دول من بينها تركيا تعاني من التضخم - أ ب
دول من بينها تركيا تعاني من التضخم - أ ب

رغم التوقعات الإيجابية لصندوق النقد الدولي لحالة الاقتصاد في العالم، هذا العام، تخفي "الصورة الوردية" اختلافات كبيرة بين البلدان ، وفق تقييمات أجرتها مجلة إيكونوميست لنحو 37 حولة حول العالم.

كان صندوق النقد الدولي قال في تقرير سابق إن الاقتصاد العالمي حقق أداء قويا عام 2024، مشيرا إلى أن العالم حقق نموا بنسبة 3.2 في المئة، متوقعا أن يصل إلى 3.3 في المئة في 2025. وأشار أيضا إلى تراجع التضخم، وزيادة التوظيف، ونمو أسواق الأسهم بأكثر من 20 في المئة، للعام الثاني على التوالي.

لكن الصندوق حذر في الوقت ذاته من "المخاطر المرتبطة بالتضخم، مما يزيد احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول، في سياق تصاعد التوترات التجارية وزيادة عدم اليقين بشأن السياسات".

وفي تقرير إيكونوميست، تم تقييم البلدان بخمسة مؤشرات اقتصادية ومالية، هي الناتج المحلي الإجمالي، وأداء سوق الأسهم، والتضخم، والبطالة، والعجز الحكومي، مع إعطاء كل دولة درجة مجمعة لهذه المؤشرات.

وجاءت في المرتبة الأولى إسبانيا، حيث "يسير نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي على المسار الصحيح لتجاوز 3 في المئة، مدفوعا بسوق العمل القوية وارتفاع أعداد المهاجرين" الذي بدوره أدى إلى زيادة الناتج المحلي.

وتواصل اليونان وإيطاليا، اللتان كانتا ذات يوم رمزا لمحنة منطقة اليورو، تعافيهما، إذ جاءا في المركزين الثاني والثالث على التوالي. وجاءت الدنمارك في المركز الرابع، بينما احتلت أيرلندا، التي اجتذبت شركات التكنولوجيا، المركز الخامس.

وفي الوقت نفسه، خيبت الشركات الكبرى في شمال أوروبا الآمال بسبب الأداء الضعيف في بريطانيا وألمانيا.

ويجد الثنائي البلطيقي لاتفيا وإستونيا نفسيهما في القاع مرة أخرى، وهو المركز الذي احتلاه أيضا عام 2022.

ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل برزت في فئة نمو الناتج المحلي الإجمالي، لأن نموها القوي يعكس انتعاشا من انكماش حاد واجهته في الربع الأخير من عام 2023 بسبب هجوم حماس عليها.

ويأتي هذا بينما حققت ألمانيا وإيطاليا نتائج مخيبة في فئة النمو بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ الصناعات التحويلية. ومن المتوقع أن تسجل اليابان نموا ضئيلا بنسبة 0.2 في المئة، متأثرة بضعف السياحة وصناعة السيارات المتعثرة.

وفي فئة سوق الأسهم، حققت الأسهم الأميركية عائدات 24 في المئة، مع ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا، التي كانت مرتفعة بالفعل، وارتفعت سوق الأسهم في كندا مدعومة بأداء قوي في صناعتي الطاقة والخدمات المصرفية.

وسجل مؤشر نيكاي 225 الياباني أعلى مستوى له على الإطلاق، بينما هبطت سوق الأسهم في كوريا الجنوبية في أعقاب محاولة الانقلاب التي قام بها الرئيس في الثالث من ديسمبر.

ورغم انخفاض التضخم العالمي بشكل كبير، تظل أسعار الخدمات مرتفعة في بلدان مثل بريطانيا وأستراليا وتركيا. وعلى النقيض من ذلك، تمكنت فرنسا وسويسرا من إبقاء ضغوط الأسعار تحت السيطرة.

ويبدو أن أسواق العمل باتت قوية، واقتربت معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. وقد شهدت منطقة جنوب أوروبا، التي لاتزال تعاني من ارتفاع معدلات البطالة، تحسنا ملحوظا، إذ انخفضت معدلات البطالة في اليونان وإيطاليا وإسبانيا إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمان، وانخفضت معدلات البطالة في إيطاليا بنحو 1.4 نقطة مئوية منذ بداية العام.

وفي الولايات المتحدة وكندا، ارتفعت معدلات البطالة بشكل طفيف.

وفي فئة العجز المالي، حققت الدنمارك والبرتغال والنرويج وأيرلندا والنرويج فائضا لأسباب مختلفة منها عائدات النفط والضرائب.

لكن الإنفاق زاد في دول أخرى، مما زاد من العجز المالي، مثل بولندا، التي تجاوز العجز المالي فيها 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب ارتفاع الإنفاق الدفاعي نتيجة حرب أوكرانيا.

وفي اليابان، تخاطر الحوافز المالية الضخمة، التي تهدف إلى دعم الاقتصاد وتخفيف ضغوط تكاليف المعيشة، بتفاقم مشاكل الديون مع انتهاء عصر أسعار الفائدة المنخفضة للغاية.

ويتدهور مسار الديون في بريطانيا، فقد فشلت ميزانيتها الأخيرة في إصلاح المالية العامة، بينما فرنسا غارقة في الاضطرابات السياسية وغير قادرة على كبح الإنفاق.

وكان البنك الدولي توقع نموا بين عامي 2024 و2025 في 60 في المئة من اقتصادات العالم (يقطنها نحو 80 في المئة من سكان العالم)، وذلك بمعدل أقل من المتوسط الذي حققه في العقد الأول من القرن الحادي والعسرين.

وأشار البنك إلى "مخاطر سلبية" في هذه الاقتصادات، أهمها "التوترات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول، والكوارث المرتبطة بالمناخ".

حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز
حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز

قالت حاكمة مصرف سوريا، ميساء صابرين، إن هناك ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، في أعقاب الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة، التي تصل إلى 400 بالمئة.

كما ذكرت صابرين، في مقابلة مع وكالة رويترز، أنها ترغب في تعزيز استقلالية المصرف (البنك المركزي) فيما يتعلق بسياساته النقدية، في تحوّل كبير، حال حدوثه، عن الرقابة المشددة من الحكومة خلال حكم نظام الأسد.

ومن المقرر أن تساعد قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام في سوريا، في خطوة باتت ممكنة بعد القرار الأميركي بشأن الإعفاء من العقوبات، الذي يسمح بمعاملات مالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا.

وحول هذا الأمر، قالت صابرين: "القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية"، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل "حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي".

وكانت صابرين تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، وهو القائم بأعمال الحاكم، خلفا لمحمد عصام هزيمة في أواخر العام الماضي.

وواصلت حديثها لرويترز، قائلة: "المصرف يعمل على إعداد مشاريع تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا.

وتابعت: "البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية، نظرا لوجود شريحة من السوريين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية".

وأضافت لرويترز من مكتبها في وسط دمشق: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية، خيار فتح فروع مصرفية إسلامية".

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار تقرير للبنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" صدر في يونيو 2022، إلى أن النزاع في سوريا دمّر مكاسب التنمية، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.