قطر للطاقة- تعبيرية
قطر للطاقة- تعبيرية

تُفضّل قطر ألا تبيع الغاز الطبيعي المُسال لدول أوروبية، على أن تصدّره لها ثم تخسر 5% من الأرباح، التي تعتبرها جزءاً من إيرادات الشعب كما قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، ما عُدّ تصريحاً قطعياً منه بعدم رغبة بلاده الالتزام بأحكام الاتحاد الأوروبي الخاصة بالطاقة النظيفة، وحماية حقوق العاملين.

وجاء تعليق الرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة المملوكة للدولة، الأحد، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز" البريطانية. شرح خلالها صعوبة تطبيق أحكام "الاستدامة والعناية الواجبة" التي أصدرها الاتحاد الأوروبي في مايو 2024، وستدخل حيّز التنفيذ على الشركات التي تتعامل مع دول الاتحاد (من داخله وخارجه) عام 2027.

وطالب الكعبي الاتحاد الأوروبي بمراجعة القوانين بشكل شامل، مبيناً صعوبة تطبيقها بالنسبة لشركة "قطر للطاقة"، إذ سيتطلب الأمر تجنيد آلاف العاملين وإنفاق المليارات من أجل الإشراف على كل سلاسل التوريد التي تتضمن 100 ألف شركة. 

وتخطط قطر، وهي من كبار مصدري الغاز الطبيعي المُسال، لزيادة طاقة تسييل الغاز إلى 142 مليون طن سنويا بحلول عام 2027 من 77 مليون طن حاليا. كما تسعى كذلك إلى الاضطلاع بدور أكبر في آسيا وأوروبا، مع تزايد المنافسة من الولايات المتحدة.

وأصبحت قطر مورداً متزايد الأهمية للغاز إلى أوروبا في أعقاب الاضطرابات داخل أسواق الطاقة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومع سعي الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، وقعت قطر للطاقة اتفاقيات طويلة الأمد لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا.

وليست "قطر للطاقة" وحدها الممتعضة من أحكام العناية الواجبة لاستدامة الشركات (CSDDD- Corporate Sustainability Due Diligence Directive) ، فحتى شركات من داخل أوروبا علقت على صعوبة تطبيقها.

وقالت الهيئة الصناعية الكيميائية (Cefic)، إن قواعد العناية الواجبة ستخلق "مخاطر قانونية كبيرة" ويجب تقييمها بدقة "لتحديد ومعالجة المجالات التي تحتاج إلى تبسيط وتقليص الأعباء لتقليل المسؤولية"، فماذا نعرف عن هذه الأحكام؟ وما الغاية منها وكذلك التحديات التي تواجهها؟

 

الغاية "حماية الأفراد، الشركات، والبيئة"

بموجب الأحكام الأوروبية (CSDDD)، يجري التحكم في الشركات عبر فرض التزامات قانونية صارمة لتحديد ومنع ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان والمخاطر البيئية عبر سلاسل التوريد الخاصة بها.

بالتالي، على الشركات تحديد المخاطر مثل عمل الأطفال، والعمل القسري، وظروف العمل غير الآمنة، وإزالة الغابات، والتلوث، وتنفيذ تدابير لتخفيف المخاطر ومنع الأضرار، إضافة لمراقبة هذه التدابير والإبلاغ عنها بشكل علني.

أيضاً، تتحمل الشركات مسؤولية ضمان أن جميع الموردين في سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها يلتزمون بالمعايير المطلوبة، وقد يشمل ذلك إدراج بنود تعاقدية مع الموردين، ومراقبتهم وتدقيق امتثالهم، وإنهاء العلاقات مع غير الممتثلين.

ولكل المتضررين من أفعال الشركات وعدم التزامها بقواعد الاستدامة والعناية الواجبة، أن يطالبوا بالحصول على تعويضات عبر المحاكم الأوروبية.

أما دور الاتحاد الأوروبي نفسه، فيكون بالإشراف والمراقبة وضمان التزام الشركات بتطبيق القواعد، عدا عن تطبيق عقوبات على غير الملتزمين، تشمل: غرامات مالية، والاستبعاد من المناقصات والتمويل الأوروبي.

قطر للطاقة- تعبيرية

وستكون الشركات غير الأوروبية معرضة للغرامات بموجب التوجيه، إذا حققت أكثر من 450 مليون يورو في العائدات الصافية في الاتحاد الأوروبي، وفق "فايننشال تايمز".

