بتكوين شهدت إقبالا مرتفعا من المستثمرين

يشهد سوق العملات المشفرة تحولا تاريخيا مع اقتراب البيتكوين من رقم قياسي جديد عند مستوى 80 ألف دولار، وذلك في أعقاب فوز دونالد ترامب الذي توعد بجعل الولايات المتحدة مركزا عالميا للأصول الرقمية، في الانتخابات الرئاسية.

وسجلت العملة الرقمية مستوى قياسيا جديدا عند 79.771 دولار، صباح الأحد، في خطوة تعكس ثقة المستثمرين في التوجه الجديد للإدارة الأميركية المقبلة نحو تبني سياسات أكثر انفتاحا نحو الأصول الرقمية.

وتزامن هذا الارتفاع مع سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب، وسط توقعات باحتمال تمرير تشريعات داعمة لصناعة العملات المشفرة.

عوامل سياسية واستثمارية

تعليقا على التطورات الأخيرة التي عرفتها أسواق العملات الرقمية، أكد خبير العملات المشفرة، ياسر الطباع، أن المستويات القياسية التي بلغها البيتكوين هذا الأسبوع مدفوعة بعدة عوامل سياسية واستثمارية، مشيرا إلى أن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية وتعهده بدعم العملات المشفرة، شكل حافزا رئيسيا للسوق.

وأضاف الطباع في تصريح لموقع "الحرة، أنه "على خلاف التوقعات المعتادة في أسواق العملات المشفرة، حيث يميل السعر للانخفاض بعد الأخبار الإيجابية، شهدنا استمراراً في الارتفاع، مما يعكس ثقة حقيقية في السوق".

وأشار إلى أن المستثمرين يترقبون تعيينات رئيسية في هيئات تنظيم السوق المالي خلال الشهرين المقبلين.

وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب بجعل الولايات المتحدة عاصمة عالمية للعملات الرقمية، وتشمل خططه إنشاء مخزون وطني من البيتكوين وتعيين إدارة داعمة للأصول الرقمية.

وحقق ترامب فوزا كبيرا في الانتخابات، مع سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ واحتفاظه بأغلبية في مجلس النواب، مما يزيد من فرص تنفيذ سياساته الداعمة للعملات المشفرة.

وشهد عام 2024 ارتفاعا ملحوظا في قيمة البيتكوين بنسبة تجاوزت 80 بالمئة، متفوقا على أداء الأسهم والذهب، وفقا لبلومبرغ.

وساهم إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة الأميركية من قبل شركات كبرى مثل "بلاك روك" و"فيديليتي"، في جذب استثمارات بقيمة 23.5 مليار دولار منذ بداية العام، مسجلة بذلك أحد أنجح إطلاقات صناديق الاستثمار في التاريخ، بحسب المصدر ذاته.

ووصف الطباع التطور في سوق الاستثمار المؤسسي بـ"اللافت"، مشيرا إلى أن قيمة صندوق بلاك روك للبيتكوين، البالغ عمره 10 أشهر فقط، تجاوزت قيمة صندوق الذهب التابع للشركة ذاتها والذي يمتد لعشرين عاما، مؤكدا أن هذا يعكس "شهية استثمارية متزايدة من المؤسسات الكبرى".

وعن مصادر السيولة الجديدة في السوق، يوضح الطباع أن "التدفقات المالية الكبيرة تأتي من الصناديق الاستثمارية الضخمة وليس من المضاربين الأفراد"، مما يعكس، على حد وصفه، "نضجاً في السوق واستقرارا في البيئة التنظيمية".

نصائح للمستثمرين

وقبل الانتخابات، توقع محللون أن فوز ترامب من شأنه أن يدفع البيتكوين إلى مابين 80 ألف أو 90 ألف دولار.

وبشأن التوقعات المستقبلية، يلفت الطباع إلى أن بعض المؤسسات المالية تنتظر بوصول سعر البيتكوين إلى 300 ألف دولار في المدى القريب، وإلى 3 ملايين دولار بحلول عام 2050.

ووجه خبير العملات الإلكترونية، مجموعة من النصائح للمستثمرين في سوق العملات المشفرة، مشددا على أهمية اتباع نهج استثماري مدروس.

وأوضح، أن "الاستثمار في البيتكوين يشبه شراء قطعة أرض استثمارية، حيث يتطلب رؤية طويلة الأجل تمتد من خمس إلى عشر سنوات للحصول على عوائد مجزية".

وشدد الطباع على أهمية استراتيجية الشراء المتدرج، موضحا، "نوصي المستثمرين بتقسيم ميزانيتهم الاستثمارية على دفعات شهرية، مما يتيح الاستفادة من متوسط الأسعار خلال فترات الصعود والهبوط، وتجنب مخاطر توقيت السوق".

