي مدفوعة جزئيًا بدول مثل مصر، حيث تم سن إصلاحات سياسية شاملة لجذب وحماية الاستثمارات الأجنبية. 

وجادل بأن هذه التدابير تعكس التزامًا في جميع أنحاء المنطقة بـ"بناء بيئة مستقرة وقابلة للتنبؤ وملائمة للمستثمرين".

من جانبه سلط روبرت موغيلنيكي، الباحث المقيم الأول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، الضوء على إمكانات المنطقة للنمو الريادي، على الرغم من الصراعات في العديد من البلدان.

الجنيه المصري واجه تقلبات كبيرة في أسعار الصرف. أرشيفية -تعبيرية
اقتصاد الحرب بمصر.. ضرورة ملحة أم مفهوم كارثي؟
في ظل توترات خطيرات وصراعات متعددة الأطراف، تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ نحو عام، أعلنت مصر على لسان رئيس حكومتها، مصطفى مدبولي، أن القاهرة قد تلجأ إلى "اقتصاد الحرب"، مما يثير التساؤلات حول التحديات التي تواجه البلاد، وسبل مواجهتها.

وأوضح: "تتمتع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفرص كبيرة للنمو الريادي"، مضيفا: "تتمتع المنطقة بسكان شباب.. وتحتوي على العديد من مشاهد الشركات الناشئة الواعدة".

وأشار موغيلنيكي إلى أن العديد من حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة في الخليج، تستثمر بنشاط في ريادة الأعمال.

وتابع: "في بعض الحالات، تقدم الكيانات الحكومية الدعم والاستثمارات المباشرة للشركات الناشئة. وفي حالات أخرى، تسعى الحكومات إلى تعزيز أنظمة الشركات الناشئة وريادة الأعمال من خلال سياسات داعمة".

ومع ذلك، حذر الخبير  من أن الحروب والتوترات الجيوسياسية قد تؤثر على الشركات الناشئة بشكل مختلف، موضحا: "الآثار المترتبة على الشركات الناشئة وقدرتها على تأمين الاستثمارات، تعتمد إلى حد كبير على الصناعة التي تعمل فيها، وإمكانية حدوث اضطرابات في العمليات، ومستويات متقلبة من رأس المال الاستثماري المتاح".