وينطبق القانون بشكل أساسي على الشركات الكبيرة التي يزيد عدد موظفيها عن 500 موظف وإيراداتها السنوية تتجاوز 150 مليون يورو، كما ينطبق على الشركات الصغيرة في القطاعات عالية المخاطر (مثل المنسوجات، المعادن، الزراعة).

وبحسب الصفحة الخاصة بالقواعد والأحكام على الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي، فإن لتطبيقها عوائد إيجابية على الأفراد والشركات والبلدان النامية.

وفيما يتعلق بالأفراد، فهي تؤمن حماية أفضل لحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق العمال، وتخلق بيئة أكثر صحة للأجيال الحالية والمستقبلية، بما في ذلك الهجرة المتعلقة بتغير المناخ. 

كما تؤدي لزيادة الثقة في الشركات، والمزيد من الشفافية التي تتيح خيارات مستنيرة، وتحسين وصول الضحايا إلى العدالة.

وللشركات إطار قانوني منسق في الاتحاد الأوروبي، مما يوفر اليقين القانوني وتكافؤ الفرص، عوضاً عن زيادة ثقة العملاء والتزام الموظفين. 

سجالات واسعة شهدها "كوب28"
رغم الاعتراضات.. مسودة "كوب 28" تتبنى "الخفض" بشأن الوقود الأحفوري
تنص المسودة الجديدة للاتفاق النهائي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28)، التي نشرتها الرئاسة الإماراتية للمؤتمر، الاثنين، على الدعوة إلى "خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري" المسؤول عن القسم الأكبر من الانبعاثات الملوثة المسببة للاحترار العالمي.

كذلك، بحسب الاتحاد الأوروبي، فإن من شأن "CSDDD" أن تؤسس وعياً أفضل بشأن الآثار البيئية لعمل الشركات، وتحسين إدارة المخاطر  وزيادة القدرة التنافسية، بالإضافة لزيادة جاذبية المواهب والمستثمرين الموجهين نحو الاستدامة والمشترين العامين.

وبالنسبة للبلدان النامية، فإن أهمية تطبيق قواعد الاستدامة والعناية تكمن في حماية حقوق الإنسان والبيئة بشكل أفضل، والاستثمار المستدام وبناء القدرات ودعم شركات سلاسل التوريد، وتحسين الممارسات المتعلقة بالاستدامة، وزيادة تطبيق المعايير الدولية، وتحسين الظروف المعيشية للناس.

 

عوائق وتحديّات

وتُعد أحكام "CSDDD" جزءاً من مجموعة واسعة من المتطلبات التي تهدف إلى مواءمة الشركات مع هدف الاتحاد الأوروبي الطموح المتمثل في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ومنذ تصويت ممثلي الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عليها في مايو الماضي، دارت نقاشات عن تحديات عدة، وعوائق تحول أمام إمكانية الالتزام ببنودها.

وأشار مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) إلى غموض في بعض أجزاء التوجيه، خاصة في ما يتعلق بتطبيق القواعد وآليات التنفيذ والعواقب المترتبة على عدم الامتثال. 

كما أن التوجيه الجديد يحدد التزامًا بالوسائل بدلاً من النتائج، مما يعني أن الشركات ستعرف ما يجب أن تفعله (مثل السياسات والإجراءات)، لكن دون تحديد النتائج المتوقعة أو الإجراءات الملموسة التي يجب أن تتخذها.

كذلك، توجد تناقضات مثل استثناء بعض الصناعات عالية المخاطر من الكشف عن خطط الانتقال إلى صافي الانبعاثات (الكربونية) الصفرية.

وهناك تساؤلات بشأن دور الشركات الكبرى في المسؤولية الاجتماعية، إذأصبحت بعض الشركات، خصوصا في الاقتصادات النامية، تقوم بدور الدولة في تطبيق حقوق الإنسان وتنظيم الأعمال.

بعض الدراسات تشير إلى أن الشركات قد تركز على مصالحها الخاصة بدلاً من المصلحة العامة، وهو ما يعزز المخاوف بشأن التأثير السياسي للشركات على السياسات الحكومية.
 

يتسبب دمار البيئة والجفاف في العراق بموت وإصابة أعداد متزايدة من العراقيين
البيئة المُدمرة في العراق.. حياة السكان في خطر جديد
من الصعب أن يتصور من ينظر إلى المياه وهي تملأ شوارع أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق التي تعرضت مؤخرا لفياضات قيل إنها قتلت عشر أشخاص في الأقل، أو لمن ينظر إلى الثلوج التي غطت السيارات قبل يومين في دهوك، التي تتبع إقليم كردستان هي الأخرى، أن يفكر بالجفاف الذي يضرب العراق.