وبشأن إدارة المخاطر، أكد الطباع على قاعدة أساسية، مفادها أنه "لا يجب أن يستثمر الفرد إلا المال الذي يمكنه تحمل خسارته، مع الالتزام بتخصيص نسبة لا تتجاوز 5-10 بالمئة من المحفظة الاستثمارية للعملات المشفرة نظراً لتقلباتها العالية".

ويحذر الطباع من العملات المشفرة البديلة، موضحا أن "معظمها، وخاصة عملات الميم والألعاب، تفتقر إلى القيمة الحقيقية وتشكل مخاطر عالية على المستثمرين".

وأضاف: "البيتكوين، على النقيض من ذلك، أثبت موثوقيته كمخزن للقيمة، مدعوماً بإطار تنظيمي متطور وقبول مؤسسي متزايد".

وأكد على أهمية الجانب الأمن الرقمي، قائلاً: "على المستثمرين إيلاء اهتمام خاص لأمن محافظهم الرقمية وحماية أصولهم من مخاطر القرصنة، واختيار منصات تداول موثوقة وآمنة".

ويرتقب أن يحمل فوز ترامب تحولاً كبيرا في السياسة الأميركية تجاه العملات الرقمية، بعد أن اتخذت إدارة الرئيس بايدن، خلال السنوات الأخيرة، موقفا متشددا تجاه القطاع، حيث قادت هيئة الأوراق المالية والبورصة، حملة رقابية صارمة على صناعة العملات المشفرة.

وتميزت فترة بايدن بسلسلة من الإجراءات التنظيمية المشددة والملاحقات القانونية، خاصة بعد انهيارات السوق في 2022، أبرزها فضيحة منصة "FTX".

ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal
ديفيد ساكس هو الرئيس التنفيذي السابق لشركة Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس شبكة Yammer، والرئيس التنفيذي السابق لشركة Pay Pal

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إنه سيعين، ديفيد ساكس، الرئيس التنفيذي السابق لشركة باي بال، ليكون "مستشار البيت الأبيض للتكنولوجيا والذكاء الصناعي والعملات الرقمية".

وفي منشور على موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" قال ترامب: "يسعدني أن أعلن أن ديفيد أو. ساكس سيكون "قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض". 

وأضاف أنه "وفي هذا الدور المهم، سيوجه ديفيد سياسة الإدارة في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهما مجالان حاسمان لمستقبل القدرة التنافسية الأميركية".

ووفق ترامب،  "سيركز ديفيد على جعل أميركا القائد العالمي الواضح في كلا المجالين. وسيحمي حرية التعبير عبر الإنترنت".

وقال ترامب إن ساكس سيعمل على وضع إطار قانوني "حتى تتمتع صناعة العملات المشفرة بالوضوح الذي كانت تطلبه، ويمكنها الازدهار في الولايات المتحدة. وسيقود ديفيد أيضا المجلس الرئاسي للمستشارين للعلوم والتكنولوجيا".

وكان ترامب، الذي وصف العملات الرقمية في وقت سابق بأنها "احتيال"، قد تبنى الأصول الرقمية خلال حملته الانتخابية، واعدًا بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات الرقمية في العالم"، وجمع مخزون وطني من البيتكوين.

وتجاوزت عملة البيتكوين حاجز الـ100,000 دولار لأول مرة مساء الأربعاء، وسط توقعات بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ستوفر بيئة تنظيمية مواتية لسوق العملات المشفرة.

ساكس هو أيضًا الرئيس التنفيذي السابق لشركة "زينفيتس Zenefits" للبرمجيات، ومؤسس "يامر Yammer"، وهو شبكة اجتماعية موجهة للمستخدمين في الشركات.

وزادت قيمة بتكوين بأكثر من الضعف هذا العام وارتفعت بنحو 45 بالمئة منذ فوز ترامب في الانتخابات، الذي صاحبه أيضا انتخاب عدد كبير من المشرعين المؤيدين للعملات المشفرة في الكونغرس.

وتسعى العديد من شركات العملات المشفرة، بما في ذلك "ريبل" و"كراكن" و"سيركل"، للحصول على مقعد في المجلس الاستشاري للعملات المشفرة الذي وعد به ترامب، بهدف التأثير على خططه لإصلاح سياسات الولايات المتحدة المتعلقة بالقطاع.

وقد يكون لترامب نفسه مصلحة في هذا القطاع. ففي سبتمبر، أعلن عن إطلاق عمل تجاري جديد في مجال العملات المشفرة يحمل اسم "World Liberty Financial".

وعلى الرغم من قلة التفاصيل حول المشروع، إلا أن المستثمرين اعتبروا اهتمام ترامب الشخصي بالقطاع مؤشرا إيجابيا.

وحتى الملياردير إيلون ماسك، الحليف الرئيسي لترامب، يُعد من الداعمين للعملات المشفرة.

وشهدت عملة "البيتكوين" انتعاشا سريعا بعد تراجعها إلى أقل من 16 ألف دولار في أواخر عام 2022، مدعومة بالموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة الخاصة بعملة البتكوين المدرجة في الولايات المتحدة في يناير من هذا العام.