وأحد المخاطر الرئيسية، بحسب "مركز الأعمال وحقوق الإنسان" أن عملية العناية الواجبة قد تتحول إلى مجرد "تمرين لإكمال النقاط"، دون تحقيق تغييرات حقيقية نحو الاستدامة.

باختصار، يتعرض التوجيه الجديد للعديد من الانتقادات بسبب غموضه، مما يثير شكوكا بشأن قدرته على تحقيق تغييرات حقيقية في استدامة الشركات.

ومن التحديات التي تنتظر تنفيذ أحكام "CSDDD"، وفق منظمات ومراكز دراسات أوروبية: 

  • بمجرد أن تصبح الأحكام جزءاً من القوانين الوطنية، قد تواجه الحكومات مقاومة من الشركات والجماعات التجارية التي تسعى لتخفيف الإجراءات التنظيمية.

  • بينما أيدت العديد من الشركات متعددة الجنسيات الكبرى التي تتخذ من أوروبا والولايات المتحدة مقراً لها، بما في ذلك "يونيليفر، وإيكيا، وفولكس فاغن، وإتش آند إم، وسيلسفورس، وأمازون" إطار "CSDDD" من الناحية النظرية، فمن المرجح أن يتراجع دعمها مع تبني بعض الحكومات لأنظمة تنفيذية تفرض عقوبات على الشركات غير المتوافقة.

  • من المتوقع أن تقوم الشركات بإجراء العناية الواجبة لتحديد المشكلات التي ستتطلب وقتًا ومالًا لإصلاحها. وهذا سيدفع الشركات إلى التقليل من الإبلاغ عن مخاطر حقوق الإنسان والبيئة.

  • ستواجه الحكومات تحديات رئيسية لبناء نظام يحاسب الشركات على أدائها البيئي والاجتماعي، بعضها يتعلق بتوضيح "العناية الواجبة"، وسيتعين عليها تطوير أنظمة لجمع وتقييم المزيد من البيانات التي تختبر أداء الشركات، مما يحتاج وقتا وجهدا وأموالا وكوادر لإنجازه.

حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز
حاكمة مصرف سوريا المركزي ميساء صابرين - رويترز

قالت حاكمة مصرف سوريا، ميساء صابرين، إن هناك ما يكفي من أموال لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام، في أعقاب الزيادة التي تعهدت بها الإدارة الجديدة، التي تصل إلى 400 بالمئة.

كما ذكرت صابرين، في مقابلة مع وكالة رويترز، أنها ترغب في تعزيز استقلالية المصرف (البنك المركزي) فيما يتعلق بسياساته النقدية، في تحوّل كبير، حال حدوثه، عن الرقابة المشددة من الحكومة خلال حكم نظام الأسد.

ومن المقرر أن تساعد قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام في سوريا، في خطوة باتت ممكنة بعد القرار الأميركي بشأن الإعفاء من العقوبات، الذي يسمح بمعاملات مالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا.

وحول هذا الأمر، قالت صابرين: "القطاع المصرفي لا يستفيد من الإعفاء من العقوبات الأميركية، لكن السماح بالتحويلات الشخصية كان خطوة إيجابية"، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بالكامل "حتى يتمكن القطاع المصرفي من الارتباط بالنظام المالي العالمي".

وكانت صابرين تشغل ثاني أهم منصب في مصرف سوريا المركزي، وهو القائم بأعمال الحاكم، خلفا لمحمد عصام هزيمة في أواخر العام الماضي.

وواصلت حديثها لرويترز، قائلة: "المصرف يعمل على إعداد مشاريع تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية".

وتحتاج هذه التغييرات إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سوريا.

وتابعت: "البنك المركزي يبحث عن سبل لتوسيع الخدمات المصرفية الإسلامية، نظرا لوجود شريحة من السوريين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية".

وأضافت لرويترز من مكتبها في وسط دمشق: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية، خيار فتح فروع مصرفية إسلامية".

ويعاني الاقتصاد السوري من مشاكل هيكلية بعد أكثر من 13 سنة على الحرب التي دفعت بأكثر من 90 في المئة من سكان البلاد إلى تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأشار تقرير للبنك الدولي بعنوان "مراقبة الاقتصاد السوري: الجيل الضائع" صدر في يونيو 2022، إلى أن النزاع في سوريا دمّر مكاسب التنمية، حيث انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 50 بالمئة بين 2010 و2019.